رفعت (تل)
Rifaat (Tell-) - Rifaat (Tell-)

 ¢ رفعت

¢ رفعت (تل -)

علا التونسي

 

يقع تل رفعت الأثري Tell Rifa’at في شمالي سورية على بعد 35 كم شمال-غربي مدينة حلب، وعلى بعد 14 كم جنوب-شرقي مدينة إعزاز الحديثة. ويُعدّ من أكبر مواقع السهل الممتد بين نهر قويق وجبل سمعان، ويرتفع عن سطح البحر ما يقارب 153م. وتبلغ أبعاده 142×233م في القمة، ويرتفع عن القاعدة مقدار 30 متراً، في حين أن الأجزاء المنخفضة من الموقع في القاعدة لها شكل بيضوي، وتبلغ أبعادها 250×233م.

تمتد المدينة الحديثة عند أقدام التل المرتفع، وقد بنيت فوق المستوطنة الآرامية القديمة (مدينة أرفاد) عاصمة مملكة بيت أجوش[ر] الآرامية التي ذُكرت في وثائق القرن التاسع قبل الميلاد الآشورية باسم ياخان Iahan، ثم بدأت تُذكر في تلك النصوص المسمارية باسم أرض أرفاد أو أرض بيت أجوش منذ عصر الملك الآشوري أدد- نراري الثالث (810 - 783ق.م). وتحتل مملكة بيت أجوش مركزاً استراتيجياً بين الفرات والبحر المتوسط، وقد امتدت من منطقة إعزاز شمالاً حتى حماة جنوباً. وكانت تدفع الجزية للدولة الآشورية منذ عام 850 ق.م، ثم أخضعها الملك الآشوري تجلات - بلاصر الثالث وألحقها بالدولة الآشورية عام 743 ق.م.

بدأت الأعمال الأثرية في تل رفعت عام 1924 على يد عالم اللغويات التشيكي هورزني Horzný، ولكنه ترك التنقيب في التل بعد ثلاثة أشهر من دون أن ينشر أي تقرير مفصل عن عمله القصير. وفي عام 1956 قام الباحث سيتون-ويليمز Seton-Williams بإجراء بعض الأبحاث على التل برعاية من معهد الآثار التابع لجامعة لندن، ثم نفذت البعثة ثلاثة مواسم تنقيب في الأعوام 1957و1960و1964. ولكن هذه التنقيبات تركزت على التل، في حين أن صور الأقمار الصناعية الحديثة تدل على أن المدينة المنخفضة كانت مأهولة بكثافة، وتبلغ مساحتها 100 هكتار تقريباً، وكانت محاطة بأسوار دفاعية؛ مما يجعل من موقع تل رفعت أحد أكبر مواقع عصر الحديد.

بدأ الاستيطان الأول في تل رفعت منذ العصر الحجري النحاسي (الكالكوليت 5000 - 3000سنة ق.م)، واستمر حتى العصر الروماني مع فترات انقطاع بسيطة، وعثر على أرضيات وفخار ونصال حجرية مؤرخة بالعصر الحجري-النحاسي.

وكذلك كان التل مأهولاً خلال عصر البرونز القديم؛ إذ عثر على أبنية وقبور بعضها يعود إلى بداية الألف الثالث قبل الميلاد، وبعضها الآخر يرجع إلى النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد (الطبقة الرابعة: 2300 - 2000 ق.م).

أما آثار العصر البرونزي الحديث (الطبقة الثالثة، بين القرنين الرابع عشر والثاني عشر ق.م) فهي أبنية وبعض القبور إضافة إلى التماثيل والأختام.

تل رفعت اليوم

وتعود بقايا المدينة الآرامية إلى القرنين العاشر والتاسع قبل الميلاد (الطبقة 2-ث) حيث عثر في التل على مجموعة أبنية سكنية وغرف شيدت جدرانها بطريقة الدك على أساسات حجرية. وغرس في جدران إحدى هذه الغرف تمثال من الديوريت (صخر بركاني) لرأس رجل بعيون غائرة. وقد عُثر في إحداها على ثمانية هياكل عظمية قطعت رؤوسها عن أجسادها بأدوات حادة وجد تحت أقدم هذه البيوت طبقة من الركام يبلغ عمقها ثلاثة أمتار؛ مما يدل على أن التل كان قد هُجر– فيما يبدو- فترة من الزمن إثر الهجوم الذي قام به الملك الآشوري تجلات - بلاصر الأول في سنة حكمه الرابعة (عام 1113 ق.م).

كما عُثر على تحصينات المدينة المرتفعة وبوابتها الشرقية، وهي تحصينات ثقيلة ومؤلفة من جدارين، مازالت بقايا الجدار الداخلي مرتفعة حتى ثمانية أمتار، ويعتقد أنه كان في الماضي أكثر ارتفاعاً بما يقارب أربعة أمتار. كما يبلغ عرض البوابة الشرقية 4 م، كسيت أجزاء جدرانها السفلية بألواح حجرية منحوتة. وكانت أرضية هذه البوابة مرصوفة بألواح من الحجارة الكلسية والبازلتية وقطع اللبن المكسورة والمزججة، وقد طليت جميعها بطبقة من الملاط الكلسي. وتشير الدلائل إلى أن الأجزاء العلوية من البوابة كانت مشيدة من اللبن، وأنها كانت مؤلفة من طابقين، وقد استخدمت الألواح والعوارض الخشبية في بنائها، ودُمرت البوابة بحريق كبير خلال القرن الثامن ق.م.

تقع آثار الاستيطان العائد إلى العصر الآرامي-الآشوري (الطبقة 2-ب، من القرن التاسع حتى السابع قبل الميلاد) في الجزء الشمالي والشرقي من التل، كما في الأجزاء المنخفضة من الموقع تحت القرية الحديثة. وهي بقايا أبنية تعود إلى مستويين معماريين، بنيت جدران المرحلة الحديثة بقطع اللِّبن، على حين كانت جدران المرحلة القديمة مشيدة بطريقة الدك على أساسات حجرية عثر فيها على أدوات منزلية كالمطاحن والمجارش وجرار الطهو والأوزان والأحجار والقواقع، ويعود تاريخ الفخار إلى القرن الثامن ق.م.

وتُعدّ آثار العصر الفارسي (الطبقة 1-ث /2-أ، القرنين السادس والخامس قبل الميلاد) قليلة؛ إذ لم يعثر إلا على بعض الأختام والفخار؛ إضافة إلى تماثيل فرسان على أحصنتهم، في حين كانت البقايا المعمارية نادرة ومخربة بسبب الحفر الأحدث عهداً، كما أن آثار القرن السابع قبل الميلاد كانت ممثلة بمجموعة من الأختام والحفر فقط.

أما في العصرين الهلنستي والروماني (الطبقة 1-أ و1-ب، من القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن الأول الميلادي)؛ فقد عثر على آثار متنوعة في القطاع الشمالي الغربي من التل. وهي بقايا شارع مرصوف بالأحجار الكلسية والبازلتية؛ ولكنه مجرّف، يُفضي إلى باحة يعتقد أنها عائدة لمعبد. وقد أحيطت الباحة في الشمال بمجموعة من الغرف العائدة لأبنية سكنية، لها أرضيات كلسية، وجدرانها مشيدة من الحجارة، وعثر خارج هذه المنازل على الكثير من الأصداف المكسورة التي تُعدّ دليلاً قاطعاً على حياكة الصوف وصباغته باللون الأرجواني المستخرج من القواقع البحرية (موريكس)، وهي أول الأدلّة على ممارسة هذه الحرفة في مواقع الداخل بعيداً عن الساحل. كذلك عثر أيضاً على بعض الدمى الحيوانية والإنسانية المصنوعة من الطين المشوي؛ إضافة إلى المصابيح المزججة التي تعود كلها إلى نهاية القرن الرابع وبداية القرن الثالث قبل الميلاد.

وقد عُثر على بعض الحفر العائدة للعصرين البيزنطي والإسلامي، ولكن لا وجود لبقايا معمارية عائدة لهاتين الفترتين.

مراجع للاستزادة:

- M.V.Seton-Williams, «The excavations at Tell Rifa’at, 1964 Second Preliminary Report», Iraq, 29/1 (1967), p. 16-33.

- M.V.Seton-Williams, «Preliminary Report at Tell Rifa’at», Iraq, 23/1 (1961), p.68-87.

- Edward Lipinski, The Aramaeans: Their Ancient History, Culture, Religion, Peeters Publishers, Leuven (2000).

 


- التصنيف : العصور التاريخية - المجلد : المجلد الثامن مشاركة :

بحث ضمن الموسوعة

من نحن ؟

الموسوعة إحدى المنارات التي يستهدي بها الطامحون إلى تثقيف العقل، والراغبون في الخروج من ظلمات الجهل الموسوعة وسيلة لا غنى عنها لاستقصاء المعارف وتحصيلها، ولاستجلاء غوامض المصطلحات ودقائق العلوم وحقائق المسميات وموسوعتنا العربية تضع بين يديك المادة العلمية الوافية معزَّزة بالخرائط والجداول والبيانات والمعادلات والأشكال والرسوم والصور الملونة التي تم تنضيدها وإخراجها وطبعها بأحدث الوسائل والأجهزة. تصدرها: هيئة عامة ذات طابع علمي وثقافي، ترتبط بوزير الثقافة تأسست عام 1981 ومركزها دمشق