الجوارح raptores، وتسمى أيضاً الكواسر، طيور تتغذى بفرائس حية أو ميتة تصطادها بفضل تكيفها الجيد للاصطياد ومطاردة الفرائس، لذلك تسمى أيضاً سباع الطير، وتضمها رتبة Falconiformes،

"/>
جوارح
Raptores - Les rapaces

الجوارح

الجوارح

 

الجوارح raptores، وتسمى أيضاً الكواسر، طيور تتغذى بفرائس حية أو ميتة تصطادها بفضل تكيفها الجيد للاصطياد ومطاردة الفرائس، لذلك تسمى أيضاً سباع الطير، وتضمها رتبة Falconiformes، التي تضم النسور vultures، والصقور hawks أو البزاة falcons، والعقبان (eagles) harriers، والحِدَاء (مفردها حِدَأة) kites وغيرها، وهي نهارية النشاط، لهذا تسمى أيضاً الجوارح النهارية تمييزاً لها مما يسمى الجوارح الليلية التي تضم أنواع البوم التي تُشَكِّل رتبة بوميات الشكل Strigiformes. من بين الــ 8700 نوع من الطيور المنتشرة في جميع أنحاء العالم، هناك 287 نوعاً من الجوارح النهارية، بينما تحوي الجوارح الليلية 134 نوعاً.

وهي حيوانات متينة البنية، تتمتع بنظر ثاقب تفوق حدته باقي الحيوانات، لذلك ضرب بها العرب المثل فقالوا أبصر من عقاب. كما أنها تتمتع بقدرة شم شديدة، قد تكون أجنحتها عريضة أو ضيقة، إلا أنها دوماً طويلة تساعدها على الطيران المديد، أرجلها قصيرة وقوية ذات أربع أصابع، ثلاث منها متجهة للأمام والرابعة للخلف، ماعدا العقاب النُساري osprey الذي يستطيع عكس أحدى أصابعه لتصبح له إصبعان متجهتان للأمام واثنتان للخلف. تنتهي كل رجل لها بمخلب منحن قوي.

وما يميز الجوارح منقارها المنحني القوي الذي يستخدمه الحيوان في اصطياد فرائسه، واللُّحَيمة الموجودة على السطح العلوي من فكها العلوي (منقارها العلوي)، التي تتلون بالأصفر أو الأحمر أو الأخضر، والتي غالباً ما تتكرر على الأصابع. رأسها كبير نسبياً يرتكز على عنق قصيرة قوية، منظرها العام يوحي بالقوة والشدة. 

تفترس عادة الفقاريات ذات الدم الحار وتتغذى بها، مع أن بعضها يصطاد الأسماك والضفادع والزواحف، وأحياناً الحشرات، وبعضها يتغذى بالجيف الميتة، وتُلقَطُ الفريسة عادة بالمخالب وتقتلع رياشها أو فراؤها ثم يُقضى عليها. وتجدر الإشارة إلى أن الوجبة الغذائية للطائر الجارح ليست كبيرة، فهي لاتتجاوز الــ250 غراماً يومياً للنسر الملكي الذي يزن بين 3 و 6كغ

يغطي جسم الجوارح ريش قاس يصدر صوتاً مميزاً عند الطيران، وهو يغطي أيضاً رسغ الأرجل، بينما تبقى الأصابع عارية.

تعيش الجوارح منفردة أو في أزواج، إلا حين هجرتها. كلها أحادية الزيجة monogamous، ويتم التزاوج[ر] في الربيع يسبقه قتال وعروض يبدو أن الأنثى تراقبها باستمتاع. بيوضها قليلة العدد، وبعضها يبيض بيضة واحدة فقط، تحضنها الأنثى وحدها بينما يقوم الذكر بإطعامها في أثناء حضنها. تبني أعشاشها في المناطق العالية حيث يصعب الوصول إليها، وهو احتياط ضروري لأن صغارها تحتاج إلى رعاية أطول من غيرها من الطيور.

أهم فصائلها

1- فصيلة Cathartidae (نسور العالم الجديد): تمتاز النسور الأمريكية من نسور العالم القديم بعدة صفات تشريحية. فالإصبع الخلفية أعلى من الأصابع الثلاث الأمامية المتلاصقة قليلاً في قاعدتها، وهي تطير بلا صوت، أكثرها شهرة كوندور الآندين Vultur gryphus الذي يزيد طوله على المتر ويبلغ عرضه مع امتداد جناحيه الثلاثة أمتار، ويمكن تمييزه بظهره ذي الريش اللماع، الذي تزخرفه حزمة بيضاء على كل جناح و«قبة» بيضاء في أسفل العنق. ويتناقض اللون الأحمر لعرفه وغبغبته مع اللون الرمادي لرأسه وعنقه ومنطقة حوصلته. يقال إنه يتسلق الجو لارتفاع قد يصل إلى 16000 أو 20000 قدم، وهو منتشر في أمريكة الجنوبية، يعيش في جماعات تتفرق عند التكاثر، ويبني عشه في المرتفعات الصخرية، وتبيض أنثاه بيضتان فقط في تشرين الثاني وكانون الأول (صيف نصف الكرة الجنوبية)، صفراء فاتحة تحمل بقعاً بنية صغيرة.

الشكل (1) النسر الملكي

أما النوع المنتشر في أمريكة الشمالية فهو كوندور كاليفورنية Gymnogyps californianus، وهو أكبر طيور أمريكة الشمالية وهو مُعَرَّض اليوم للانقراض بسبب تعرضه للصيد الجائر، ويعتقد بأن مابقي منه اليوم لايتجاوز الــ 60 فرداً. وأنثاه تحضن بيضة واحدة فقط.

  أما النسر الملكي Sarcohamphus papa (الشكل -1) فيصل عرضه مع انتشار جناحية إلى نحو مترين. جسمه أبيض وأسود لكن رأسه وجبهته عاريان زاهيا اللون، وله منقار تزينه لحيمة حمراء. وهو بعكس كوندور كاليفورنية طائر غابة ويوجد في أمريكة الجنوبية.

والنسر الأسود Coragyps atratus أصغر من النسر الملكي ومنتشر في أواسط الولايات المتحدة الأمريكية وأمريكة الجنوبية، حيث تم تدجينه في بعض المناطق.

ويعد النسر التركي Cathartes aura الأكثر انتشاراً في هذه الفصيلة، من جنوبي كندا إلى مضيق ماجلان، وخاصة في الولايات الجنوبية من الولايات المتحدة الأمريكية . ويُذَكِّر رأسه ورقبته العاريان حمراوا اللون بديك الحبش. وهو محمي بحكم القانون من قبل السلطات الأمريكية.

2- فصيلة البازيات Accipitrid (نسور العالم القديم وصقورها وعقبانها وحِداؤها): وهي ذات مناقير قوية، وإناثها أكبر حجماً من ذكورها، وهي صفة تنطبق على الجوارح كافة.

الشكل (2) النسر المصري الأسود

تمتاز طيور هذه الفصيلة بتغذيها بالجيف، ولذلك فإن رائحتها منفرة، وهي ليست متكيفة لا للصيد ولا للقتال، منقارها مجهز لتمزيق الفريسة وتمزيق الحيوانات الميتة. معظمها عاري الرأس، والعنق زاهي الألوان، عنقها طويل يُمَكِّنُها من إدخال رأسها بكامله في جسم الفريسة. عصارتها الهاضمة شديدة الفعالية لدرجة تستطيع معها هضم العظام، وتشبه نسور العالم الجديد في قدرتها الكبيرة على التحليق والحومان في الجو ساعات، مستخدمة أجنحتها الواسعة مستفيدة من تيارات الحمل الهوائية، محلقة لارتفاعات قد تصل إلى آلاف الأقدام مختفية عن الأنظار، تراقب الأرض بنظرها الحاد الثاقب.

من أشهر أنواعها التي شوهدت في سورية النسر المصري الأسود Aegypius monachus (الشكل -2) الذي يبلغ طوله نحو مترٍ إلى مترٍ ونصف ويصل عرضه بعد فتح جناحيه إلى المترين، لون ريشه  بني داكن متجانس والأجزاء العارية من رأسه تميل للون الأزرق، ويمتاز بوجود «قبة» أسفل رقبته. يمتد انتشاره من أواسط آسيا إلى البحر المتوسط وشمالي إفريقية.

 

وشوهد في سورية أيضاً النسر الأسمر (الرخم) Gyps fulvus (الشكل -3) الأصغر حجماً من النسر السابق. لونه أفتح وبلا «قبة». ينتشر في المناطق السابقة نفسها، لكنه يوجد أيضاً في جنوبي إفريقية، ويعشش في شواطئ البحر المتوسط خاصة، لكنه بدأ يختفي من أكثر هذه المناطق، وأصبح من الأنواع المهددة بالانقراض نظراً لامتداد المدنية وتقلص مناطق توافر الجيف والجثث الميتة التي تمثل غذاءه. وقد بدأ يجد طريقه نحو شمالي أوربة. تضع أنثاه بيضة واحدة بيضاء ملونة بنقاط بنية، يتناوب الذكر والأنثى على حضنها نحو خمسين يوماً.

 

الشكل (3) النسر الأسمر (الرخم)

الشكل (4) العقاب الذهبي

 

وهناك النسر الأبيض المصري أو دجاجة فرعون Neophron perenapterus، وهو أصغر حجماً، وكان من الطيور الفرعونية المقدسة ويشاهد منحوتاً على الآثار الفرعونية القديمة.

وتضم هذه الفصيلة أيضاً العقبان التي تمتاز بشكلها الذي يوحي بالعظمة والاعتزاز، مما حدا بكثير من الدول إلى اتخاذها رمزاً. لكل منقار مستقيم لكن الفك العلوي منه منحن ومدبب، وحين تنشر أجنحتها فإنها تتخذ شكل مربع. أرجلها مغطاة بالرياش حتى رؤوس الأصابع. أشهرها العقاب الذهبي Aquila chrysaetos، الذي يدعى أحياناً ملك الطيور، (الشكل -4)، وهو يعيش في  جبال أوربة وآسيا وغاباتهما، وفي شمالي إفريقية ومعظم أمريكة الشمالية، لون ريشه بني غامق وإن كان يُرى أنه أسود عند طيرانه.

وقد استخدم سكان السهول من الهنود الحمر ريش العقاب في تزيين رؤوسهم، لذلك أطلق عليه اسم عقاب الحرب. وهو يتمتع بقوة عضلية متميزة بحيث يستطيع حمل فريسة بحجم الماعز، يعشش في ذرى الشجر أو في الشقوق الصخرية العالية مستخدماً الأغصان الجافة، ثم يبطن العش بلحاء الشجر والأوراق الجافة، ويكون عمق العش في البداية نحو 25سم، ثم يصبح مع الزمن، بإضافة مواد جديدة إليه، بعمق 1.5متر. وهو محمي في معظم كندا واسكتلندة منذ عام 1962.

تبيض الأنثى بيضة أو اثنتين في آذار أو نيسان، قشرتها بيضاء ذات بقع حمراء خشنة الملمس. والأنثى فقط هي التي تحضن البيوض، ويقتصر دور الذكر على التغذية فقط. لون ريش الصغار أبيض في البداية، ثم يتحول اللون بالتدريج إلى الرمادي ثم البني.

والنوع القريب منه العقاب الامبرطوري A.heliaca الذي يعيش في جنوب شرقي أوربة ووسط آسيا وفي إسبانية وشمال غربي إفريقية، ولكنه يشتي في بعض مناطق إفريقية وجنوبي آسيا وشرقيها. وهو، بعكس العقاب الذهبي، يفضل السهول بدلاً من الجبال، حيث يبني أعشاشه في ذرى الأشجار وأحياناً على الأرض.

الشكل (5) العقاب الأمريكي الأصلع

والعقاب الأمريكي الأصلع Haliaetus leucocephalus (الشكل - 5)، يعيش في أمريكة، وقد اتخذته أمريكة شعاراً لها، منه في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من خمسين ألف فرد يعيش معظمها في ألاسكة، لكنه معرض للانقراض، لذلك حمته الدولة منذ عام 1920. وهو غير أصلع لكنه يبدو كذلك لأن رأسه مغطى بريش أبيض. تضع أنثاه بيضتان على ذرى الأشجار، ويتغذى بالسمك خاصة.

والعقاب الذي شوهد في سورية هو العقاب أبيض الذيل Haliaetus albicilla.

وتضم فصيلة البازيات أيضاً الجنس Accipiter، ويمتاز بأجنحة طويلة وعريضة، ويختلف ريشه بحسب العمر والجنس، فهو أزرق اللون مموج في الأعلى وأبيض مموج وبني مائل للحمرة في الأسفل، من أهم أنواعه الباز A.gentilis الذي يصل طوله إلى 60سم من الرأس حتى الذيل، ويمتد جناحاه إلى نحو متر وربع المتر، ويمكن تمييزه في أثناء طيرانه لأن عرض جناحيه أكثر من نصف طوله وبالحزم السوداء الثلاث على ذيله، وهو يستطيع ملاحقة فريسته بسرعة بين الأشجار بإغلاق جناحيه وتدوير نفسه بذيله الممدود، ويعد صياداً من الدرجة الأولى، وهو يبني عشه في أعالي الأشجار، فيستخدمه عدة سنين، ويقوم بإصلاحه كل مرة يقترب وضع البيض بإحضار أغصان جديدة، ويبيض 3 أو 4 بيوض تميل للزرقة مبقعة أحياناً ببقع بنية، ويمتد الحضن نحو 3 أسابيع، تقوم الأنثى في أثنائها بإطعام الصغار ما يجلبه الذكر ويضعه في مكان محدد بعيداً عن العش تقوم الأنثى بجلبه لصغارها.

 

الشكل (6) الباشق

 ومن أنواع الباز أيضاً الباشق A.nisus (الشكل -6) الذي يعيش في أوربة وشمالي إفريقية ومعظم أنحاء آسيا، ويمتاز من النوع السابق بأصابع أطول وأدق، ويعد في أصغر الجوارح فهو أكبر من الحمام بقليل، يبني أعشاشه على ارتفاعات متوسطة، بيوضه بيضاء  صفراء ببقع حمراء. صغاره بيضاء اللون حين خروجها من البيضة ماعدا المنقار والأرجل.

كانت تستخدم هذه الأنواع للصيد، لكن بسبب طيرانها المنخفض، مقارنة بالطيران المرتفع للصقور، فقد اقتصر استخدامها على صيد الأرانب والدراج (الحجل).

3- فصيلة الصقريات Falconidae: تضم الصقور الحقيقية التي لاترقى  إلى مرتبة العقاب الملكي، لكنها ذات هيبة ووقار، وربما كانت أكثر الجوارح تخصصاً للصيد. أجنحتها رفيعــة طويلة وذيلها دقيق وسرعتها كبيرة، تُذَكِّر بالسنونو. منقارها قصير وقوي ومنحن نحو الأسفل، ويمتاز بوجود سنين على الفك العلوي يقابلهما انخفاضان على الفك السفلي.

الصقر حيوان صياد لايرحم ولايخطئ يخرب كثيراً من أعشاش الحيوانات، لكنه لايصطاد من أجل القتل، ولايتغذى إلا بما يصطاد . لذلك يدرب من أجل الصيد. مقامه الطبيعي الغابة، حيث يبني عشه الكبير، لكن بعض الصقور تعيش في السهول والمناطق غير المشجرة. ومع أنها طيور مهاجرة إلا أنها تقطن باستمرار المنطقة التي ترتاح فيها. تضم عدداً من الأنواع، لكن أشهرها الذي شوهد في سورية الشاهين Falco peregrinus، الذي يقطن معظم أوربة وآسيا وأمريكة.

يشاهد في سورية أيضاً الباز المسائي أو اللزيق F.vesperitus ذو الريش الرمادي الأردوازي، الذي يكون مبرقشاً باللون الأبيض لدى الأنثى، في حين يكون المنقار والقدمان ورياش القدمين حمراء برتقالية. يطير عادة جيئة وذهاباً، فيما يعد استكشافاً للمنطقة التي يعيش فيها.

ومن الصقور التي شوهدت في سورية أيضاً الحر F.biarmicus والصقر المحجر أو المزركش F.concolor. وهناك أيضاً الصقر F.sacer.

تربية الصقور

 تعود تربية الصقور إلى عدة قرون، قبل المسيحية، وانتشرت رياضة الصيد بالصقور في أواسط أوربة وشمالي إفريقية وأصبحت من الرياضات المفضلة التي يمارسها ملوك إنكلترة ونبلاؤها بدءاًمن النورمانديين حتى القرن السابع عشر.

ولتربية الصقور قواعدها وطقوسها، حيث يحجز الصقر في الأسر ويُجَوَّع ويحافظ عليه بحالة غير مستقرة لإضعافه وجعله سهل الانقياد. ويغطى رأسه في أثناء تدريبه بقلنسوة كي لا يستثار أو يذعر بمنظر الكلاب أو الأحصنة أو الإنسان. بعد مدة لابأس بها من العناية يعتاد على مدربه ويقبع هادئاً على ذراعه.

حسن حلمي خاروف

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

البيزرة.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ الدراسة الوطنية للتنوع الحيوي في الجمهورية العربية السورية (وزارة الدولة لشــؤون البيئــة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة 1998).

- Larousse Encyclopedia of Animal Life, English Edition (Paul Hamlyn, London 1967).

 


- التصنيف : علم الحياة( الحيوان و النبات) - النوع : علوم - المجلد : المجلد السابع، طبعة 2003، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 761 مشاركة :

متنوع

بحث ضمن الموسوعة