أودن (ويستان هيو)
أودن
(ويستان هيو ـ)
(1907 ـ 1973)
ويستان هيو أودن Wystan
Hugh Auden شاعر ومسرحي وناقد
إنكليزي ثم أمريكي، ولد في يورك بإنكلترة لأسرة كاثوليكية، ذات ميول علمية، وتوفي
في فيينة. كان أبوه طبيباً وأمه مُمرضة، وقد أثر ذلك في ميول أودن الدراسية وأثار
رغبته في دراسة العلوم الطبيعية.
تلقى أودن تعليمه في المدارس الخاصة كغيره من
أبناء طبقته الميسورين، ففي الثامنة من عمره أرسل إلى مدرسة سانت أدموند
الابتدائية في سَري Surrey، وفي الثالثة عشرة أرسل إلى مدرسة غريشام في هولت بنورفوك. تخصّص أودن
في دراسة علوم الأحياء. وظهرت موهبته الشعرية ونُشرت أولى قصائده في مجلة شعر
مدرسية. ولدى التحاقه بجامعة أكسفورد عام 1925 صار معروفاً بصفته شاعراً وحكيماً
ذا تأثير قوي في مجموعة من أعلام الفكر والأدب في تلك المرحلة، منهم ستيفَنْ سبِنْدَرْ[ر]
وسيسل د.لويس[ر] ولويس مَكْنيسْ[ر]. وألف هؤلاء جماعة، أطلقت عليها الصحافة اسم «جماعة
أودن»، نذرت
نفسها للسياسة الثورية. وفور تخرج أودن في أكسفورد أمضى عاماً في برلين بألمانية
التي تأثر بلغتها وحياة شعبها وأدبها الشعبي والرسمي. كما التقى فيها الكاتب
المسرحي الكبير برتولد بريخت[ر]. ثم عاد إلى بريطانية ليمضي أعوامه الخمسة التالية
مدرساً في ثانوياتها.
يقسمُ أودن حياته الأدبية إلى أربع مراحل.
الأولى تمتد من عام 1927 حتى عام 1932، وقد نشر فيها دواوينه
«الخطباء» (1932) The Orators و«مدفوع من الطرفين» Paid on Both Sides و«قصائد» (1930) Poems. والأخيران
هما سبب شهرته وذيوع صيته، وفيهما تظهر بجلاء موضوعاته الشعرية المتنوعة المُستقاة
من قصص البطولة الآيسلندية؛ والشعر الإنكليزي القديم وقصص المدارس. كما يظهر فيهما
تأثره بكل من كارل ماركس[ر] وسِيغْمُوند فرويد[ر]. والقصائد متفاوتة في جودتها
ويغلب عليها الغموض، وتتوزعها وجهات نظر شخصية وخيالية وتتداخل فيها عناصر من
الأسطورة واللاوعي؛ وعناصر موضوعية تسعى للوصول إلى تشخيص لأمراض المجتمع وعيوب
الأفراد النفسية والأخلاقية. ومع أن المضمونين الاجتماعي والسياسي يستقطبان جلَ
اهتمامه في هذه الأشعار، فإن السمة النفسية أساسية. فأودن يؤمن بأن للشعر دوراً
شبيهاً بذلك الذي يقوم به التحليل النفسي.
أما المرحلة الثانية فهي تلك التي كان فيها أودن
يسارياً، فمع استمراره في تحليل شرور المجتمع الرأسمالي كان يحذر من قيام الحكم
الفردي. ففي مجموعته «على هذه الجزيرة» (1937) On This Island صار شعره أكثر انفتاحاً في تركيبه، وأكثر نفاذاً
إلى الجمهور. وفي هذه المرحلة كتب أودن مسرحية «رقصة الموت» (1933) The
Dance of Death وهي مسرحية
موسيقية، تلتها ثلاث مسرحيات كتبها بالتعاون مع كريستوفَرْ إيشروود[ر] هي: «الكلب
تحت الجلد» (1935) The Dog Beneath The Skin و«ارتقاء إف 6» (1936) The Ascent of F6 و«على الحدود» (1938) On The Frontier. وفي هذه
المرحلة كتب كثيراً من المقالات والقصص الإخبارية، وزار آيسلندة والصين وإسبانية،
ونشر بعد هذه الزيارات «رسائل من آيسلندة (1937) Letters From Iceland
و«رحلة إلى الحرب» (1939) Journey to a War.
