بدأ الاستيطان في إيران في الألف الثامن ق.م في سلسلة جبال زغروس، وبدأ في كردستان الإيرانية في الألف السادس ق.م، ويدل على ذلك ماعثر عليه المنقبون من أوان فخارية عليها رسوم مؤطرة بخطوط هندسية ملونة لحيوانات وطيور،

"/>
ايران (عماره وفنون)
Iran - Iran

إيران

إيران

 

العمارة والفنون

الحقبة ما قبل الإسلام مابين 8000 ق.م و637 م

ـ ماقبل الأخمينيين

بدأ الاستيطان في إيران في الألف الثامن ق.م في سلسلة جبال زغروس، وبدأ في كردستان الإيرانية في الألف السادس ق.م، ويدل على ذلك ماعثر عليه المنقبون من أوان فخارية عليها رسوم مؤطرة بخطوط هندسية ملونة لحيوانات وطيور، ومن تشكيلات لشخوص أنثوية وحيوانات من الصلصال المشوي .

 

 

وفي الألف الخامس ق.م نُظِّم الري ورُوِّض الجاموس في سهل خوزستان، وبدأت أعمال التعدين في هضبة  إيران المركزية، وفي الألف الخامس ق.م قامت دولة عيلام ومركزها سوسة في جنوب غربي البلاد، وفيها عُثر على رقم تحمل كتابة صورية، وعلى منحوتات صغيرة وأختام أسطوانية.

ودلت الأواني المصنوعة من حجر الطلق على علاقات كانت قائمة مابين إيران وبلاد الرافدين، يضاف إلى ذلك أن إيران الألف الثالث ق.م كانت منطقة عبور اللازورد من أفغانستان إلى بلاد الرافدين، وأنها استوحت أوابدها تخليداً لانتصاراتها من الفن الأكدي الرافدي، وأن الكتابة المسمارية الرافدية حلت محل الكتابة العيلامية في إيران منذ نحو 2200ق.م، وفي الألف الثاني ق.م بنى حاكم سوسة أنتاشي غال نحو 1200 ق.م قصراً ومعابد وزقورة ضخمة، أما العمارة في الألف الأول ق.م فلم يبق منها سوى مقابر الميديين الضخمة.

ـ الأخمينيون

تعد الامبراطورية الأخمينية من أوسع دول الشرق القديم انتشاراً، وقد ترعرع على امتداد هذه الامبراطورية فنٌ نهل من حضارات الشعوب المجاورة ولاءم بين عناصرها الفنية مثل : الثور الآشوري المجنح، والنحت  الجداري الحثي والبابلي، والأشكال الفرعونية الرمزية، إضافة الى تأثيرات الفن الإغريقي.   

بدأ الأخمينيون بناء القصور منذ القرن السابع ق.م، وكانت مدينة بازر غاده Pazargade  التي أسسها قوروش (قورش) الثاني الكبير نحو سنة 550 ق.م، أول عاصمة أخمينية، ويقوم نظام البناء فيها على مبدأ القاعة المعمدة ببابيها الرئيسين والثورين المجنحين، وفي الشمال الغربي لمدخل قصر قورش يقع قصر الجلوس والاستماع، وإلى جانبه يقوم قصر الاستقبال والحفلات، ومما يلفت النظر في عمارة هذه المدينة ظهور العمود الأخميني، ابتكار العمارة الإيرانية الفذ، وهو عمود حجري مؤلف من بدن تحز محيطه قنوات شاقولية، ويقوم على قاعدة ناقوسية، ويحمل تاجاً مركباً، وفي قسمه العلوي منحوتة على شكل مقدمتي حصانين أو ثورين ملتصقين.

 

لم يبق من معبد بازرغاده، الذي أقيم على أرض مسوّرة، سوى مذبحي النار الخالدة، وقاعدة من ست  درجات وجدار برج مربع. ويعد ضريح قورش الثاني العائد للقرن السادس ق.م من مباني المدينة  المهمة، ويقوم هذا الضريح على أرض مربعة محاطة بسور من الآجر، ويتألف من حجرة واحدة مسقوفة بجملون حجري، ويؤمه الزوار اليوم بوصفه «قبر أم سليمان».

أسس داريوس الأول عاصمته برسيبوليس في أواخر القرن السادس ق.م، وسهر خلفاؤه على تجميلها وتوسيع رقعتها. بنيت المدينة على منبسط مرتفع، ويُصعد إليها بدرجين رئيسين عريضين ومزينين بمنحوتات  بارزة تتناول موضوعات من حياة الملك وعيد النوروز، وقد نحتت مقبرتها الملكية في مرتفع صخري، ويعلوها  نحت بارز يمثل مشهداً من حياة الملك مع نص منقوش.

وعرفت الحقبة الأخمينية أيضاً فنوناً تطبيقية ذات قيمة عالية تتمثل في صحف وأوان وكؤوس من معدن ثمين مزخرفة ولها قبضات على أشكال حيوانات مختلفة، وفي تماثيل برونزية صغيرة الحجم، وفي أسلحة مزخرفة وحلي وأختام أسطوانية ورؤوس آدمية من اللازورد.

ـ البارثيون

بعد وفاة الاسكندر الكبير سنة 323ق.م اجتهد خلفاؤه بطبع المنطقة الواقعة تحت سيطرتهم بالطابع الهلّيني، ويدل على ذلك المنحوتات المجسمة التي عثر عليها في «نمرود داغ» (كلخ حالياً) في سورية، وفي جداريات موقع «كوهي خواجا» في إيران، وعند تولي الإيرانيين البارثيين السلطة بين سنتي 250 ق.م ـ 224 م دعوا إلى التمسك بالتقاليد الفنية الإيرانية بمنأى عن الجمالية الإغريقية، وشيدوا مدينة نيزا عاصمتهم الأولى، وأقاموا قصراً ملكياً ومعابد، وإليهم تعود فكرة الإيوان المفتوح إلى الخارج والبيت المربع بفنائه المكشوف.

توزع الفن البارثي في إيران وخارجها (روسية والهند والصين وسورية ـ تدمر والصالحية ـ والعراق)، وإن أهم مافي هذا الفن لجوؤه إلى التصوير الجبهي في رسم الأشخاص لمنح النظرة الإنسانية حضوراً ومن ثم استمرارية الحياة.

ـ الساسانيون

تسلّم الساسانيون السلطة منذ الربع الثاني من القرن الثالث الميلادي، وبمقدمهم حل في البلاد فن فارسي جديد يعد فنَّ عصرِ النهضة القومي الإيراني، وفيه انتشرت القاعة المربعة التي تحمل قبة على أربعة عقود، وانتشر معها الإيوان والقبوة، وزينت المنشآت بالزخارف الجصية.

بنى أردشير الأول مؤسس السلالة الساسانية عاصمته فيروزاباد في النصف الأول من القرن الثالث الميلادي، على مخطط دائري، ونصب في مركز المدينة معبداً للنار، وبالقرب من العاصمة وعلى صخرة وسط مضيق نهري بنى قصراً محصنا أسماه «قلعة دختار» وعلى الجرف الصخري مشهد بالنحت البارز يخلد انتصار أردشير على أرطبان البارثي، وعلى بعد مائة متر من المشهد السابق مشهد آخر يمثل الإله «أهورا مزدا» يتوج أردشير.

