الهادي إلى الحق
هادي الي حق
Al-Hadi ela al-Haq (Guide to the right) - Al-Hadi ela al-Haq (Guide pour le droit)
الهادي إلى الحق
(220 ـ 298هـ/835 ـ 910م)
يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الحسيني العلوي الرّسّي.
ولد في المدينة المنوّرة، وكان يسكن الفُرْع من أرض الحجاز مع أبيه وأعمامه. والهادي من أئمة الزيدية الذين يرون أن الإمام الحق يجب أن تتوافر فيه صفات خاصة كالشجاعة والعلم والعدل إلى جانب الفضيلة والزهد، ومع ذلك فلو توافرت هذه الصفات في شخص من آل الحسن والحسين فإنه لا يعد في نظرهم إماماً حقاً تجب إطاعته إذا لم يخرج داعياً بنفسه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى الحكم بكتاب الله وسنة نبيه ويبذل نفسه ابتغاء وجه الله لا تأخذه في الله لومة لائم. ومما نقل عن الإمام زيد بن علي قوله: «الإمام من آل البيت الموثوق بفعله وفهمه الموثوق بعمله» وفي رأي الزيديين فإن هذه الصفات توافرت في شخص الهادي إلى الحق «يحيى بن الحسين».
راسله أحد ملوك اليمن ويدعى أبا العتاهية الهمداني يدعوه للخروج إلى اليمن، فخرج سنة 283هـ حتى بلغ موضعاً يقال له الشرفة بالقرب من صنعاء فبايعه الناس وأطاعوه، ثم خذله بعضهم وانصرفوا عنه؛ مما ترك عنده ردة فعل بعدم الرغبة في متابعة الأمر لعدم ثقته برسل أهل اليمن، ومما يروى عنه أنه قبل خروجه بليلة واحدة رأى النبي الكريمr في المنام يأمره بالنهوض بالأمر، فامتثل لأوامره وسار بمن معه حتى وصل «صعدة» سنة أربع وثمانين ومئتين، وبايعه أبو العتاهية الهمداني وعشائره، وبعض قبائل خولان، وبنو الحارث بن كعب، وبنو عبد المدان، فأمرهم بالمصالحة لوجود فتنة بينهم وكان له ما أراد، ثم عاهدوه على الطاعة والقيام بأمر الله وخوطب بلقب أمير المؤمنين، وتلقب «الهادي إلى الحق»، وأصلح أمور أتباعه وحكم فيهم بالعدل وأخصبت البلاد في عهده، مما ترك أثراً حسناً في نفوس أتباعه ثم ولّى الولاة على المخاليف «القرى» وكتب لكل والٍ عهداً بذلك، وقد تضمن العهد الذي كتبه كيفية التعامل مع الناس بما يحقق العدل ويرضي الله وحدد لكل والٍ حدود صلاحياته وطريقة عمله.
ثم سار يريد نجران في عسكر كبير وتبعته قبائل وادعة وشاكر وثقيف ويام والأحلاف، وبايعوه، وخطب في أهالي نجران مذكراً بحدود الله والالتزام بالحلال والحرام وأكّد إقامته للحدود كاملة. ثم بعث الولاة وأمرهم بتقوى الله وحدد أسس العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين المسلمين وأهل الذمة وفق ما أقره الشرع ومصلحة المجتمع. وبعد فتح نجران ملك صنعاء سنة 288هـ وامتد ملكه فخطب له بمكة سبع سنين وضربت السكة باسمه. في سنة 294هـ ظهر الفساد بنجران، كما ظهر أتباع القرامطة في بني الحارث والياميين، وظهر علي بن الفضل القرمطي الذي تغلب على أكثر البلاد ويقال إنه حاول قصد الكعبة ليهدمها فحاربه الهادي، واستمرت مواجهاته طويلاً مع القرامطة، وقد استردوا منهم صنعاء أكثر من مره فكانت الحرب بينه وبينهم سجالاً، وقد استعادها آخر مرة سنة 297هـ ونكلّ بكثير من دعاة القرامطة.
توفي الهادي بصعدة ودفن يوم الاثنين قبل الزوال، وبويع لابنه أبي القاسم محمد بن يحيى سنة تسع وتسعين ومئتين وأقام بصعدة وفي يده بلاد همدان وخولان ونجد.
نشأ الهادي فقيهاً، عالماً، ورعاً إلى جانب الشجاعة والإقدام، وقد صنّف كتباً عديدة منها المطبوع ومنها ما هو مخطوط… من هذه الكتب: «الجامع»، ويسمى «الأحكام في الحلال والحرام»، و«السنن والأحكام» و«المسالك في ذكر الناجي من الفرق والهالك». وله رسائل عديدة منها: «الرد على أهل الزيغ» «خ»، «العرش والكرسي»، و«الأمالي»، و«الرد على المجبرة القدرية» و«خطايا الأنبياء» و«الرد على من زعم أن القرآن قد ذهب بعضه».
كان الهادي مثالاً للتواضع في مطعمه ومشربه وجميع أحواله إضافة إلى ما ذُكر من صفاته. وإليه ينسب القول: «والله الذي لا إله إلا هو ما أكلت مما جبيت من اليمن شيئاً»، وأكثر من ملك اليمن بعده من أئمة الزيديين هم من ذريته.
عبد الكريم العلي
مراجع للاستزادة: |
ـ ابن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (دار المعارف، مصر 1970م).
ـ علي بن محمد بن عبد الله العباسي العلوي، سيرة الهادي الى الحق، تحقيق سهيل زكار (دار الفكر، بيروت 1981م).
- التصنيف : التاريخ - النوع : أعلام ومشاهير - المجلد : المجلد الواحد والعشرون، طبعة 2008، دمشق - رقم الصفحة ضمن المجلد : 287 مشاركة :