هندسة الاتصالات
هندسه اتصالات
Telecommunications engineering - Ingénierie des Télécommunications
هندسة الاتصالات
هندسة الاتصالات
تُعد هندسة الاتصالات communication engineering مجالاً تخصصياً ضمن الهندسة الإلكترونية، وفرعاً من فروع الهندسة الكهربائية. وتُعنى هندسة الاتصالات بجميع الجوانب النظرية والتطبيقية لطيف واسع من الأنظمة كالهاتف وشبكات المعطيات والبث الإذاعي والتلفازي وتطبيقات السواتل satellite والفضاء البعيد deep space.
ويقوم مهندسو الاتصالات بتطبيق نتائج كثير من مجالات العلم والتقانة. إذ يستخدم مهندس الاتصالات الرياضيات ونظرية المعلومات ومعالجة الإشارة والإلكترونيات وتقانة المعلومات وأسس علم الإحصاء والأدوات البرمجية في بناء أنظمة الاتصالات وشبكاتها وخدماتها وتجهيزاتها.
لمحة تاريخية
تُعد المدرسة العليا للبرق École Supérieure de Télégraphie التي أُحدثت في عام 1878 بفرنسا- بعد سنتين فقط من اختراع بل Bell هاتفه - أول جهة أكاديمية تولي الاتصالات عناية خاصة وتجعله اختصاصاً مستقلاً. وقد شهدت هذه المدرسة العليا تطورات عدة على مرّ السنين، كان آخرها في عام 1943 حين أُطلق عليها اسم المدرسة الوطنية العليا للاتصالات École Nationale Supérieure des Télécommunications. وقد أدى خريجوها على مدى عقود دوراً حيوياً في تطور قطاع الاتصالات بفرنسا وريادته.
أدرجت الجامعات والمعاهد في معظم دول العالم إعداد الكوادر الهندسية وتأهيلها في مجال الاتصالات تحت إطار الهندسة الكهربائية طوال عقود، ثم تحت مظلة أحد فروعها وهو الهندسة الإلكترونية لعقود تالية. وغدت هندسة الاتصالات اختصاصاً هندسياً مستقلاً في الثمانينات من القرن العشرين.
وفي سورية والوطن العربي واكبت الجامعات الحكومية والمعاهد العليا في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين هذا التطور بإحداث اختصاص هندسة الاتصالات.
فروع هندسة الاتصالات
يتمحور اختصاص هندسة الاتصالات حول تقانات الاتصالات المستخدمة في إرسال أنواع مختلفة من إشارات المعلومات الإلكترونية واستقبالها وتخزينها ومعالجتها، باستخدام أنظمة إلكترونية وكهربائية وراديوية وبصرية ومضمَّنة embedded.
وتشتمل دراسة الاتصالات على مجالات كثيرة كالاتصالات الرقمية، والأمواج المكروية، والهوائيات وانتشار الأمواج، والاتصالات البصرية، ومعالجة الإشارة والمعطيات، والاتصالات النقالة الأرضية والفضائية (الساتلية)، وتقانات الدارات المختلفة المرتبطة بالاتصالات. وقد غدا كل مجال منها فرعاً تخصصياً ضمن هندسة الاتصالات.
تتميز هندسة الاتصالات من غيرها من فروع الهندسة التقليدية كالهندسة الميكانيكية والكهربائية والمدنية وغيرها بمواكبتها للتغيرات السريعة والتطبيقات الجديدة المستمرة في عالم الاتصالات. فالثورة الاتصالاتية التي انطلقت في الثمانينيات من القرن العشرين مع الانتشار المذهل للهاتف النقال والإنترنت والشبكات اللاسلكية وأنظمة الاتصالات البصرية والمكروية والتطبيقات الساتلية وغيرها، التي تزداد وتيرتها باطراد مع الظهور المستمر لأجيال جديدة من شبكات الاتصالات وأنظمتها، وتطوير تقانات أكثر فاعلية وأداء وسرعة، وتصنيع تجهيزات أكثر صغراً وقدرة وتنوعاً، وطرح خدمات جديدة بصورة دورية، تحتم على الجامعات والمعاهد العليا مواكبة هذه التطورات وإعادة هيكلة برامجها لإحداث فروع تخصصية معاصرة بهدف تلبية الطلب العالمي المتزايد على مهندسي الاتصالات.
تطور هندسة الاتصالات
اعتمدت مناهج هندسة الاتصالات في مرحلة أولى على برنامج تعليمي من خمس سنوات وذلك في معظم الدول الأوربية وكذلك العربية. لكن الدول الأوربية اعتمدت في مطلع القرن الحادي والعشرين نظام التعليم العالي الأوربي المعروف باسم عملية بولونيا Bologna Process (تيمناً باسم المدينة الإيطالية الشهيرة)، جرى بموجبه توحيد مدة دراسة الهندسة في الجامعات ومدارس الهندسة العليا ليصبح أربع سنوات كما هو معمول به في الجامعات والمعاهد الكبرى الأمريكية.
وفيما يخص هندسة الاتصالات اعتمدت هذه الجامعات على تقليص حجم المقررات الأساسية مثل الدارات الكهربائية والإلكترونية والمنطقية والفيزياء حتى المشروعات على حساب المواد التخصصية الحديثة مثل شبكات الاتصالات النقالة والشبكات الحاسوبية والوسائط المتعددة، وعلى العمل بنظام مواد موزعة على فئتين إلزامية واختيارية توفر للطالب مرونة وحرية في اختيار التخصص والتوجه الذي يرغبه، وعلى إدراج مواد مساندة مثل التسويق وإدارة المشروعات واستراتيجيات الاتصالات واللغات، ليكون المهندس فور تخرجه جاهزاً للخوض في غمار سوق العمل المعاصرة.
ولا تقتصر التطورات في هندسة الاتصالات على الدراسة الجامعية الأولى بل تشمل الدراسات العليا من ماجستير ودكتوراه الموجهة للمهندسين الراغبين في خوض حقل البحث العلمي.
وتجدر الإشارة إلى ظهور اختصاص أكاديمي جديد منذ بضع سنوات في عدد كبير من الجامعات الأوربية والأمريكية أُطلق عليه اسم تقانة الاتصالات والمعلومات information and communication technologies (ICT). ويوفر هذا الاختصاص برنامجاً أكاديمياً يغطي الموضوعات الأساسية في المجالين الحيويين المعاصرين الاتصالات والمعلوماتية، وذلك انسجاماً مع التطورات التي شهدها العالم مؤخراً من دمج للخدمات الاتصالاتية (كالهاتف النقال) والمعلوماتية (كتصفح الإنترنت)، التي عصفت بالحواجز التنظيمية والاقتصادية والاستراتيجية التي باعدت تاريخياً بين أقطاب الاتصالات (شركات الهاتف والبث الإذاعي والتلفازي) وأقطاب المعلوماتية (شركات البرمجة والحواسيب).
مجالات العمل والتطبيق
يتضمن عمل مهندس الاتصالات بصورة عامة تخطيط شبكات اتصالات معقدة وتصميمها وتنفيذها ومراقبتها إضافة إلى تصميم تجهيزات الاتصالات ذات الصلة وتنفيذها واختبارها.
ويقوم تقنيو هندسة الاتصالات بتطبيق معارفهم الهندسية وخبرتهم على جميع جوانب الاتصالات بما فيها الحواسيب والتشبيك networking والبث الراديوي والأنظمة الخلوية cellular systems.
وتتوافر أمام خريجي هندسة الاتصالات عالمياً فرص ممتازة وآفاق واعدة في عدد كبير من المجالات مثل:
- الشبكات الحاسوبية والإنترنت: يقوم دور المهندس هنا بصورة أساسية على تصميم شبكات صغيرة أو كبيرة وإدارتها وتشغيلها لنقل أنواع مختلفة من المعلومات بين مواقع عديدة ومعالجتها. وتجد هذه الشبكات تطبيقاً في المصارف والشركات وخدمات الطوارئ وغيرها.
- الاتصالات النقالة واللاسلكية: وهو أكثر المجالات نمواً وازدهاراً، ويؤدي مهندس الاتصالات فيه دوراً حيوياً. إذ يزداد اعتماد الناس باطراد على الأنظمة اللاسلكية في إجراء اتصالاتهم الشخصية. كما انتشرت في السنوات الأخيرة أيضاً أنظمة الإنترنت اللاسلكية. ويحتاج تصميم الشبكات النقالة واللاسلكية المستقبلية وتطويرها إلى مهندسين متميزين ومختصين.
- خدمات الاتصالات: يملك مزودو خدمات الاتصالات المحليون والعالميون أنظمة اتصالات رئيسية وجوهرية core يقوم على إدارتها مهندسون مختصون. ويتطلب تصميم شبكات متطورة تدعم الكثير من الخدمات الناشئة عدداً متزيداً من هؤلاء المهندسين. ويحتاج إدخال التقانات الجديدة كالمهاتفة عبر الإنترنت voice over internet protocol (VoIP) والتلفاز النقال إلى جيل جديد من مهندسي الاتصالات.
- البث: تغير دور مؤسسات البث ومنظماته بصورة سريعة مع إدخال التقانات الرقمية. إذ تتطلب أنظمة بث المعلومات data casting systems على سبيل المثال معرفة تصميمية تخصصية في أنظمة الاتصالات.
- أنظمة تقانة الاتصالات والمعلومات: يتوافر لخريج هندسة الاتصالات فرص عمل في طيف واسع من مجالات تقانة الاتصالات والمعلومات التي تشتمل على هندسة الحاسوب وأنظمته، والهندسة الإلكترونية، وشركات الدراسات والاستشارات التقنية، وفي الوظائف المرتبطة بالمعلوماتية وبالاتصالات في الهيئات الحكومية والخاصة على حد سواء.
محمد خالد شاهين
الموضوعات ذات الصلة: |
الاتصال من بعد ـ الإنترنت ـ البث الإذاعي ـ السواتل ـ شبكات الهاتف الخلوي ـ الهاتف والهتف ـ الهندسة الإلكترونية.
مراجع للاستزادة: |
-D. C. COLL, Communication Engineering: A New Discipline for the 21st Century, (IEEE Transactions on Education, May 1994, vol. 37, issue:2, pp 151- 157).
- M. FRANSMAN, Telecoms in the Internet Age, (Oxford University Press 2002).
- التصنيف : التقنيات (التكنولوجية) - النوع : تقانة - المجلد : المجلد الواحد والعشرون، طبعة 2008، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 576 مشاركة :