آخر الأخبار
بيزا
بيزا
Pisa - Pise
بيزا
بيزا Pisa مدينة إيطالية، كان لها تاريخ مميز في حوض البحر المتوسط، وفي علاقاتها مع المشرق العربي في القرون الوسطى، لاسيما في زمن الحروب الصليبية. تقع على الساحل الغربي لشبه جزيرة إيطالية، على نهر آرنو الذي دفع بدلتاه إلى البحر الليغوري، حتى أبعدت رواسبه بيزا عن خط الشاطئ مسافة 10كم منذ القرن الخامس عشر، حين كانت تقع على البحر مباشرة. وتبعد عن مدينة فلورنسة الواقعة شمال شرقيها نحو 80كم، عند تقاطع خط العرض 43درجة و42دقيقة شمالاً، مع خط الطول 10درجات و23دقيقة شرقاً. وهي الحاضرة الإدارية لمنطقة بيزا في محافظة توسكانة. قامت المدينة على سهل لحقي نهري واطئ منحها ظهيراً جغرافياً زراعياً، جعل منها مركزاً مهماً لتبادل المنتجات الزراعية وغيرها.
![]() |
نشأت بيزا مدينة اتروسكية ثم أصبحت قاعدةً وميناءً رومانياً بحدود 180ق.م. وبعد انتشار النصرانية أصبحت مقر أسقفية عام 313م. وقد استفادت من وظائفها الثلاث: الزراعية والتجارية والدينية في نموها وتطوير قدراتها البحرية، الأمر الذي سمح لها بعقد تحالف مع جنوة لمجابهة حملات المسلمين في حوض البحر المتوسط، واسترجاع صقلية وسردينية منهم في القرن الحادي عشر الميلادي. وكان أسطول بيزا هو الذي استرد بالرمو (بلرم)، كذلك أسهم أهلها في الحملات الصليبية ودعموها، وأقاموا لهم مراكز في المدن السورية الغربية عملت على تقوية العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين بيزا وشرق البحر المتوسط. لكن نمو قوة بيزا وأسطولها وتجارتها وضعها في موضع المنافسة، ثم الحرب مع مدينتي جنوة[ر] والبندقية[ر]. وعلى الرغم من الدعم الذي حظيت به من الأباطرة الألمان، لانحيازها إلى صف الامبراطورية الرومانية (الجرمانية) المقدسة ضد البابوية، فإن بيزا هُزمت في صراعها مع جنوة ولوتشا وفلورنسة في معركة ميلوريا Meloria البحرية عام 1284، ثم أفل نجم ازدهارها الكبير الذي بلغته في القرنين الثاني عشر والثالث عشر بسقوطها بيد فلورنسة عام 1406، لكنها تحررت عام 1494 لتعود فتخضع لفلورنسة نهائياً عام 1509، وتزامن ذلك مع تراجع دور بيزا ميناءً بحرياً نتيجة تزايد الطمي وتقدم دلتا نهر الآرنو في البحر، وتحول الأرض بين البحر والمدينة إلى مستنقعات وتوقف حركة الملاحة البحرية تدريجياً في القرن الخامس عشر، فتدهورت مكانة بيزا من مدينة رئيسية إلى مركز حضري ثانوي في محافظة توسكانة، وقد استعادت بعض الحيوية وتوسع عمرانها في أواسط القرن الثامن عشر، نتيجة تجفيف المستنقعات ومكافحة مرض البرداء (الملاريا) واستصلاح الأراضي حولها، إضافة إلى ظهور عدد من الصناعات الصغيرة فيها.
تعرضت بيزا لخراب كبير أثناء الحرب العالمية الثانية لوقوعها قرب منطقة خط الدفاعات الألماني المعروف بخط بيرزارو ـ ريميني Pesaro-Rimini حيث دارت معارك عام 1944، دمرت فيها أجزاء من المدينة وكثير من معالمها المعمارية والدينية، أُعيد ترميم أغلبها، لكن أجزاءها الواقعة جنوب النهر مازال الكثير منها شاهداً على الدمار السابق.
![]() |
الغالب على وظائف مدينة بيزا اليوم الوظيفتان الثقافية ـ التعليمية، والسياحية التاريخية ـ الثقافية، إذ يبلغ عدد طلاب جامعتها التي تأسست عام 1343 أكثر من 25٪ من مجموع سكانها المقدر بنحو 100ألف نسمة (عام 2001)، وفيها معهد للمعلمين وآخر هندسي وثالث زراعي إضافة إلى معاهد أخرى ومدارس. وقد أنجبت بيزا العالم المشهور غاليلو غاليله[ر]، وتكثر فيها المعالم التاريخية والعمرانية العائدة إلى القرون الوسطى التي ازدهرت فيها المدينة وأصبحت واحدة من أغنى مدن جنوبي أوربة، فمازالت تحتفظ بأجزاء من أسوار المدينة القديمة (طولها 10.5كم) وبأبنيتها الدينية التي يتصدرها مجمع ساحة المعجزات الواقع في الجزء الشمالي الغربي من المدينة الوسيطة داخل السور، ويتألف من كاتدرائية، وبناء الأسقفية وبرج الأجراس والمقبرة مقصد السائحين والزوار، أقدمها بناء الكاتدرائية الذي بدأ تشييده عام 1063 واستمرت أعمال الزخرفة والتزيينات والإضافات إليه حتى مطلع القرن الرابع عشر (1302)، أما بناء الأسقفية فقد تم بناؤه عام 1152 وانتهى في القرن الرابع عشر، وهو بناء دائري تعلوه قبة تحمل مؤثرات إسلامية شرقية، داخلها غني بالزخارف وبدائع الفنون، ويعد بمجمله تحفة معمارية رائعة الجمال. ومع ذلك يبقى برج الأجراس المعروف ببرج بيزا المائل مَعلَماً معمارياً فريداً من نوعه في العالم، بدأ العمل فيه عام 1174 وانتهى في القرن الرابع عشر أيضاً، وهو بناء أسطواني مؤلف من ثماني طبقات بارتفاع 56م من المرمر، تأثر بعدم استواء أساساته فمال البرج مقدار 5.2م عن محوره العمودي، أو ما يعادل 10درجات واستقر عندها، فأكسبه شهرة عالمية، وقد تمت تقوية أساساته بحقنها بالإسمنت، لكن خطر انهياره لازال قائماً. أما المقبرة فبُنيت على النمط القوطي الإيطالي. وفي بيزا الكثير من الكنائس العائدة للعصر الذهبي للمدينة، منها كنائس سان بيرينو وسان فريديانو وسان نيكولا وبرجها وغيرها، إضافة إلى عدد من العمائر التاريخية الجميلة.
عادل عبد السلام
الموضوعات ذات الصلة: |
إيطالية ـ البندقية ـ جنوة.
- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - النوع : سياحة - المجلد : المجلد الخامس، طبعة 2002، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 723 مشاركة :
متنوع
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم؟
- - هل تعلم أن الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بناء مداميكه وخاصة في الواجهات
- - هل تعلم أن الإبل تستطيع البقاء على قيد الحياة حتى لو فقدت 40% من ماء جسمها ويعود ذلك لقدرتها على تغيير درجة حرارة جسمها تبعاً لتغير درجة حرارة الجو،
- - هل تعلم أن أبقراط كتب في الطب أربعة مؤلفات هي: الحكم، الأدلة، تنظيم التغذية، ورسالته في جروح الرأس. ويعود له الفضل بأنه حرر الطب من الدين والفلسفة.
- - هل تعلم أن المرجان إفراز حيواني يتكون في البحر ويتركب من مادة كربونات الكلسيوم، وهو أحمر أو شديد الحمرة وهو أجود أنواعه، ويمتاز بكبر الحجم ويسمى الش
- هل تعلم أن الأبسيد كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أب
- - هل تعلم أن أبجر Abgar اسم معروف جيداً يعود إلى عدد من الملوك الذين حكموا مدينة إديسا (الرها) من أبجر الأول وحتى التاسع، وهم ينتسبون إلى أسرة أوسروين
- - هل تعلم أن الأبجدية الكنعانية تتألف من /22/ علامة كتابية sign تكتب منفصلة غير متصلة، وتعتمد المبدأ الأكوروفوني، حيث تقتصر القيمة الصوتية للعلامة الك
- عدد الزوار حالياً 996
- الكل 81080155
- اليوم 101642
اخترنا لكم
الأثر السطحي
الأثر السطحي الأثر السطحي skin effect هو ظاهرة ناجمة عن سعي التيار الكهربائي العالي التواتر للجريان في طبقة سطحية رقيقة من الناقل، وهو يعرف بأثر كلفن kelvin نسبة للعالم اللورد كلفن كما يُعرف بالأثر الجلدي أو الأثر القشري. إذا كان جريان الكهرباء يتم في اتجاه واحد مستمر فإن التيار الكهربائي يتوزع بانتظام على سطح مقطع عرضي لناقل منتظم، أي أن كثافة التيار، وهي شدته في وحدة المساحة، تكون واحدة في كل نقطة من سطح المقطع. ولا يحدث هذا الانتظام البسيط في حالة تيار متناوب بل تكون كثافة التيار قرب السطح الخارجي للناقل أكبر مما هي عليه في مركزه، ويزداد الفرق بينهما كلما ازداد تواتر التيار. ويكون هذا الأثر ضئيلاً جداً إذا كان هذا التواتر منخفضاً. أما في حالة التواترات العالية، عندما يصبح طول الموجة داخل مادة الناقل من مرتبة أبعاد مقطع الناقل أو أصغر منها فإنه يمكن أن يُعد جريان التيار مقتصراً على طبقة سطحية (قشرة) من الناقل رقيقة نسبياً، ويطلق على ثخن هذه الطبقة عمق النفوذ أو ثخن القشرة دلتا.