رشيديه (تربه)
-

الرشيدية (التربة -)

زكريا كبريت

 

تقع التربة الرشيدية في مدينة دمشق، في حي الميدان الفوقاني، على شارع الميدان الرئيسي (مسار الحج)، لصيق حمام الدرب [ر] ومقابل جامع الدقاق [ر] (الكريمي). وتُعرف أيضاً بالزاوية الرشيدية نسبة للسيدة الفاضلة الرشيدية الدندراوية التي جاءت من مصر، وسكنت فيها مطلع القرن ١٤هـ/٢٠م، فأصبحت الزاوية مقراً للطريقة الدندراوية الصوفية.

وهي مشيّدة مملوكية، اختُلف في اسم واقفها، فنسبها بعضهم إلى نائب السلطنة بدمشق الأمير منكلي بغا الذي تسلّم النيابة سنة ٧٦٤هـ/١٣٦٣م، ونسبها آخرون إلى نائب السلطنة الأمير أقتمر الذي وُلّي دمشق سنة ٧٦٨هـ/١٣٦٦م. ولا يمكن الجزم بشيء حتى يُزال البناء الجديد الذي ألصق بالزاوية ممّا حجب الكتابة التأريخية المدونة على واجهتها.

والتربة ذات مسقط مستطيل، تحوي قاعتين مقببتين كما هي العادة في طراز الترب المملوكية. ولا يظهر من واجهاتها اليوم سوى الجزء العلوي من واجهتها الشرقية الرئيسية. وقد شُيّدت هذه الواجهة المتناظرة من مداميك الحجر الأبلق (الأسود والطحيني) ينصّفها مدخل التربة المرتفع عن باقي الواجهة والموجود ضمن تجويف عريض، والذي قسم الواجهة إلى قسمين متماثلين شمالي وجنوبي. ينصّف كل قسم شباكان مستطيلان ذوا ساكفين مستقيمين ومغطّيان بالمشبكات المعدنية، وقد أُغلقا من الخارج، فزال شكلاهما. ويتوسّط مداميك الواجهة مدماك كلسي طحيني منقوش بالزخارف الكتابية ومستمر على كامل عرضها، يعلوه مدماك زخرفي نباتي مزرّر ملون يستمر لطرفي الواجهة ليلتفّ عمودياً لأعلى الواجهة، ثم يستمر أفقياً بشكل متوازٍ ومماثل للمدماك السفلي. ويحصر المدماكان المزرّران بينهما حشوة مستديرة مزرّرة. وينتهي أعلى الواجهة بإفريز حجري مكوّن من صف واحدٍ من المقرنصات البسيطة. ويُغطّي كل قسم من الواجهة قبة ضخمة نصف كروية مدببة وملساء متوّجة بالهلال، وهي ترتكز على رقبة ذات اثنتي عشرة ضلعاً تتناوب فيها ست نوافذ معقودة بعقد نصف دائري مع ست نوافذ مماثلة مصمتة.

الواجهة الرئيسية الشرقية

والمدخل ذو ساكف حجري مستقيم يعلوه شريط ضخم مزرّر بكامله، ثم مدماك مزرّر في وسطه وطرفيه، ثم شريط زخرفي كتابي، ثم شريط زخرفي نباتي مزرر، ثم لوحة مربعة زخرفية هندسية ملوّنة يتوسطها رنك (شعار) منشئها بصورة كأس قد شوّهها شباك مستطيل محدث، ثم شريط كتابي، ثم الشريط النباتي المزرّر. ويتوّج أعلى المدخل طاسة ترتكز على مقرنصات حجرية بديعة، قد زال جزء المدخل العلوي، واستُحدثت غرفة مكانه شوّهت واجهة التربة الأثرية.

الموقع العام
الموقع العام (الكادسترائي)

وللمدخل مكسلتان (جلستان حجريتان) عن يمين الباب ويساره، وهو خشبي ذو مصراعين يفتح على دركاه (بهو المدخل) مستطيلة في صدرها تجويف عريض مرتفع قليلاً. وتؤدي الدركاه عبر بابين متماثلين عن يمين ويسار إلى قاعتين متماثلتين شمالية وجنوبية ذواتي مسقط مربع (نحو ٦.٩×٦.٩م). القاعة الشمالية كان ينصّف أرضيتها قبر المنشئ كما ذكر واتسينجر في مطلع القرن ١٤هـ/٢٠م. ويغطّي القاعة قبة مرتفعة نصف كروية مدببة ترتكز على رقبة سبق وصفهما، والتي ترتكز بدورها على أربعة عقود واسعة مرتفعة ومدببة، قد توسّط العقدين الشمالي والغربي منها خزانتان جداريتان معقودتان بعقد مدبب، وتوسّط الشرقي منها شباكان يطلّان على الخارج. وقد انتُقل من الشكل المربع إلى الدائري عبر مثلثات ركنية حوت مقرنصات متدرجة بديعة، وتمّ طلاء جميع العناصر المعمارية للقاعة بالكلسة البيضاء.

القبة من الداخلالقباب من الخارج

 

العقود والمثلثات الركنية للقباب

 

 وأما القاعة الجنوبية فينصّف جدارها الشمالي بركة مياه مستحدثة، ويشغلها القيّم على الزاوية «التربة»؛ مما جعله يستحدث درجاً خشبياً في الزاوية الشمالية الغربية يُصعد عبره إلى غرفٍ علوية خشبية مستحدثة شوّهت داخل التربة وخارجها.

 

مراجع للاستزادة:

- ولتسينجرو واتسينجر، الآثار الإسلامية في مدينة دمشق، تعريب قاسم طوير (مطبعة سورية، دمشق ١٩٨٤م).

- أكرم العلبي، خطط دمشق (دار الطباع، دمشق ١٩٨٩م).

- قتيبة الشهابي، مشيدات دمشق ذوات الأضرحة (وزارة الثقافة، دمشق ١٩٩٥م).


- التصنيف : آثار إسلامية - المجلد : المجلد الثامن مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق