آخر الأخبار
التحنيط
تحنيط
Mummification - Momification
التحنيط
التحنيط mummification فن حفظ أجساد الموتى، وخاصة الهيكل، حتى تتمكن الروح من العودة إلى هذه الأجساد في العالم الآخر. فالعملية مرتبطة إذن بإيمان المصري القديم بوجود حياة أخرى بعد الموت، وأن الروح التي خرجت من هذا الجسد سوف تعود إليه، لذلك يجب الحفاظ عليه من التلف. ولذلك أيضاً، لم يقتصر التحنيط على فئة من فئات الشعب دون غيرها، وإنما شمل كل الفئات من أغناها إلى أفقرها.
وقد لاحظ المصريون القدماء الذين كانوا يدفنون موتاهم في رمال الصحراء الجافة دون وجود عازل فعال بين الجثمان وهذه الرمال أن الجسد سرعان ما كان يجف، لأن الرمال الجافة تمتص السوائل التي يمكن أن تعرض الجثة للتحلل والتلف، وكانت هذه أبسط عمليات التحنيط التي مارسها المصريون.
ولكن الانتقال إلى الدفن في المقابر المبنية أو في التوابيت، جعل الجثث تتعرض للتحلل، مما دفع المصريين للتفكير بحفظها صناعياً.
إن أقدم الدلائل على وجود التحنيط في مصر تعود إلى عصر الأسرة الأولى (نحو 2995-2780ق.م)، وتحديداً إلى عهد الملك جر Djer الذي عُثر على مقبرته في أبيدوس[ر]، وكان معظم الجثة ملفوفاً بالكتان.
![]() |
أما عادة إزالة الأحشاء فلم تبدأ إلا بنهاية الأسرة الثالثة (نحو 2635-2570ق.م)، وقد ساعد ذلك على سرعة جفاف الجسد الأجوف، وكان على المحنط عندها أن يحفظ هذه الأحشاء في مكان أمين في المقبرة نفسها حتى لاينقص شيء من المتوفى حينما يُبعث من جديد، وقد وُضعت هذه الأحشاء أولاً في فجوة أحد جدران المقبرة بعد أن تُلف بالكتان. أما علية القوم فكانت أحشاؤهم تُوضع في وعاء خاص يتألف من أربع خانات، وفي العصور اللاحقة امتد استخدام هذه الأوعية ليشمل الطبقات الأدنى، وكانت الأوعية تُصنع من الحجر الجيري وتوضع في صناديق خشبية.
وقد تباينت طرق التحنيط المتبعة بحسب أهمية الشخص المتوفى المراد تحنيطه وإمكاناته، فعملية تحنيط الملوك وكبار رجال الدولة كانت تستغرق نحو 70يوماً، فالأحشاء كانت تُستخرج من الجسد ماعدا القلب عن طريق فتحة جانبية في البطن، ثم تحنط منفصلة بوضعها في ملح النطرون الجاف للتخلص مما بها من سوائل. وبعد معالجتها بالعطور والراتنج تُلف بلفائف الكتان ثم توضع في أربع أوانٍ منفصلة، إحداها للكبد ولها رأس إنسان، وثانيها للرئتين ولها رأس قرد، والثالثة فيها الأمعاء ولها رأس صقر، والرابعة وفيها المعدة ولها رأس كلب. كما كان المخ يُستخرج عن طريق فتحتي الأنف، بواسطة آلة نحاسية كالملعقة، وبعدها كانت تُغسل هذه الفراغات بنبيذ النخيل ثم تُملأ بقطع من الكتان فيها مواد التحنيط، ثم توضع الجثة كلها في ملح النطرون الجاف مدة أربعين يوماً لكي تتخلص من السوائل وتجف تماماً، وتبدأ بعدها عملية لف أعضاء الجسد جيداً بلفائف من الكتان، بلغ طولها أحياناً بضع مئات من الأمتار، استُعملت بعض السوائل لرش لفائف الكتان كي تحتفظ بشكلها ولكي تعطيها رائحة زكية، وفي أثناء عملية اللف توضع بعض التمائم داخل اللفائف وأحياناً كانت تُرسم بعض صور الآلهة، ويُكتب اسم المتوفى على سطح اللفائف بعد انتهاء عملية اللف. ثم تُوضع الجثة المحنطة داخل تابوت من الخشب مغطى بكتابات ورسوم دينية، يوضع داخل تابوت حجري يُحكم غطاؤه، ويستقر في غرفة الدفن المنحوتة في باطن الأرض. أما جثث الفقراء فكانت تلف بلفائف مشبعة بمركبات تقيها من التلف والتعفن لمدة طويلة، ثم تدفن في الرمال على عمق متر تقريباً. ووُجدت جثث محنطة على هذه الحالة وكان الملح هو المادة الحافظة لها.
