غرينلاند
Greenland - Groenland

غرينلاند

 

غرينلاند Greenland أكبر جزيرة في العالم، إذا استثنيت أستراليا التي تمثل قارة، إذ تبلغ مساحتها نحو 2150398كم2، منها نحو 345600كم2 أراض خالية من الجليد، بل تتحرر منه صيفاً، والباقي أراض مغطاة به دائماً بسماكات كبيرة. ويتبع غرينلاند مئات من الجزر الصغيرة القريبة من سواحلها، ومن أكبرها جزيرة ديسكو Disko التي يمر بها خط عرض 70 ْ شمالاً.

تقع غرينلاند في الجزء الشمالي من المحيط الأطلسي، مبتعدة عن الدنمارك غرباً بنحو 2090كم، ولكنها تقترب من بعض الجزر الكندية بنحو 16كم، ولذا فإنها تعد طبيعياً جزءاً من القارة الأمريكية الشمالية، وسياسياً وإدارياً جزءاً من القارة الأوربية، يفصل غرينلند عن جزيرة بافِن Baffin الكندية والجزر الأخرى في شمالها (ديفون Devon وايلسمر Ellesmere) خليج بافِن الذي يضيق كثيراً في أقصى الشمال، بين جزيرة ايلسمر والشمال الغربي الغرينلندي إلى 16كم، كما يفصل رأسها الجنوبي عن شبه جزيرة لابرادور Labrador الكندية بحر لابرادور، ويفصل غرينلاند عن جزيرة آيسلندا الواقعة جنوبها الشرقي مضيق الدنمارك الذي يبعدهما بعضهما عن بعض بنحو 300كم، كما أنها تبتعد عن جزر سفالبارد Svalbard (سبتزبرغن) النرويجية الواقعة إلى الشمال الشرقي منها نحو 350كم، عبر بحر غرينلند، وتبتعد الأطراف الشمالية لغرينلاند عن القطب الشمالي مسافة 710كم فقط.

تمتد غرينلاند بين خطي عرض 60 و83 ْ شمال خط الاستواء، حيث المحيط الأطلسي جنوباً والمحيط المتجمد الشمالي شمالاً، كما تمتد بين خطي طول 12 و72 ْ غرب غرينتش، وما هذا الامتداد على عدد كبير من خطوط الطول، إلا انعكاساً لطبيعة خطوط الطول التي تتقارب بعضها من بعض بالاقتراب من القطب الشمالي، ويبلغ طولها الأعظمي من الشمال إلى الجنوب، من رأس موريس في أقصى الشمال إلى رأس فارول Faruel في أقصى الجنوب نحو 2640كم، كما يبلغ أقصى اتساع لها من الغرب إلى الشرق عند خط عرض 70 ْ شمالاً نحو 1280كم، وتتبع غرينلاند إلى الدنمارك، وهي أكبر من الدنمارك بنحو 50 مرة من حيث المساحة، غير أن الدنمارك تفوق غرينلاند في عدد السكان بنحو 95 مرة.

الجغرافية الطبيعية

وادي جليدي في شبه جزيرة نوسواك

تتكون غرينلاند عامة من هضبة داخلية منخفضة نسبياً، يبلغ وسطي ارتفاعها نحو 1400م، غير أنها مجللة بطبقة سميكة من الجليد تراوح سماكتها بين 1.6ـ3.2كم، وهذا ما يجعل حوافها المرتفعة، خاصة في جانبها الغربي، غير بارزة خارج الطبقة الثلجية.إن التهطال الثلجي الأوفر، والسماكة الأكبر للثلج التي تغطي تلك الحواف الأقل ارتفاعاً من الحواف الشرقية، تبرز من خارج الطبقة الثلجية إلى ارتفاعات تتجاوز 3000م، كما هي الحال في جبال غونبيورن Gunnbjorns التي ترتفع قمتها إلى ارتفاع 3700م، وهي أعلى نقطة في غرينلاند. وإلى الشمال قليلاً من الدائرة القطبية الشمالية ترتفع جبال فوريل Forrel إلى علو 3360م. وإضافة إلى مئات الجزر القريبة من الساحل الغرينلاندي، فقد جزأته مئات الفيوردات الممتدة في الداخل، التي تترك العديد فيما بينهما أشباه جزر صغيرة. وكثيراً ما ينساح الجليد عبر بعض الأنهار من القبعات الجليدية الجبلية منحدرة عبر الأودية باتجاه الساحل لتتحطم وتتلاشى هناك، وليتجاوز بعضها خط الساحل في مياه المحيط على هيئة كتل (جبال) من الجليد الطافي.

