logo

logo

logo

logo

logo

الحديدي (العصر-)

حديدي (عصر)

Iron Age -

 ¢ الحديدي

الحديدي (العصر -)

 

العصر الحديدي Iron Age فترة تاريخية تلي العصر البرونزي بدأت نحو١٢٠٠ ق.م، واقترنت بتراجع الاعتماد على معدن النحاس أمام توسع استخدام الحديد ودخوله في صناعة مختلف أنواع الأدوات والأسلحة على الرغم من أنه كان قد عرف مادة خاماً بشكله الطبيعي منذ مطلع الألف الثاني ق. م حيث كان يعد أكثر نفاسة من الذهب. ولكن تصنيعه على نطاق واسع لم يحصل إلا عندما أمكن إنتاجه وصنع الخلطات المناسبة لاستخداماته المختلفة خلال هذه المرحلة الزمنية التي استند إليها عالم الآثار الدنماركي كريستيان تومسن Christian Thomsen في تقسيمه العصور إلى مراحل متعاقبة طبقاً للأدوات التي صنعها الإنسان وسادت في كل مرحلة، بدءاً من الحجري ثم البرونزي ثم الحديدي. وهذا التصنيف يخص فقط أوربا ومنطقة شرق المتوسط ومصر، مع بعض الاستثناءات التي يطبقها الآثاريون على مناطق أخرى من العالم. لهذا هناك فرق نسبي في الفترة الزمنية التي يشير إليها هذا العصر أو ذاك بين منطقة حضارية وأخرى من العالم، إذ يبدأ العصر الحديدي في منطقة شرق المتوسط- بما فيها بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر وإيران والأناضول- نحو ١٢٠٠ويمتد حتى ٣٣٣ق.م، ويبدأ في أوربا بالقرن الثامن ق.م ويمتد حتى القرن الأول بعد الميلاد، ويبدأ في الهند مع دخول الإسكندرالمقدوني[ر] إليها.

عين دارة - المعبد (العصر الحديدي)

ويقسم  العصر الحديدي ثلاثة أقسام: الحديدي الأول من ١٢٠٠- ٩٠٠، والحديدي الثاني ٩٠٠- ٧٠٠، والحديدي الثالث ٧٠٠- ٥٥٠ق.م ويُلحق به العصر الفارسي الأخميني[ر] ويمتد حتى ٣٣٣ق.م. وقد شهدت منطقة بلاد الشام خلال هذه الفترة الكثير من التغييرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كان من أهمها قدوم ما يسمى موجات شعوب البحر في بداية القرن الثاني عشر ق.م وانحسار نفوذ القوتين الكبيرتين الآشورية والمصرية في المنطقة بين ١٢٠٠ و٩٠٠ق.م، وظهور الآراميين وتأسيس ممالكهم ومنها: آرام دمشق[ر] وآرام حماه[ر] وآرام نهريم[ر] وصوبا وبيت زمان[ر] وبيت عدين[ر] وبيت خلوبي[ر]، وبيت أجوش[ر] وبيت بخيان[ر] وشمأل[ر]. وخلال هذه الفترة أبحر التجار الفينيقيون من مدنهم في صيدا[ر] وصور[ر] وجبيل[ر] وأرواد[ر] وغيرها، ليصلوا إلى سواحل المتوسط والأطلسي ويؤسسوا محطاتهم التي تحولت فيما بعد إلى مراكز مدنية شهيرة في شمالي إفريقيا (أهمها أوتيكا وقرطاجة) وإسبانيا (قادس) وفرنسا وإيطاليا وصقلية علاوة على جزر بحر إيجه.

نينوى - بوابة نيرغال

وفي هذه المرحلة نشأت المملكة الآشورية الحديثة وبسطت سيطرتها على المنطقة من جديد خاصة في عهد الملك تجلات- بلاصر الثالث[ر] ٧٤٥-٧٢٧ق.م، ثم شاروكين الثاني[ر] ٧٢٢- ٧٠٥ق.م الذي قام بإلحاق كل مدن شرق المتوسط ومناطقه بالإدارة الآشورية مباشرة نحو٧٢٠ق.م. لكن تمرد هذه المدن أدى إلى إضعاف السلطة الآشورية وسقوطها عام ٦١٢ق.م على يد نبو بلاصر[ر] مؤسس المملكة البابلية الحديثة (الكلدانية) التي ورثت السيطرة على هذه المناطق، لتسقط هي بدورها على أيدى الأخمينيين[ر] بقيادة ملكهم قورش عام ٥٣٩ق.م ولتستمر سيطرة هؤلاء على المنطقة حتى هزيمتهم على يد الإسكندر المقدوني عام ٣٣١ق.م.

أسد عين دارة

وعلى الرغم من أن الدلائل الأثرية تشير إلى بقاء مظاهر ثقافة عصر البرونز الحديث، خلال المرحلة الأولى من عصر الحديد، لكن ظهرت التغييرات الجديدة وتركت طابعها لتظهر في ملامح هذه المرحلة.

وقد تحققت خلال هذا العصر الكثير من الإنجازات الحضارية في منطقة بلاد الشام، من أهمها التطور في ميدان الكتابة والتجارة التي كانت حكراً على الطبقة المتنفذة في المراكز السياسية خلال عصر البرونز المتأخر، فطوّر الفينيقيون[ر] ومن بعدهم الآراميون[ر] الأبجدية الأوغاريتية المسمارية ذات الثلاثين حرفاً واستخدموا عوضاً منها- أول مرة في التاريخ- الأحرف اللينة وعددها اثنان وعشرون، ثم انتقلت بعدها إلى اللغة اليونانية ثم اللاتينية.

أدوات حديدية من موقع حميرا في ريف دمشق (القرن ٩ ق.م)

وفي الجانب الاقتصادي أدى توقف تزويد المنطقة بمادة القصدير المهمة لصناعة البرونز إلى البحث عن بدائل جديدة، ونظراً لتوفر خام الحديد ورخصه وقرب مصادره وظهور مهنة الحدادة بعد تعرف الناس تقنية تفحيم الخام وصهره وتصليبه وتصنيعه بعد شيه وطرقه لتخليصه من الشوائب- وهذا ما تم أول مرة في المناطق الجبلية الواقعة شمال غربي سورية- فقد ازداد الطلب عليه ازدياداً واسعاً، وأصبح تصنيعه متاحاً لفئات المجتمع كافة، و بالتالي تراجع الاعتماد على البرونز، فيما تركت معرفة تعدين الحديد وتصنيعه أثراً بالغاً في المجتمعات البشرية ومصيرها لدخوله في صناعة الكثير من الأدوات الزراعية كالمحاريث والمناجل والمسامير والسكاكين ومختلف أنواع الأسلحة، حتى قيل إن الفضل للحديد في الانتصارات المتلاحقة التي حققتها الجيوش الآشورية. أما التجارة التي كانت بيد النخب الاجتماعية المتنفذة فقد أصبحت خلال هذا العصر أكثر يسراً وبمتناول الجميع، وساهم في ذلك دخول الجمل[ر] وسيلة أساسية للنقل بدل الحمار[ر]، الأمر الذي فتح آفاقاً جديدة أمام التجار وقرّب المسافات بين الأمم والشعوب القصية وزاد من حجم التبادلات التجارية وتدفق السلع وتنوعها وتعدد مصادرها. أما في البحر فقد مخرت البواخر الفينيقية عباب المتوسط والأطلسي ووصلت إلى أماكن لم يتجرأ بحارتها في الوصول إليها من قبل فاتحي الطريق لإيصال ثقافتهم وحضارتهم الأصيلة حيث وطأت أقدامهم.

أدوات حديدية من العصر الحديدي في لبنان بينها فؤوس وزاوية بناء

من أهم المواقع الأثرية العائدة إلى العصر الحديدي في المنطقة صيدا وصور وجبيل وأرواد وتلال سوكاس وتويني وابن هانئ والمينا وعرقا والكزل وتل أفس الذي ربما كان الأكثر تعبيراً عن الاستمرار الحضاري المادي والثقافي بين العصر البرونزي المتأخر والعصر الحديدي. وهناك تل رفعت وعين دارا وجنديرس وطعينات وزنجرلي/ شمأل وتل قلعة حلب والمسطومة وقرقور وحماة ودمشق وتل أحمر/ بارسب وأرسلان طاش وجرابلس/ كركميش وتل الجرن الكبير وأبو ضنة وخميس وشيوخ الفوقاني والشيخ حمد/ دور كاتليمو وحلف وفخيرية وتل حميدية وخنيدج وسلطان تبه وعشترة والقاضي/دان والمتسلم/ مجدو والقدح/ حاصور ودير علا علاوة على الحواضر الآشورية العظمى، وهي كلخ (نمرود الحالية) ونينوى (تل قوينجق)، ودور شاروكين (خورس أباد).

وإلى هذا العصر تعود الكثير من النقوش الآرامية والفينيقية والهيروغليفية الحثية التي عثر عليها مع الكثير من المنحوتات والأعمال الفنية المميزة والمنشآت المعمارية، ومن أهمها القصر المعبد من نموذج بيت خيلاني، وهي مع كثير من المنجزات الأخرى تجسد حالة التلاقح الثقافي الكبير والتمازج السكاني (الديمغرافي) الذي طالما ميّز الحضارة السورية.

محمود حمود

مراجع للاستزادة:

- P. Akkermans & G. Schwartz, The Archaeology of Syria; From Complex Hunter – Gatherers to Early Urban Societies (16000- 300B.C) (Cambridge, 2003).

- S. Mazzoni, Syria and the Periodization of the Iron Age, ANES, Supplement 7, (Paris 2000), pp. 41-58.

 


التصنيف : العصور التاريخية
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد :
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 992
الكل : 58978274
اليوم : 131686