أما المرحلة الثالثة من حياته (1939-1946) فتبدأ
مع قراره الإقامة في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1939، حين صار مواطناً
أمريكياً، ومرَّ بتغيرات حاسمة من المنظورين الديني والفكري. وكتابه «مرة أخرى»
(1940)
Another Time
يحتوي
على أفضل شعره الغنائي. أما مجموعته «الرجل المزدوج» (1941) The
Double Man فتمثل موقفه
على حافة التزام المسيحية. ويحدد أودن مواقفه ومعتقداته الأساسية بعد عام 1940
بثلاث قصائد طويلة: أولاها دينية هي قصيدته «للوقت الراهن» (1944) For
The Time Being، والثانية
جمالية، في المجلد ذاته، بعنوان «البحر والمرآة» Sea And The
Mirror، والثالثة اجتماعية نفسية
هي «عصر القلق» (1947) The Age of Anxiety، وهي التي
أكسبته جائزة بوليتزر Pulitzer عام 1948.
أما المرحلة الرابعة من حياة أودن فتبدأ عام
1948، عندما درج على مغادرة نيويورك كل عام لقضاء سبعة أشهر في أوربة. ومنذ عام
1948 حتى عام 1957 كانت إقامته الصيفية في جزيرة إسكيا الإيطالية؛ وفي السنة
الأخيرة اشترى لنفسه منزلاً ريفياً في النمسة حيث كان يقضي فصل الصيف. وقصائده
المتسلسلة والطويلة المبنية على مراعاة الشكل الخارجي هي: «درع أخيل» (1955) The Shield of Achilles و«عهد ولاء لكليو» (1960) Homage To Clio و«في المنزل» (1965)
About The House و«مدينة
بلا جدران» (1969)
City Without Walls وبالاشتراك
مع صديقه الحميم الشاعر الأمريكي تشِسْتَرْ كالمان Chester Kallman نشط أودن في مجال الأوبرا، ومن أشهر أعمالهما في هذا الميدان: «تقدم
الخليع» (1951) The Rakes Progress و«مرثية
للعشاق الشباب» (1961) Elegy For Young Lovers و«البَسَاريدز» (1966) The Bassarids.
في عام 1962 نشر أودن كتاباً في النقد بعنوان «يد
الدباغ» The Dyer's Hand، وفي عام 1970 نشر كتاباً بعنوان «عالَم معين» A Certain World؛
وفي هذا الكتاب يتجلى نضجه الفكري فقد جمع فيه مقتطفاته المفضلة. وتطغى على الكتاب
روح القلق والاضطراب، فهناك عدة مداخل تتعلق بالجحيم من دون أي مدخل عن الفردوس،
سوى ما يتعلق بفردوس العالم الدنيوي، وهناك صفحات كثيرة عن الحرب، ولاشيء عن
السلم، وأخرى عن الخطيئة ولاشيء عن الفضيلة. والشيطان هو صاحب اليد الطولى، أما
صورة الإله عند أودن فهي مستمدة من التوراة. والعالم الأخلاقي عنده هو عالم
المناجم وعالم الأرض الطبيعية المهترئة وعالم البراكين؛ وهذه الصور تظهر بكل قوتها
وبدائيتها وانعدام إنسانيتها.
أمضى أودن وقتاً طويلاً في الترجمة ونقل إقامته
إلى أكسفورد في عام 1972حيث كان عضو شرف في الجامعة، ومن الألقاب والجوائز التي
حصل عليها جائزة بولِنغن Bollingen عام1953، وجائزة الكتاب الوطني عام1956 وكرسي أستاذية الشعر
بجامعة أكسفورد بين عامي 1956-1961. وعلى كثرة
نقاده فإن معظمهم كانوا ينوهون بمكانته في الوسط الأدبي. ويعده الكثيرون أحد
عمالقة الشعر الغربي في القرن العشرين؛ إذ تربع على عرشه بجدارة بعد وليم بتلر ييتس[ر]
وت.س.إليوت[ر].
هيثم محفوض
مراجع
للاستزادة:
- J.FULLER, A Reader's Guide to W.Hauden (London 1970).
- S.SPENDER,(ed.) W.H.auden: A Tribute (London 1975).
المزيد »