آخر الأخبار
منظومات التحكم الموزع (اللامركزي)
منظومات تحكم موزع (لامركزي)
Distributed Control Systems - Systèmes de contrôle distribué
منظومات التحكم الموزع (اللامركزي)
تتميز المنظومات واسعة النطاق large scale systems بأنها تتوزع على منطقة متباعدة جغرافياً مما يجعل من الصعب استخدام طرائق التحكم المعروفة ونظرياتها لتحسين أداء مثل هذه المنظومات أو للتحكم فيها، ولهذا أطلق عليها اسم المنظومات الموزعة distributed systems. وعلى الرغم من أن طرائق القياس وتحصيل الإشارات والمعلومات في هذه المنظومات تخضع للمبادئ الفيزيائية المعتمدة في المنظومات المتركزة في حيز مكاني واحد، إلا أن نقل هذه الإشارات وتجميعها في مكان واحد لاستخدامها لأغراض التحكم والقيادة أمر يتعذر تنفيذه لتعقيده تقانياً ولكلفته الاقتصادية العالية. وقد تطلبت طبيعة هذه المنظومات الخاصة وأهميتها الاقتصادية والتقانية من الباحثين في القرن الماضي تخصيصها بدراسات معمقة لتطوير طرائق للتحكم فيها ومعالجة معطياتها، فنشأ ما صار يعرف بالتحكم اللامركزي decentralized control، أو الموزع distributed control والمعالجة الموزعة distributed processing حيث زودت هذه المنظومات بعدد من المتحكمات المحلية والمبنية على المعلومات المتوافرة محلياً للنظام الجزئي، وعلى أقل قدر ممكن من المعلومات عن المنظومة الكبيرة بكاملها. وقد صارت هذه المنظومات الواسعة النطاق مع متحكماتها تعرف بمنظومات التحكم الموزع التي تتألف عادة من مجموعة من المنظومات الجزئية المترابطة والممتدة جغرافياً على مساحات كبيرة.
مسوّغات وجودها:
بدأ الاهتمام بمنظومات التحكم الموزع مع تطور التقانات والصناعة ونشوء المنظومات الوسيعة. وقد طوّر المهندسون منذ الخمسينيات من القرن العشرين إجرائيات وطرائق للتحكم بالمنظومات باستخدام ما يسمى التحكم الكلاسيكي أو فضاء الحالة التي تحلل المنظومات وتصممّها. ويمكن تلخيص هذه الإجراءات كما يأتي:
ـ إجراءات النمذجة التي تتألف من مجموعة من المعادلات التفاضلية وتوابع التحويل والصيغ في فضاء الحالة.
ـ إجرائيات سلوكية للنظم مثل التحكمية controllability والرصدية observabilityواختبارات الاستقرار، مثل طرائق نايكويست Nyquist، ورووث - هورفيتز Rowth- Horvitz وطريقة ليابونوف Lyaponov الثانية وغيرها.
ـ طرائق تحكّم مثل إعادة توضيع الأقطاب والتحكم الأمثل.
وقد كانت الفرضية الأساسية لجميع هذه الطرائق هي فرضية المركزية أي تجميع المعلومات ونقلها إلى مكان مركزي واحد تتم فيه المعالجة وإصدار القرارات اللازمة لضمان الأداء المطلوب، ثم ينقل هذا القرار إلى أجزاء النظام.
السمة الواضحة المهمة للمنظومات الوسيعة النطاق هي إخفاق مفهوم المركزية فيها إما لقصور إمكانيات الحاسوب عن معالجة هذا الحجم من المشكلات؛ وإما عدم توافر جميع المعلومات اللازمة لاتخاذ القرار مركزياً. والسمة الأخرى المهمة أن معظم هذه المنظومات تمثّل اليوم نماذج لمسائل حقيقية ولا مركزيتها وتعدد مستوياتها، وهذه أمور واقعة لكثير من المنظومات الاجتماعية والاقتصادية والإدارية والبيئية ومصادر الطاقة والمياه والنقل والفضاء. وإن معظم هذه المنظومات موزعة جغرافياً، وتتطلب معالجتها التفكير ليس فقط بالكلفة الاقتصادية؛ بل بوثوقية وصلات الاتصال وقيم المعلومات وغيرها أيضاً.
نماذجها الديناميكية والصعوبات التحكمية:
النماذج الرياضية لمعظم المنظومات الموزعة جغرافياً معقدة وكبيرة الحجم سواء أكانت منظومات خطية أم غير خطية.
يبرز في مسائل النمذجة لهذه المنظومات عاملان متناقضان هما التبسيط simplicity والدقة accuracy. فمن جهة يراد تبسيط النموذج لمثل هذه المنظومات المعقدة لتبسيط العمليات الحسابية وتسريعها، وقد يقود هذا التبسيط إلى أن يكون النموذج الناتج لا يتطابق بأدائه مع النموذج الأصلي الكبير من جهة. ومن جهة ثانية، فقد يقود نموذج تفصيلي دقيق إلى تعقيدات غير ضرورية تجعل من معالجة النموذج أمراً صعباً للوصول إلى أيّ نتائج مفيدة. ولهذا لابد من إيجاد حلّ يراعي الوصول إلى نموذج مبسط؛ ويحقق إلى حدّ معقول الدقة المطلوبة في مقاربة المنظومة الأصلية.
لهذا وعند نمذجة مثل هذه المنظومات لابد من مراعاة تحديد الهدف من النموذج بوضوح، وتحديد الحدود الجغرافية للمنظومة، والعلاقة البنيوية بين مكونات المنظومة الموزعة جغرافياً، وتعريف عدد من المتحولات اعتماداً على البنية الفيزيائية للمنظومة، والتوصيف الرياضي لكل من هذه المتحولات، وتوضيح العلاقة بين مختلف المتحولات للوصول إلى النموذج الكلي للمنظومة. يتضح من ذلك أن هذا النموذج يطوِّر من اختصاصيين في مجال عمل المنظومة المدرَّسة وفقاً لطبيعتها، مثل شبكات الكهرباء ونقل المياه وتوزيعها والمرور وغيرها. وتكون النتيجة مجموعة من المعادلات التفاضلية المصفوفية (خطية أو غير خطية) التي تُبسَّط لتسهيل الحلّ.
تعطى معادلة منظومات كهذه بعد تبسيطها وتقريبها؛ لتكون خطية بالشكل:
X = AX + BR
Y = CX
حيث X يمثل شعاع الحالة الذي يتألف من n متحول X=[x1,x2,x3,…,xn] والمصفوفة A مؤلفة من عدة مصفوفات جزئية على النحو:
تمثل المصفوفات Aij (حيث i ≠ j) قيم الترابط بين المنظومات الجزئية المكونة للمنظومة الواسعة النطاق. ومن ثم تُعطى معادلة كل منظومة جزئية بالصيغة:
التحكم اللامركزي (الموزع) للمنظومات الواسعة النطاق:
نشأ التحكم اللامركزي نتيجة تعذر نقل جميع المعلومات المتعلقة بمتحولات الحالة للنظام الجزئي واللازمة للتحكم بالمنظومة الكبيرة من مختلف مكوناتها العديدة والمتباعدة إلى موقع مركزي لأسباب تقانية متعددة ولأسباب اقتصادية تتعلق بارتفاع كلفة تنفيذها؛ لهذا بدأ الباحثون بتقسيم المنظومة الكبيرة إلى منظومات جزئية مترابطة مع بعضها. ويتم التحكم والوصول إلى الهدف بتطبيق نظريات معروفة للتحكم بالمنظومات الجزئية المحلية وباستخدام المعلومات المتوافرة محلياً لتغذيتها خلفياً على نحو رئيس وبعض المعلومات المركزية، ويؤمل أن يؤدي ذلك إلى التحكم بالمنظومة كلّها والوصول إلى الأداء المرغوب فيها.ومن أهم الموضوعات التحكمية ثلاثة:
1 - الاستقرار في مثل هذه المنظومات الكبيرة الحجم والموزعة جغرافياً والمترابطة فيما بينها باستخدام ما توفر من معلومات محلية.
2 - التحكم اللامركزي في هذه المنظومات حينما تكون المنظومات خطية أو غير خطية بحيث تصاغ مسائل التحكم على المستوى المحلي وباستخدام المعلومات المحلية للوصول إلى السلوك المطلوب للمنظومة كلّها.
3 - تحقيق هذا التحكم حينما تكون المنظومة عشوائية random أو إحصائية statistical.
أمثلة تطبيقية عليها ومشكلاتها:
برزت الحاجة إلى التعامل مع هذه المنظومات نتيجة للتطور التقاني الذي شهدته نواحي الحياة كافة. مثال على ذلك الشبكة الكهربائية في أيّ دولة؛ والتي تتألف من عدد كبير من محطات التوليد الموزعة جغرافياً، تربط بينها شبكة كهربائية من جهة؛ وتوزع الطاقة الكهربائية إلى المستهلكين من جهة ثانية. يصعب دراسة هذه المنظومة منظومةً واحدة لكبر حجمها. كما يصعب نقل جميع متحولات المنظومة (محطات التوليد والشبكات) إلى موقع مركزي؛ ليصار إلى التحكم بكامل المنظومة من قبل متحكم مركزي، علاوة على التعقيد غير المقبول لهذا المتحكم إن أمكن استيعابه. لهذا يستعاض عن ذلك بالتحكم بكل منظومة محلياً للتأكد من استقرارها وضبط سلوكها ثم التأكد من استقرار المنظومة الكلية وحسن أدائها أيضاً.
مثال آخر هو التحكم بمستوى التلوث في نهر ما. يتم عادة قياس نسبة الملوثات التي تصبّ في النهر من كل مصنع أو بلدة. وليس عملياً نقل هذه القياسات إلى موقع مركزي على مسار النهر لكلفتها الاقتصادية وتعذّرها عملياً معالجة وتحكماً.
فيصل العباس
الموضوعات ذات الصلة: |
الأتماتية ـ التحكم ـ التحكم الموائم ـ الروبوتية.
مراجع للاستزادة: |
- ARTHUR G.O. MUTAMBARA, Decentralized Estimation and Control for Multisensor Systems (CRC 1998).
- AHMET KARAKASOGLU, Design Of A Rule-Based Control System For Decentralized Adaptive Control Of Robotic Manipulators UMI University (Microfilms International 1988).
- DANIEL E. MILLER & LI QIU, Topics in Control and Its Applications: A Tribute to Edward J. Davison (Springer; 1 edition 1999).
- التصنيف : التقنيات (التكنولوجية) - النوع : تقانة - المجلد : المجلد التاسع عشر، طبعة 2007، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 693 مشاركة :
متنوع
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم؟
- - هل تعلم أن الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بناء مداميكه وخاصة في الواجهات
- - هل تعلم أن الإبل تستطيع البقاء على قيد الحياة حتى لو فقدت 40% من ماء جسمها ويعود ذلك لقدرتها على تغيير درجة حرارة جسمها تبعاً لتغير درجة حرارة الجو،
- - هل تعلم أن أبقراط كتب في الطب أربعة مؤلفات هي: الحكم، الأدلة، تنظيم التغذية، ورسالته في جروح الرأس. ويعود له الفضل بأنه حرر الطب من الدين والفلسفة.
- - هل تعلم أن المرجان إفراز حيواني يتكون في البحر ويتركب من مادة كربونات الكلسيوم، وهو أحمر أو شديد الحمرة وهو أجود أنواعه، ويمتاز بكبر الحجم ويسمى الش
- هل تعلم أن الأبسيد كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أب
- - هل تعلم أن أبجر Abgar اسم معروف جيداً يعود إلى عدد من الملوك الذين حكموا مدينة إديسا (الرها) من أبجر الأول وحتى التاسع، وهم ينتسبون إلى أسرة أوسروين
- - هل تعلم أن الأبجدية الكنعانية تتألف من /22/ علامة كتابية sign تكتب منفصلة غير متصلة، وتعتمد المبدأ الأكوروفوني، حيث تقتصر القيمة الصوتية للعلامة الك
- عدد الزوار حالياً 7713
- الكل 95980104
- اليوم 158017
اخترنا لكم
المخاطرة (عقود-)
المخاطرة (عقود ـ) عقود المخاطرة aleatory contracts وتسمى أيضاً بالعقود الاحتمالية وعقود الغرر، وهذه التسمية الأخيرة هي التي اختارها التقنين المدني السوري في الباب الرابع، المواد (705- 737). والعقد الاحتمالي هو العقد الذي يتوقف فيه تحديد قدر التزامات أحد المتعاقدين على خطر حدوث حادثة غير محققة، من شأنها أن تزيد أو تنقص من قدر هذه الالتزامات، مثل عقد التأمين على الحياة، لا يستطيع فيه المؤمن والمؤمن له تحديد مقدار الأقساط التي ستستحق في ذمة هذا الأخير، فقد تطول حياة المؤمن له فيزيد عدد ما يدفعه من أقساط التأمين، وقد تقصر فلا يدفع إلا قسطاً أو أقساطاً قليلة، وفي الفرض الأول يكون المؤمن هو الرابح، وفي الفرض الثاني تكون شركة التأمين هي الرابحة.
التعزيز في علم النفس
التعزيز في علم النفس التعزيز reinforcement مصطلح في علم النفس استخدمه أول مرة إيفان بافلوف[ر] وتبناه جيمس واطسن[ر]، مؤسس المدرسة السلوكية في علم النفس، وتوسع به بورس فردرك سكنر[ر] في «علم التعلم وفن التعليم» لضبط السلوك بأساليب جذابة بدلاً من الأساليب القهرية. وطبّق مفهومه إدوارد ثورندايك[ر] في علم النفس الربطي، كما طبقه أصحاب المدرسة الغشتالتية في علم النفس، والمدرسة المعرفية الحديثة في مفهوم التغذية الراجعة feedback الشائع أيضاً في نظرية النظم الشمولية في التربية، والمعلوماتية والسبرانية الحاسوبية، وهناك أبحاث حديثة في علم الأحياء كشفت عن أثر هرمون الدوبامين[ر] dopamine الذي يفرزه الدماغ في زيادة المتعة واللذة من ثم في التعزيز للتحكم بسلوك الكائنات الحية، وأثره أيضاً في إدمان الخمر والتدخين والمخدرات وغيرها. ولابد من استعراض موجز لدور التعزيز الإيجابي والسلبي أو التغذية الراجعة الإيجابية والسلبية في التحكم بسلوك الحيوان والإنسان، ولكن الإنسان القديم استخدم دور التعزيز بالطعام والشراب واللمس في تهجين الحيوانات وتدريبهاعن طريق الغذاء والماء والجنس، وفقاً للفروق النوعية بين الحيوانات وهي معززات أولية، وهناك معززات أخرى بديلة تسمى ثانوية، كما أن هناك معززات تقوي السلوك في كل موقف وتسمى المعززات المعممة مثل المال الذي يلبي حاجات الإنسان الأساسية والثانوية. وهكذا يتناوب على التحكم بسلوك الإنسان قطبان من المعززات الإيجابية والسلبية يعبر عنها بعبارات التعزيز والتعزير، والثواب والعقاب، والجنة والنار وما شابه ذلك من التحكم بالسلوك عن طريق الرحمة والرفق والإحسان مقابل النقمة ونظيرتها من المصطلحات السلبية، واستخدمت هذه المصطلحات متوازنة بالسلوك في الديانات اليهودية والمسيحية والإسلامية، وفي الأمثال والحكم الشائعة بين الشعوب. والمهم هو في تنويع المعززات واستخدامها في جداول زمنية وعملية.ويستخدم التعزيز في علم النفس المرضي لمعالجة الشذوذ النفسي والاضطرابات النفسية[ر] كالفصام [ر] والاكتئاب النفسي[ر]، وظهر هذا واضحاً في استخدام الدوبامين في اللذة والألم النفسي[ر] وإدمان الخمور والتدخين والمخدرات في الأبحاث الحديثة في علم النفس المرضي والعلاج السلوكي المعرفي. ولذلك يميل المعالجون الطبيون والنفسيون إلى الجمع بين تقنيات التعزيز في الطب وعلم النفس السلوكي والمعرفي معاً في منظومة جامعة شاملة موحدة، وضمن وصفات دقيقة في العلاج الطبي النفسي. ويقصد بالتعزيز الإيجابي كل ما يزيد من احتمال السلوك الذي يحدث بعد إعطائه في زيادة حدوث السلوك نفسه بالمستقبل. والتعزيز السلبي كل ما يزيد من احتمال السلوك الذي يحدث بعد سحبه في زيادة حدوث السلوك نفسه بالمستقبل. والعقاب الإيجابي هو إعطاء الأشياء الكريهة أو (المعزز السلبي) التي تؤدي إلى الهروب من المشكلة أو تجنبها أو الوقاية منها، أو خشية الوقوع بها في المستقبل. والعقاب السلبي هو حرمان الكائن الحي من أشياء ممتعة أو لذيذة كالحرمان من الطعام والشراب والكساء والجنس وغيرها من الأشياء الممتعة لكل إنسان. ويتحول العقاب الإيجابي والسلبي، الذي يهرب منه الكائن الحي من معزز سلبي إلى تعزيز سلبي يتقيه الإنسان لتجنب المكاره. ونتائج التعزيز قد تكون مباشرة فورية أو مؤجلة. وقد يكون الخمر والقمار والمخدرات ذات نتائج لذيذة مباشرة، لكنها مؤلمة على المدى البعيد، ولذلك لا تكون جميع نتائج التعزيز الإيجابي إيجابية دائماً. وقد يحتاج تطبيقها إلى دراسات معمقة ومعقدة، وفق الفروق الفردية التابعة لتاريخ التعزيز لدى الفرد. وتتوجه اليوم مؤسسات التعليم والعدلية والأمن والشرطة إلى الوقاية أكثر من العلاج، وإلى تخفيف العقاب لأغراض إنسانية وحضارية، وللتحكم بالسلوك بتقنيات جذابة أكثر منها نابذة، واستخدام جداول التعزيز الموزعة حسب الزمان وعدد الأعمال. دور التعزيز في التحكم بسلوك الحيوان والإنسان تدريب الحيوان: قامت محاولات عدة لتدجين الحيوانات وتدريبها. فحوّل الإنسانُ الذئابَ الشرسة إلى كلاب تخدم أغراضه، وهجّن حيوانات كثيرة شرسة ونباتية كالنمر إذ حوّله إلى هر، والحصان البري إلى أليف والبقر الجاموس والجمل والفيل والحمار، واستخدمها لأغراضه الخاصة، ودرّب حيوانات عدة لأغراض عروض السيرك والألعاب البهلوانية، أو للتمثيل بالسينما والتلفزيون والفيديو. وتتم آلية التدريب بمراقبة سلوك الحيوان وإعطاء التعزيز أو المكافأة فور قيام الحيوان بالعمل المرغوب فيه، ويزداد احتمال حدوث العمل، ويتعقد سلوكه وفق البرنامج التدريبي، وهذا ما طبقته مدرسة دورف Dorov في تدريب الحيوان في روسية، ومدرسة سكنر وغيره في تدريب الحيوان بألعاب السيرك وأعمال أخرى مفيدة يمكن متابعة تجاربها في برامج التلفزيون والفيديو المتعددة. تدريب الأطفال: يمكن تدريب الأطفال بالتعزيز (وقد يتم بعضها وهو جنين في بطن أمه كالتدريب على الطرب للموسيقى) والقيام بالإشارة المطلوبة بتعزيزها أو النطق المناسب للغة الأطفال والكبار، وكذلك تدريب الأطفال على أعمال يومية مثل ضبط البول والتبرز، والقيام بالنظافة الجسمية والبيئية في المنزل والمدرسة والحي. ويتدرج التدريب بالتعزيز في برامج يعدها الكبار للأطفال أو من خلال لعب الأطفال ضمن برامج الحاسوب. ويتم التدريب بالتعزيز في الروضة والتعليم الابتدائي على التحكم بسلوك القراءة والكتابة والحفظ والمطالعة والمناقشة وعصف الدماغ والإبداع، وكذلك تعلم العلوم اللغوية والإنسانية والرياضيات والعلوم الطبيعية والاجتماعية والمعلوماتية لجميع الأطفال، وخاصة المعوقين، والحرجين والمنطويين. ويفضل بتدريب الحيوان والأطفال استخدام المعززات فوراً بعد العمل في بداية التدريب، ثم تأجيلها إلى جداول تعزيزية تضبط السلوك بتوابع التعزيز. التعلم يعد التعزيز أهم مكون في عمليات التعلم في مختلف الأعمال والمستويات، سواء بتعلم بسيط لضبط سلوك الغدد والعضلات الملساء في الكائنات الحية ونشاطها، بالتعلم الإشاري أو بتعلم إجرائي متسلسل يتناول العضلات المخططة والعقل، يطور فيها الإنسان بيئته الطبيعية والاجتماعية. ويؤكد التعزيز بالتعلم سلاسل الأعمال المعقدة التي يعزز كل سلوك لاحق فيها بالسلوك السابق له، سواء في المعلومات أم المهارات المعقدة، وكذلك يستخدم في طريقة التعلم الذاتي المبرمج بالكتاب والحاسوب لمواد متعددة. العلاج السلوكي المعرفي والطبي يستخدم التعزيز العضوي (الدوبامين) وفي تنبيه مراكز اللذة عند الحيوان والإنسان مما يزيد من احتمال السلوك الذي يأتي بعد التعزيز مباشرة، أو يتوقع حدوثه في المستقبل. وقد أمكن، باستخدامه في شروط مضبوطة وجيدة، التحكم في علاج أمراض نفسية عدة مثل العقد النفسية والفصام والاكتئاب ونسيان الكبار أو الخرف في مرض الزهايمر)، وأمراض عضوية كالارتعاش (مرض باركنسون)، ومازالت الأبحاث جارية لمعالجة أمراض أخرى. التعزيز في المشكلات المعقدة يستخدم التعزيز في معالجة المشكلات المعقدة بالتقدم التدريجي خطوة خطوة في حل المشكلات السياسية أو الاجتماعية المعقدة كما يستخدم في الحروب الكونية، ولهذا لجأت اليونسكو في ميثاقها الأساسي إلى محاولة تجنب الحروب بالتربية الإنسانية والعالمية، والتعاون بين الدول. كما لجأت الدول الكبرى إلى استخدام المال والمعلومات والسلاح لضبط سلوك الدول الصغيرة. وقد يستخدم في معالجة مشكلات طارئة خطرة كالعمليات الإرهابية في خطف الطائرات والسيارات والأشخاص وفي المفاوضات السياسية على المشكلات المعقدة، ولذلك لا يعطى التعزيز إلا بعد قيام الجانب الآخر من المفاوضات بإرضاء وتعزيز الجانب المفاوض الأول بتلبية مطالبه، وعندما تتوازن الظروف يتفق المفاوضان والوسطاء بينهما على التزامن في الحلول لينال كل جانب المعززات المناسبة له، وغالباً ما تكون هذه الحلول تنازلاً عن بعض المنافع، لنيل منافع أخرى يراها كل جانب مناسبة له. وتستخدم جداول التعزيز أيضاً في عمليات المغامرات والمقامرات الاحتمالية أو المحسوبة. ويبدو من مختلف النظريات والتطبيقات المستخدمة في التعزيز أنه صار تقانة لضبط سلوك الإنسان والتحكم به في حالات السلوك السوي والشاذ، ولذلك لابد من التعمق في دراسته للاستفادة منه في الحياة اليومية. فخر الدين القلا الموضوعات ذات الصلة: بافلوف ـ ثورندايك ـ دوبامين ـ واطسن. مراجع للاستزادة: ـ ب. ف. سكنر، «تكنولوجية السلوك الإنساني»، ترجمة عبد القادر يوسف، سلسلة عالم المعرفة 32 (آب 1980، الكويت). ـ فخر الدين القلا، أصول التدريس (مديرية الكتب الجامعية، جامعة دمشق).