وفي النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي بنى شابور (شاهبور) الأول خليفة أردشير، قصراً في العاصمة الكبرى «طيسفون» (المدائن)، وقد عدت بعد الفتح العربي الإسلامي من العجائب وصارت مكاناً للنزهة.  وتخليداً لانتصاره على «فاليريان» الامبراطور الروماني سنة 260 بنى مدينة وقصراً سماهما «بيشابور»، وجعل مخطط المدينة شطرنجياً ويحيط به سور وخنادق، وقد عثر المنقبون على قاعة كبيرة مربعة الشكل طول ضلعها 20 م وترتفع قبتها 25 م، والقاعة مزينة بزخارف جصية ملونة بالأحمر والأصفر والأسود، كما عثر في جوار القاعة على مشاهد فسيفسائية أرضية مرصوفة بالطريقة الإيرانية الرومانية. وتركت الحقبة الساسانية أيضاً فنوناً تطبيقية مهمة قوامها الأواني والقوارير المعدنية المزينة بمشاهد الصيد والعري الأنثوي، ومن أهم تلك الأواني ماتسمى واحدتها «آنية سليمان» وتصور ملكاً يجلس بجلال عاقد الساقين، كما اشتهرت فنون الخزف ذي البريق المعدني والتطريز والسجاد والبسط، وقد ساعد موقع إيران على طريق الحرير في نمو فن الحياكة وتعدد ورشاته، وما فتىء تأثير العمارة والفنون الساسانية في إيران نافذاً في عمارة الحقبة الإسلامية اللاحقة وفنونها. 

الحقبة الإسلامية (2 ـ 12 هـ/ 8 ـ 18م)

سقطت الامبراطورية الساسانية بيد العرب المسلمين بعد معركتي القادسية وجلّونة سنة 16هـ (637م)، وأصبحت إيران جزءاً من البلاد الإسلامية. ومع أن الوسط الحضاري الإيراني منذ الفتح الإسلامي بقي محافظاً في مجالي العمارة والفن على الهوية الناتجة من تلاقي الحضارات المختلفة التي مرَّت على إيران أو نشأت على أرضها وتمازجت خلال الحقب السابقة، فإن عبقرية الفكر الإسلامي قد أضفت على تلك الهوية طابعاً مميزاً. وقد

مرت إيران في ظل الإسلام بأربع مراحل تواكبت معها أربعة طرز معمارية وفنية هي على التوالي:

ـ الطراز العباسي: من القرن الثاني الهجري إلى الخامس (8-11م).

ـ الطراز السلجوقي: من القرن الخامس الهجري إلى السابع (11-13م).

ـ الطراز الإيراني المغولي والطراز التيموري: من القرن السابع الهجري إلى التاسع (13-15م).

ـ الطراز الصفوي: من القرن العاشر الهجري إلى الثاني عشر (16-18م).

العمارة والزخرفة: ساد الطراز العباسي الأقاليم الإسلامية بعد أن انتقل مقر الحكم إلى بغداد في القرن الثاني الهجري (8 م).

غلب استخدام الآجر والجص في المنشآت المعمارية من الطراز العباسي في إيران وكانت سقوف المساجد محمولة على أعمدة خشبية أو حجرية أو من الآجر أو محمولة على عقود.

من أهم المنشآت الإسلامية التي ما تزال قائمة في إيران، من تلك المرحلة، المسجد الجامع في مدينة نايين الذي شُيد في القرن الرابع الهجري (10م)، وقد زُيّن من الداخل بزخارف جصية تشبه سابقتها في سامراء، وله قبة مبنية بالآجر.

وعُرف في الطراز العباسي في إيران، بدءاً من القرن الثالث الهجري (9م)، العقد الإيراني المدبب الذي أصبح من مميزات العمارة الإسلامية في إيران.

واتصفت المنشآت المعمارية في الحقبة السلجوقية بالضخامة والاتساع وأعطيت أهمية خاصة فيها للمداخل والبوابات المزخرفة وللقباب والقبوات. كما اتصف الطراز السلجوقي باستعمال التزيينات الجصية المجسمة والملونة، ومنها ما كان على شكل أطر تحصر داخلها أشكالاً آدمية أو حيوانية معدلة، إلى جانب القاشاني الأزرق والأسود والفسيفساء.

ونشأت على يد السلاجقة المدارس الدينية الملحقة بالمساجد، واحتوى مخططها المعماري صحناً مكشوفاً فيه «فسقية» تحف بها الشجيرات والزهور وتشرف عليه قاعات مقببة كل قاعة منها ذات طبقتين، ومن القاعات ما هو مخصص لسكنى الطلبة والمدرسين.

أما الأضرحة من الطراز السلجوقي فمنها ما كان للأولياء أو للأمراء، وهي مربعة الشكل أو أسطوانية أو مضلعة ولكل منها قبة مستديرة الشكل أو مخروطية. أما جدران الأضرحة الخارجية فهي مزينة بالزخارف الجصية والمقرنصات والكتابة، أو يشكّل تنسيق الآجر المبنية به زخرفة مميزة.

ازدهرت عمارة المساجد في زمن المغول في إيران وشاع بناء مساجد تعلوها قبة ضخمة ويؤدي إليها مدخل عال فخم، ومنها جامع «جوهر شاد» في مدينة مشهد.

 

 

كما استمر بناء الأضرحة في عصر المغول في إيران، ومنها ضريح إحدى بنات هولاكو في مدينة مراغة، وهو برج مزين بالطوب المطلي بالميناء وبالفسيفساء ويعلوه هرم مثمن، وضريح السلطان التيموري «الجايتو خدابنده» في مدينة سلطانية وفيه عقود وله قبة.

وازدهرت المدارس في العصر التيموري في إيران ومنها مدرسة «خردجرد» وقد بنيت سنة 849هـ (1445م)، وتحتوي على صحن مربع تحيط به إيوانات من طبقتين، وفي وسط كل جهة من الجهات الأربع إيوان كبير عقده مدبب، وعلى جانبي المدخل منارتان أسطوانيتان مرتفعتان. ومنذ القرن التاسع الهجري (15م) أصبح للمساجد في إيران مئذنتان منفصلتان تحفان بالمدخل لا تستخدمان للآذان بسبب ارتفاعهما، بل يؤدي المؤذن مهمته على سطح المسجد.

أما أضرحة الأسرة التيمورية في سمرقند فأبرزها ضريح تيمورلنك المسمى «جورمامير» وقد بني سنة 808 هـ (1405م) على شكل برج مثمن الأضلاع عليه قبة مضلعة، ومزين بشريط من الكتابة الكوفية من الآجر المطلي بالميناء.

 

 

وقد ظهر تأثير الشرق الأقصى في الزخرفة المعمارية، في الطرازين المغولي والتيموري في إيران، إذ احتوت تلك الزخارف أشكالاً لحيوانات خرافية وصوراً آدمية صينية السحنة.               

امتازت العمارة الدينية في العصر الصفوي بقباب بصلية الشكل ومنارات أسطوانية مرتفعة، تزينها فسيفساء خزفية بألوان يغلب الأزرق فيها تمثل كتابات تتخللها زهور وفروع نباتية.

ويعد ضريح ومسجد الشيخ صفي الدين في أردبيل، من القرن العاشر الهجري (16م)، من المنشآت المعمارية الصفوية المهمة، ويتألف من مدخل ضخم تليه حديقة مستطيلة توصل إلى مبانٍ تحيط بفناء داخلي يقع المسجد القديم على يساره، وهو بناء مثمن الشكل فيه أعمدة خشبية ولبس له محراب إنما تقع القبلة باتجاه مدخله، ويقع ضريح الشيخ إلى يمين الفناء الداخلي وبجواره بهوُ مبني بالآجر فيه عقد مدبب مزين بالمقرنصات. وتعد أضرحة الأئمة في العراق في كربلاء وسامراء والنجف أمثلة على أسلوب العمارة الدينية الصفوية.

كذلك لاقت القصور عناية فائقة في العصر الصفوي، واكتست جدرانها بمربعات القاشاني التي تشكل صوراً تحاكي تلك التي في لوحات الفنانين المصورين من تلك الحقبة. وتحتوي بعض القصور على صور جدارية ولوحات زيتية متأثرة بالفن الغربي الأوربي.

وشملت عناية الحكام كذلك تخطيط المدن وتنسيق المرافق العامة وغرس الأشجار (ميدان شاه في أصفهان) وتشييد القناطر والأسواق والخانات.

فنون المعدن والخزف: يتصف الطراز العباسي، فيما يخص فنون التحف المعدنية والخزف ذي البريق المعدني في إيران، بأنه استمرار لاستخدام العناصر والموضوعات الزخرفية الساسانية، وذلك مثل ما كان يُصنع في العراق وسورية ومصر في القرنين الثاني والثالث الهجريين (8-9م).

وازدهرت تلك الصناعات الفنية في مرحلة الطراز السلجوقي مع إضافة كتابات بحروف عربية إلى نتاجات تلك الفنون، إلى جانب العناصر والموضوعات الساسانية، ففي التحف المعدنية مثلاً كانت قوائم الحروف العربية تنتهي برؤوس آدمية. أما ما يتصل بالتحف الخزفية، فقد نما في الطراز السلجوقي فيها نوع يسمى «كُبرى» فيه رسم حيوان أو طير على أرضية من الفروع النباتية، ونوع يسمى «مينائي» فيه رسم أمراء أو فرسان على أرضية بيضاء أو زرقاء. وقد استمرت صناعة فنون المعدن والخزف في إيران في كل مراحل الحقبة الإسلامية اللاحقة، وكان تيمور قد نقل إلى إيران مهرة صناع تلك الفنون من سورية ومصر. أما في المرحلة الصفوية فقد راج الخزف الصيني إذ إن الشاه عباس الثاني استقدم إلى أصفهان خزافين من الصين، كما صُنّعت في إيران في المرحلة الصفوية صناديق من المعدن المطّعم وصفائح لتغليف الأبواب وكذلك أدوات كنسيّة كانت تصدر إلى أوربة.

فنون الأسلحة والصياغة والخشب: اشتهرت، في المرحلة التيمورية في إيران، صناعة الخوذ المعدنية الناقوسية الشكل التي تُلبس فوق العِمَّة ولها قسم لوقاية الوجه، وكذلك صناعة السيوف المستقيمة ذات النصل العريض وعليها زخارف تمثل صراع التنين والعنقاء.

وارتقت صناعة الأسلحة في المرحلة الصفوية في إيران، فذاع صيت السيوف المقوسة الصفوية، والخناجر الصفوية في العالمين الإسلامي والأوربي.

ولم يتوقف فن الصياغة وصناعة الحلي في كل مراحل الحقبة الإسلامية في إيران، وكانت تتغير نتاجات هذا الفن بحسب طراز كل مرحلة ومعطيات التأثيرات الفنية فيها.

وقد استمرت صناعة الخشب الفنية في إيران، في الحقبة الإسلامية، من أبواب وأسقف ومنابر وكراسي المصاحف، وكانت الزخارف المحفورة عليها زخارف هندسية، بحسب قواعد «الخيط العربي»، ونباتية مع كتابة عربية إسلامية، وذلك مثل أبواب قبر السلطان محمود الغزنوي من القرن الخامس الهجري (11م) وسقف المسجد الجامع في شيراز من القرن الثامن الهجري (14م).

السجاد والمنسوجات: يرجع أقدم نماذج السجاد الإسلامي في إيران إلى مرحلة الطراز السلجوقي في القرن السادس الهجري (12م)، وينسب ما بقي منها إلى آسيا الصغرى، والسجاد ملوّن بمختلف درجات الأحمر والأزرق وله أرضية من زخارف هندسية مكررة يحف بها من جهاتها الأربع حروف كوفية قد لايعرف مدلول كلماتها..

وقد استمرت صناعة السجاد في المرحلتين المغولية والتيمورية في إيران، وكانت أهم مراكز صناعته في القفقاس وقوام زخارفه حيوانات خرافية وحقيقية مبسطة الشكل.

 

ازدهرت صناعة السجاد في المرحلة الصفوية في إيران وتطورت، ويعود أقدم نماذج السجادة ذات الصرة إلى القرن العاشر الهجري (16م) وتمت صناعتها في تبريز وقاشان وأذربيجان، وألوانها الغالبة الأحمر والأخضر والأزرق والأبيض. كذلك تعود إلى المرحلة الصفوية السجادة ذات باقات الزهور ومراوح النخيل المرتبة هندسياً بموازاة المحور، وصنعت أقدم نماذجها في القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين (16، 17م)، وتمتاز هذه السجادة بكثافة وبرها وضيق إطارها وأرضيتها الزرقاء أو الحمراء. كما تعود إلى تلك الحقبة السجادة ذات الرسوم الحيوانية ومناظر الصيد والسجادة الحريرية المحلاة بخيوط الذهب والفضة (التي سميت خطأً بالسجادة البولندية)، في أقدم نماذجها  وقد صنعت في نهاية القرن العاشر الهجري (16م).

أما سجادة الصلاة فكانت تنسج في كل مراحل الحقبة الإسلامية في إيران، وكانت أهم مراكز صناعتها في تبريز، وتتميز بما عليها من رسم محراب في وسطها.

وبقيت صناعة المنسوجات في الحقبة الإسلامية في إيران كما كانت عليه هذه الصناعة في الحقبة الساسانية، وانتشر الحرير الصيني في إيران على يد المغول وقلّد الإيرانيون زخارفه فصنعوا أنواعاً جيدة من الديباج محلاة بالذهب والفضة صدروها إلى أوربة وفيها تزيينات وصورحيوانات وزهور وكتابة بالخط العربي. وكان تيمور قد استقدم إلى إيران نسَّاجين من بلاد الشام والصين.

وامتازت صناعة الأقمشة الحريرية والديباج، في المرحلة الصفوية، بتزيين منسوجاتها برسوم تشبه صور المنمنمات الإيرانية، وظهرت في هذه المرحلة المنسوجات المطبوعة المعروفة باسم «قلم كار».

فنون صناعة الكتاب (الخط والتذهيب والتصوير والتجليد) وفن التصوير

ازدهرت فنون صناعة الكتاب في مرحلة الطراز السلجوقي في إيران، وترجع أقدم المخطوطات الإيرانية المذهبة إلى تلك المرحلة، ومن ميزاتها  ظهورالخط النسخي المدور إلى جانب الخط الكوفي الموّرق في القرن السادس الهجري (12م)، واستخدام الورق بدل الرق، وشكل تلك المخطوطات متطاول إلى الأعلى.

كذلك ظهر امتداد لمدرسة التصوير المسماة مدرسة بغداد أو العراق، وهي من مدارس التصوير العربي في المخطوطات.

وعندما احتل المغول إيران أحضروا معهم فنانين وتراجمة من الصين، فدخلت  أساليب الفن الصيني في تصوير المخطوطات الإيرانية، وتغيرت سحنة الأشخاص ومال الأسلوب إلى الدقة في إظهار الملامح الطبيعية وكثرت أشكال تصوير الغيوم على الطريقة الصينية والحيوانات الخرافية وكل ما لا نجده في مدرستي التصوير البغدادية والسلجوقية السابقتين اللتين تعتمدان الطريقة الاصطلاحية أي التي يبدو التعبير فيها في بداهة الشكل وتلقائية رسمه.

ظلت بغداد حتى القرن الثامن الهجري (14م) محتفظة بشهرتها في كتابة المصاحف وتذهيبها، مع ما أصابها على أيدي المغول، إلى أن انتقلت الريادة في فنون الكتاب إلى تبريز وسمرقند منذ أواخر القرن المذكور. ومن آثار تلك الحقبة نسخة من مخطوط «جامع التواريخ» للوزير رشيد الدين المؤرخة في سنة 714هـ (1314م)، وهي مزينة بموضوعات من السيرة النبوية ومن الإنجيل ومن الديانة البوذية، (والنسخة مجزأة اليوم بين جامعة أدنبرة والجمعية الآسيوية في لندن). وهناك أيضاً مخطوط الشاهنامة الذي كتب في شيراز سنة 772هـ (1388م) في زمن الشاعر حافظ الشيرازي، (وهو اليوم محفوظ في متحف طوب قابو في الآستانة).

وتعد المرحلة التيمورية في إيران العصر الذهبي في تجويد الخطوط، وكانت إيران إبانها قبلة أنظار الخطاطين والمذهبين والمجلدين في الأصقاع الإسلامية الأخرى. كما بدأ الأمراء الإيرانيون بتأسيس مكاتب لجمع فنون الكتاب في تلك المرحلة.

وانتشر في القرن التاسع الهجري (15م) في إيران خط «النستعليق» الفارسي الذي ينسب ابتكاره إلى الخطاط الإيراني ميرعلي في أواخر القرن الثامن الهجري وتبعه في ذلك تلميذه مولانا أطهر التبريزي (880هـ/ 1470م)، ثم ظهر في إيران الخط الديواني وقد ابتُكر بالتنسيق من خطي النسخ والنستعليق.

وتطورت صناعة الورق في المرحلة التيمورية فصُنع ورق فاخر من الحرير والكتان، كما تطورت صناعة الورق الرخامي. ومن أثار تلك الحقبة مخطوط الشاهنامة المقدم إلى السلطان بايسنقر سنة 831هـ (1427م) ويحوي صورةً لكل من الخطاط والمصوّر والمذّهب الذين شاركوا فيه.

واشتهرت في المرحلة التيمورية «مدرسة هراة» في تصوير المنمنمات الفارسية وذلك في القرنين الثامن والتاسع الهجريين (14 ،15م)، ويُعد بهزاد [ر] من أهم مصوري هذه المدرسة، فقد ولد في هراة سنة 854هـ (1450م)، وفيها ذاع صيته وظل يعمل هناك حتى سقطت المدينة في يد الشاه إسماعيل الصفوي سنة 916هـ/1512م فانتقل معه إلى تبريز.

وازدهر نسخ المصاحف وتزيينها، في المرحلة الصفوية، في تبريز وأصفهان خاصة، وكذلك نسخ الشاهنامة ودواوين الشعراء الإيرانيين، وأخذت قصص الأبطال الإيرانيين القدماء تحتل مكان الصدارة في المخطوطات المصورة وانتقل تأثيرها إلى الرسم والنقش على التحف المعدنية والخزفية وإلى مشاهد الفسيفساء والمنسوجات والسجاد في تلك المرحلة.

وتعد مدرسة بخارى في تصوير المخطوطات في القرن العاشر الهجري (16م) امتداداً لمدرسة بهزاد.

واشتهر في هذه المرحلة المصور رضا عباسي [ر] (1575-1635م) الذي نشأ في مدينة أصفهان، وتأثر بمدرسة التصوير الهندية، ومارس، إلى جانب التصوير في المخطوطات، التصوير بالزيت على لوحات قماشية وفق الأسلوب الأوربي.

وجدير بالذكر أن الشاه عباس الثاني (1052-1077هـ/1642-1667م) أرسل المصور محمد زمان ليدرس التصوير في رومة.

العمارة الحديثة والفن الحديث في إيران

ترجع جذور العمارة الحديثة والفن الحديث في إيران إلى المرحلة الصفوية من الحقبة الإسلامية، وخاصة إلى عهد الشاه عباس الثاني، وقد شمل التطور في تلك المرحلة أساليب العمارة والفنون التي كانت سائدة قبلها في المرحلة التيمورية، وذلك أن إيران قد باشرت في المرحلتين المذكورتين، التيمورية ثم الصفوية، الاتصال بأقطار شرقية كالصين والهند من جهة وأقطار غربية أوربية كإيطالية من جهة أخرى.

