logo

logo

logo

logo

logo

الأميال (أميال الطريق بين دمشق وبيت المقدس)

اميال (اميال طريق بين دمشق وبيت مقدس)

-

 الأميال

الأميال

(أميال الطريق بين دمشق وبيت المقدس)

 

أضحت دمشق في العصر الأموي (41-132هـ/661-750م) عاصمة لدولة مترامية الأطراف، تمتد من الأندلس والمحيط الأطلسي غرباً إلى حدود الصين شرقاً، ودخلت هذه الدول للمرة الأولى والأخيرة في التاريخ العربي الإسلامي ضمن نطاق دولة واحدة مركزها دمشق التي استمرت عاصمة للدولة حتى خلافة مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية (ت132هـ/749م) الذي نقل بيوت الأموال والخزائن إلى الجزيرة.

أولى خلفاء بني أمية اهتماماً كبيراً بدمشق والطرق المؤدية إليها لأسباب إدارية وعسكرية، وبما أنّ معاوية بن أبي سفيان والخلفاء من بعده كانوا حريصين على أن تسرع إليهم أخبار بلادهم من جميع أطرافها، فقد ازدادت العناية بالطرق؛ لأنّ استمرارية ورود الأخبار والمعلومات والتعليمات من العاصمة دمشق إلى الأمصار وبالعكس تحتاج إلى طرق مأمونة، ولأنّ هذه الطرق كانت تسلكها القوافل التجارية في سيرها والجيوش خلال تحركاتها. وكان من أهم معالم هذه الطرق محطات البريد منذ أن وضع معاوية بن أبي سفيان البريد ليكون أداة ربط بينه وبين عماله في الولايات المختلفة، وكان ديوان البريد المركزي مسؤولاً عن محطات البريد التي تصل الشام بالعراقين (البصرة والكوفة) والجزيرة وأرمينية والحجاز ومصر، وكان والي العراقين مسؤولاً عن محطات البريد في الولايات الشرقية، وكانت هذه المحطات كما ورد في الموسوعة الإسلامية تبعد الواحدة عن الأخرى فرسخين أي 12كم في فارس، وأربعة فراسخ أي 24كم في الولايات الغربية؛ وذلك لاستخدامهم العدّائين في فارس والخيول والجمال في الولايات الغربية، ولكي يعرف الرسول أو المسافر المسافة التي قد اجتازها كان من الضروري وضع علامة على كل مسافة قدرها ميل، ولقد جاء في لسان العرب لابن منظور أنّ الميل هو القطعة من الأرض ما بين العلمين، والميل ثلث الفرسخ، وكل ثلاثة أميال هاشمية فرسخ، والميل منار يُبنى للمسافر في أنشاز الأرض وأطرافها.

ويبدو أن الوليد بن عبد الملك (86- 96هـ/705- 714م) ساهم في بناء الأميال على نطاق واسع، مما دفع القلقشندي في كتابه "مآثر الإنافة" إلى القول إن الوليد هو أول من بنى الأميال، ولكن اكتشاف نقش معاصر لعبد الملك بن مروان (65-86هـ) بالقرب من بيت المقدس (إيلياء) تشير إلى أنّ عبد الملك هو أول من أمر بصنع الأميال وبعمارة أربعة طرق تخرج من إيلياء ودمشق. وفي المتحف التركي المسمى بموزة خانة في القسطنطينية وجدت أربع صُوى (الصُّوة حجر يكون علامة في الطريق) متكسرة، نقلت إلى المتحف من بيت المقدس أيام تبعيتها للحكم العثماني، ويستدل من صورها أن الأقسام العليا منها تكسرت بعض سطورها على مَرِّ الدهور بخلاف الأقسام السفلى التي كانت مدفونة في التراب، لأنّ وجود كلمة وسلَّم في الشكل يدل على أنه كان قبلها بسملة وحمدلة وصلوات، فتكون عبارات هذه الصّوى:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمد وآلهِ وسلم أو ما يدانيها:

"أمر بعمارة هذا الطريق وصنعة الأميال عبد الله، عبد الملك أمير المؤمنين رحمة الله عليه من دمشق (أو من إيلياء) إلى هذا الميل (كذا) أميال".

وسلم (أمر بعمارة)هذا الطريق وصنعة الأميال عبدالله عبد الملك أمير المؤمنين رحمة الله عليه من دمشق الى هذا الميل تسعة ومائة ميل

(وصنعة الأميال) عبد (الله)(عبد) ا لملك امير(المؤمنين) رحمة الله عليــــه من ايليا لي هذا الميل تسعة أ ميال ومائة ميل.

ويرى الباحث كليرمون جانو Clermont- Ganeau أن هذا الاكتشاف هو أول أثر من نوعه، وأنه لابُدّ من وجود سواها في أماكن أخرى، لأن البريد العربي كان منظماً.

 

الطريق (وصنعة الاميال)عبد الله عبد الملك امير المؤمنين رحمة الله عليه من ايليا الى هذا الميل ثمنية أميال.

هذا الطريق وصنعـ (ـه) الاميال) (عبــد الله عبــد الملك) امير المؤمنين رحـ (مت الله) عليه من ايليا الى هذا الميل سبعة ا ميال.

ولقد استدل الباحث من وجود جملة رحمة الله عليه أنّ هذه الصّوى نصبت بعد وفاة عبد الملك الذي أمر بعمارة تلك الطرق والأميال من قبل ابنه الوليد، فيكون الفضل في بنائها لعبد الملك، وهو ماكتمته التواريخ.

وإذا كان خلفاء بني أمية قد أولوا اهتمامهم بالطرق الممتدة من دمشق إلى مكة - التي أضحت بعد الفتوحات محجاً لكل مسلم في كل أرض إسلامية وذلك بتمهيد طريق الحج والتخفيف من قسوته بحفر الآبار وتسهيل الثنايا ووضع المنار (وربما قصد الطبري بذلك الأميال) - فإنّ عبد الملك أولى اهتماماً خاصاً بالقدس وبالطرق المؤدية من دمشق إليها، أو منها إلى دمشق، ولعل سبب ذلك يعود إلى مكانة القدس الدينية في نفوس المسلمين؛ لأن بيت المقدس كان أولى القبلتين وفيها ثالث الحرمين، ومنها أسرى الرسول[ إلى السماء، فأراد أن يشجع المسلمين على زيارتها.

أما القول إن عبد الملك بنى قبة الصخرة سنة 72 هـ/691م رغبة في تحويل الحج من مكة عاصمة منافسه عبد الله بن الزبير إلى القدس - كما حاول جولدزيهر Goldziher أن يفسر دافع عبد الملك - فإن هذه الفرضية مرفوضة وإن كانت قد وجدت طريقها إلى مجموعة من كتب التاريخ الإسلامي، فعبد الملك بنى قبة الصخرة سنة 72هـ/691م أي بعد أن عاد العراق ومن بعده الحجاز إلى سلطانه، وكان دافع عبد الملك دينياً محضاً، يذكر المقدسي أنّ عبد الملك "لما رأى عظم كنيسة القيامة وهيأتها خشي أن تعظم في قلوب المسلمين، فنصب على الصخرة قبة".

من الأمور المنطقية أن تظل الأميال موضوعة ومعروفة إلى مابعد انقراض الدولة الأموية صاحبة الفضل في إنشائها في الإسلام، فقد جاء ذكرها في شعر أبي نواس الحسن بن هانئ من شعراء الدولة العباسية (ت 198هـ/814م):

شتّانَ بيني وبين صحابتي

والعيسُ بي وبهم تَمُدُّ براهَا

يحصون أميالَ الطريقِ وفي يدي

كم خطوةٍ تحني البعيرَ خطاهَا

وهناك صوى في طريق يافا تعود إلى عهد الخليفة هارون الرشيد تعود إلى سنة 172هـ/686م. وأخرى تعود إلى عهد الخليفة المأمون (ت 218هـ/833م) كتب عليها "بسم الله الرحمن الرحيم، مما أمر به الإمام المأمون أمير المؤمنين أطال الله بقاءه في ولاية أخ أمير المؤمنين أبي إسحاق (المعتصم) بن أمير المؤمنين الرشيد… على يدي صالح بن يحيى مولى أمير المؤمنين في شهر ربيع الآخر سنة 216هـ/831م".

نجدة خماش

مراجع للاستزادة:

- محمود العابدي، الآثار الإسلامية في فلسطين (عمان 1973).

 - نجدت خماش، الشام في صدر الإسلام (دار طلاس، ط2، دمشق1997).

 


التصنيف : آثار إسلامية
المجلد: المجلد الثاني
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1075
الكل : 45637634
اليوم : 38317