logo

logo

logo

logo

logo

بانثيون

بانثيون

pantheon - panthéon

البانثيون

هيا الملكي

 

تطلق كلمة البانثيون Pantheon على مَجمع الآلهة المعبودة في كل حضارة من الحضارات أو مدينة من المدن، ولم يكن البانثيون من الابتكارات الإغريقية أو الرومانية، بل كان أقدم من هذا، فقد قام الإنسان بابتكار آلهة جديدة مع تطور معرفته واحتياجاته؛ مما أدى إلى ظهور عدد كبير من الآلهة، فقام العابدون في مدن قديمة بتأسيس مجمع الآلهة الخاص بهم بما يناسب متطلبات حياتهم، فالشعوب التي تعمل بالزراعة كانت تولي الأهمية لآلهة الأمطار والخصب والزراعة، في حين اهتمت الشعوب العاملة بالتجارة بآلهة التجارة وحماية القوافل وآلهة البحر إذا كانت مقيمة على الشواطئ. وعُرف البانثيون في كل الحضارات القديمة مع الاختلاف في عدد الآلهة وإعطاء الأولوية لأهم الآلهة، فمدن بلاد الرافدين كانت تتشارك في أسماء الآلهة؛ لكن أهمية هذه الآلهة تختلف من مدينة إلى أخرى. وقد بدأت عملية تشكيل مجمع الآلهة مع مطلع الألف الثالث قبل الميلاد عن طريق دمج التصورات المحلية عن الآلهة الرئيسة مثل الثالوث آنو Anu وإنكي Enki (إيا Ea) وإنليل Enlil، وحين تشترك الإلهة الأم ننخرساج Ninkhursag معهم يتكون رباعي الآلهة الخالقة. وفي نيبور Nippur كان الإله الرئيس إنليل، وفي إريدو Eridu كانت السيادة لـ إنكي، وفي أوروك Uruk كان آنو هو الإله الرئيس، وفي الوقت نفسه كان هو رئيس البانثيون في حضارة بلاد الرافدين كلها، وكانت تعبد معه في أوروك الإلهة إنانّا Inanna (عشتار). ثم بدأت أسماء الآلهة الأكادية بالدخول إلى البانثيون السومري، وبدأت تطلق أسماء أكادية على الآلهة نفسها في حالات عدة مثل أيا لإنكي، شمش Shamash لأوتو Utu، عشتار لإنانّا، وسين Sin لنَنَّا Nanna. ومع تزايد أهمية مدينة بابل منذ الألف الثاني ق.م ظهر اسم مردوك Marduk، الذي حمل لقب بيل Bel أيضاً؛ ليترأس مجمع الآلهة؛ مما يدل على الدور السياسي في تشكيل البانثيون. وإلى جوار الآلهة الرئيسة كانت هناك الآلهة الشعبية التي ترتبط بالخصب وبالموت والمراثي مثل الإله تموز [ر] Tammuz (واسمه في السومرية دموزي Dumuzi).

كذلك كان الأمر في الحضارة المصرية التي كان لكل قرية أو مدينة فيها -بل لكل أسرة- إله خاص بها، وأحياناً كان يتم الدمج بين إلهين في شخص واحد؛ مما يغير بانثيون الآلهة دائماً؛ ولاسيما مع جلب بعض الآلهة الخارجية، فيعلو إله على حساب آخر؛ مما كان يدفع الكهنة إلى إقامة الثالوث أو التاسوعات (أي البانثيون المكون من ثلاثة آلهة أو تسعة ضمن عصبة واحدة)؛ مما يضمن وجود الآلهة الجديدة إلى جوار القديمة المحلية كما في مدينة ممفيس وهليوبوليس وأبيدوس، ففي هليوبوليس كان البانثيون مكوناً من الجماعة العظمى المكونة من تسعة آلهة على رأسهم طيمو الذي يمثل رع ومعه شو، تفنوت، سب، نوت، أوزوريس، إيزيس، ست، نفتيس، ثم الجماعة الصغرى والجماعة الدنيا اللتان كانتا مكونتين من تسعة آلهة.

