logo

logo

logo

logo

logo

بلوتارخوس

بلوتارخوس

Plutarch- - Plutarque

بلوتارخوس

(نحو 46-120م) 

 

بلوتارخوس Plutarchos (بالإنكليزية:Plutarch ، والفرنسية Plutarque) فيلسوف ومؤرخ إغريقي ومؤلف سير ذائع الصيت لأشهر عظماء الإغريق والرومان . ولد في مدينة خيرونية Chaeronea بمقاطعة بيوتية Boiotia في وسط بلاد اليونان التي أنجبت قبله الشاعرين الكبيرين هسيود Hesiodos (ق 7ق.م) وبيندار Pindaros (نحو 522-446ق.م): اللذين أولاهما اهتماماً خاصاً في مؤلفاته لاعتزازه الشديد بماضي موطنه. كان سليل أسرة عريقة ثرية، وقد ورث العلم والثقافة عن أبيه Autobulos وجده Lamprias. تلقى تعليمه العالي في أثينا وتعرف على مدارسها الفلسفية الإبيقورية والرواقية ولكن التأثير الأكبر جاء من أستاذه الفيلسوف المصري الأصل أمونيوس Ammonios رئيس أكاديمية أفلاطون كما درس علوم الطبيعة والبلاغة والرياضيات، ثم تابع تحصيله في الاسكندرية العاصمة العلمية والفكرية للعالم الهلنستي.

تنقل كثيراً في بلاد الإغريق وآسيا الصغرى وإيطاليا التي زارها عدة مرات بمهمات مختلفة وأمضى فيها عقداً من الزمن في عهد الأسرة الفلافية (69-96م)، وكان آنذاك قد أصبح رجلاً مشهوراً فكان يلقي المحاضرات ويوزع المشورات ويتصل بعلية القوم، وبما أنّ دائرة من الأصدقاء المتنفذين وعلى رأسهم فلوروس (M. Mestrius Florus) صديق القيصر الذي شمله برعايته ومنحه اسمه وحقوق المواطنة الرومانية فصار يدعى M. Mestrius Plutarchus، وكذلك صديق ترايان القنصل سينكيو (Q. Sosius Senecio) الذي أهداه مؤلفه الشهير عن سير العظماء. كما لقي حظوة عند كل من الامبراطور ترايانوس]ر[ Trajanus الذي أنعم عليه بلقب قنصل والامبراطور هادريانوس ]ر[ Hadrianus الذي كان من أشد المتحمسين للثقافة الهيلينية، وثمة رواية متأخرة تقول إنه عهد إليه بولاية بلاد اليونان عام 119م. كما أن مدينة أثينا كرمته بمنحه المواطنة الفخرية.

ومع أنه تعرف على ربوع الامبراطورية الرومانية وعايش عصر عظمتها وازدهارها وكان على صلات وثيقة بقادتها فإنه قضى الشطر الأعظم من حياته في موطنه وبيئته الإغريقية حيث تقلد منصب الحاكم الأول (أرخون) في مدينته الأم ومرتبة كاهن الإله أبولون في مركز العرافة الشهير دلفي Delphy سنوات طويلة مستجيباً لمشاعره ونزعته الدينية العميقة.

كان في حياته الأسرية والاجتماعية مخلصاً للمبادئ والقيم التي كان يدعو إليها في كتاباته وهكذا أنجب ابنة وأربعة أبناء في زمن غلب فيه العزوف عن الزواج وإنجاب الأطفال. وقد أمضى قسماً كبيراً من وقته في تعليم أبنائه والشباب الآخرين من أبناء الطبقة العليا فيما يشبه أكاديمية فلسفية خاصة كان هو رئيسها .

تنعكس اهتماماته الواسعة في إنتاجه الغزير الشديد التنوع، وتدل مؤلفاته على ثقافة موسوعية تناولت مختلف العلوم الإغريقية في عصره، وتنم على حكمة عميقة نابعة من قناعته بدور بلاد الإغريق الفكري والروحي كمربية ومعلمة، وعظمة روما كقوة سياسية كبيرة وأنهما يكملان بعضهما بعضاً.

مؤلفاته: وصلنا الكثير منها الواردة في قائمة قديمة تحمل اسم لامبرياس (Catalogue of Lamprias) والتي تضم 227 مؤلفاً بقي منها 78 بحثاً ونحو 50 سيرة ، وتنقسم مؤلفاته إلى مجموعتين رئيسيتين: 1-الكتابات الفلسفية والأخلاقية، 2-الكتابات التاريخية.

تعرف مؤلفاته الفلسفية باسم الأخلاقيات (Ethika = Moralia) وهي تعالج إلى جانب الأبحاث الأخلاقية مسائل دينية وسياسية وعلمية وأدبية والحظ والقدر والشعر والموسيقا ...الخ. وهي تعتمد على أسلوب الحوار (مثل حوارات أفلاطون) أو تأخذ شكل المقالات أو الرسائل. تبحث مقالاته الفلسفية في تاريخ الفلسفة ومدارسها المختلفة وأفكارها من إبيقورية ورواقية وأرسطاطالية، كما تعالج مسائل تربوية ونفسية وأخلاقية وثيقة الصلة بنزعته المحافظة وتعلقه بالتقاليد والتراث والأمور الدينية ومن أشهر أبحاثه مقالته المهداة إلى كاهنة دلفي عن إيزيس وأوزيريس التي جاءت بإيحاء من أستاذه أمونيوس وفيها يتحدث عن ايزيس ]ر[ Isis وبحثها عن حبيبها وزوجها وابنهما حوروس في صراعهم مع رمز الشر تيفون (أي الإله ست). وهي تنضوي تحت ديانات الأسرار (Mysteries) التي يظهر فيها أوزيريس ]ر[ Osiris  إلهاً رئيساً يمثل العقل والوجود، أما إيزيس فهي إلهة الحكمة التي تهيء طقوسها للإنسان الوصول إلى معرفة المبدأ الأسمى، في حين يمثل عدوهما تيفون الكذب والعمى والجهل. ويعد هذا البحث وثيقة مهمة لإحدى ديانات الأسرار الشرقية التي تقبلت مبادئ الفلسفة الأفلاطونية ووضعت لنفسها هدف التعرف على المبدأ الأسمى الممكن إدراكه في هذا الكون.

كما عالج المسائل السياسية في عدد من المقالات تتحدث عن أشكال الدولة والحاكم الجاهل وتقدم نصائح لرجال السياسة وهي ذات أهمية خاصة إذ إنها تعرف بالفكر السياسي والحياة السياسية السائدة في ذلك العصر.

وفي بحثه عن «مساوئ هيرودوت» يعبر بلوتارخوس عن نقمته على هيرودوت بسبب تصويره دور بيوتية السلبي لوقوفها على الحياد في الحروب الفارسية ويتهمه بالتحيز وممالأة الفرس.

أما كتاباته التاريخية فتشمل مؤلفه الشهير السير المتقابلة (Bioi paralleloi) التي تضم ثلاثاً وعشرين زوجاً من عظماء الإغريق والرومان (فقد الأول منها ) تبدأ بملك أثينا الأسطوري تيسيوس Theseus ويقابله رومولوس Romulus مؤسس روما، يليهما ليكورغوس Lykourgos مشرع إسبرطة مع الملك نوما Numa واضع تشريعات روما. كما تضم أشهر خطيبين لدى الإغريق والرومان وهما ديموستين Demosthenes وشيشرون Cicero.

وأشهر قادتهم العسكريين هما الإسكندر الكبير المقدوني ]ر[ ويوليوس قيصر]ر[. يضاف إلى هذه السير المتقابلة أربع سير إفرادية لملك الفرس إكسركيس وزعيم الحلف الآخي أراتوس والامبراطورين الرومانيين غالباً وأوتو (وهما السيرتان الوحيدتان المتبقيتان من سير الأباطرة ) وتعبر هذه السير عن قناعة بلوتارخوس وافتخاره بماضي أمته العريق مع تسلميه بقوة نظام الدولة الرومانية المتفوق وهذا يتلاءم مع روح ذلك العصر.

استقى بلوتارخوس مادة هذه السير من كبار المؤرخين الإغريق وقراءاته الواسعة في الأدبين الإغريقي واللاتيني ولكن يؤخذ عليه أنه لم يكن مؤرخاً ناقداً في تعامله مع المادة التاريخية. وقد صرح في مقدمته لسيرة الإسكندر بأنه يريد أن يقدم سيرة وليس تاريخاً وما يهمه هو الصور الكبرى للإنسان والتي تتجلى في سلوكه وأخلاقه مثلما تظهر أحياناً في بعض التصرفات الثانوية والأقوال البسيطة. وقد وردت في سيره بعض الأحداث المرتبطة بتاريخ سورية ومنها على سبيل المثال ما ورد في سيرة دمتريوس من احتجاز الملك سلوقس له في بيلا (مدينة أفامية) عدة سنوات أمضاها في الصيد والشراب حتى موته عام 282ق.م. كما يتحدث في سيرة لوكولوس عن كارثة حران عام 53م التي أبيد فيها الجيش الروماني في شمالي سورية. ويروي في سيرة أنطونيوس كثيراً من وقائع غزو الفرس لسورية في الأعوام 40-37ق.م واستعدادات أنطونيوس لحربهم التي جرت في أنطاكية وكذلك إعلان  زواجه من كليوباترة.

لقد استهوت هذه السير كثيراً من القراء في العصور القديمة والحديثة وألهمت كثيراً من الأدباء والفنانين وقدمت لهم مادة تاريخية أكثر من أي مؤلف تاريخي قديم، ويكفي الإشارة إلى مسرحيات شكسبير التاريخية والمستوحاة كلها من سير بلوتارخوس، وقد ترجمت هذه السير إلى اللغة الفرنسية منذ عام 1559م ثم تلتها الإنكليزية عام 1579م وسائر اللغات. وقد كان لها تأثير على أفكار فلاسفة الثورة الفرنسية.

ويبقى بلوتارخوس أحد كبار الأدباء الإغريق وأتباع الفلسفة الأفلاطونية ومن أعظم الشخصيات تأثيراً في الحياة الفكرية والثقافية في العصر الامبراطوري الروماني، وتعد كتاباته منجماً لا ينضب لمختلف أنواع المعلومات عن العالم القديم، وقد صدرت في طبعات كثيرة محققة ومترجمة إلى اللغات الإنكليزية والفرنسية والألمانية وسواها ومن أشهرها:

 طبعة مكتبة لويب الكلاسيكية (1914 - 1969) Loeb Classical Library  باللغتين الإغريقية والإنكليزية: (السير المتقابلة في 11 مجلداً والأخلاقيات في 16 مجلداً).

محمد الزين  

مراجع للاستزادة:

- The Oxford Classical Dictionary, 2Nd Edition (Oxford 1970).

- R. H. Barrow, Plutarch And His Times (1967).

 


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1059
الكل : 45613205
اليوم : 13888