وقد أُطلق على الجثث المحنطة اسم مومياء mummy وهي كلمة فارسية وتعني القار، لأنه كان يُعتقد أن القار يدخل في عملية التحنيط. ولم تقتصر عملية التحنيط على الناس، بل تعدتهم إلى بعض الحيوانات والنباتات، ففي متحف القاهرة توجد بعض البذور المحنطة، عُثر عليها في بعض المقابر. كذلك وُجدت مومياءات لحيوانات وهياكل عظمية كاملة أُعيد تركيبها من العظام المأخوذة من هذه المومياءات، يرجع معظمه إلى عصر البطالمة[ر]، وبعضها إلى عهد الأسرة العشرين (نحو 1196-1080ق.م). وقبل ذلك شملت هذه الحيوانات المحنطة التماسيح والقطط والكباش وغيرها، ويُلاحظ أن بعض هذه الحيوانات كانت ترمز إلى بعض الآلهة. ومع أن المصريين كانوا أشهر من مارس التحنيط من بين الشعوب القديمة، لكنهم لم يكونوا الوحيدين، فقد عثر الأثريون على جثث محنطة في بعض مواقع حضارات أمريكة الوسطى والجنوبية[ر.الإنكا]، وفي موقع شبام الفراس في اليمن، عُثر على أربع جثث محنطة إلى جانب بعض الأعضاء المتفرقة في إحدى المقابر الصخرية، وإن كان تحنيطها أقل جودة من مثيلاتها المصرية.
جباغ قابلو
مراجع للاستزادة: |
ـ أ.ج.سبنسر، الموتى وعالمهم في مصر القديمة، ترجمة أحمد صليخة (الهيئة المصرية للكتاب 1987).
ـ محمد إبراهيم بكر، صفحات مشرقة من تاريخ مصر القديم (دار المعارف 1987).
ـ محمد الخطيب، الخلود في حضارة مصر القديمة (دار طلاس 1991).
- التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار - المجلد : المجلد السادس، طبعة 2002، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 158 مشاركة :
متنوع
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم؟
- - هل تعلم أن الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بناء مداميكه وخاصة في الواجهات
- - هل تعلم أن الإبل تستطيع البقاء على قيد الحياة حتى لو فقدت 40% من ماء جسمها ويعود ذلك لقدرتها على تغيير درجة حرارة جسمها تبعاً لتغير درجة حرارة الجو،
- - هل تعلم أن أبقراط كتب في الطب أربعة مؤلفات هي: الحكم، الأدلة، تنظيم التغذية، ورسالته في جروح الرأس. ويعود له الفضل بأنه حرر الطب من الدين والفلسفة.
- - هل تعلم أن المرجان إفراز حيواني يتكون في البحر ويتركب من مادة كربونات الكلسيوم، وهو أحمر أو شديد الحمرة وهو أجود أنواعه، ويمتاز بكبر الحجم ويسمى الش
- هل تعلم أن الأبسيد كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أب
- - هل تعلم أن أبجر Abgar اسم معروف جيداً يعود إلى عدد من الملوك الذين حكموا مدينة إديسا (الرها) من أبجر الأول وحتى التاسع، وهم ينتسبون إلى أسرة أوسروين
- - هل تعلم أن الأبجدية الكنعانية تتألف من /22/ علامة كتابية sign تكتب منفصلة غير متصلة، وتعتمد المبدأ الأكوروفوني، حيث تقتصر القيمة الصوتية للعلامة الك
- عدد الزوار حالياً 978
- الكل 80841470
- اليوم 33591
اخترنا لكم
غادّا (كارلو إميليو)
غادّا (كارلو إميليو ـ) (1893ـ 1973) كارلو إميليو غادّا Carlo Emilio Gadda كاتب إيطالي يُعد من أشهر كتاب النثر في الأدب الإيطالي، وأكثرهم أصالة في القرن العشرين. بدأ حياته في ميلانو، مسقط رأسه، في كنف أسرة برجوازية، وحصل على شهادة الهندسة الكهربائية وزاول المهنة على نحوٍ غير منتظم حتى عام 1937. تطوع في الحرب العالمية الأولى، وكان يأمل أن تحقق الحرب أسمى التطلعات ولكن سرعان ما صدم بما خلّفته من حطام بشري ومادي. وصف حياته العسكرية والفترة التي قضاها في سجن راشتات Rastatt في ألمانيا في يومياته التي بدأها عام 1915 وصدرت عام 1955 تحت عنوان «يوميات عن الحرب والأسر» Giornale di guerra e di prigionia.
الالتزام
الالتزام الالتزام l'obligation واجب قانوني يتعين فيه على شخص معين، هو المدين أو الملتزم، القيام بأداء مالي يتمثل في القيام بعمل أو الامتناع عن عمل لمصلحة شخص آخر هو الدائن أو صاحب الحق الشخصي. ويلاحظ في هذا التعريف أن الالتزام واجب قانوني، وبهذا تستبعد الواجبات غير القانونية، كالواجبات الأخلاقية التي لا تدخل في إطار القانون. وهو واجب على شخص معين، وبهذا تستبعد الواجبات العامة التي تقع على جميع الناس، كواجب احترام القانون مثلاً أو واجب احترام حقوق الآخرين وعدم الاعتداء عليها، وهو أخيراً واجب القيام بأداء مالي، وبهذا تستبعد الواجبات القانونية التي تقع على أشخاص معينين من دون أن تتضمن القيام بأداءات مالية، كواجب الأب مثلاً في تربية أبنائه أو المرأة في طاعة زوجها، وهي واجبات يفرضها القانون، ولكنها لا تعد التزامات بالمعنى الدقيق للكلمة.