وكان البانثيون في كل مدينة من المدن الفينيقية مختلفاً مع التشابه في أسماء الآلهة، ويترأس كل بانثيون ثلاثي مكون من الأب والأم والابن أو الإله النشط، فكان بانثيون مدينة أوغاريت [ر] Ugarit مؤلفاً من الوالد؛ وهو الإله إيل [ر] El والوالدة الإلهة أشيرة Ashera والإله بعل [ر] Baal إله العواصف والأمطار؛ وبالتالي هو إله الزراعة والخصب والإلهة أنات Anat المدافعة عن بعل وأخته، والإله يم Yam إله البحر والإله موت Mot عدو بعل الأبدي.. إلخ، أما بانثيون مدينة جبيل؛ فكان يترأسه إيل وبعلات Baalat وأدونيس [ر] Adonis، وفي صيدا كان بعل وعشتار وإشمون Eshmun، وأما في صُوْر؛ فيظهر اسم ملقارات Melqart وعشتار، وظهر اسم بعل شمين Baalshamin وشادرافا Shadrapha ضمن البانثيون الفينيقي، وفيما بعد تم إجراء الموازاة مع الآلهة الكلاسيكية، فتوحد الإله الأب مع زيوس Zeus أو كرونوس Cronos، والإلهة الأم مع أفروديت [ر] Aphrodite، والإله الابن مع هرقل [ر] Hercules أو أسكلوبيوس Asclepius أو ديونيسوس Dionysus.

وفي الحضارة الإغريقية وعلى الرغم من العدد الكبير من الآلهة المعبودة من قبل الإغريق والتي تناولت جميع جوانب الحياة؛ فإنّ البانثيون الإغريقي كان منظماً أكثر من بقية الحضارات، واعتمد على وجود الآلهة الاثني عشر العظام الذين يرأسهم الإله زيوس كبير الآلهة إلى جانبه زوجته هيرا [ر] Hera، وتظهر معه عدة أسماء مثل هرمس [ر] Hermes وأبولون [ر] Apollo وأثينا [ر] Athena وأرتميس [ر] Artemis وأفروديت وأريس [ر] Ares وبوسيدون [ر] Poseidon وديميتر Demeter وهادس [ر] Hades الذين عدّوا من الآلهة الكبرى، تليهم الآلهة الأصغر وأنصاف الآلهة والأبطال مثل هرقل وحوريات الينابيع والغابات.

بانثيون روما

ويُعدّ بانثيون الآلهة الرومانية متعدداً ومعقداً بسبب تنوع الأصول الخاصة بالرومان التي تعود إلى عشائر وقبائل متعددة اتخذت من هذه الآلهة حماة لها. وميَّز الرومان نوعين من الآلهة: الآلهة المحلية والآلهة الدخيلة، وكان جوبيتر [ر] Jupiter يترأس الآلهة الرومانية وإلى جانبه جونو Juno وميركوري [ر] Mercury ومينرفا Minerva ومارس [ر] Mars وديانا [ر] Diana وأبولون؛ مما جعل بانثيون آلهة الرومان كبيراً يترأسه أيضاً ١٢ من الآلهة العظام على مبدأ آلهة اليونان.

وكان بانثيون بلاد فارس معتمداً على الثنائيات أو الثلاثيات كترؤس أهورا –مازدا Ahura-Mazda للبانثيون إلى جوار إله الظلام أهريمان Ahreman، ويظهر معه اسم الإله مثرا [ر] Mithra كإله للنور ترافقه الإلهة أناهيت Anahit؛ مما يؤكد وجود الثلاثيات والثنائيات وعصبة الآلهة في كل الحضارت كما هو الحال في سورية.

وتُعدّ دراسة بانثيون سورية- ولاسيما خلال الفترة الهيلينستية والرومانية- أمراً معقداً؛ لأن سورية بموقعها المتوسط بين الحضارات القديمة وبسبب خضوعها عسكرياً وثقافياً لبعض هذه الحضارت ضمت عدداً كبيراً من الآلهة المعبودة؛ مما رفع عدد الآلهة المعبودة في المدينة الواحدة إلى ٦٠ إلهاً كما في تدمر، وكان يتم تعرف بانثيون كل مدينة سورية من خلال المنحوتات واللوحات الجدارية التي كانت تصور الآلهة، وكانت أسماء الآلهة في كل سورية متعارفاً عليها، لكن أهميتها تختلف من مدينة إلى أخرى؛ بحيث كان بانثيون كل مدينة خاصّ بها ومنظّم دون بقية المدن.

وكان لكل مدينة أو قرية رئيس للبانثيون خاصّ بها، وتعددت أسماؤهم بحسب التأثيرات الموجودة في المدينة، واعتُمد على عملية المطابقة والموازاة بين الآلهة؛ ليتمكن السكان من فهم هذه العبادة، ففي تدمر كان رئيس البانثيون هو الإله بل Bel الموازي في صفاته لـ زيوس، وتم جمع اسم زيوس وبل (زيوس بيلوس) كرئيس لبانثيون أفاميا، في حين تفرد زيوس في رئاسة بانثيون دمشق وأنطاكية وبعض المناطق في الساحل كما في حصن سليمان (بيتوكيكة) وأرواد، وكذلك في شماليّ سورية كما في معابد الشيخ بركات، وربط اسم زيوس في دورا أوروبوس وحوران مع الإله بعلشمين.

وعُدَّ بعلشمين من الآلهة الكبرى، وارتبط اسمه مع رئيس بانثيون الأنباط الإله «ذو الشرى» Dushara أو دوساريس Dusaris. وكان أن حلَّ اسم جوبيتر في الفترة الرومانية محل زيوس في بعض المناطق مثل دمشق، أما الإله هدد Hadad؛ فقد ترأس بانثيون مدينة هيرابوليس (منبج).

وكان بانثيون تدمر هو الأكبر، وضمَّ إله الشمس يرحبول Yarhibol وإله القمر عجليبول Aglibol اللذين ألّفا مع الإله بل ثالوثاً مقدساً، وكان لـ بل مجموعة من الآلهة عبدت معه في معبده في تدمر الذي سُمي منزل الآلهة، ومنهم الإلهة عشتار Ashtar والإله نبو [ر] Nabo والإله شادرافا وأرصو Arsu وهيرتا Herta وناناي Nanai ورشف Rashaf واللات [ر] Allat وشمش Shamash ونيرجال Nergal الموازي لـ هرقل. وبدأت الأسماء الكلاسيكية تستخدم في فترات لاحقة في نوع من المطابقة بين الآلهة كما في الإشارة إلى أسماء الآلهة المنحوتة في قبة محراب معبد بل وصورها ورموز الآلهة حيث يتوسط المنحوتة الإله بل الموازي لجوبيتر وحوله إله الشمس وإله القمر ومارس Mars وأفروديت وساتورن Saturn وميركوري، كما عُبدت الإلهة مناة Manawat إلى جوار بعل – حامون Baal-Hammon في معبد جبل المنطار في تدمر.

وعُبِد بعل شمين في بانثيون تدمر كإله للسماء، وكان له ثالوث مقدس مكون من عجليبول وإله الشمس ملكبل Malakbel وعصبة مكونة من اللات وشمش ودو رحلون Durhaloun، أما عصبة الإلهة أثينا - اللات في تدمر فكانت مكونة من شادرافا ودوعنات Duanat ورحيم Rahim وشمش، وذُكر في تدمر أدونيس وبوسيدون وأترغاتيس Atargatis والإله غير المسمى The Anonymous God، وصورت تيخي Tyche وديونيسوس في الفن التدمري، كما شكلت الآلهة الحامية للقوافل جزءاً من بانثيون تدمر والأرياف المحيطة بها، وعبدوا على شكل ثنائيات، ومنهم أرصو Arsu وأبجل Abgal وسلمان Salman وعشار Ashar ومعن Maan وسعد Saad وجاد Jad.

وتشابه بانثيون مدينة دورا أوروبوس مع بانثيون تدمر من خلال عبادة الآلهة الحامية للقوافل والآلهة التدمرية في دورا أوروبوس؛ لكن رئيس البانثيون كان الإله زيوس، وكانت الإلهة أرتميس وأترغاتيس وأزناثكونا Azzanathkonah أهم آلهة في المدينة مع الإله الفارسي ميثرا وهدد وأفلاد (عفلد) Aphlad الذي ربما عُبد في تدمر تحت اسم دوعنات، وكانت عبادة أفروديت وهرقل وأدونيس معروفة في بانثيون دورا أوروبوس.

أما بانثيون دمشق؛ فكان مكوناً في البداية من الإله هدد الذي تحول اسمه إلى زيوس أولاً ثم جوبيتر، وكانت إلى جواره أترغاتيس، وعُبد معهما أدونيس ضمن ثالوث مقدس، كما ورد اسم أثينا وتيخي في دمشق.

وتكون بانثيون هيرابوليس من ثالوث هدد وأترغاتيس وأبولو مع الإله الرمز سيميون Semeion وديونيسوس.

وكان بانثيون أنطاكية مكوناً من زيوس الأولمبي وتيخي وديونيسوس وأفروديت، كذلك عُبد هرقل وإيزيس Isis وحوروس [ر] Horus ونمسيس [ر] Nemesis، كما كان هناك معبد لحوريات الماء في المدينة؛ مما يؤكد مبدأ عبادة مصادر المياه في سورية، وهناك عبادة أبولو وأرتميس، وربما عُبد إله الطب أسكلوبيوس بسبب العثور على تمثال له في أنطاكية.

وكان البانثيون في أفاميا مؤلفاً من زيوس وتيخي وأثينا وبوسيدون وهيليوس Helio وديميتر وهرقل وهيجيا Hygeia، وعثر على معبد لميثرا في حوراتة بالقرب من أفاميا.

ومن غير الممكن تحديد بانثيون اللاذقية على نحو دقيق؛ لكن ورد اسم إيزيس وسيرابيس Serapis إضافة إلى أدونيس وأترغاتيس وبوسيدون وأبيس، وعُثر على تمثال لـ هيجيا وأرتميس ومنحوتة لميثرا.

أما في حمص؛ فكان إله الشمس الحمصي يتصدر بقية الآلهة، وعُثر في المنطقة على تمثال لـ كيوبيد Cupid وهرمس Hermes؛ مما يشير إلى عبادتهما. وفي أبيلا [ر] Abila (سوق وادي بردى) كان زيوس يتصدر البانثيون ومعه أبيس Apis الذي عُدَّ من الآلهة السلفية فيها، على الرغم من أصله المصري، وعُبد ميركوري في أبيلا مع جوبيتر وفينوس بتأثير من بانثيون بعلبك.

وكان البانثيون في جنوبي سورية كبيراً كما في تدمر ومكوناً من زيوس الذي عُرف أيضاً تحت اسم زيوس داماسينوس وزيوس آمون، وبعلشمين الذي صور مع أفروديت وأريس وأثينا، وعبدت الآلهة النبطية مثل الإله دوساريس [ر] وقوس Qos وتياندريوس Theandrios الذي ارتبط اسمه بالإله العربي مناف Manaf، وكانت اللات والعزى ومناة من الآلهة العربية المعبودة في حوران. وعُثر على منحوتات لـ ديونيسوس وكرونوس وهدد وأترغاتيس وجوبيتر وهيليوس وأبولو وأسكلوبيوس وهرقل وبان ونمسيس وتيخي وحوروس وسيرابيس وإيزيس وميثرا في جنوبي سورية، كما عُبِدت بعض الآلهة المحلية مثل إله الشمس أموس Amos، وشايع القوم Shai’ al qaum وقد ارتبط اسمه بالملك الأسطوري ليكورغ Lycurgue؛ إضافة إلى الإله المحلي رابوس Rapos.

مراجع للاستزادة:

- والاس بدج، الديانة الفرعونية، ترجمة نهاد خياطة (دمشق ١٩٨٦م).

- لوقيانوس السميساطي، «في الآلهة السورية»، ترجمة عدنان بن ذُريل، الحوليات الأثرية العربية السورية، وزارة الثقافة، المديرية العامة للآثار والمتاحف، المجلد ١٤، دمشق، ١٩٦٤م، ص.ص ١٣٩-١٦٤.

- سباتينو موسكاتي، الحضارة الفينيقية، ترجمة نهاد خياطة (دمشق ١٩٨٨م).


- K., DIJKSTRA Life and loyalty, in Religions in the graeco-Roman world, vol. 128, New York, Leiden, Köln, 1995.

- D., SOURDEL Les cultes du Hauran à l’époque romaine, (Paris, 1952).

- J., TEIXIDOR The pantheon of Palmyra, (Leiden, 1979).


التصنيف : آثار كلاسيكية
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 0
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 992
الكل : 58978270
اليوم : 131682