العمارة والزخرفة المعمارية: تدل نماذج العمارة الحديثة في القرن العشرين في إيران على أنها سارت في ثلاثة اتجاهات:

ـ اتجاه اتباعي تقليدي في المساجد والأضرحة يتبع تقليد العمارة الصفوية وزخرفتها كما في مقام الإمام الخميني ومقام الشاه عبد العظيم ومسجد الشهداء، وكلها في طهران، وضريح الشاعر العارف العطار النيسابوري في نيسابور.

ـ منشآت معمارية تخضع لمفاهيم العمارة الأوربية الحديثة وتتحلى باستلهام التراث الإيراني واستخدام الجص والفسيفساء، مثل قوس النصر في طهران ومتحف طهران والمجلس الإسلامي الاستشاري في طهران، وحديقة شازدة في كرمان وجامعة كرمان وضريح الرسام كمال الملك في نيسابور.

ـ المنشآت المعمارية العامة والسكنية المقامة وفق الطراز العالمي في العاصمة الإيرانية طهران والمدن الأخرى.

الفنون الأخرى:

 

التصوير: تدل نماذج التصوير في القرن العشرين في إيران على أنها تسير في أربعة اتجاهات:

ـ اتجاه اتباعي تقليدي يسير محترفوه في ركاب مصوري المدرستين التيمورية والصفوية في تزويق المخطوطات ويستلهمون الشعر الإيراني والقصص الشعبية مع إدخال تعديلين اثنين، الأول تصوير روح القصيدة أو رموز القصة بدل الالتزام الحرفي بالنص، والثاني التأثر بالتصوير الغربي الأوربي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين. ومن فناني هذا الاتجاه محمود فرشجيان وعليجان بور وحسين همداني.

ـ اتجاه حديث يعمل على تضمين اللوحة عناصر مستوحاة من التصوير الاتباعي المنمنم الإيراني، ومن الفنانين فرهاد مشيري وجعفر بتكر وريحانة بختياري حائري وإيرج اسكندري، يضاف إليهم الفنانون الذين يعالجون في لوحاتهم التصوير الحروفي الذي يعتمد التأليف بالحرف العربي ومنهم رأفت نكارنده ونصر الله أفجه إي.

ـ اتجاه حديث يتبع الاتجاهات العالمية في الفن الحديث والمعاصر ممثلاً بأعمال الفنانين علي أكبر صنعتي وبهرام خاوران، وعلي سيران، وغلام حسين سهرابي، ومرتضى دره باغي، وعبد الحميد قديريان، وسيد محمد طباطبائي، ومحمد بولادي، وميرحسن موسوي وغيرهم كثر.

ـ اتجاه ملتزم بمواضيع الثورة الإسلامية في إيران يعالجها بأسلوب تغلب عليه الواقعية الرمزية ممثلاً بأعمال الفنانين علي وزيريان ثاني، وحبيب الله صادقي، وإيرج اسكندري وغيرهم.

الخط: يستمر الخطاطون الإيرانيون الحديثون بتجويد الخطوط التقليدية وأهمها خط النستعليق الفارسي في رقع تتضمن آيات كريمة وحكماً مكتوبة على خلفية من زخارف نباتية وتذهيب. ومن الخطاطين غلام حسين أميرخاي، وعباس أخوين، وجليل رسولي، وجواد بختياري، ويد الله كابلي.

الخزف والنحت: تستمر أساليب الخزف الإيراني ذي البريق المعدني باتجاهين، الأول يستوحي الخزف التقليدي وزخارفه والثاني متطور يعمل على صنع أشكال نحتية تجريدية مستعملاً التقنية التقليدية.       

السجاد والأقمشة المطبوعة والمعادن والصياغة: استمرت هذه الفنون في إيران في المرحلة المعاصرة باتباع الأساليب التقليدية الإيرانية في مجالها.

 

إلياس الزيات

 

 

 

 


- التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية - النوع : عمارة وفنون تشكيلية - المجلد : المجلد الرابع، طبعة 2001، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 375 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة