بيير جان جوف Pierre-Jean Jouve شاعر وروائي فرنسي ولد في مدينة أراس Arras وتوفي في باريس. كان ضعيف البنية وخضع في الخامسة عشرة من عمره لعملية جراحية خطيرة وعانى الاكتئاب والاضطراب العصبي سنوات عدة مما أعاقه عن متابعة دراسته الجامعية.

"/>
جوف (بيير جان)
Jouve (Pierre Jean-) - Jouve (Pierre Jean-)

جوف )بيير جان ـ(

جوف (بيير جان ـ)

(1887ـ1976)

 

بيير جان جوف Pierre-Jean Jouve شاعر وروائي فرنسي ولد في مدينة أراس Arras وتوفي في باريس. كان ضعيف البنية وخضع في الخامسة عشرة من عمره لعملية جراحية خطيرة وعانى الاكتئاب والاضطراب العصبي سنوات عدة مما أعاقه عن متابعة دراسته الجامعية. كان مولعاً بالموسيقى ثم قرّر التفرّغ للشعر بتأثير من الشاعرين بودلير[ر] Baudelaire ومالارميه[ر] Mallarmé، لتأتي بعد ذلك مرحلة تجاربه العاطفية الأولى، إذ تولّه في حب نساء يكبرنه سناً بكثير. حينما وصل إلى باريس عام 1908 التقى شابة جميلة اسمها ليزبيه Lisbé تركته بعد مدة لتعود إلى أهلها في الريف، فتزوج في عام 1910 فتاة غيرها. اختار جوف في بداياته الحركة الرمزية[ر]، ثم اقترب من الحركة الإجماعية Unanimisme (وهي حركة شعرية فرنسية في القرن العشرين طوّرها الكاتب جول رومان[ر] Jules Romain يعبّر الشاعر من خلالها عن الحياة الاجتماعية التي يعيش وسطها)، ثم أصبح من أنصار الحركة السريالية[ر].

تطوع في الجيش في الحرب العالمية الأولى لكنه اضطر لتركه بسبب المرض. وكتب في تلك الفترة نصوصاً تدعو إلى السلام بتأثير من الأديب رومان رولان[ر] Romain Rolland. تعرّض جوف بين عام 1922 و1925 إلى أزمة جعلته يتنكر لأعماله برمتها، وكانت تلك مرحلة قطيعة فجائية وتامة عن ماضيه، استسلم خلالها لنوازع صوفية. وأحس في تلك الفترة بأن جوهر الشعر روحاني وديني، وسيطر على مساره الجديد هذا نزوع نحو الكمال. لكن أزمته لم تكن دينية فقط, إذ إنه تعرّف على المحللة النفسية بلانش رُفرشون Blanche Reverchon التي كانت تترجم أعمال فرويد[ر] Freud واطلع بفضلها على أعماق اللاوعي الإنساني وغياهبه. وما لبث أن انفصل جوف عن زوجته ليتزوج المحللة النفسية. وتوجّه بعد ذلك إلى كتابة شعر ظهرت فيه التهويمات الليلية (الفانتازم) والجنسية. فكانت أعماله صوفية وحسية في آن معاً، وتميزت قصائده بتوزعها بين متناقضات النور والظلام، الخلاص والبؤس، النوازع المخيفة والعزاء، الروحانية والتصورات الدنيئة، مما زاد في حيرة القارئ.

التقى الشاعر من جديد بحبيبته ليزبيه التي لم يرها منذ أربعة وعشرين عاماً فتجددت علاقتهما التي لم تلبث أن انتهت نهاية مأسوية بوفاتها، لكنها تركت أثراً في أعماله اللاحقة. وخلال الحرب العالمية الثانية التي قضاها جوف في سويسرا، توسعت رؤيته الشعرية لتعكس الاضطرابات التي سادت في تلك الحقبة الزمنية،  كما في «عذراء باريس» (1944)La Vierge de Paris، و«إكليل» Diadème و«ميلودراما» Mélodrame، و«تموجات» Moires. وقد تكللت أعماله بحصوله على جائزة الأكاديمية الفرنسية الكبرى للشعر عام 1966.

تميزت أعمال جوف باستعماله المكثف للرموز, واعتماده البحر الاسكندري l’alexandrin  للاستفادة من طوله وإمكانيات الشرح والاستفاضة التي يتيحها. ويُعرف شعره بأنه صعب وعصي على الفهم أحياناً. ومرد هذا الغموض هو طموحه ودقته، إذ إن الشاعر على حد تعبيره «هو الذي يقول الأشياء الأساسية»، كما أن «للشعر الحق في المطالبة بالعمق والعظمة؛ وهاتان السمتان تشكلان ما هو روحي». ويبرز في أعماله صراع بين النزعة الصوفية من جهة والهوس الغريزي من جهة أخرى. فالشعر بالنسبة إليه صراع بين حقيقتين: «الحقيقة الأكثر ألوهية والحقيقة الأكثر إنسانية». يشرح جوف فضل التحليل النفسي على كتاباته في مقدمة ديوانه «عَرَق الدم» Sueur de sang التي تحمل عنوان «اللاوعي والروحانية والمأساة»، إذ إن أعمال فرويد ساعدته على «اكتشاف اللاوعي وبنيته»، ويتداخل في مخيلة الشاعر التحليل الفرويدي لنزعة الموت مع التصور الديني المسيحي ليوم القيامة، وتلعب العبارة الشعرية دور النبوءة المبشرة بالكوارث. 

لاتنفصل أعمال جوف الروائية عن أعماله الشعرية، ويظهر فيها أيضاً تأثير فرويد واضحاً، فبطلته كاترين كراشا Catherine Crachat مثلاً تخضع لعلاج بالتحليل النفسي. وعبر الكاتب في أهم أعماله الروائية «بولينا 1880» (1925)Paulina 1880عن الحب والموت بتقنية جديدة تمثلت في المونولوج والبنية المتقطعة التي تصلح لإبراز اللاوعي والتي تبشر بنشأة الرواية الجديدة Nouveau Roman.

سيطرت على أعمال جوف رؤيته المأسوية للوجود, وأعطى الشعرَ وظيفتين: وظيفة تنبؤية ووظيفة افتدائية. وأهم الموضوعات التي تناولها: اللاوعي والخطيئة والموت والسعي نحو الخلاص. وتقدم بعض أعماله الروائية مثل «هيكات» (1928)Hécate و«فاغدو» (1931)Vagdu شخصيات تحاول أن تحلل النزاعات والهواجس، أما الشعر فكان صوت الإيضاح واللاوعي في آن واحد، وتحيّر العوالم التي خلقها جوف القارئ وتضيق عليه الخناق، وتجعله يعيش جواً من القلق يواجه فيه المشاعر المتناقضة، لكنها تبقى في النهاية ساحرة ومشوقة. 

ميساء السيوفي

 

 مراجع للاستزادة:

 

- Jouve Romancier, in La Revue des Lettres modernes (Paris 1982).

- S.SANZENBACH, Les Romans de P. J. Jouve,Vrin (Paris 1972).


- التصنيف : الآداب اللاتينية - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 800 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة