ألبرتو جاكومتي Alberto Giacometti نحَّات ورسَّام ومصوِّر وحفَّار سويسري. هو ابن المصوِّر الانطباعي جيوفانّي جاكومتي (1868-1933)، وابن عمّ الدادائي أوغوستو جاكومتي (1877-1947).

"/>
جاكومتي (البرت)
Giacometti (Alberto-) - Giacometti (Alberto-)

جاكومتّي )ألبرتو ـ(

جاكومتّي (ألبرتو ـ)

(1901 ـ 1966م)

 

ألبرتو جاكومتي Alberto Giacometti نحَّات ورسَّام ومصوِّر وحفَّار سويسري. هو ابن المصوِّر الانطباعي جيوفانّي جاكومتي (1868-1933)، وابن عمّ الدادائي أوغوستو جاكومتي (1877-1947). أنهى ألبرتو دراسته في جنيف في عام 1919، وأقام بعدها فترة في إيطالية، ثم استقر في باريس في عام 1922 حيث تتلمذ فيها على النحات الفرنسي أنطوان بوردل (1861-1929)A.Bourdelle  في الفترة الواقعة بين عامي 1922و1925.

نحت جاكومتي في عام 1926 عمله «الزوجان» Le couple، وفي عام 1928 نحت «امرأة ـ مِلْعَقَة» Femme-cuillère. انضم جاكومتي إلى الحركة السريالية في عام 1930 لكنه سرعان ما قطع صلته بها وتابع بحثه الفني منفرداً متوحداً، وصبّ اهتمامه كلّه في تعابير الوجه الإنساني والجسد. في عام 1930، وبعد لقائه بالأديبين الفرنسيين آراغون (1897-1982)Aragon، وبروتون (1896-1966)Breton، تأثَّر بالسريالية وانضم إلى الحركة ونحت في هذه الفترة: «الكرة المعلقة» La Boule suspendue، و«القصر في الساعة الرابعة»Le Palais à quatre heures.

ابتداءً من عام 1935 بدأ ينحت تماثيل تدرجت في صغرها، متطاولة الشكل مستدقة تكاد تكون مسطحة ولا يحيط بها شيء. في عام 1945 مارس الرسم والتصوير أحادي اللون تقريباً monochrome، وكان يرسم أشخاصاً معزولين لا يحيط بهم شيء. بعد ذلك راح جاكومتي يزيد من أحجام منحوتاته فنحت شخصيات ثابتة، أقدامها ضخمة وكأنها مزروعة في الأرض متجذرة فيها وأعضاء أجسادها مشدودة متطاولة. ثم نحت شخصيات حركية مثل: «الرجل الذي يمشي» L’Homme qui marche، و«الرجل المترنّح» L’Homme qui chavire، وجمع على قاعدةٍ واحدة شخصيات ورؤوساً بمقاييس مختلفة «الغابة» (1950)La Forêt.

تأَّثر جاكومتي بالحركة التكعيبية بعد اتصاله بالنحات والرسام الفرنسي هنري لورانس (1885-1954)H.Laurens، وبالنحات الليتواني جاك ليبشيتز (1891-1973)Lipchitz، لكن جاكومتي أدار ظهره للتكعيبية التي بدت لناظريه مؤسسةً عبثية تماماً، وسرعان ما انخرط في الحياة الجديدة vita nuova في عودته للواقع.

لجأ جاكومتي إلى تلوين الأعمال النحتية ذات التعابير السادية كما يظهر في منحوتته: «امرأة مذبوحة» Femme égorgée. عمل جاكومتي بين عامي 1935 و1940على أنموذج (موديل) وحيد، وراحت منحوتاته تصير أصغر فأصغر حتى أن بعضها لم يكن يتجاوز طوله السنتمتر الواحد. وأرادت الأقدار أن تكتمل فصول أسطورته الشخصية حين حُفظت منحوتاته كلّها من التلف والعطب في علب أعواد الثقاب خلال سنوات الحرب.

