آخر الأخبار
الرمزية (د)
رمزيه (د)
Symbolism - ymbolisme
الرمزية
الرمزية le symbolisme حركة أدبية وفنية تستقي جذورها البعيدة من الإبداعية[ر](الرومانسية) الألمانية ومن فلسفة هيغل[ر] وشوبنهاور[ر] ومن الحركات الباطنية التي انتشرت في أوربا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ظهرت بدايـاتها كحركـة أدبيـة متميزة في فرنسا وبلجيكا في نهايـة القـرن التاسع عشر (1880-1895). وكانت رد فعل على النزعات الواقعية[ر] والطبيعية[ر] في الأدب. فقد شاع لدى الجيل الشاب من الأدباء والفنانين الفرنسيين في ذلك الوقت قلق روحي اتصف بالملل من الحياة وبالتقزز من الحضارة المعاصرة. وتألفت إطارات ثقافية تعبر عن هذا القلق، كعدد من المجلات مثل «الضفة اليسرى الجديدة» La Nouvelle Rive gauche و«لوتيس» Lutèce، وعدد من الحلقات الأدبية مثل: «الشُعث» Les Hirsutes، «المتداوون بالماء» Les Hydropathes، و«اللا أباليون» Les Je-m en-foutistesمكوّنة بمجملها ما يدعى «ما قبل الرمزية» أو مدرسة «الانحطاط» La Décadence، حيث لم يكن بين الرمزيين من لم يمر بمرحلة التأزم الروحي لهذه الحقبة. ومع حلول العام 1885 بدأ هذا التيار بالانحسار بتأثير لقاءات «ثلاثاء مالارميه»[ر] Mallarmé التي كان يجتمع فيها بالشعراء الانحطاطيين الشباب، ليبثهم أفكاره الثورية في الكتابة والنظم. وفي عام 1886 نشر أحد هؤلاء الشعراء وهو جان مورياس Jean Moréas في الملحق الأدبي لصحيفة «الفيغارو» Le Figaro مقالة اعتبرت بمثابة البيان[ر] التأسيسي للرمزية. وإن كانت المقالة لا تحمل عرضاً نظرياً لمبادئ الحركة فإن أهميتها تأتي من كونها قد بلورت التيارات الشعرية القلقة الباحثة عن منارة تهتدي بها إلى مصطلح جامع أصبح مصطلح «الرمزية».
لم تكوّن الرمزية مدرسة ذات مذهب واحد محدود، بل عبّرت عن وعي مشترك، ظهر في مرحلة زمنية قلقة لدى مجموعة من الشعراء الباحثين عن معنى جديد للحياة. وقد تأثر الشعراء الرمزيون بشارل بودلير[ر] وبشعرية إدغار آلَن بو[ر] وبكتابات الفيلسوف السويدي سويدنبورغ Swedenborg والشاعر الفرنسي نـرفـال[ر] Nerval. لكن ثمة قواسم مشتركة في الرؤى الجمالية لأولئك الشعراء يمكن عدّها بمثابة الخصائص المميزة للحركة، مثل الاهتمام الزائد بالخصائص الموسيقية للغة، وبالأفكار والأحلام على حساب المشاعر والواقع، والبحث عن الموسيقى الصافية البعيدة عن الغنائية، والميل نحو الرموز التي تكوّن قيمة لا تظهر إلاّ لمن يعرف الكلمات معرفة العالم الواثق بعلمه، بحسب ما يرى مالارميه في مقدمة كتابه «مبحث الكلام» Traité du verbeعام (1886)، إذ يؤكد على أن المعنى ليس في الشيء ذاته وإنما في التأثير الناجم عنه.
وينضوي تحت راية الرمزية شعراء مثل مالارميه وڤيرلين[ر] Verlaine ورامبو[ر] ولافورغ[ر] Laforgue، ومسرحيون مثل فييه دي ليل آدم Villiers de l’Isle Adamومتِرلِِنك[ر] Maeterlinck، وروائيون مثل ويسمانس[ر] Huysmans وإدوارد دوجاردان، وأدباء روس مثل ألكسندر بلوك[ر] A.Blok وڤلاديمير سولوڤيوڤ V.Solovyov. وقد اجتمع هؤلاء على عدّ الرمز سر الشعر الأول، لكنهم اختلفوا حول معنى الرمز بحد ذاته، فمنهم من قال إنه كشفٌ للسر عبر الإيحاء، ومنهم من قال إنه التقابل أو التجانس، ومنهم من رأى فيه عودة إلى الرموز الأسطورية. كذلك اختلفوا حول تقويم الشعر الحر وحول أصوله ووظيفته. وأدت هذه الخلافات إلى أول انشقاق في الحركة على يد الناقد رينيه غيل René Ghil الذي ابتعد عن مالارميه ليكوّن مدرسة شعرية خاصة عرفت باسم «الأدواتية» instrumentalisme. دخلت الرمزية بدءاً من عام 1889 مرحلة جديدة اتسمت باتساع مدى تأثيرها ليغطي مجالات إبداعية عديدة. ففي مجال الفكر ظهرت كإمكانية جديدة لشرح العالم، تستخدم الشعر أداة للمعرفة كما يبيّن كتابان ظهرا في السنة نفسها، ففي كتاب «الفن الرمزي» L’Art symboliste يربط جورج فانور Georges Vanor المفهومات الجمالية التي يدافع عنها الرمزيون بنظرة دينية باطنية للكون. فالكون «رمز لعالم آخر»، والشاعر وحده قادر على كشف العلاقة بين العالمين والوصول بالتالي إلى معرفة سر هذا الكون. أما في «أدب اللحظة القريبة» La Littérature de tout à l‘ heure يطرح شارل موريس Charles Morice صوفية جديدة فكرتها الأساسية أن الفن كهنوت يقود الإنسان إلى الحق الأعلى عبر «الجميل». ومال الرمزيون إلى الاستغراق في الأفكار الحالمة ليعبروا عن هواجسهم العاطفية كما فعل إفرام ميخائيل Ephraïm Mikhaël أو عن هروبهم من الحياة عبر الصياغات الأسطورية لدى غوستاف كان Gustave Kahn وآدولف ريتي Adolphe Retté، أو عن تغنيهم بالسعادة ومباهج الحياة لدى فرنسيس ڤييلي غريفان Francis Viélé-Griffin.
وعلى الرغم من تنبؤ مورياس في «البيان» بولادة أكيدة لرواية[ر] رمزية تقوم على رؤية ذاتية للواقع، لم يكن تأثير الرمزية على النثر واسعاً. وتوجد أمثلة قريبة من أنموذج النثر الرمزي كما تصوره مورياس في رواية «السكستين» La Sixtine التي كتبها ريمي دي غورمون Remy de Gourmont وكذلك في بعض روايات موريس بارِس[ر] Maurice Barrès مثل «رجل حر» Un Homme libre و«حديقة بيرينيس» Le Jardin de Bérénice، وفي روايات مارسيل بروست[ر] Proust.
أما في المسرح فقد دافع الرمزيون عن نظرية «المسرح الشامل» Théâtre Total التي نادى بها الموسيقي الألماني ريشارد فاغنر[ر] Wagner، ورأوا أن على الدراما أن تتوجه إلى عقل المشاهد وليس فقط إلى نظره. وقاموا لتطبيق نظريتهم بتأسيس مسرحين في باريس هما «مسرح الفن» و«مسرح العمل الفني»، وقدموا عدداً من الأعمال التي تقترب من أنموذج المسرح الرمزي، مثل مسرحية فييه دي ليل آدم «آكسِل» Axel، ومسرحية إدوارد دوجاردان «أسطورة أنطونيا» La Légende d Antonia. ويعد المسرحي البلجيكي موريس متِرلِنك صاحب «الأميرة مالين» La Princesse Maleine عام (1889)، و«الدخيلة» L’Intruseعام (1891) و«العميان» Les Aveuglesعام (1891) أشهر مسرحي رمزي، لكن يبقى بول كلوديل[ر] Paul Claudel الكاتب الذي أعطى الرمزية بعدها الحقيقي في مسرحيته «رأس من ذهب»Tête d’Or عام(1890).
بدأت الحساسية الشعرية تتحول في نهاية القرن التاسع عشر مبتعدة أكثر فأكثر عن اهتمامات الحركة الرمزية، واعتمد مؤرخو الأدب عام 1895 تاريخاً لخمود الحركة. لكن هذا لا يعني أنها ماتت تماماً، لأن تعاليمها بقيت حية في أعمال بعض كبار الأدباء مثل بول ڤاليري[ر] Paul Valéry الذي أخذ منها استقلالية الشعر وكمال الصنعة، وبول كلوديل الذي لقّح نظرته الدينية المتشددة بعض الأفكار الأسطورية التي كان يتبناها أستاذ الحركة الرمزية الأول مالارميه. وظهرت أصداؤها أيضاً في كتابات إزرا باوند[ر] وتوماس إليوت[ر] ووالِس ستيفنز[ر] ووليم بتلر ييتس[ر] وجيمس جويس[ر] وڤرجينيا وولف[ر] والأديب الألماني ريلكه[ر].
حسان عباس
|
- التصنيف : الأدب - المجلد : المجلد التاسع، طبعة 2004، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 903 مشاركة :
متنوع
البحوث الأكثر قراءة
هل تعلم؟
- - هل تعلم أن الأبلق نوع من الفنون الهندسية التي ارتبطت بالعمارة الإسلامية في بلاد الشام ومصر خاصة، حيث يحرص المعمار على بناء مداميكه وخاصة في الواجهات
- - هل تعلم أن الإبل تستطيع البقاء على قيد الحياة حتى لو فقدت 40% من ماء جسمها ويعود ذلك لقدرتها على تغيير درجة حرارة جسمها تبعاً لتغير درجة حرارة الجو،
- - هل تعلم أن أبقراط كتب في الطب أربعة مؤلفات هي: الحكم، الأدلة، تنظيم التغذية، ورسالته في جروح الرأس. ويعود له الفضل بأنه حرر الطب من الدين والفلسفة.
- - هل تعلم أن المرجان إفراز حيواني يتكون في البحر ويتركب من مادة كربونات الكلسيوم، وهو أحمر أو شديد الحمرة وهو أجود أنواعه، ويمتاز بكبر الحجم ويسمى الش
- هل تعلم أن الأبسيد كلمة فرنسية اللفظ تم اعتمادها مصطلحاً أثرياً يستخدم في العمارة عموماً وفي العمارة الدينية الخاصة بالكنائس خصوصاً، وفي الإنكليزية أب
- - هل تعلم أن أبجر Abgar اسم معروف جيداً يعود إلى عدد من الملوك الذين حكموا مدينة إديسا (الرها) من أبجر الأول وحتى التاسع، وهم ينتسبون إلى أسرة أوسروين
- - هل تعلم أن الأبجدية الكنعانية تتألف من /22/ علامة كتابية sign تكتب منفصلة غير متصلة، وتعتمد المبدأ الأكوروفوني، حيث تقتصر القيمة الصوتية للعلامة الك
- عدد الزوار حالياً 334
- الكل 80919524
- اليوم 14261
اخترنا لكم
ريبيرا (خوسيه يوستاسيو)
ريبيرا (خوسيه يوستاسيو ـ) (1889 ـ 1928) خوسيه يوستاسيو ريبيرا José Eustasio Rivera شاعر وروائي كولومبي، سليل عائلة من البرجوازية الصغيرة، ولد في مدينة نيبا Neiva وتوفي في نيويورك. بعد دراسة الحقوق في العاصمة بوغوتا Bogota عمل ريبيرا معلمًا ثم مارس المحاماة مدة قصيرة، ليصير من بعد موظفًا حكوميًا، ثم انتقل إلى السلك الدبلوماسي ومثل بلده في كوبا، ثم في الولايات المتحدة الأمريكية حيث توفي.
البحث العلمي
البحث العلمي لم يتفق العلماء والباحثون العلميون على تعريف واحد للبحث العلمي، فهناك تعاريف عدة، لعل أبسطها أنه كل نشاط ذي منهج يهدف إلى إنتاج معارف جديدة ترتبط بفهم الإنسان للظواهر الطبيعية التي تحيط به، ويؤدي في النهاية إلى رفع قدرات الإنسان على التحكم في هذه الظواهر والسيطرة على الطبيعة. وهكذا يتبين أن البحث العلمي يهدف إلى زيادة معرفة الإنسان ورفع قدرته على التكيف مع بيئته والسيطرة عليها واكتشاف الحلول للمشكلات التي تواجه المجتمعات والأفراد، وأنه ضروري لبناء دولة عصرية تتمتع بالرخاء. لذلك لابد من أن تكون البحوث التي تُنَفَّذ مرتبطة بخطة التنمية التي تضعها الدولة.