آخر الأخبار
الغيتو
غيتو
Ghetto - Ghetto
الغيتو
الغيتو Ghettoمجتمع مغلق منعزل يرتبط بتاريخ اليهود ونمط حياتهم في المجتمعات التي عاشوا في ظلالها في العصور الوسطى، وتشير الموسوعة البريطانية إلى أن هذه التسمية (الغيتو) قد ظهرت أول مرة في عام 1516 في مدينة ڤينيسيا Venice الإيطالية، وما لبث هذا الاسم أن شاع في مجتمعات أوربا منذ ذلك الوقت.
والغيتو يتألف من شارع أو حي يعيش فيه اليهود داخل مدينة غير يهودية. وقد كان هو الأنموذج السائد لليهود في كل مكان في أوربا المسيحية منذ النصف الثاني للقرن السادس عشر، وكان يحاط بأسوار ذات بوابات تغلق ليلاً ويخضع للرقابة باستمرار من قبل رجال أمن مسيحيين، ولأنه محدود المساحة فقد كانت بيوته مرتفعة وضيقة الواجهة، وهذا النمط من العزلة الذي كان اليهود يمارسونه بإرادتهم يضمن لساكنيه بعض الشعور بالأمان، بيد أنه يطبع شخصية اليهودي بضيق الأفق والحذر من الآخر.
فضلاً عن الغيتو فقد اتخذت العزلة اليهودية شكلاً آخر هو ما سمي الشتتل shtetl وهي مجتمعات منفصلة على شكل قرى يهودية، أو مناطق إقليمية يهودية تتمتع بنوع من الاستقلال الذاتي للمحمية اليهودية، واسمها بالعبرية «آياراه» Ayarah ومعناها الحاضرة الصغيرة ولها لغتها الخاصة.
هذه النزعة إلى العزلة عند اليهود التي يشكل الغيتو أحد أشكالها؛ تجد تفسيرها في العقيدة اليهودية ذاتها، من حيث إنها عقيدة قبلية لا عالمية موجهة إلى شعب الله المختار.
ويسوغها ألفا عام من العزلة عن الآخرين قومياً واجتماعياً، وبذلك فهي تخلق غيتوات مادية وثقافية، وقد حوَّلت يهود الشتات إلى شعب زائف ليس له من خصائص الشعب في شيء، ولكنه يتماسك على نحو مهلهل بفعل منظومة من المعتقدات الموروثة القائمة على معطيات عرقية وتاريخية.
ولم تكن هذه الغيتوات تشكل مجتمعات مادية وجغرافية وحسب، بل ثقافية واجتماعية أيضاً، إذ إن لها لغتها الخاصة (اليدية) وهي مزيج من العبرية وألمانية القرون الوسطى ومكونات سلافية وتكتب الحروف بالعبرية، فضلاً عن بعض العادات والتقاليد وأنماط السلوك نتيجة التوارث الاجتماعي، وتنشأ عن طريق العيش في الغيتو.
ويرى بعض علماء الوراثة أن هذا النمط من العيش المنعزل في البيئة نفسها يؤدي إلى ثلاثة مؤثرات رئيسة وهي:
ـ تزاوج الأقارب الذي يؤدي إلى شيوع البلاهة الخلقية.
ـ الانحراف الوراثي الذي يسبب تغييرات كبيرة في الخصائص الوراثية للمجتمعات الصغيرة المعزولة.
ـ الضغوط الانتقائية داخل أسوار الغيتو أدت إلى اكتسابهم مناعة في وجه الأوبئة المدمرة التي اكتسحت أوربا، وجعلت نسلهم الجديد ممثلاً لمن بقي منهم في عملية انتقائية صارمة، وسكان مدن هجروا الزراعة.
وخلافاً للعزلة الاجتماعية والاقتصادية للغيتو اليهودي، فقد أدى ساكنوه دوراً إيجابياً لمصلحة سادات النظام الإقطاعي الذي كان سائداً في أوربا العصور الوسطى، وقد كانت النخبة الحاكمة - الامبراطور والبابا والنبلاء وأعلى مراتب الأكليروس، فضلاً عن البرجوازية الثرية في المدن - تدخل في تحالف معهم وتؤمن حمايتهم، بسبب الدورين المالي والتجاري اللذين كانوا يقومون بهما لمصلحة هؤلاء.
وقد تحول يهود الخزر الذين هاجروا إلى أوربا واستقروا في الغيتو من مجتمع فلاحين إلى تجار وحرفيين، ولكن دورهم كان يتخذ طابع التبعية لساداتهم في النظام الإقطاعي الذي كان يشهد تحوّلاً نحو المجتمع المركانتيلي الحرفي. وكان أثرياؤهم يعملون جباة ضرائب من الشعب ومديري جمارك، وكثيراً ما كان يستخدمهم الملك وكلاء ماليين، وكان بعضهم يستأجرون أملاك النبلاء العقارية وأملاك التاج، ويستثمرون مناجم الملح ويشترون الأخشاب قبل قطعها، ويعملون بتجارة الفراء ويصدرون إلى ألمانيا فائض المحاصيل الزراعية، بيد أن أخطر الوظائف الاقتصادية التي مارسوها هي الربا وإقراض النقود بالفائدة إلى جموع الفلاحين المعدمين الذين وصلوا إلى رهن أدوات عملهم الضرورية لتأمين لقمة عيشهم، مما أدى إلى تأجيج حقد الناس وحدوث اضطرابات اجتماعية عنيفة ضدهم، كان أشهرها ما جرى في الأعوام 1336-1338م التي امتدت من الألزاس إلى بافاريا والنمسا وبوهيميا. ونتيجة نقمة الشعوب وتزايد ثرواتهم والاضطرابات الاجتماعية واستشعار ساداتهم بخطر نفوذهم المتزايد واستغلالهم الواسع كان يضطر الملوك إلى اتخاذ إجراءات للحد من نفوذهم المالي، وتحديد نشاطهم وتنظيمه، تصل أحيانا إلى مصادرة أموالهم أو فرض أتاوى عليهم تدفع إلى الملك فديةً أو إلغاء الفوائد.
مع نهوض البرجوازية الأوربية الصناعية كانت وظيفة الربا اليهودية والعمل المالي والمصرفي الذي يؤدونه قد أضحت عائقاً أمام نمو مصالح الطبقة الجديدة وأصبح ذلك مقلقاً للأوربيين ومصدراً للاضطرابات الاجتماعية، وكان سبباً لظهور دعوة تصدير اليهود إلى فلسطين في إنكلترا في أثناء حكم كرومويل 1649م، ومن الجدير بالذكر أن نمط المجتمع الإسرائيلي هو الغيتو ولكن بتوسع، ومن جهة أخرى فإن تجربة الغيتو التاريخية تتجسد في المستوطنات اليهودية في الأراضي العربية المحتلة، ولاسيما في فلسطين.
سامي هابيل
الموضوعات ذات الصلة: |
النازية.
مراجع للاستزادة: |
ـ آرثر كوستلر، إمبراطورية الخزر وميراثها، ترجمة حمدي متولي، مصطفى صالح (دار الجليل للطباعة والنشر، لجنة الدراسات، فلسطين 1976).
ـ ايلان هاليفي، المسألة اليهودية، ترجمة فؤاد جديد (مكتب الخدمات الطباعية، 1989).
ـ إسرائيل شاحاك، التاريخ اليهودي، ترجمة عبد الكريم محفوض (دار البعث للصحافة، دمشق 1996).
ـ نصر شمالي، هشام الدجاني، الظروف التاريخية للهجرات اليهودية (دار المستقبل، دمشق 1990).
- التصنيف : السياسة - النوع : سياحة - المجلد : المجلد الرابع عشر، طبعة 2006، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 143 مشاركة :
متنوع
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم؟
- - هل تعلم أن الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بناء مداميكه وخاصة في الواجهات
- - هل تعلم أن الإبل تستطيع البقاء على قيد الحياة حتى لو فقدت 40% من ماء جسمها ويعود ذلك لقدرتها على تغيير درجة حرارة جسمها تبعاً لتغير درجة حرارة الجو،
- - هل تعلم أن أبقراط كتب في الطب أربعة مؤلفات هي: الحكم، الأدلة، تنظيم التغذية، ورسالته في جروح الرأس. ويعود له الفضل بأنه حرر الطب من الدين والفلسفة.
- - هل تعلم أن المرجان إفراز حيواني يتكون في البحر ويتركب من مادة كربونات الكلسيوم، وهو أحمر أو شديد الحمرة وهو أجود أنواعه، ويمتاز بكبر الحجم ويسمى الش
- هل تعلم أن الأبسيد كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أب
- - هل تعلم أن أبجر Abgar اسم معروف جيداً يعود إلى عدد من الملوك الذين حكموا مدينة إديسا (الرها) من أبجر الأول وحتى التاسع، وهم ينتسبون إلى أسرة أوسروين
- - هل تعلم أن الأبجدية الكنعانية تتألف من /22/ علامة كتابية sign تكتب منفصلة غير متصلة، وتعتمد المبدأ الأكوروفوني، حيث تقتصر القيمة الصوتية للعلامة الك
- عدد الزوار حالياً 1157
- الكل 83002759
- اليوم 75642
اخترنا لكم
الرحم في النبات
الرحم في النبات الرحم archegonium (من اليونانية arche = بداية، gone = إنسال) هو عضو التكاثر المؤنث في النباتات البريوية والتريدية وبعض عريانات البذور مثل السيكاسيات والصنوبريات، التي تشكل بمجموعها ما يعرف باسم النباتات الرحمية archegoniatae. الرحم النموذجي قاروري الشكل، يتكون من رقبة ضيقة ذات طبقة خلوية واحدة أو أكثر، وبطن عريض تتوضع بداخلة البيضة egg تعلوها خلية قنوية بطنية، تليها بضع خلايا قنوية رقبية (الشكل -1). ومع نضج الرحم تضمحل جميع الخلايا القنوية لتشكل سائلا يعمل على جذب النطاف كيميائيا وتسهيل حركتها إلى البيضة الموجودة في بطن الرحم. إن بنية الرحم المحاط بغلافه الخلوي العقيم والذي يحمي البيضة من عوامل الوسط الخارجي، تميزه عن بنية العضو التكاثري المؤنث في كل من الطحالب والفطريات.
كراوس (كارل-)
كراوس (كارل ـ) (1874 ـ 1936) كارل كراوس Karl Kraus كاتب مسرحي وناقد وصحافي نمساوي، يُعدُّ من أبرز كتّاب الهجاء في اللغة الألمانية. ولد في مدينة يِتْشين Jecin (في الامبراطورية النمساوية الهنغارية حينذاك، وحالياً في الجمهورية التشيكية)، وهو سليل عائلة يهودية ثرية من أصحاب مصانع الورق، انتقلت إلى العاصمة ڤيينا وهو في الثالثة من عمره. تلقى تعليمه في مدارس العاصمة، وبدأ ممارسة التمثيل والإخراج قبل أن يلتحق بالجامعة. ونزولاً عند رغبة أبويه التحق بكلية الحقوق؛ إلا أنه سرعان ما تحول إلى دراسة اللغة والأدب الألماني، وبدأ في الوقت نفسه بنشر مقالاته في صحف نمساوية وألمانية معروفة، وعندما تأكد من قدرته على كسب عيشه من الكتابة تخلى عن الدراسة الجامعية عام 1895، وكرَّس جلّ وقته للصحافة والأدب والمسرح. أعلن في عام 1899 خروجه من الديانة اليهودية وتحول إلى الكاثوليكية؛ لكنه احتجاجاً على استخدام أمكنة الكنيسة لأنشطة ثقافية ذات طابع تجاري أعلن خروجه منها أيضاً. تعرف عام 1913 البارونة سيدوني نادْهِرني فون بوروتين Sidonie Nádherny von Borutin، واستمرت علاقتهما المتقلبة طوال حياته، ونتج عنها مجموعة رسائل مهمة ذات طابع ثقافي نشرت بعد وفاته في ڤيينا.