بلنياك (بوريس-)
بلنياك (بوريس)
Pilniak (Boris-) - Pilniak (Boris-)
بِلنياك )بوريس ـ(
بِلنياك (بوريس ـ)
(1894 ـ 1937)
بِلْنياك Pilnyak هو الاسم المستعار للكاتب والروائي الروسي السوفييتي بوريس أندرييفتش فوغاو Boris Andreyevich Vogau. ولد في مدينة موجايسك Mojaisk القريبة من موسكو، في أسرة برجوازية مثقفة ألمانية الأصل هاجرت إلى روسية منذ منتصف القرن التاسع عشر، وكان والده طبيبا بيطريا يعمل في ضواحي موسكو. التحق بعد أن أنهى دراسته الابتدائية والثانوية بمعهد للعلوم التجارية في موسكو وتخرج فيه عام 1920.
يقول بلنياك في سيرته الذاتية إنه بدأ الكتابة وهو في التاسعة من عمره، وإنه بدأ منذ عام 1915 ينشر ما يكتب. ويعد بلنياك في أوائل الذين كتبوا عن ثورة أكتوبر 1917 كما عاشوها، فقد تحدث عنها كأنها ظاهرة فوضوية، أو عاصفة عاتية تكنس كل ما يعترض طريقها، أو طوفان يكتسح كل شيء. ولما لم يستطع تقبل الثورة أو مجاراتها قرر مغادرة البلاد، متنقلا لأمد قصير بين ألمانية وبريطانية وبلدان أخرى منها فلسطين، عاد بعدها إلى الاتحاد السوفييتي واستقر في موسكو. انضم إلى اتحاد الكتاب الروس، وغدا رئيساً له عام 1926، غير أن ذلك لم يدم طويلا، فقد ارتكب أخطاء فادحة في نظر الحزب الشيوعي، وتعرض للنقد الشديد من السلطة والصحافة الأدبية بسبب آرائه، ولم تفلح مساعيه من أجل تبييض صفحته وإيضاح وجهة نظره، فاضطهد واعتقل فيمن اعتقل عام 1937 من الأدباء والمفكرين والعسكريين وغيرهم في ذروة حقبة الإرهاب الستاليني، وصودرت أعماله ولم يُعلم شيء عن مصيره. وفي عام 1956، أي بعد وفاة ستالين، أعلنت السلطات السوفييتية أن بلنياك أعدم في عام اعتقاله نفسه، وأنها قررت رد اعتباره وتكريمه بنشر مؤلفاته.
صدرت أول مجموعة قصصية لبلنياك عام 1918 بعنوان «مع آخر سفينة وقصص أخرى» كتبها بالأسلوب الذي وسم أدب العقد الثاني من القرن العشرين في روسية، وتناول فيها موضوعات عن الحياة الريفية الرتيبة والعلاقات الجافة بين الناس، وتوقع حدوث تغيير لا تعرف نتائجه. أما مجموعته القصصية الثانية فصدرت عام 1920 بعنوان «المنسي» (ترجمت إلى الإنكليزية بعنوان Quite Outdated) وتتحدث عن تبدل الواقع المعتاد في روسية نتيجة الثورة. وقد أثارت هذه المجموعة جدلاً كبيراً في الداخل والخارج وترجمت إلى عدة لغات. وفي أواخر عام 1921 أصـدر بلنياك روايتـه «السـنة العارية» (ترجمت إلى الإنكليزية عام 1928 تحت عنوان The Naked Year)، وكانت هذه الرواية سبب شهرته، صور فيها وقائع الثورة والحرب الأهلية على أنها صراع بين عالمين متناقضين دمر التراث المتوارث عبر العصور بلا رحمة أو ندم، غير أنه في تصويره هذا لم يتناول إلا الملامح العامة للثورة والحرب الأهلية بعبارات رمزية وارتجاع متقطع للماضي، أو لقطات قريبة للأحداث شملت كل مستويات المجتمع الروسي، وتماشت نبذها وأسلوبها الفوضوي مع طبيعة ذلك الزمان. وفي عام 1922 صدرت لبلنياك رواية «الزوبعة» Metel ورواية «إيفان وماريه» تناول فيهما الثورة والحرب بالأسلوب نفسه، وأبرزتا مهارة بلنياك الأدبية وتأثره بعدد من كتاب عصره من أمثال إيفان بونين[ر] وأندريه بييلي[ر]. أما روايته «العاصمة الثالثة» فخص بها الكاتب والأديب الروسي ألكسـي رميزوف A.Remizov، وبرز فيها عنصر التجديد الذي طرأ على النثر القصصي في أوائل القرن العشرين وخاصة في العقد الثالث منه، وفي هذه الرواية وغيرها يشير بلنياك إلى قلة الدراسات التي تناولت الأحوال المعاشية في سنوات الثورة على الرغم من غزارة الإنتاج الأدبي، ويعد بلنياك في أوائل الكتاب الذين عنوا بهذه المسألة. وأكثر ما يلفت الانتباه في كتاباته، كما في قصته «زمن الانحلال» وقصته «مكنات وذئاب»، ذلك التلوين في تصويره أشكال الحياة في المدينة، ومظهرها في تلك الحقبة، وخاصة المعاناة والجوع وترقب الموت في كل لحظة وخلف كل زاوية.
في سنة 1926 نشر بلنياك «قصة قمر لا يخبو» Povest nepogashennoy luni في «مجلة العالم الجديد»، تناول فيها موت الزعيم السوفييتي ميخائيل فرونزة[ر] M.Frunze بعبارات مبهمة، ودان فيها النزعة الفردية ومناخ الاستبداد والسلوك الدكتاتوري، وقد أثارت هذه القصة علامات استفهام كبيرة حوله وصودرت أعداد المجلة، وأقرت هيئة تحريرها بأن نشرها كان خطأ فادحاً. أما قصته «الخشب الأحمر» Krasnoye Derevo فقد رفضت مجلة «كراسنايا نوف» الأدبية الشهرية نشرها، لأنها تتعرض للحزب ودوره في الحياة العامة، وكذلك فعلت الصحف الأخرى، فعمد بلنياك إلى نشرها عام 1929 في مجلة ألمانية، وتعرض بسببها لنقد شديد في الصحافة السوفييتية.
حاول بلنياك تصحيح النظرة إليه في قصة جديدة نشرها عام 1930 بعنوان «الفولغا يصب في بحر قزوين» Volga vpadayet v Kaspiskoye More، تحدث فيها عن بناء سد ضخم على نهر الفولغا، وأراد أن يعبر فيها عن ولادة حضارة جديدة ومواقف نفسية جديدة على الأرض الروسية مع كل ما يمكن أن ينجم عنها من نتائج.
يبدو تشكك بلنياك وعدم تقبله لأهداف الحزب الشيوعي وطرائقه في معالجة الأمور واضحاً في كل ما كتب من قصص وروايات. وكان ذلك من أسباب وضعه تحت الرقابة الدائمة منذ أواخر العشرينات. وقد عمل بلنياك على تجديد لغة النثر بإدخال كلمات وتعابير جديدة إلى لغة عصره، لم يكن موفقاً في كثير منها، ولكنه نجح في التوفيق بين المصطلحات الطارئة في لغة الصناعة واللغة المحكية بلهجاتها المختلفة والكلمات الدخيلة والغريبة. وكان يميل إلى عدم مراعاة التسلسل في سير الأحداث قافزاً من مشهد إلى مشهد، متعمدا الانعطاف المفاجئ في متابعتها وتبديل أسلوب روايتها باستمرار. وكان مصير روسية وطريقها التاريخي شغله الشاغل في كل ما كتبه، إضافة إلى عنايته في قصصه ورواياته بإبراز ما كان يجري فيها من إصلاحات. وبدءاً من ثلاثينات القرن العشرين أخذ بلنياك يولي القضايا التاريخية والحياة المعاصرة في روسية وفي البلاد الأخرى عناية أكبر، فكان من بين ما ألّف: «جذور الشمس اليابانية» (1927)Kormi yaponskovo sontsa و«أوكي» (1933)okay و«أحجار وجذور» (1934)Kamni ikrormi.
محمد وليد الجلاد
مراجع للاستزادة: |
- L.TROTSKY, Littérature et révolution (Literatura i revoljucija 1922) trad. A. Frank et C. Ligny (Paris 1964).
- التصنيف : الآداب الأخرى - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الخامس، طبعة 2002، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 313 مشاركة :