آخر الأخبار
غسل الدماغ
غسل دماغ
Brain washing - Lavage du cerveau
غسل الدماغ
غسل الدماغ brain washing يقصد به تحويل الفرد عن اتجاهاته وقيمه وأنماطه السلوكية وقناعاته، وتبنيه لقيم أخرى جديدة تفرض عليه من قبل جهة ما سواء كانت فرداً أو مجموعة أو مؤسسة أو دولة. فغسل الدماغ هو محاولة تغيير الاتجاهات النفسية، ومحاولة لتوجيه الفكر الإنساني ضد ما سبق أن اتخذ من عقائد وميول لدى الفرد، وهو إعادة تعليم وتحويل من إيمان بعقيدة إلى كفر بها أو إيمان بنقيضها.
ويندرج مصطلح غسل الدماغ تحت مسميات مختلفة تحمل المفهوم نفسه مثل: إعادة التقويم، وبناء الأفكار، والتحويل والتحرير المذهبي الفكري، والإقناع الخفي، والتلقين المذهبي، وتغيير الاتجاهات.
بدايات استخدام غسل الدماغ
إن عملية غسل الدماغ أو التحويل الفكري موغلة في القدم، وإن بعض الناس وعلى مر العصور ما انفك يسعى إلى استغلال أناس آخرين، ويبحث عن أمكر الوسائل، ويستعين بآخر المبتكرات العلمية للتأثير في أفكارهم واتجاهاتهم والهيمنة على عقولهم بشتى السبل، وقد وصف الصينيون القدماء هذه العملية «بتنظيف المخ» أو إعادة بناء الأفكار. كما أن البعثات التبشيرية التي كانت ترتدي رداء الدين لتخدم الأطماع والمصالح الخاصة استخدمت هذا الأسلوب على نطاق واسع، وتسمى هذه العملية «غسل الدماغ الجماهيري». وفي العصر الحديث نشر الصحفي الأمريكي إدوارد هنتر Edward Hunter في جريدة «أخبار ميامي» في سبتمبر/أيلول 1950 مقالاً بعنوان «غسل الدماغ» وكان ذلك أول استخدام لهذا المصطلح.
الأسس العامة لعملية غسل الدماغ
ـ تغيير الاتجاه أو إطاره العام: بمعنى تغيير الإطار المرجعي الثقافي والاجتماعي الذي استقى منه الفرد أفكاره بإطار مرجعي جديد يتناقض أو يتعاكس مع إطاره الأساسي، ويشمل هذا التغيير، تغيير الجماعة الأولية، والمفاهيم، والقيم.
ـ تغيير موضوع الاتجاه: أي تحويره وفق المطلوب، فيُستبدل بالاتجاه السلبي نحو شخص ما اتجاه إيجابي أو نقيض ذلك.
ـ استخدام وسائل التوجيه المخططة وذلك بإعطاء معلومات مضلّلة وسالبة، أو استغلال الأحداث وإبرازها وتضخيم ما يخدم الأغراض، وعرض أجزاء مختارة من الحقائق وطمس الأخرى بحسب ما يخدم الهدف.
ـ تغيير الأصدقاء والمقربين ومنع الاتصال بالأشخاص الذين يخشى منهم تغيير الأفكار الجديدة.
آلية غسل الدماغ
تنفذ هذه العملية غالباً بمرحلتين هما:
المرحلة الأولى (الاعتراف): وهو الإعلان والاعتراف بما ارتكب من أخطاء في الماضي، ويمكن تحقيق هذه المرحلة بالإجراءات الآتية: عزل الفرد اجتماعياً، الضغط الجسدي، التهديد وأعمال العنف، السيطرة الكاملة على كيان الفرد، الضياع والشك، تثبيت الجرم، الاعتذار والإكرام للفرد، مرحلة الاعتراف النهائي.
المرحلة الثانية (إعادة التعليم): وتدور هذه المرحلة حول إعادة بناء فكر الفرد في الصورة الجديدة التي يراد له أن يكون عليها. وفي هذه المرحلة يحدث تغيير في مفهوم الذات لدى الفرد، ويتم محو الأفكار غير المطابقة لأفكار القائم بعملية الغسل، ثم تقدم أفكار ومعايير سلوكية وأدوار اجتماعية جديدة.
الآثار الناجمة عن غسل الدماغ
ـ هبوط القدرة الفكرية: إذ يصل الفرد إلى حالة من الإنهاك الشديد نتيجة لتعبه وضعفه الصحي، ويؤدي به ذلك إلى أن يكون أضعف من أن يفكر بطريقة متماسكة. ويبدو ذلك في عدم إمكان التلاؤم أو التوافق مع الآخرين نتيجة للعزل الطويل، واستخدام العديد من وسائل الدفاع الأولية عند التعامل مع الآخرين، والشعور بالذنب من خلال إجبار الفرد على مراجعة حياته الماضية وتبرير أفعاله الشخصية والسياسية في أثناء عملية غسل الدماغ بأسلوب يثير لدى الأسير بعض الشعور بالذنب.
ـ تدمير الذات: تؤدي عملية الإذلال والتحقير التي يخضع لها الفرد إلى التقليل من تقديره لذاته self esteem، وتبدو هذه العملية أكثر تحطيماً للنفس كلما كان للشخص أهمية أو جاه أو سلطة من قبل، وتصبح معظم سلوكيات الفرد في المستقبل مشروطة بمثيرات خارجية وليست داخلية، بمعنى أن الأحداث الخارجية هي التي تحرك سلوكه وليست الأفكار والمعتقدات التي يحملها.
ـ الشعور الدائم بالخوف المرضي والشك والحيرة وعدم الثقة بالآخرين، والمعاناة من الوساوس المتسلطة والأفعال القهرية، وفقدان خاصية التركيز والتفكير بطريقة متماسكة، والعجز عن التوجيه زمانياً ومكانياً، وهذيان اضطهادي، وإحساس بالازدواجية وبفقدان الأعضاء، واضطرابات قلبية ونفسية وفقدان التوازن الحركي وارتجاف وتقلصات في العضلات كما يحدث في أثناء الصدمة الكهربائية، وصعوبة في الاستغراق في النوم، واضطرابات هضمية.
العوامل النفسية التي تؤثر في تعديل اتجاهات الأفراد
هناك مجموعة من العوامل النفسية التي تؤثر في قبول الفرد أو عدم قبوله بتغيير اتجاهاته وأفكاره (غسل الدماغ) منها: القابلية للإيحاء وتحمل الإحباط، والانتماء الاجتماعي، والإيمان بالعقيدة.
غسل الدماغ والعلاج النفسي
يُلاحظ مما سبق أن عملية غسل الدماغ تسعى إلى تجريد الفرد قسرياً من أفكاره واتجاهاته وقيمه لتضع محلها أفكار جديدة تخدم الطرف القائم بعملية الغسل، في حين أن العلاج النفسي قائم على تعديل اتجاهات الفرد وأفكاره وسلوكياته بالاتجاه الإيجابي من أجل التوافق مع متطلبات الحياة ومن خلال رغبة الفرد نفسه. فجميع المدارس العلاجية ركزت على هذا الأمر في أثناء تعاملها مع الشخص المضطرب بهدف مساعدته على النمو والتطور النفسي والاجتماعي. وهنا يمكن القول إن عملية غسل الدماغ والعلاج النفسي وجهان لعملة واحدة وهي تغيير أفكار الفرد وقيمه وسلوكياته.
الوقاية
إن حماية أفراد المجتمع من الوقوع في براثن الأفكار المسمومة التي تحاول أن تعدل أو تغير من قناعات الأفراد واتجاهاتهم من القضايا الشخصية والاجتماعية والوطنية يتطلب وقفة شجاعة وحازمة من أفراد المجتمع ومؤسساته المختلفة كافة، كالمؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية التي تسعى إلى تسليحهم بالعلم والثقافة من أجل المحافظة على قيمهم، وأهدافهم التي يسعون إلى تحقيقها، وهذه الأمور تعتمد على الإعلام الوطني الصادق الذي يحمي الأفراد من الوقوع في فخ غسل الأدمغة من خلال تنوير أفراد المجتمع بالمحاولات التي تسعى إليها الدول المعادية لتغيير أفكار الأفراد وقيمهم في المجتمع. إضافة إلى ذلك لابد من اطلاع أفراد المجتمع على الآليات والأساليب الخاصة بعملية غسل الدماغ حتى لايقعوا ضحيتها في المستقبل.
رياض العاسمي
الموضوعات ذات الصلة: |
الشعور بالذنب ـ الاضطرابات النفسية ـ النفسي (العلاج ـ).
مراجع للاستزادة: |
ـ عمر الخليفة، علم النفس والمخابرات (المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2000).
ـ فخري الدباغ، غسيل الدماغ (دار الطليعة، لبنان 1982).
ـ محمد محروس الشناوي، العملية الإرشادية والعلاجية (دار غريب، القاهرة 1996).
ـ معتز السيد عبد الله، الحرب النفسية والشائعات (دار غريب، القاهرة 1997).
- التصنيف : تربية و علم نفس - المجلد : المجلد الثالث عشر، طبعة 2005، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 884 مشاركة :
متنوع
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم؟
- - هل تعلم أن الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بناء مداميكه وخاصة في الواجهات
- - هل تعلم أن الإبل تستطيع البقاء على قيد الحياة حتى لو فقدت 40% من ماء جسمها ويعود ذلك لقدرتها على تغيير درجة حرارة جسمها تبعاً لتغير درجة حرارة الجو،
- - هل تعلم أن أبقراط كتب في الطب أربعة مؤلفات هي: الحكم، الأدلة، تنظيم التغذية، ورسالته في جروح الرأس. ويعود له الفضل بأنه حرر الطب من الدين والفلسفة.
- - هل تعلم أن المرجان إفراز حيواني يتكون في البحر ويتركب من مادة كربونات الكلسيوم، وهو أحمر أو شديد الحمرة وهو أجود أنواعه، ويمتاز بكبر الحجم ويسمى الش
- هل تعلم أن الأبسيد كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أب
- - هل تعلم أن أبجر Abgar اسم معروف جيداً يعود إلى عدد من الملوك الذين حكموا مدينة إديسا (الرها) من أبجر الأول وحتى التاسع، وهم ينتسبون إلى أسرة أوسروين
- - هل تعلم أن الأبجدية الكنعانية تتألف من /22/ علامة كتابية sign تكتب منفصلة غير متصلة، وتعتمد المبدأ الأكوروفوني، حيث تقتصر القيمة الصوتية للعلامة الك
- عدد الزوار حالياً 1193
- الكل 83571546
- اليوم 97350
اخترنا لكم
فورتيير (أنطوان-)
فورِتيير (أنطوان-) (1619-1688) أنطوان فورِتيير Antoine Furetière كاتب فرنسي ولد في باريس لأسرة تنتمي إلى طبقة صغار البرجوازيين. عمل محامياً ثم وكيل ضرائب ليدخل فيما بعد السلك الكهنوتي الكاثوليكي. عرفته الأوساط الأدبية بفضل مجموعة أعمال أدبية أهمها «قصائد متنوعة» Poésies diverses عام (1655)، و«أقصوصة مجازية» Nouvelle allégorique أو «قصة الاضطرابات الأخيرة في مملكة البلاغة»Histoire des derniers troubles arrivés au royaume d’Éloquence عام (1658)، و«رحلة عطارد» Le Voyage de Mercure عام (1659).
المنفعة (مذهب-)
المنفعة (مذهب ـ) المنفعة أو النفعيّة utilitarianism مذهب فلسفي في الأخلاق، مفاده تقويم الأفعال بمقدار ما تنتجه من منافع، وفقاً «لمبدأ السعادة الكبرى» the greatest happiness principle، ويعني ضرورة سعي الإنسان إلى تحصيل أكبر قدر ممكن من المنفعة. يعدّ جيرمي بنتام Jeremy Bentham ت(1748-1832) صاحب المذهب، ومؤسس مدرسته الإنكليزية، والمنظّر له، فقد وضع جميع نظرياته في كتاب شهير عنوانه «مدخل إلى مبادئ الأخلاق والتشريع» An Introduction to the Principles of Morals and Iegislation نشر سنة 1789 ونقح سنة 1823. ورّوج تلميذه جون ستوارت مِل[ر] J.S.Mill ت(1806-1873) للمذهب، ودافع عنه، ثم عمل على إدخال تعديلات جوهرية عليه في كتاب نشره سنة 1861، يحمل اسم المنفعة Utilitarianism.