في عام 1945 مارس جاكومتي الرسم الأمر الذي جعله يرسم وجوهاً بحجمها الطبيعي لكن وجوهه هذه استطالت واستدقَّت إلى أن صارت على النحو الذي عُرفت به أعماله واشتهرت كلها. وكانت تتكرَّر في أعماله موضوعات تناولها في مجموعات ثلاث هي: مجموعة المنحوتة النصفية، ومجموعة الوجه الواقف الجامد الوجهي، والوجه في وضعية المشي. ثم بدأت تظهر له ابتداءً من عام 1948، مجموعات تناولت موضوع الحركة مثل: «ثلاثة رجال يمشون»، و«الساحة». كما ظهرت له مجموعات أخرى تناولت موضوع الثبات لكن دون أن يعبأ بعلاقات نسب أحجامها مثل: «القفص»، و«البقعة الخالية من الأشجار في الغابة» La Clairière، و«الغابة»، و«رجل يعبر ساحة».

وعَى جاكومتي صعوبة تمثيل الكائن الإنساني الذي يُغيِّر على الدوام من سلوكه وتصرفاته وملامح وجهه وطريقة تفكيره، وتُعطي تماثيله الانطباع بأنها حاضرة غائبة. وتصوير الموت في أعماله ضرورة ظهرت مبكرة جداً، وما كان لها أن تُرضي التكعيبية التي اتجهت نحو نوع من الخلود التصوري للشكل، ولا التخيُّل السريالي الذي اتجه نحو ديناميكية تكرارية الرغبة.

تُمجِّد أعمال جاكومتي كلّها سرّ طريقة رؤية الأشياء في الواقع. من هنا استطالت الوجوه في لوحاته، واستدقَّت وصارت معالمها غير محدودة وغير واضحة. وظهر عنده هذا الشَّطط البصري، حيث يصير الوجه الصغير المنحوت نصباً ضخماً، وحيث الوجه الذي يمشي يكتسب سكونية الوجه الثابت، في نوع من التناقض بين الحركة والثبات، وبين الفرد والمتعدد.

في نصٍّ شهير كتبه جاكومتي في عام 1946، شرح كيف أن الموت يفرض نفسه في واقعه اليومي الفاتن. ومنذ تلك اللحظة شرح كيف بدأ هو برؤية مظاهر الحياة تحت أوجه الموت، فرأى الحركة تحت مظهر الثبات، وتنوع الواقع المعيش تحت مظهر الثباتية النهائية، والتعدُّدية تحت مظهر الفردية. وكان كل مخلوقٍ يبدو لناظريه كائناً حياً ميتاً بآنٍ معاً.

آخر أعمال جاكومتي التي أبدعها بين عامي (1960- 1966) مجموعة من التماثيل النصفية لزوجته آنيت Annette، ومجموعة تماثيل نصفية للمخرج السينمائي إيلي لوتارElie Lotar. وهي أعمال مُقلقة مؤثِّرة من مجموعات الفن المعاصر، مهلوسة في وجودها، لا يمكن الإمساك بها، كمن يقبض الريح في دلالاتها الميتافيزيقية.

منذ عام 1950اهتمَّ فلاسفة، أمثال سارتر Sartre وبونتي Ponty، وكتّاب أمثال جُنيه Genet وباتايّ Bataille، وشعراء أمثال بونج Ponge وشار Char، بأعمال جاكومتي واهتموا بفرادتها واعترفوا أنها تُجَسِّد، نحتاً وتصويراً ورسماً وحفراً، خُلاصات فكرهم ومنهجهم ورؤيتهم للواقع الإنساني.

حصل جاكومتي في عام 1962 على الجائزة الأولى في بيينالي البندقية قبل أربعة أعوام من وفاته. وفي عام 1969، أي بعد ثلاثة أعوام على وفاته، أقيم له معرض في متحف «الأورانجوري» Orangerie في باريس ضمَّ قرابة 300 عملٍ من أعماله في النحت والتصوير والحفر ظلَّت حتى ذلك الحين مجهولة تقريباً.

نبيل اللو

 

 

 


- التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 415 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة