أيسلندة (الأدب)
ايسلنده (ادب)
Iceland - Islande
إيسلندة
إيسلندة
اللغة والأدب
في بلد لايزيد عدد سكّانه على ربع مليون نسمة إلا قليلاً، ولاوجود فيه للأميّة، لأن التعليم إلزاميّ حتى سنّ الخامسة عشرة، ومجّاني حتى نهاية الجامعة، لاعجب أن تزدهر الفنون الأدبية، لأنها تستند إلى تراث عريق يعود إلى بدايات العصور الوسطى: تراث من الأدب الشفوي من شعر البطولات وقصصها يدعى ساغا saga، يتحدث عن أبطال إيسلندة والبلاد الاسكندنافية، وقصص شعرية ونثرية تروي أساطير الآلهة الوثنية وأبطال الخرافات تدعى إدّا edda، تعود إلى ما قبل عام 1000م، يوم غدت المسيحية دين البلاد الرسمي.
وبقي هذا الأدب شفهياً حتى بدايات القرن الثاني عشر، حين شرع الكَتَبَة ينسخون الكتب ويسجّلون ما تناقله الرواة من تلك الأشعار والقصص. وقد ازدهر هذا الأدب المكتوب حتى نهايات القرن الثالث عشر، لكنه بدأ ينحسر بعد ذلك، ولاسيما بعد أن وقعت إيسلندة تحت حكم النروج عام 1262، وتحت حكم الدنمارك بعد ذلك في عام 1380. ثم ظهر المنظوم rimur وهو شعر حول موضوعات دنيوية، في قالب قصصي، يعتمد على الإيقاع الوزني؛ وبقي هو النوع الأساسي من التراث الأدبي حتى القرن التاسع عشر.
وفي حدود عام 1400 كانت الكتابات النثرية قد توقّفت تقريباً، لكن الشعر استمر قروناً بعدها، ولو أن أغلب موضوعاته كانت دينية، ولاسيما بعد أن انتقلت إيسلندة في القرن السادس عشر إلى المذهب اللوثري بعد خمسة قرون من الكاثوليكية، ولكن ذلك لم تؤثر كثيراً في تأليف الأشعار والقصص باللغة الإيسلندية، التي بقيت في معظمها تدور حول موضوعات وثنية، وبطولات اسكندنافية وإيسلندية. ويعود أغلب مخطوطات القرون الوسطى التي تسجّل هذا الأدب الإيسلندي إلى القرنين الثالث عشر والرابع عشر.
تُعدّ اللغة الإيسلندية في أقدم اللغات الاسكندنافية، وتعود في أصلها إلى اللغة الاسكندنافية القديمة Old Norse. أو الإيسلندية القديمة، وهي إحدى أقدم اللهجات الجرمانية الشمالية وأهمها، وتشمل النروجية (أقرب اللهجات إليها) والدنماركية والسويدية القديمة، وقد استمرت هذه اللغة وتفرعاتها حتى عام 1450، ومنها تطورت اللغات الاسكندنافية الحديثة، وفي حدود عام 1530 أدخل الأسقف يون آراسون Jón Arason أول مطبعة إلى البلاد، مما خفّف عن كاهل النُسّاخ، فصارت الكتب تطبع باللغة الإيسلندية، وساعد على انتشارها كثرة القرّاء بإقبال يندر مثيله في بلاد أو عصور أخرى. لكن الأدب الإيسلندي الذي عرفته أزمنة الاحتلال الأجنبي لم يرتفع كثيراً عن مستوى الأدب التقليدي حتى جاء هالغريمور بيترسون Hallgrímur Pétursson الذي كان أشهر أدباء إيسلندة في القرن السابع عشر.
ومع أن موقع إيسلندة منعزل نسبياً، فإن الأدب الإيسلندي يكاد يسير في تطورّه سيرة لاتبتعد كثيراً عما كان يجري في القارة الأوربية. فقد ظهرت النزعة الإنسانية[ر] Humanism في الكتابات الإيسلندية في القرنين السادس عشر والسابع عشر، ولاسيما في أعمال أرنغريمار يونسن(1568- 1648)Arngrímar Jónsson الذي يمثل بدايات النزعة الوطنية والوقوف في وجه الحكم الأجنبي. وقد اشتهر في القرن السابع عشر إلى جانب بيترسون الشاعر ستيفان أولافسون Stefán Ólafsson. كما وجد عصر التنوير Enlightenment من يمثلّه في القرن الثامن عشر في الأدب الإيسلندي في كتابات إيغرت أولافسون (1726-1768)Eggert Ólafssonالذي اشتهر بكتاب عن الرحلات وبقصيدة عن الزراعة. وعُرِفت الحركة الإبداعية Romantic Movement في أعمال عدد من أدباء إيسلندة مثل يوناس هالغريمسون(1807-1845)Jónas Hallgrímsson، ويون ثورودسون Jón Thoroddsen الذي وضع أسس الرواية الإيسلندية، وآندريدي آينارسون(1851-1939)Indridi Einarsson الذي كان مسرحياً رائداً، يستقي موضوعاته من القصص الشعبي الإيسلندي، وتبعه في ذلك يوهان سيغوريونسن Jóhann Sigurjónsson الذي كسب شهرة أدبية داخل بلاده وخارجها. كما اشتهر في القرن التاسع عشر أينار بنديكتسون (1864-1940)Einar Benediktsson بشعره الذي يدور حول موضوعات محلية وأخرى أجنبية. وقد ظهرت الواقعية Realism في أعمال آينار كفاران (1859-1938)Einar Kvaran وغيستور بالسون(1852-1891) Gestur Pálsson.
أما القرن العشرون، فقد اشتهر فيه غُنار غُنارسون(1889-1975)Gunnar Gunnarsson الذي بدأ الكتابة باللغة الدنماركية، ثم تحوّل إلى الإيسلندية عام 1939، آخذاً موضوعات رواياته من تاريخ إيسلندة في عصور مختلفة. وثمة الشاعر والمسرحي دافيذ ستيفانسون Davis Stefánsson والكاتب هالدور كيليان لاكسنيس Halldór Kiljan Laxness الذي فاز بجائزة نوبل للأدب عام 1955.
كانت بداية المسرح في القرن الثامن عشر في عروض مسرحية قدّمها طلبة المدرسة اللاتينية في العاصمة ريكيافيك. وفي عام 1897 تأسست «جمعية ريكيافيك المسرحية» التي غدت مركز النشاط المسرحي في البلاد. واشتهر في بداية القرن العشرين اثنان من كتّاب المسرح الإيسلندي هما يوهان سيغوريونسون Johan Sigurjónsson وغوزموندور كامبان (1888-1945)Guzmundur Kamban، وقد تُرجمت مسرحياتهما ومُثلت في أقطار اسكندنافية أخرى. وفي عام 1950 تأسس في العاصمة «المسرح الوطني»، وخطا خطوات واسعة جعلته في مصاف أفضل المسارح الاسكندنافية والأوربية.
عبد الواحد لؤلؤة
- التصنيف : الآداب الجرمانية - النوع : موسيقى وسينما ومسرح - المجلد : المجلد الرابع، طبعة 2001، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 421 مشاركة :