ناصر بن إدريس (محمد-)
ناصر ادريس (محمد)
Nasir ibn Idris (Mohammad-) - Nasir ibn Idris (Mohammad-)
ناصر بن إدريس (محمد ـ)
ناصر بن إدريس (محمد ـ)
(1326 ـ 1413هـ/ 1908 ـ 1993م)
محمد ناصر بن إدريس داتوسيتاريو، علاّمة، داعية، وسياسي قدير، ومربٍ فاضل.
![]() |
ولد محمد ناصر في بلدة «مانتجاو» بجزيرة سومطرة بإندونيسيا وتربى في بيت صلاح وتقوى، فقد كان والده من كبار علماء المسلمين بإندونيسيا، فكان لهذا أثره في تنشئته النشأة الصالحة.
نال الإجازة من كلية التربية في «باندونغ» كما نال الدكتوراه الفخرية من الجامعة الإسلامية في مدينة «جاكارتا»، وقد تقلد وظائف متعددة وعمل في حقل التدريس في مجال التربية في عهد الاستعمار الهولندي في مدينة «باندونغ» ثم عُين مديراً لإدارة التربية في العاصمة الإندونيسية، وفي عام 1945م طلب إليه «محمد حتي» نائب رئيس الجمهورية بعد الاستقلال مساعدته في مكافحة الاستعمار، ثم كان أحد أعضاء مجلس النواب.
وفي عام 1946 وبعد استقلال إندونيسيا عُين وزيراً للإعلام، وأنشأ حزب «ماشومي» وهو اختصار لـ«مجلس شورى مسلمي إندونيسيا» وكانت فكرة إنشاء هذا المجلس قد بدأت في أول الحرب العالمية الثانية لمواجهة الاستعمار من أجل الاستقلال لتوحيد المسلمين، والجمعيات الإسلامية خاصة وكان المجلس يسمى المجلس الإسلامي الأعلى لإندونيسيا، ويعرف اختصاراً بـ «MIAI».
وبقي محمد ناصر وزيراً للإعلام أربع سنوات، ورفض المشروع الهولندي القائل بأن تتكون إندونيسيا من عدة دول كونفدرالية وقدّم مشروع إندونيسيا الموحدة الذي وافق عليه 90% من أعضاء ماشومي.
وفي سنة 1950 طُلب منه تشكيل الوزارة، فأصبح رئيساً للوزراء، ولكنه اختلف مع الرئيس سوكارنو وقدم استقالته من رئاسة الحكومة قبل أن تنتهي السنة، وبقي رئيساً لحزب ماشومي، وعضواً في البرلمان حتى سنة 1958م.
أصدر مجلة بعنوان «الدفاع عن الإسلام» وكان ينادي بالإسلام منطلقاً للتحرر والسيادة في الوقت الذي كان «سوكارنو» يتحالف مع الشيوعيين الممثلين في الحزب الشيوعي الإندونيسي للوقوف ضد محمد ناصر وحزب ماشومي الإسلامي، واستمر هذا الصراع حتى قام سوكارنو سنة 1961 بحلّ حزب ماشومي، واعتقل زعماءه وفي مقدمتهم محمد ناصر، ولكن مقاومة المسلمين لم تتوقف، واستمرت حتى عام 1965 وتمت الإطاحة بسوكارنو بانقلاب عسكري.
وقد أنشأ محمد ناصر وإخوانه بعد خروجهم من السجن «المجلس الأعلى الإندونيسي للدعوة الإسلامية»، واختير في سنة 1967م نائباً لرئيس المؤتمر الإسلامي العالمي بباكستان.
كان محمد ناصر من أعلام الإسلام المعاصرين، ومجاهداً من مجاهديه، خاض المعارك الشرسة مع الخصوم في كل صعيد بما فيه حمل السلاح للتصدي للأعداء المستعمرين، فكان من رجال السياسة المحنكين، تولى المناصب العليا في بلاده إندونيسيا وبذل قصارى جهده ليأخذ الإسلام مكانه نظاماً لإندونيسيا كلها، وقاوم من أجل ذلك كل المتصدين للإسلام من دعاة العلمانية والشيوعيين، وقد كان لكلمته الرائعة في البرلمان الإندونيسي التي كانت بعنوان «اختاروا إحدى السبيلين الإسلام أو اللادينية» أبلغ الأثر في نفوس النواب وجماهير الشعب الإندونيسي المسلم، وقد نُشرت في مجلة «المسلمون» وصدرت فيما بعد بكتاب.
شارك في العشرات من المؤتمرات الإسلامية في مختلف أنحاء العالم، وكان له باع طويل وصيت ومشاركة ثرة فيها وكانت أولى رحلاته الخارجية عام 1952م زار فيها عدداً من الأقطار الإسلامية العربية، وحاز على وسام الاستحقاق التونسي، كما حصل على جائزة الملك فيصل العالمية عام 1980م ولم يقتصر اهتمامه على إندونيسيا، فقد كان مهتماً غاية الاهتمام بقضية فلسطين وقام برحلات مع بعض الدعاة العرب لمقابلة المسؤولين، من قادة الدول لاستنهاض هممهم للدفاع عن فلسطين وذلك في أعقاب سنة 1967، وكان له الدور الكبير في توجيه المؤسسات الشبابية للعمل بحكمة وبصيرة ووعي وإدراك لتنهض بمسؤوليتها على ضوء الكتاب والسنة، ومن أقواله: «إن الإسلام ليس ديناً يقتصر فيه عمل المسلم على العبادة بالمعنى الضيق فحسب، بل إن الإسلام هو طريق الحياة للفرد والمجتمع والدولة».
ومن أقواله: «أنا لا أخاف من المستقبل وليس هناك خطر، بل المستقبل للمسلمين بشرط الاستقامة وبذل أقصى الجهد لتحقيقها في أنفسنا وفي مجتمعاتنا لنرى الغد المشرق».
كان محمد ناصر موسوعة في علوم الدين، وقدم إسهاماً كبيراً في مجالات التأليف، فقد زاد رصيده على 53 مؤلفاً، نشر بعضها باللغة العربية وعددها »32» كتاباً، منها: «فقه الدعوة» و«الحضارة الإسلامية» و«قضية فلسطين» و«هل يمكن فصل الدين عن الدولة» و«إسهام الإسلام في السلم العالمي» و«الإسلام وحرية الفكر» و«الدين والأخلاق» وهناك عدد آخر من مؤلفاته. كما كانت له محاضراته وبحوثه ومقالاته، وهي أكثر من أن تحصر.
توفي محمد ناصر في مدينة جاكرتا، وقد أحبه كل من عرفه وعمل معه لأدبه الجم، وتواضعه وبساطته وحسن معشره.
منى الحسن
مراجع للاستزادة: |
ـ عبد الله العقيل، من أعلام الحركة والدعوة الإسلامية المعاصرة.
ـ مجلة الملك فيصل العالمية، العدد «34» ربيع الثاني 1400هـ/1980م.
- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العشرون، طبعة 2008، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 366 مشاركة :