ناصف (حفني-)
ناصف (حفني)
Nasif (Hafni-) - Nasif (Hafni-)
ناصف (حفني ـ)
ناصف (حفني ـ)
(1272 ـ 1338هـ/1856 ـ 1919م)
حفني أو (محمد حفني) بن إسماعيل بن خليل بن ناصف، قاضٍ، أديب له شعر جيد، ولد ببركة الحج، من أعمال مدينة القليوبية بمصر وتعلم بمدارسها، درس في الأزهر الشريف، وبعد حصوله على الإجازة من الأزهر (1869 ـ1879م) وتخرجه في دار العلوم (1879 ـ1882م ) وظف في مدارس الخرس والعميان، ولم تسند إليه أي وظيفة ذات شأن تناسب مؤهلاته الثقافية وتطلعاته العلمية، وقد ضاق بوظيفته وإهماله، وتألم لذلك وعبر عن الآمه شعراً ونثراً، فمن شعره في ذلك:
غلط الناس في عرابي وسامي حيث أقصوهما إلى سيــــــلان
أين موسى العقاد حيث نفوه مع باقي الثوار للســـودان
لم يريدوا بهم عذاباً، فهلا أرسلوهم للخرس والعميــــــان
ومن نثره قوله: وإني وإن نازعني الزمان في طلب العرفان، وقابلني بالعوائق، كنت أتصبر تصبر العاشق، وأقاومه مقاومة الشجعان فى الميدان وأظهر له تجلداً، وأريه قلباً لا يزلزله الردى، وكان مولعاً بكسر آمالي فليت شعرى ماله ومالي».
اشترك حفني في الثورة العرابية بخطب كان يلقيها ويكتبها ويوزعها على خطباء المساجد والشوارع، وكان يكتب في بعض الصحف المصرية باسم «إدريس محمدين».
وفي سنة 1885 شغل حفني ناصف ما يشبه وظيفة النائب العام في هذا العصر، ومن هذا الطريق اتصل بالقانون فأشرف على الترجمة القانونية والقضائية وقام بتنسيقها. رحل إلى أوربا عدة مرات، واتصلت أسباب المعاونة والمودة بينه وبين المستشرقين حتى اختاروه عضواً في مؤتمر المستشرقين في ڤيينا. وفي سنة 1892 دخل امتحان مسابقة في المواد القانونية لشغل وظائف قضائية ونجح في المسابقة بتفوق وامتياز، وعين قاضياً سنة 1892 وتنقل في عدة أقاليم ما بين القاهرة وطنطا. قام برئاسة الجامعة الأهلية سنة 1908 عند تأسيسها وكان من أوائل المدرسين بها كما شارك في إنشاء المجمع اللغوي الأول وخرج من القضاء سنة 1912 وهو في وظيفة «وكيل محكمة طنطا الكلية»، عمل كبيراً لمفتشي اللغة العربية بوزارة المعارف سنة 1912 وظل بها حتى أحيل على المعاش سنة 1915.
وفي سنة 1914 أحالت وزارة المعارف المصرية إلى حفني ناصف تطبيق رسم المصحف الشريف الذي طبعته على رسم مصحف الإمام عثمان بن عفان، وعاونه في هذا العمل أحمد السكندري والشيخ مصطفى العناني.
وفي أثناء ذلك بلغ حفني ناصف الستين من عمره فأحيل على المعاش، مع بقاء مهمة طبع المصحف مسندة إليه وإلى زميليه، وقبل أن يحلّ ميعاد اعتزاله لوظيفته بعشرين يوماً كتب يقول:
برزتُ في سحرِ البيـا نِ وشابَ فيه مفرقي
فقضيتُ عمري والبلا غة سابقاً لم أُلحـقِ
فاتَ الكثيرُ من الحيـا ةِ وقلَّ منها ما بقي
ومن القصص العجيبة التي ترتبط بحفني ناصف أنه كان أحد العلماء والأدباء الستة، الذين وقفوا سنة 1905 على قبر الإمام محمد عبده يوم وفاته يرثونه حسب الترتيب: الشيخ أحمد أبو عطوة، حسن عاصم باشا، حسن عبد الرازق باشا الكبير، قاسم بك أمين، حفني ناصف، حافظ إبراهيم.
وقد اتفق أن مات الأربعة الأولون بهذا الترتيب ولاحظ حفني ناصف ذلك يوماً، وكان حافظ إبراهيم قد مرض وخاف على نفسه من الموت، فبعث إليه حفني يطمئنه بهذه الأبيات:
أتذكـرُ إذ كُنَّا على القبرِ ستـةً نعـدِّدُ آثـارَ الإمـامِ وننـدُبُ
وقفنا بترتيـبٍٍ وقـد دبَّ بيننـا مَمَـاتٌ على وفْقِ الرثـاء مُرَتَّبُ
أبو عطـوة ولَّى، وقَفَّـاه عاصمٌ وجـاء لعبدِ الرازق الموتُ يطلبُ
فلبّى وغابت بعده شَمْسُ قاسـمٍ وعمّـا قليلٍ نَجْم مَحْياي يغرب
فلا تخشَ هلكاً ما حييت وإن أمت فما أنت إلا خائـف تترقَّـبُ
فخاطر، وقَعْ تحت القطار ولا تخف ونَمْ تحت بيتِ الوقْفِ وهو مُخَرَّبُ
وخُضْ لُجَـج الهيجاءِ أعزلَ آمناً فإن المنايا عنك تنـأى وتَهربُ
وفي سنة 1918 أصيب حفني ناصف بشلل جزئي فزاد تشاؤمه، وعزَّ رجاؤه في حياة قضاها في جهاد وعناء، ثم شفي وعاد إلى مراجعة المصحف الشريف الذي تطبعه وزارة المعارف، ولكنه يفجع بوفاة ابنته مَلَك «باحثة البادية» [ر] في تشرين الأول/أكتوبر سنة 1918، وحضر حفلَ تأبينها في الجامعة المصرية محمولاً لفرط ما أصابه من ضعفٍ وهمٍّ ومرض، حتى إذا وقف حافظ يرثيها قال:
وتركتِ شيخَكِ لا يَعِي هل غابَ زيدٌ أو حَضَر
ثَمِلاً تُرَنِّحُـه الهمُو مُ إذا تَمايلَ أو خَطَـر
كالفَرْعِ هزَّتـهُ العوا صفُ فالتوى ثم انْكَسَر
وعندما أنشد حافظ ذلك بكى حفني بك، وحملوه وهو يبكي، ثم فقد رشده بضعة أيام حتى لحق بابنته في يوم الثلاثاء 24 جمادى الأولى/ 25 شباط وكأنهما كانا على ميعاد، بعد أن ترك تراثاً أدبياً خالداً وشعراً جيداً كان يتجنب فيه المدح والاستجداء والفخر.
من مؤلفاته المطبوعة: «تاريخ الأدب- أو حياة اللغة العربية»، «مميزات لغات العرب»، ورسالة في «المقابلة بين لهجات بعض سكان القطر المصري»، واشترك في تأليف «الدروس النحوية» في أربعة أجزاء. وجمع ابنه مجد الدين ناصف شعره، في ديوان سماه «شعر حفني ناصف».
منى الحسن
مراجع للاستزادة: |
ـ سعيد محمد رمضان، «حفني ناصف أضواء من حياته وأدبه»، مجلة الفيصل، العدد91.
- التصنيف : اللغة العربية والأدب العربي - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد العشرون، طبعة 2008، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 372 مشاركة :