آخر الأخبار
أرسلان طاش
ارسلان طاش
Arslân Tash - Arslân Tash
أرسلان طاش
عمار عبد الرحمن
![]() |
يقع تل أرسلان طاش Arslan Tash في سهل سروج في منطقة الجزيرة الغربية، على بعد نحو 30كم شرق نهر الفرات و6كم إلى الجنوب من الحدود السورية- التركية وذلك على خط عرض 50&https://www.arab-ency.com.sy/archeology/details/166539#39; 36ْ شمالاً وخط الطول 27&https://www.arab-ency.com.sy/archeology/details/166539#39; 38ْ شرقاً. الموقع هو تل بيضوي قليل الارتفاع وواسع المساحة؛ إذ تصل أبعاده إلى 700×550م. ويعني الاسم المحلي الحالي "أرسلان طاش" باللغة التركية "أسود الحجر" وذلك لوجود تماثيل الأسود البازلتية الضخمة البارزة من سطحه في مواضع البوابات القديمة للمدينة التي تضم بقاياها. وفي العقود الأولى من القرن العشرين كان السكان المحليون يبلغون عن وجود قطع حجرية تحمل منحوتات بارزة، وقد نقل العديد منها إلى متحف إصطنبول في تركيا. وعلى الرغم من عدم وجود نقوش على تلك القطع فقد نسبها أيكهارد أنغر E. Unger إلى الملك الآشوري تجلات- بلاصر الثالث (744-727ق.م). ويعود تأريخ أول نشر عن منحوتات بارزة حجرية من أرسلان طاش إلى عام 1886م على أثر زيارة بعثة استكشافية أمريكية للموقع في عامي 1884-1885م. وعثر ما بين عامي 1886 و1899م على منحوتات حجرية آشورية في الموقع. كما عثر على بعد بضعة كيلومترات إلى الشمال من موقع أرسلان طاش على تمثال لملك آشوري يحمل بين يديه ما يشبه الآجر، ويعتقد أن أصل هذا التمثال من الموقع نفسه.
قامت بالتنقيبات المنظمة في تل أرسلان طاش بعثة آثارية فرنسية من متحف اللوفر بإدارة موريس دونان M. Dunand وعضوية عالمي اللغات القديمة جورج دوسان G. Dossin وفرنسوا ثورو- دانجن F. Thureau-Dangin وذلك خلال عامي 1927و1928م. وتم تحديد تأريخ الموقع في القرون التاسع- الثامن والرابع قبل الميلاد في ضو تلك التنقيبات التي أسفرت عن نتائج مهمة بخصوص تأريخ الموقع؛ واستجلا معالمه المعمارية؛ واستخراج مكتشفات مهمة منه مثل العاجيات. وقد أمكن معرفة الاسم القديم للموقع - وهو خَداتُّ hadattu - من خلال نقش مسماري آشوري على أحد تماثيل الأسود البازلتية يذكر أن ذلك التمثال نصب عند بوابة مدينة خَداتّ. ويرد اسم هذه المدينة في نصوص العصر الآشوري الحديث مدوناً مقطعياً بحسب حركة الإعراب: (اورو) خا-دا-ات-تا-ا(uru) ha-da-at-ta-auru أو (اورو) خا-دا-ات-تِ .(uru).ha-da-attiuru
![]() |
نحت بارز من مدخل أرسلان طاش (متحف اسطنبول) |
كشفت التنقيبات الآثارية في أرسلان طاش عن بقايا معبد هيلنستي شيد فوق بقايا القصر الآشوري، وقد أعيد فيه نصب تمثال آشوري من حجر البازلت لإله آشوري، ربما كان من أتباع نبو، وهو يحمل صندوقاً في محاكاة لزوج من التماثيل المكتشفة في معابد العاصمة الآشورية كَلَخ (نمرود حالياً).
![]() |
نحت آشوري بارز من أرسلان طاش يمثل عربة ملكية وحراسها (نحو 800 ق.م متحف الأثار في اسطنبول) |
![]() |
تمثال الثور الحارس لبوابة معبد عشتار من أرسلان طاش من الخلف |
وعلى أحد تماثيل الثيران البازلتية وجدت حروف إغريقية محفورة في الحجر. أما الطبقة الآشورية فلم تستظهر كلها وإنما في بعض الأجزا المهمة. وفي هذه الأجزا التي جرى التنقيب فيها كشف عن معالم مهمة من المدينة تشمل السور الخارجي والبوابات والقصر والمعبد وأحد البيوت الكبيرة.
سور المدينة شُيِّد باللبن فوق أسس من الحجر وكشف فيه عن ثلاث بوابات محروسة بتماثيل أسود ضخمة من حجر البازلت، والأجزا السفلى من جدران هذه البوابات مكسوة بألواح حجرية تحمل مشاهد بالنحت البارز تصور استعراضات عسكرية وحملة هدايا الولا المحليين. وهذه التماثيل والمنحوتات البارزة تؤرخ - بحسب أسلوب نحتها- عهد الملك الآشوري تجلات- بلاصر الثالث ولكنها تحمل ملامح فنية محلية.
القصر الآشوري شُيِّد نحو منتصف القرن الثامن قبل الميلاد، ويشغل مساحة أبعادها نحو 150×75م. جدرانه مشيدة باللبن وما تبقى منها يصل ارتفاعه إلى ثلاثة أمتار. تتألف بناية القصر من ثلاثة أجنحة متصلة بعضها ببعض، ويبدو أن مدخل القصر كان في الجناح الغربي الذي تبرز فيه مساحة أمامية واسعة، تحيط بها على ثلاثة جوانب غرف مختلفة الحجوم. أما على الجانب الرابع- الشرقي- فهناك قاعة استقبال عريضة؛ وعلى كل من طرفي القاعة هناك غرفة صغيرة تؤدي الشمالية منها إلى سلم يؤدي إلى الطابق الأعلى. وعبر صف من الغرف الموجودة خلف قاعة الاستقبال هذه ينفذ إلى باحة ثانية داخلية أصغر من الأولى وتتوسط بناية القصر. ويبدو أن هذا الجناح الأوسط من القصر يمثل مجمعاً يضم ما لا يقل عن (22) قاعة وغرفة مختلفة المساحات والأشكال يشبِّهها بعض الباحثين بالمخازن. وهناك من الباحثين من عدّ هذا الجناح معبداً ملحقاً بالقصر، وهو أمر مرجح في ضو مخططات القصور والمعابد في بعض مدن بلاد الرافدين القديمة. ومن الجدير بالذكر أن المنقبين وجدوا في بعض الغرف بقايا رسوم بشكل أشرطة أفقية بعرض نحو 80 سم تتضمن صفوفاً من الدوائر والمربعات الزخرفية، وهذه الأشرطة على ارتفاع مترين عن الأرضية.
![]() |
نحت عاجي يمثل بقرة ترضع عجلها |
![]() |
نحت عاجي يمثل ولادة حوروس (متحف اللوفر) |
![]() |
نحت عاجي يمثل رأس أسد (متحف اللوفر) |
تم التنقيب جزئياً في مجمع المعبد، وكانت بوابة هذا المجمع متميزة بتمثالين لأسدين من حجر البازلت. أما باب المعبد نفسه فقد نصب على جانبيه تمثالان ضخمان لثورين من حجر البازلت أيضاً مع نقوش تذكر اسم الملك الآشوري تجلات-بلاصر (الثالث) واسم الإلهة التي كرس المعبد لها، وهي عشتار. ومن بين المكتشفات في هذا المعبد ستة تماثيل آلهة يحمل كل منها بيديه صندوقاً للتقدمات. وأحد هذه التماثيل منحوت من حجر البازلت بارتفاع 1.37 م والقاعدة (34)سم، وموجود الآن في متحف حلب. وكما هو معروف فإنه لم يكتشف سوى عدد قليل من تماثيل الآلهة في منطقة المشرق العربي القديم كلها، ولذلك فإن اكتشاف ستة تماثيل متشابهة من معبد عشتار في أرسلان طاش يعد ذا أهمية كبيرة. وفضلاً عن مجمع المعبد كشفت التنقيبات الآثارية عن أقسام من بيت كبير أطلق عليه المنقبون تسمية "مبنى العاجيات" (Bâtiment aux Ivoires). وتتألف هذه البقايا من باحتين وأكثر من ثماني عشرة غرفة، وقُدِّر أن تأريخ المبنى يعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد، وإحدى هاتين الباحتين واسعة (بأبعاد تصل إلى 16.40×6م)، أما الباحة الثانية الداخلية فهي أصغر مساحة ولها مدخل مستقل في الجهة الجنوبية، وتتميز هذه الباحة بوجود بلاط من الحصى الأسود والأبيض مرتب بشكل مربعات مشابهة لرقعةالشطرنج. وقد كشف عن ساحة مشابهة في بناية سكنية في تل أحمر [ر]، وفي الغرفة المجاورة لهذه الباحة (غرفة رقم 14) عثر على مجموعة من القطع العاجية التي كانت تزين الأسرَّة وقطع الأثاث الأخرى.
إن القطع العاجية التي عثر عليها في أرسلان طاش - والموجودة حالياً في متحف حلب - تحمل مشاهد فنية بمواضيع مألوفة في المنطقة، ويعود تأريخها إلى النصف الثاني من القرن التاسع قبل الميلاد، وقد وجد من بين هذه القطع لوح عاجي غير منحوت يحمل نقشاً آرامياً ينص على أنه يعود إلى "خزائيل"، ملك دمشق. و هذا ما يدل على أن تلك القطع نقلت آنذاك إلى خَداتّ بوصفها جز اً من هدايا الولا أو الغنائم. ومن المشاهد الفنية التي تظهر على القطع العاجية المكتشفة في الموقع مشهد البقرة التي ترضع عجلها، وقياسات هذه القطعة 5.8 ×11.4× 1.5سم.
تشمل النقوش المكتشفة في أرسلان طاش نصاً مسمارياً آشورياً من (28) سطراً نقشت على تمثال الثور الأيمن في بوابة مجمع المعابد؛ ونصاً آخر من سبعة أسطر وجدت منقوشة على كسرة من تمثال أسد من حجر البازلت. وكلا هذين النصين يعودان إلى الملك الآشوري تجلات- بلاصر الثالث. وهناك أيضاً كسرة من حجر البازلت تحمل بدايات ثمانية أسطر وقد نقلت إلى متحف الرقة عام 1983م. وكذلك وجدت كسرة بازلتية في أحد بيوت القرية الحديثة عند الموقع، وهي جز من أحد تمثالي أسدي البوابة الغربية للموقع، وتحمل خمسة عشر سطراً مشوهة من نص آرامي، وثمة نقوش كتابية على تمثالي أسدين نقلا من الموقع ونصبا في مدخل حديقة الرشيد في مدينة الرقة. ويحمل أحد هذين التمثالين ثلاثة نصوص منقوشة باللغات الأكادية (الآشورية) والآرامية واللوفانية، والأخيرة لغة استعملها الحثيون وكتبوها بالخط المسماري، وهذه النصوص تعود جميعها إلى حاكم المدينة ننورتا-بيل-أوصر Ninurta- bélu-usur (انرة بلصر في النص الآرامي) الذي كان تابعاً لشمشِ- أيلُ Shamshi-ilu، محافظ تل بارسب (تل أحمر حالياً) في أوائل القرن الثامن قبل الميلاد. والتمثال الثاني يحمل نصاً للحاكم نفسه لكنه بحالة مشوهة ولم تتبق منه سوى تسعة أسطر. وفضلاً عن هذين التمثالين هناك تمثال أسد ثالث نقل من الموقع إلى متحف الرقة ويحمل نقوشاً لنصين آشوري وآرامي؛ لكنها تعرضت لتلف شديد. وتجدر الإشارة إلى أنه قد اكتشف في أرسلان طاش أيضاً حجابان طينيان يحملان نصي تعويذتين باللغة الآرامية. ومن المكتشفات الأخرى من هذا الموقع كسرة من تمثال أسد من حجر البازلت تظهر فيها الرجل الأمامية اليسرى، وأبعاد هذه الكسرة 108×64× 48سم.
مراجع للاستزادة: - علي أبو عساف، "نقوش أنرة بلصر والي خداتو/أرسلان طاش"، في الحوليات الأثرية العربية السورية 45-46 (2002-2003)، ص ص.29-31. -Geoffrey TURNER, The Palace and Bâtiment aux Ivoires at Arslan Tash: A Reappraisal, Iraq Vol. 30, No. 1 (Spring,1968), pp. 62-68. -Pauline ALBEND, “The Gateway and Portal Stone Reliefs from Arslan Tash“, Bulletin of the American Schools of Oriental Research, No. 271 (Aug., 1988), pp. 5-30. |
- التصنيف : العصور التاريخية - النوع : مواقع وأحياء - المجلد : المجلد الأول، طبعة 2014، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 346 مشاركة :
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم؟
- - هل تعلم أن الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بناء مداميكه وخاصة في الواجهات
- - هل تعلم أن الإبل تستطيع البقاء على قيد الحياة حتى لو فقدت 40% من ماء جسمها ويعود ذلك لقدرتها على تغيير درجة حرارة جسمها تبعاً لتغير درجة حرارة الجو،
- - هل تعلم أن أبقراط كتب في الطب أربعة مؤلفات هي: الحكم، الأدلة، تنظيم التغذية، ورسالته في جروح الرأس. ويعود له الفضل بأنه حرر الطب من الدين والفلسفة.
- - هل تعلم أن المرجان إفراز حيواني يتكون في البحر ويتركب من مادة كربونات الكلسيوم، وهو أحمر أو شديد الحمرة وهو أجود أنواعه، ويمتاز بكبر الحجم ويسمى الش
- هل تعلم أن الأبسيد كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أب
- - هل تعلم أن أبجر Abgar اسم معروف جيداً يعود إلى عدد من الملوك الذين حكموا مدينة إديسا (الرها) من أبجر الأول وحتى التاسع، وهم ينتسبون إلى أسرة أوسروين
- - هل تعلم أن الأبجدية الكنعانية تتألف من /22/ علامة كتابية sign تكتب منفصلة غير متصلة، وتعتمد المبدأ الأكوروفوني، حيث تقتصر القيمة الصوتية للعلامة الك
- عدد الزوار حالياً 6
- الكل 63939047
- اليوم 488
اخترنا لكم
الدمى في العصور الكلاسيكية
تُعدّ الدمى الطينية من القطع الفنية التي كان لها قدسية خاصة منذ أقدم العصور، وقد لعبت دوراً كبيراً في الحياة الدينية والاجتماعية، ومع تقدم الزمن صار لها وظائف وخصائص ومميزات منفردة بحسب كل عصر وكل منطقة جغرافية.
التصوير الإسلامي
يُعرف التصوير بأنه الرسم بالألوان أو تمثيل شيء عن طريق الخرط؛ أي بوساطة الكتل والأحجام، ويتفق الدارسون على أن التصوير الإسلامي يُعدّ أحد الأنواع المهمة للفنون الإسلامية التي تشكل بدورها جزءاً مهماً من الآثار الإسلامية، حيث يقدم التصوير معلومات مهمة، ويسجل الكثير من الأحداث اليومية والتاريخية الناجمة عن ذلك التفاعل الخلاق بين الإنسان والبيئة التي يعيش فيها، وهذا ما يظهر في الآلاف من المشاهد التصويرية التي وردت في الصور الجدارية على الفريسك أو الفسيفساء وكذلك في صور المخطوطات الإسلامية التي تشكل أهم ميادين التصوير في الحضارة الإسلامية، حيث كان لتزويق المخطوطات بالصور الملونة على الكتب (المنمنمات) الأدبية المختلفة- مثل دواوين الشعر والسِّير والقصص وكتب التاريخ والجغرافيا، والكتب العلمية مثل كتب النبات والبيطرة والعقاقير والفلك والحيل (الهندسة) وغيرها- الدور الكبير في لفت نظر الدارسين لأهمية التصوير الإسلامي؛ فقدم العديد من الباحثين الأوربيين مؤلفات مهمة، مثل كتاب «تصوير المنمنمات في الشرق الإسلامي» Miniaturmalerei im Islamischen Orient لكونل Kuhnel سنة 1923م، وقدم أرنولد Arnold سنة 1928م كتابه «التصوير في الإسلام» Painting in Islam، أما بلوشيه Blochet فقد ألّف كتاباً سنة 1929م بعنوان «التصوير الإسلامي» Musulman Painting؛ ليقوم بعد ذلك الباحث زكي محمد حسن سنة 1936م بوضع كتابه: «التصوير في الإسلام عند الفرس» الذي صدر في القاهرة، وتلاه كتاب المرحوم حسن الباشا بعنوان: «التصوير الإسلامي في العصور الوسطى» الذي صدر في القاهرة سنة 1959م. وتلا ذلك العديد من الكتب الأخرى المهمة لرايس Rice وثروت عكاشة و»أبو الحمد فرغلي» وغيرهم ممن ساهم في التعريف بهذا الفن وإعطائه ما يستحقه من الأهمية.