نصوح عبد القادر بابيل، صحفي مشهور، وسياسي ووطني بارز، ونقيب الصحافة السورية، وأحد رجالات الحزب الوطني. ولد في دمشق، وتوفي والده وعمره أربع سنوات فكفلته أمه مع إخوته الثلاثة، وسهرت على تربيته.

"/>
نصوح بابيل
Nasuh Babil - Nasuh Babil

نصوح بابيل

نصوح بابيل

(1905ـ 1986)

 

نصوح عبد القادر بابيل، صحفي مشهور، وسياسي ووطني بارز، ونقيب الصحافة السورية، وأحد رجالات الحزب الوطني. ولد في دمشق، وتوفي والده وعمره أربع سنوات فكفلته أمه مع إخوته الثلاثة، وسهرت على تربيته.

نال شهادة الدراسة الابتدائية عام 1918، وبدأ حياته العملية في الصحافة منذ عام 1926، ومارس مهنة الطباعة والصحافة معاًَ إلى جانب أخيه جودة، استجابة لرغبة والدته، إيماناً منها بأن الطباعة قد تكون طريقه إلى الصحافة التي شُغف بها منذ طفولته، وفي مدة قصيرة أصبح رئيساً لقسم الحروف في مطبعة الحكومة، ثم انتخب نقيباً لعمال الطباعة.

انضم إلى الحزب الوطني في بداية تأسيسه، وفي عام 1942 انتخب نقيباً للصحفيين السوريين وتكرر انتخابه عدة مرات على مدى عشرين عاماً، ومثل الصحافة السورية في مؤتمرات الصحافة العربية والأجنبية أحسن تمثيل.

عمل في السياسة، وأسهم في الحركات الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي، فعُطّلت جريدته «الأيام» أكثر من مرة، ودخل السجن، وانتخب عضواً في مجلس إدارة شركة الإسمنت الوطنية في 1/5/1948، وأميناً عاماً لأسبوع التسلح السوري والجزائري في منتصف الخمسينات، كما أسهم في تأسيس «نادي الأسود الدولي» عام 1955 وانتخب رئيساً له ولعدد من الجمعيات والهيئات الاجتماعية الإنسانية.

أسس مع أخويه جودة وحمدي بابيل «مطبعة بابيل إخوان» ثم انصرف إلى الصحافة، فراسل بعض الصحف السورية واللبنانية مثل «سورية الجديدة» لحبيب كحالة، و«المقتبس» لمحمد كرد علي، لكن أهم عمل أقدم عليه في حياته هو شراؤه امتياز جريدة «الأيام» التي أسسها في 10/5/1931 كل من هاشم الأتاسي، وإبراهيم هنانو، ولطفي الحفار، وعارف النكدي، وسعد الله الجابري، وفخري البارودي لتكون لسان حال حزب الكتلة الوطنية أو الحزب الوطني، فلما آلت ملكيتها إليه في 15/8/1932 عمل على تطويرها، وأبقى لها اتجاهها الوطني السابق، مما أدى إلى تعطيلها مرة في عام 1932 ومرتين في عام 1933 إلى أجل غير مسمى، وتتالى تعطيلها بعد ذلك بسبب مواقفها الوطنية الجريئة، إذ كانت تحتجب شهراً أو اثنين كل عام، وازداد التعطيل الإداري في أثناء الحرب العالمية الثانية، واستمر في أوائل عهد الاستقلال، وكانت فترات التعطيل تراوح بين شهر وسبعة أشهر…

استمرت «الأيام» تصدر بانتظام حتى عام 1952 حين أُدمجت بجريدة «الإنشاء» وأُصدرتا معاً في 17/9/1952 باسم «اليوم»، غير أن فترة الدمج لم تطل كثيراً إذ عادت «الأيام» إلى استقلالها في أواخر عام 1953، ولما حدثت عملية دمج الصحف السورية وإلغاء بعضها في عهد الوحدة بين مصر وسورية عام 1958، استمر نصوح بابيل يصدر الأيام على مسؤوليته من دون انقطاع، حتى أُغلقت نهائياً في الثامن من آذار/مارس عام 1963.

كانت الأيام أول جريدة يومية تصدر في ثماني صفحات كبيرة في سورية حين كان غيرها يصدر في أربع أو ست صفحات، وأخذت منذ عام 1954 تستخدم أحدث الآلات الطباعية، وكانت تصدر عدداً أسبوعياً باثنتي عشرة صفحة كل يوم خميس، وفيه صفحات للأدب والشعر والعلم والفن والرياضة والاقتصاد. كذلك كانت تصدر في ربيع كل عام عدداً سنوياً يحمل اسم «الربيع» في أكثر من ثلاثين صفحة.

يبدو مما تقدم أن نصوح بابيل كان من أئمة الصحافة الراقية في الوطن العربي وأعمدتها، وكان يمتاز بقوة الشخصية ورجاحة العقل واللباقة والكرم والحكمة وبعد النظر والنزاهة والقناعة، وعفة النفس… وكانت جريدته مدرسة عمل فيها وتخرج منها عشرات السياسيين والكتاب والشعراء والوزراء والصحفيين، حتى إنه كان يقال «إن من لم يعمل في جريدة «الأيام» لا يعتبر صحفياً ناجحا» وقد تعاقب على إدارتها بعد عام 1932 عدد من الكتاب والصحفيين البارزين مثل سامي الشمعة ورشيد الملوحي وممدوح حقي الذي كان يشرف على القسم الثقافي فيها، أما نصوح بابيل فكان يتولى منصب رئاسة التحرير دوماً.

انصرف نصوح بابيل قبل وفاته بثلاث سنوات إلى كتابة مذكراته وتسجيل ذكرياته عن النضال الوطني والصحفي في سورية، ونشرها في جريدة «الشرق الأوسط» التي تصدر في لندن، لكن القدر لم يمهله ليتم هذه المذكرات فسارع الأستاذ رياض نجيب الريس صاحب «دار الريس» إلى جمعها وإصدارها في كتاب بعنوان «صحافة وسياسة سورية في القرن العشرين».

وبمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاته أقام له اتحاد الصحفيين في سورية حفل تأبين كبيراً يليق بمقامه ومكانته الصحفية، تكلم فيه رئيس الاتحاد وعدد من الصحفيين والأدباء، منهم صديقه وزميله في مهنة الصحافة عبد الغني العطري الذي قال: «كان نصوح بابيل واحداً من عظماء هذا الوطن كان عظيماً بوطنيته، عظيماً بطموحه، عظيماً بثباته على الرأي، عظيماً في دفاعه الدؤوب عن وطنه أيام الاحتلال الفرنسي… وكانت مقالاته سياطاً من نار، تنهال كل يوم على المستعمر، فتقض مضجعه، وتزعزع أركانه، وكانت تلهب الحماسة في الصدور، وتدفع عشرات الألوف من الطلاب والشبان إلى التظاهر والاحتجاج والإضراب مطالبين بالجلاء وسقوط الاستعمار، فإذا وصلوا إلى مقر «الأيام» وقف نصوح بابيل بينهم خطيباً يحثهم على المزيد من البذل والنضال لتحقيق الاستقلال».

عيسى فتوح

مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد الغني العطري، عبقريات من بلادي (دار البشائر، دمشق 1995).

ـ جوزيف إلياس، تطور الصحافة السورية في مئة عام «1865ـ1965» (دار النضال، بيروت 1983).

ـ أحمد قدامة، معالم وأعلام (مطبعة ألف باء الأديب، دمشق 1965).

ـ عبد القادر عياش، معجم المؤلفين السوريين (دار الفكر، دمشق 1985).

ـ سليمان البواب، موسوعة أعلام سورية في القرن العشرين (دار المنارة، دمشق 2000).


- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العشرون، طبعة 2008، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 698 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة