رايس ديفيد تالبوت

-

 ¢ رايس

 رايس (ديفيد تالبوت -)

(٣٠٩١- ٢٧٩١م)

شعلان الطيار

يعد ديفيد تالبوت رايس David Tallat Rice من أهم الباحثين والمؤرخين لتاريخ الفن عامة والفن البيزنطي بشكلٍ خاص، ولد ديفيد رايس في مدينة روغبيوارويكشاير Rugby Warwickshairالبريطانية. وترعرع في مدينة غلوسترشاير في انكلترا، ودرس في ايتون Eton قبل أن يتوجه إلى التخصص في مجال علم الآثار والأنثروبولوجيا في جامعة كنيسة المسيح في أكسفورد Christ Church Oxford ، حيث كانت حلقة أصدقائه المقربين تشتمل على ايفيلين فاغ وهارولد اكتون وهما من الأسماء المهمة في تاريخ الفن.

قام ديفيد رايس بعد تخرجه ببعض الحفريات الأثرية حول العالم في الطبقات البيزنطية، فقدتعززت خبرته بكل ما هو بيزنطي بعد لقائه بالسير سامويل كورتوالد Samuel Courtauld في سنة ١٩٣٢م. الذي عينه في معهد كورتولد للفنون Academics of the Courtauld Institute of Art بلندن بصفة محاضر في الفن البيزنطي، ومن ثم مديراً لمعهد «واتسون غوردون تشير Watsen Gordon Scheer « للفنون الجميلة في جامعة أدنبره ١٩٤٣م. وبقي في هذا المنصب حتى وفاته في أدنبره/ إسكتلندا.

خدم رايس في أثناء الحرب العالمية الثانية مديراً في قسم الشرق الأدنى للمخابرات العسكرية، فكان مسؤولاً عن (يوغوسلافيا)، ثم انتقل بعد ذلك إلى وحدة الاستخبارات العامة. وأنهى الحرب برتبة رائد؛ حيث عاد بعد ذلك إلى إسكتلندا وأسس وسام الاستحقاق في جامعة أدنبره، الذي لازالت تمنحه في مجال تاريخ الفن، هذا إلى جانب السعي الحثيث إلى تأسيس مركز للفنون في الجامعة، والذي تحقق بعد وفاته، حيث تم افتتاح غاليري تالبوت رايس للفنون، تخليداً لذكراه.

تجاوزت مؤلفات رايس الثلاثين مؤلفاً، تركزت غالبيتها العظمى في دراسة الفن البيزنطي والمسيحي، إضافة إلى بعض المؤلفات في مجال فن التصوير الإسلامي والفن الإسلامي، هذا إلى جانب بعض الإسهامات الأدبية في مجال القصة عبر رواية لوكو «المجنون».

تناول رايس في كتابه «فن التصوير الإسلامي»، دراسة أهم مدارس الرسم والتصوير التي ظهرت في العالم الإسلامي منذ العصور الباكرة و حتى نهاية العصر العثماني، وهو مقسم إلى عشرة فصول، خصصت الفصول الثلاثة الأولى للحديث عن نشوء فن التصوير الإسلامي والإرث الساساني الذي استند عليه، في حين خصصت باقي الفصول لدراسة فن التصوير الإسلامي وفق أساس جغرافي بالدرجة الأولى.

أما مؤلفه الآخر وهو الفن الإسلامي الذي تناول فيه معظم الفترات التاريخية الإسلامية، والذي درس فيه الفترات التاريخية بعيداً عن العصر الذي مرت به الدولة الإسلامية وإنما على أساس المنطقة الجغرافية والفترة الزمنية، ولم يقدم وجهات نظر وقراءة للفن الإسلامي وتطوره، بل نقل في أغلب الأحيان وجهات نظر الآخرين وآراءهم وتحليلاتهم.

عمل رايس على مقاربة الفن الإسلامي وذلك من خلال معرفته العميقة بمفردات ومواضيع الفن البيزنطي، والتي تركزت بشكل أساسي بفن العمارة وفن الأيقونات، لذلك فقد عمل رايس على دراسة الفن الإسلامي كمرادف للفن البيزنطي، بحيث يستطيع مقارنته معه، أكثر من كونه فناً إسلامياً له مفرداته وسماته الخاصة النابعة من الفكر والعقيدة والدين.

من جانب آخر فقد انحصر اهتمام رايس بدراسة عناصر الفن الإسلامي أكثر من اهتمامه بدراسة الفن الإسلامي ككل متكامل بحد ذاته، فعندما درس العمارة الإسلامية، كان يبحث في مخططات تلك الأبنية عن أصول بيزنطية أو فارسية، أو حتى أصول مرتبطة بماضيها القديم (العراق قبل الإسلام) فأغفل بذلك القيمة الفنية الناجمة عن تطوير الفنان المسلم للأشكال والنماذج الفنية والمعمارية بما يتلاءم مع الأفكار والثقافة الجديدة التي جاء بها الدين الإسلامي، والتي تشكل بمجملها روح الفن الإسلامي وعبقريته؛ حتى يبدو للقارئ وللوهلة الأولى أنه لا يوجد فن إسلامي قائم بذاته، وإنما فن قائم على الأخذ والنقل فقط، حيث اكتفى الفنان المسلم بتجميع مختلف العناصر مع بعضها البعض، بما يحقق الانسجام والتناسق والتكامل، من دون أي تعديل أو تطوير يتناسب مع احتياجه ويكسبه خصوصيته، إذ لايجد المرء في أثناء استعراض رايس للفن الإسلامي أي إقرار أو اعتراف بوجود أصالة أو ابتكار يدين به الغرب إلى الفن الإسلامي.