جبل جليدي

ونتيجة لوقوع معظم مساحة غرينلاند (نحو 75%) شمال الدائرة القطبية الشمالية، وارتفاع أراضيها، وتغطية مساحات كبيرة بالجليد الدائم، فإن المناخ السائد فيها قطبي، يسود أواسط غرينلاند ونصفها الشمالي، بما في ذلك السواحل، مناخ الصقيع الدائم بالضغط المرتفع القطبي الذي يسيطر عليه طوال السنة تقريباً، حيث تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي في شهور السنة كافة، حيث تصبح درجة الحرارة الصغرى المطلقة شتاء نحو -70 ْم في أقصى الشمال، و-65 ْم في الأجزاء الوسطى، بينما يسود مناخ شبه قطبي، يعرف بمناخ التندرا في الأجزاء الساحلية المنخفضة من جنوب شرقي وجنوب غربي غرينلاند من دون أن تجاوز خط الساحل لأكثر من عشرة كيلومترات، وفيه ترتفع درجة الحرارة صيفاً إلى ما فوق درجة التجمد +7.4 ْم في شهر تموز في مدينة انغماغساليك Angmagssalik، لتنخفض شتاء إلى ما دون التجمد بأكثر من 15 ْم.

والهطل قليل عامة في غرينلاند، فهو لايتجاوز 100مم في شمالي الجزيرة، ويراوح بين 100 و250مم في الغالبية العظمى من القبعة الجليدية وهوامشها الشمالية الغربية والشمالية الشرقية، ويراوح بين 250 و1000مم في الجنوب والجنوب الغربي والجنوب الشرقي. ويكون الهطل ثلجياً فوق القبعة الجليدية دائماً، لكنه ثلجي شتاء، ومطري صيفاً في مناطق التندرا الساحلية الجنوبية. ومعظم رياح الواجهة الغربية من الجزيرة شرقية وجنوبية شرقية، بينما الرياح الشمالية والشمالية الغربية هي الغالبة على الواجهة الشرقية.

جزيرة بافين

تسطع الشمس على المناطق التي تقع على الدائرة القطبية وشمالها كافة، صيفاً لمدة 24 ساعة عند الدائرة القطبية، وأكثر من ذلك شمال الدائرة القطبية (شهرين عند خط عرض 70 ْ، حيث بلدة سكورإسبايسند Scoresbysund على الساحل الشرقي، وبلدة كيوليسات Qullissat على الساحل الغربي، ونحو أربعة شهور متواصلة عند خط عرض 80 ْ)، في حين تعيش معظم المناطق شتاءً مظلماً بليل طويل يراوح بين 24 ساعة عند الدائرة القطبية، ونحو أربعة شهور في أقصى شمالها. ولايتجاوز طول النهار 4 ساعات في 21 كانون الأول، مقابل ليل طوله نحو 4 ساعات في 21 حزيران. وفي هذا الجزء من العالم يتحقق مفهوم شمس منتصف الليل في الصيف، وليل منتصف النهار في الشتاء.

ومن حيواناتها ثور المسك musk - ox في الأجزاء الشمالية، والرنة ـ الكاريبو في الأجزاء الغربية، والدب والثعلب القطبيان، إضافة إلى الكلاب التي تستخدم في جر الزحافات الجليدية، إلى جانب بعض الحيوانات البحرية، كعجول البحر والأسماك. ونباتاتها تقتصر على ما ينمو من نباتات التندرا في فصل الصيف القصير في الأجزاء الساحلية الدافئة نسبياً.

الجغرافية البشرية

سكان غرينلاند قليلون، إذ بلغ عددهم نحو 50000 نسمة حسب تقديرات عام 2004، وهذا مرده إلى البرودة الشديدة، والقبعة الجليدية المسيطرة على معظم مساحتها، والتي تحول دون وجود السكان. وهم يسكنون في الأجزاء الجنوبية الساحلية الأكثر دفئاً، التي تتحرر من الجليد في فصل الصيف، مما يسمح لهم بممارسة أنشطتهم الحياتية.

العاصمة نوك (غودثاب)

مدينة أبرنافيك

لاتتجاوز نسبة السكان الأصليين في غرينلاند 8% من السكان، والبقية دنماركيون جاؤوا للعمل في مجالات متنوعة (الاتصالات، التعليم، الحكومة، التجارة) وينحدر الغرينلانديون من أصول الاسكيمو أو الدنماركيين، ويعيش معظم الاسكيمو في الجزء الشمالي الغربي، حياة تقليدية، بينما يسكن الدنماركيون والمولودون منهم في السواحل الجنوبية. ويتكلم الغرينلانديون اللغة الغرينلاندية، وهي خليط من لغات الاسكيمو، إضافة إلى اللغة الدنماركية. وينتمي معظم السكان إلى الكنيسة اللوثرية، وهي الكنيسة الرسمية في الدنمارك.

يبلغ معدل أفراد العائلة الغرينلاندية نحو 6 أشخاص. ويسكن نحو 75% من السكان في المدن القليلة السكان، قياساً على المدن المعروفة في العالم. وأكبر المدن هي مدينة غودثاب Godthab وهي العاصمة، وتقع على الساحل الجنوبي الغربي (عرض 64 شمالاً). إضافة إلى مدن: ابرنافيك Upernavik، غودافن Godhavn، هولستينسبورغ Holsteinsborg، سوكرتوبين Sukkertoppen، وجوليناب Julianehab على الساحل الغربي، ومدن: انغماغساليك، سكور إسبايسند على الساحل الشرقي. ومعظم المباني في المدن والقرى مصنوعة من الخشب، وبعضها من الحجر والطين، وبعض مساكن الاسكيمو خيام من جلد الرنة.

وغرينلاند هي جزء من الدنمارك، مع تمتعها بحكم ذاتي محلي. والحكومة الدنماركية مسؤولة عن الشؤون الخارجية والدفاع، ويسري قانون الدنمارك على غرينلاند.

الجغرافية الاقتصادية

كان اقتصاد غرينلاند، حتى أوائل القرن العشرين، يعتمد على صيد عجول البحر، ولكن الدفء التدريجي للسواحل الجنوبية منذ العشرينات من القرن العشرين، وهجرة عجول البحر إلى الشمال التي مايزال الاسكيمو يعتمدون على صيدها، وتوفر الأسماك في البحار الجنوبية، زاد من أهمية صيد الأسماك في الاقتصاد الغرينلاندي، إذ يعمل اليوم في مجال صيد الأسماك وتعليبها نحو 50% من السكان. ومن أنواع الأسماك المتوافرة: القد والسلمون والروبيان. ويُعلب جزء كبير من الأسماك أو يجمد ويملَّح للتصدير. ومايزال صيد العجول وحيوان الرنة والدب والثعلب القطبي يمارس في الأجزاء الشمالية من الجزيرة. وتمارس بعض أنواع الزراعة الصيفية في المناطق الساحلية الجنوبية، مثل: الشوفان والبطاطا والخضراوات، وبعض الأشجار القصيرة في الصيف القصير، كما تربى أعداد من الأغنام.

يوجد في الجزيرة احتياطي من الفحم والرصاص والزنك واليورانيوم، لكنه ذو نوعية غير جيدة، وكمياته قليلة. غير أن الاحتياطي الأكبر فيها هو من الكريوليت cryolite التي تتضمن أكبر رواسب من هذا المعدن في العالم. والصناعات محلية زهيدة، قوامها الصناعات الغذائية.

لمحة تاريخية

اكتشف الفايكنج النرويجيون غرينلاند عام 875م، وفي عام 982 أحضر القائد النرويجي آريك الأحمر Eric the Red السكان إلى الجزيرة، وازداد عددهم من الاسكندنافيين ليصلوا إلى 3000 نسمة تقريباً في عام 1261. وفي عام 1380 خضعت غرينلاند لحكم الدنمارك، وفي القرن الخامس عشر الميلادي تناقص عدد مستوطني الجزيرة والأوربيين حتى كادت تخلو من السكان، للبرودة الشديدة التي حلت في ذلك القرن، والأمراض التي أصابتهم، وليبدأ استعمار غرينلاند من جديد من قبل الاتحاد النرويجي الدنماركي في القرن السادس عشر، وليؤول أمر غرينلاند في النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى الدنمارك، وماتزال تابعيتها لها حتى اليوم.

وبعد احتلال الألمان للدنمارك عام 1940؛ تكفلت الولايات المتحدة في شهر نيسان عام 1941 الدفاع عن غرينلاند. وفي عام 1951 اتفقت الولايات المتحدة مع الدنمارك على أن تكون مسؤولية حلف شمال الأطلسي الدفاع عن غرينلاند. وفي عام 1953 أصبحت غرينلاند مقاطعة دنماركية حسب دستور الدنمارك الجديد، وليست مستعمرة كما كانت، مما أعطى سكانها الحقوق والواجبات كاملة التي للدنماركيين.

علـي موسـى

 مراجع للاستزادة:

ـ حسن سيد أبو العينين، أوربا ـ دراسة جغرافية (الاسكندرية 1998).

ـ علي موسى، مناخ القارات (جامعة تشرين، 2005).


- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - المجلد : المجلد الثالث عشر - رقم الصفحة ضمن المجلد : 849 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة