logo

logo

logo

logo

logo

المساحلة

مساحله

Cabotage / Coastal navigation - Cabotage / Navigation côtière

المساحلة

 

الملاحة البحرية marine navigation، عامة هي علم وفن المناورة بالمراكب البحرية وتوجيهها وقيادتها من موقع إلى آخر بأمان، وهي تجمع بين العلم والفن، فلا تعتمد على العلم فقط، وإنما على خبرة الملاّح ومهارته أيضاً. والملاحة مشتقة من الملحة وهي لجَّة البحر، ومنها الملاّح أي النوتي أو البحّار. وكلمة ملاحة في اللغات الأوربية مشتقة من كلمتين لاتينيتين هما: Navis وتعني السفينة وAgire وتعني الاتجاه أو الحركة. أما المساحلة أو الملاحة الساحلية coastal navigation فهي فن قيادة المراكب البحرية بمحاذاة الساحل؛ أو قريباً منه؛ وفي المياه الإقليمية للدولة؛ وفي الممرات المائية بالاستعانة بالخبرة وبالمعالم الأرضية والتجهيزات التقنية وقواعد الإرشاد البحري.

هناك موضوعان يجب أن يعرفهما كل ملاّح هما: قواعد المسار، أي معرفة الطرق البحرية ومسالكها، والتقنيات المستخدمة في الملاحة والتي يمكن أن تتغير وفقاً لنوع المركب والمعدات المتاحة وخبرة الملاّح. هناك اختلاف بين قيادة المراكب الصغيرة وبين قيادة ناقلات النفط أو غيرها من المراكب الضخمة، مع إمكانية استخدام النوع نفسه من المعدات والتقنيات الملاحية.

لمحة تاريخية

كان الملاحون يعتمدون في تحديد طرقهم البحرية على المعالم الأرضية، كالصخور الضخمة والأشجار وتضاريس الساحل المشاهدة من قبلهم، وكانوا يستعينون ببعض المعالم الأخرى عند الابتعاد عن الساحل، وعدم إمكانية رؤية الأرض من بعيد لتحديد مواقعهم، فكانوا يقيسون عمق المياه ولونها، ويراقبون نوع الريح واتجاهها، وشكل الموج؛ وموقع الشمس في حركتها في السماء، كما كانوا يعتمدون على النجوم للتوجه ليلاً. ومع تقدم فن الملاحة طُوّرت أدوات مختلفة لتحديد موقع السفينة، فاستخدموا البوصلة لتحديد الاتجاه، وقاسوا ارتفاع الشمس أو النجوم بالاسطرلاب وآلة السدس لتثبيت مواقعهم، ورسموا الدِّيَر والمسارات على الخرائط الملاحية. وفي العصر الحديث جُهزت المراكب الحديثة بأنواع مختلفة من التقانات العالية الدقة لتحديد الموقع والاتجاه بالاستعانة بالسواتل وأنظمة ملاحة خاصة تتحسس التغيرات في اتجاه المركب وسرعته، وتضبط آلياً سير المركب.

الأدوات الأساسية في الملاحة البحرية الساحلية

يعتمد الملاحون على عدة أدوات أساسية لتحديد موقعهم في الماء، فيستعينون بالخرائط الملاحية ورسم مسار الرحلة بالاستعانة بخطوط الطول والعرض والمسافة المقطوعة والزمن، ويستخدمون البوصلة لتحديد الاتجاه.

تحمل الخرائط الملاحية عادة رموزاً تدل على العلامات الأرضية البارزة بحسب مقياس الخريطة، كذلك تقدم الخرائط الملاحية معلومات تفصيلية عن المسطحات المائية كالبحار الصغيرة والبحيرات، والموانيء والمياه الضحلة، وتضاريس الشاطئ والمواقع الظاهرة فوق الماء كالجزر، والصخور، والمناطق المأهولة وغيرها من المساعدات الملاحية كالمنارات والأجسام العائمة والعلاّمات الصنعية التي تساعد على تجنب المناطق الضحلة وغيرها، كما تدل على صفات قاع البحر وعمق الماء.

يعبّر الملاحون عن موقع المركب بالدرجات بالاستناد إلى خطي الطول والعرض، وقد تم التوافق دولياً على أن الدائرة الأساسية التي تمر من غرينتش هي خط الطول ( ْ)؛ وخط الاستواء هو خط العرض ( ْ)، ويقيس الملاحون المسافة بالأميال البحرية، وكل دقيقة تعادل ميلاً بحرياً (الميل يساوي 1852م).

تُحدد إحداثيات موقع ما بقياس تقاطع خطوط الطول والعرض عند الموقع. وتعدّ البوصلة[ر] من أقدم الوسائل الملاحية، وما زالت تستخدم حتى هذا اليوم. وهي تشير دوماً إلى الشمال المغنطيسي، فتقدم للملاحين نقطة مرجعية ثابتة. ومع استخدام البوصلة والخريطة أو المخطط البياني يستطيع الملاح توجيه المركب من مكان إلى آخر حتى في حال انعدام الرؤية أو في أثناء الليل. وهناك فرق في الاتجاه بين الشمال الحقيقي والشمال المغنطيسي بسبب انزياح الحقل المغنطيسي للأرض مع الزمن. وتحمل معظم المخططات الملاحية علامات تشير إلى  اتجاه الشمال الحقيقي والشمال المغنطيسي وزاوية الانحراف بينهما. وتستخدم المراكب الكبيرة والتجارية البوصلة الجيروسكوبية gyrocompass، وهي غير معرضة للخطأ لأنها تشير إلى الشمال الحقيقي ولا تتأثر بالمغنطة.

إيجاد الموقع

يجب أن يعرف الملاح موقع مركبه في نقطة الانطلاق قبل توجهه إلى مكان آخر. ويتم تحديد الموقع بإحداثيات خطي العرض والطول. ويستخدم الملاحون تقنيات مختلفة لتحديد الموقع وتتبع المسار. وتعتمد المساحلة أساساً على العلامات الأرضية والمساعدات الملاحية الصنعية لتحديد الموقع بدقة عند السفر ضمن مجالات الرؤية. وفي غياب الرؤية البصرية، يستخدم الملاحون دلائل أخرى كعمق الماء والمحسِّات الصوتية التي تقيس الوقت الذي يحتاج إليه  الصوت للارتداد عن الصخور. كما أن هناك جداول سنوية تعطي الموقع الدقيق للأجسام الفلكية في كل وقت من اليوم، وجداول أخرى يحدد الملاح بمساعدتها موقع المركب. وهي متاحة اليوم في برامج الحاسوب، وتحدد موقع المركب عن طريق بيانات يدخلها الملاح، كاسم الجسم الفلكي، وزاوية ارتفاعه والوقت الذي أُخذ فيه القياس.

أنواع الملاحة البحرية

تصنّف الملاحة البحرية في نوعين أساسين: المساحلة أو الملاحة الساحلية، والملاحة في أعالي البحار، وتختلف المعدات والتجهيزات المستعملة في كل نوع منهما. ويعتمد كل منهما على معطيات أساسية أهمها:

أ- تقدير الموضع: ويشتمل على تقدير المسافة، والاتجاه، ومقدار الوقت الذي سيستغرقه المركب في رحلته. وهو تحديد الموقع المعروف مقدماً على طول مسار المركب إلى مسافة محسوبة. فعندما يعرف الملاح المسار الذي سيسلكه، وإحداثيات موقع الانطلاق والمسافة التي سيقطعها مركبه، يمكنه أن يحدد موقع المركب في كل لحظة. وتعتمد هذه المسافة على سرعة المركب في الماء والزمن الذي سيستغرقه المركب للوصول إلى المكان المقصود ابتداءً من لحظة مغادرة الموقع الأصلي.

ب - الإرشاد الملاحي piloting: وهو أسلوب في الملاحة يشمل تحديد موقع المركب مع مرور الوقت، استناداً إلى العلامات الصنعية المقامة على مسار المركب أو أجهزة الإرشاد البحري المعروفة للملاح. أو بكلمة أخرى هو تحديد خط الموقع line of position بالنسبة إلى نقاط جغرافية معلومة باستخدام الوسائط الإلكترونية أو البصرية. يمارس الإرشاد الملاحي بالقرب من اليابسة، ويتطلب يقظة وانتباهاً مستمرين من قبل الملاح وخاصة بالقرب من المناطق الخطرة.

الشكل (1-أ) مساعدات الملاحة

ج- الملاحة الساحلية coastal navigation: تستخدم هذه الطريقة لتحديد موقع المركب عندما يكون مساره محاذياً للساحل (ضمن الرؤية المباشرة لمعالم الأرض)، ولا يحتاج إلا إلى بوصلة compass بسيطة كالبوصلة المغنطيسية، أو بوصلة جيروسكوبية. ويعتمد تحديد الموقع على تعرف نقاط أو علامات ظاهرة على الشاطئ. إن معرفة الاتجاه والمسافة بين نقطتين وسرعة المركب يسمح للملاح بتخطيط الموقع على الخريطة برسم سلسلة من النقاط وتسجيل الزمن عند كل نقطة مع الاستعانة بعلاّمات أو نقاط بارزة على الأرض. تستخدم الأنوار الكاشفة في الليل والأجسام العائمة المُنارة لمعرفة موقع النقاط المعينة، ويعتمد الملاح على تقدير الموضع في الضباب أو في حالة انعدام الرؤية على الأرض لتحديد سرعة المركب واتجاهه، وقد يتعرض تقدير الموقع للخطأ بمرور الزمن (الشكل 1).

د- الملاحة الإلكترونية electronic navigation: تعتمد هذه الملاحة على معدات ملاحية حديثة كالرادار radar، ومسبار الأعماق depth sounder، والنظام العالمي لتحديد الموقع (GPS) Global Positioning System. تقوم هذه المراكز بإرسال إشارات إلكترونية لقياس المدى والاتجاه إلى المركب استناداً إلى مجموعة من النقاط المعروفة. إن إيجاد الموقع باستخدام الرادار مشابه للملاحة الساحلية ليلاً وفي الضباب، ويُعدّ النظام العالمي لتحديد الموقع (GPS) الأكثر استعمالاً في الوقت الحاضر. يتم ربط حاسوب المركب بذلك النظام لتحديد موقع المركب على الخريطة الإلكترونية، ويستخدم هذا النظام 24 ساتلاً، منها 4 سواتل على الأقل قادرة على الظهور من أي نقطة على الأرض في أي وقت، وتحديد موقع المركب في حدود خطأ لا يتجاوز 100م.

الشكل (1-ب)

هـ - الملاحة الفلكية celestial navigation: تعتمد هذه الطريقة على معرفة مواقع الأجسام الفلكية لتحديد موقع ما في البحر، وتستخدم فيها وسائل معينة، كالجداول والمثلثات الكروية. ويعدّ نجم القطب النجم الأكثر استخداماً في الملاحة الفلكية في نصف الكرة الأرضية الشمالي. ولهذا النجم ثلاث مزايا: فهو من أكثر النجوم إشعاعا، وموقعه عند نهاية مجموعة الدب الأصغر، ويدل مباشرة على القطب الشمالي.

ولما كانت الأرض تدور حول محورها بين القطبين الشمالي والجنوبي، لذلك تظهر النجوم في الليل كأنها تتحرك ببطء في حركة دائرية، ويحتل نجم القطب مركز هذا الدوران. فإذا تعرّف الملاح نجم القطب يمكنه بسهولة معرفة اتجاه الشمال. ولأن هذا النجم بعيد عن الأرض، فالزاوية من الأفق إلى نجم القطب هي خط العرض نفسه، وتقاس بدقة باستخدام آلة قياس تدعى السدس sextant. ومع أن نجم القطب علامة مميزة في نصف الكرة الشمالي، فليس هناك نجم مشع يتوضع مباشرة فوق القطب الجنوبي يساعد الملاحين في نصف الكرة الجنوبي، وهم يعتمدون على الكوكبات أو النجوم المعروفة في نصف الكرة الجنوبي. وبعد أن يحدد الملاح خط العرض، عليه إيجاد خط الطول. وتعتمد معرفته على مراقبة زمن شروق  الشمس (أو النجوم الأخرى) وغيابها أو موقعها في قبة السماء.

مساعدات الملاحة

تشمل المساعدات الملاحية كلاً من الأجسام الطافية والثابتة. وتتنوع بين الفنار الطافي الصغير والمنارة العائمة التي ترسل إشارات مرئية أو إلكترونية، وتساعد الملاح على معرفة موقعه والمسار الآمن الذي يجب أن يسلكه. يبين الشكل (1) بعض المساعدات الملاحية، ومنها: المنارة[ر] وهي بناء مرتفع مجهز بأنوار دوارة يعين الملاحين على معرفة موقع الساحل والموانىء القريبة. ـ العوّامة buoy، وهي علامة طافية على سطح الماء مثبتة إلى القاع، وتحدد مسار القنوات الملاحية وقد تجهز أحياناً بإشارات إلكترونية مرئية أو مسموعة. أما الفنار day beacon فهو إنشاء ثابت يتميز بعلامة أو بمؤشر صناعي، أو بضوء أو بمحطة إرسال لاسلكية يُستعان به في مجال انعدام الرؤية.

المحددات ranges: زوج من التجهيزات المُنارة أو غير المُنارة يشير إلى الخط المنصف للقناة الملاحية.

نظام الملاحة الإلكتروني electronic navigation system: هو واحد أو أكثر من المرسلات اللاسلكية التي تصدر إشارات خاصة لتقديم المساعدة الملاحية في الضباب أو خارج الرؤية الأرضية.

غالب أحمد

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الإرشاد البحري ـ السفن ـ الملاحة البحرية والنهرية ـ المنارة البحرية.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ صلاح صالح: الملاحة المتقدمة (الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، 1998).


التصنيف : الصناعة
المجلد: المجلد الثامن عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 489
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1105
الكل : 40547373
اليوم : 77188

التنظير الطبي

التنظير الطبي   التنظير الطبي endoscopy وسيلة استقصائية الغاية منها رؤية الآفات الموجودة ضمن أجواف الجسم رؤية مباشرة وتعرُّف صفاتها وتحديد طبيعتها. وإذا كانت هذه الواسطة الاستقصائية ابتدعت في البدء للتشخيص فقد صارت بعد مدة من استعمالها المرحلة الأولى لبعض الاستقصاءات الأخرى المتممة كأخذ الخزعات من الآفات المشاهدة، ثم تطورت فصارت المرحلة الأولى لإجراء كثير من المداخلات الجراحية في معظم أجهزة الجسم. كان بوزيني Bozzini في عام 1805 أول من استعمل المنظار لاستقصاء أحشاء البطن، أما كيلنغ Kelling فكان أول من نظر أحشاء الكلب بعد حقن الغاز في جوف بطنه عام 1901، وأعاد العمل نفسه على الإنسان عام 1910، وأجرى كل من ديشر Decher وشيري Cherey أول مرة تنظير أحشاء الحوض بإدخال المنظار عن طريق رتج دوغلاس عام 1944. كانت المناظير المستعملة حتى ذاك التاريخ مؤلفة من أنابيب معدنية صلبة، وكانت الإنارة بوساطة حبابة كهرباء صغيرة، وفي عام 1952 استعمل كلادو Clado الإضاءة الباردة التي تنتقل من مصدر خارجي لنهاية المنظار القاصية بقضيب من الكوارتز، واستطاع بالمر Palmer بوساطتها تصوير أول فلم عن التنظير النسائي عام 1955، وكان له الفضل في دفع التنظير خطوات كبيرة إلى الأمام، فهو أول من فتح طريق الجراحة التنظيرية منذ عام 1956، بتحرير الالتصاقات وأخذ الخزعات ثم التعقيم بتخثير البوقين أو قطعهما بطريق المنظار. وفي عام 1956 استعمل فرنغنهايم Frangenheim أول مرة الألياف الزجاجية fiberglass لنقل الإضاءة الباردة، واستبدلت المناظير اللينة بالمناظير الصلبة مما سهل إجراء الفحوص والمداخلات التنظيرية لدرجة كبيرة. وفي عام 1972 حقَّق سيم Semm جهاز نفخ غاز CO2 الآلي ووسع الجراحة التنظيرية النسائية ثم استعملها كثيرون غيره في الجراحات البطنية عامة. وظهرت في منتصف الثمانينات من القرن العشرين أجهزة للتنظير تستخدم نظام الفيديو الإلكتروني video endoscopy أحدثت تطوراً كبيراً في ممارسة التنظير اليومية، فقد تحسنت نوعية الصورة المشاهدة تنظيرياً بفضل إدخال أجهزة تصوير (كاميرات) ذات حجم صغير جداً من نمط (CCD) charge-couple-device. يعتمد مبدأ هذه التقنية على استخدام مجس capteur يحول الطاقة الضوئية المنعكسة من النسج المشاهدة إلى طاقة كهربائية تنقل إلى معالج إلكتروني خاص يسمح بإعادة تشكيل الصورة بدقة متناهية على شاشة تلفزيونية ملونة. يمتاز نظام الفيديو الإلكتروني بإعطائه صوراً أكثر وضوحاً من المناظير الليفية الضوئية العادية وبإمكان تثبيت الصورة وتسجيلها لمشاهدتها من قبل عدة مراقبين في آن واحد وتسجيل كامل الفحص التنظيري والمعالجات المجراة على أجهزة أفلام فيديو. أما مساوئها فثمنها المرتفع وقطر أنبوب الفحص الذي يزيد قليلاً على قطر المناظير الليفية الضوئية العادية. كما ظهر في آخر القرن الماضي أجهزة تشارك بين مسبار لأمواج تخطيط الصدى وجهاز تنظير داخلي في آن واحد echo-endoscopy، يمكن بوساطتها دراسة الطبقات الجدارية للأجواف والأحشاء الداخلية بدقة كبيرة بالأمواج فوق الصوتية بعد الوصول إلى هذه الأماكن بسهولة بوساطة التنظير، وتسمح بتشخيص الآفة ودرجة ارتشاحها في جدار العضو إضافة لإمكانية أخذ خزعات موجهة بالصدى من الآفات الجدارية مما يؤدي إلى وضع تشخيص دقيق نسيجي للطبيعة المرضية لهذه الآفات. وتستخدم هذه الطريقة في تقويم مدى انتشار أورام الأنبوب الهضمي والبولي، وفي تشخيص أورام غدة المعثكلة (البنكرياس) والتهاباتها ومضاعفاتها، وفي تشخيص آفات الطرق الصفراوية، كما تعد من أفضل الوسائل التشخيصية لبعض الأمراض القلبية. تختلف أشكال المناظير باختلاف العضو المراد تنظيره ولكنها جميعها تتألف من أقسام أساسية وأقسام ملحقة. أمّا الأقسام الأساسية فهي جسم المنظار الذي قد يكون صلباً أو مرناً طويلاً أو قصيراً بأقطار مختلفة، والعدسات المكبرة العينية والجسمية، والمنبع الضوئي الذي صار في معظم الأجهزة خارجياً ينقل منه النور بوساطة الخيوط الزجاجية، وتخرج الأشعة من فوهة المنظار الباطنة مستقيمة أو مائلة بدرجات مختلفة حسب المكان المفحوص. أمّا الأقسام الملحقة فتختلف بحسب الحاجة وقد يستعمل منها واحد أو أكثر من واحد كملقط الخزعة أو حلقة التخثير. يجري التنظير أحياناً من دون تهيئة، في حين يتطلب أحياناً أخرى حقن غاز أو سائل في العضو المراد فحصه كجوف الصفاق أو جوف الرحم. أو يتطلب تهيئة العضو نفسه ببعض المواد المساعدة على جودة الفحص كما في تنظير عنق الرحم، ويجرى تنظير بعض الأجواف بلا تخدير في حين يتطلب تخديراً موضعياً أو عاماً في تنظير أجواف أخرى. يستخدم التنظير في جميع أجهزة الجسم تقريباً، مثال ذلك: ـ التنظير الهضمي: وهو: أ ـ علوي يدخل فيه المنظار عبر الفم والبلعوم وترى بوساطته حالة المريء والمعدة والعفج والطرق الصفراوية والبنكرياس والأمعاء الدقيقة. ب ـ سفلي ويدرس به المستقيم والسين الحرقفي والقولونات والقسم الأخير من الأمعاء الدقيقة. ـ تنظير القصبات: bronchoscopy يدخل فيه المنظار عبر الحنجرة إلى الرغامى والقصبات والقصبات الرئيسية فتكشف آفات هذه المناطق. ـ تنظير جهازالبول: بإدخال المنظار عبر فوهة الإحليل إلى المثانة لدراستها ومنها إلى الحالبين عبر الفوهتين الحالبيتين المثانيتين بعد توسيعهما وتكشف بذلك آفات هذه الأقسام التي لم تتمكن الوسائل الاستقصائية الأخرى من الجزم بطبيعتها ويمكن أخذ الخزعات كما في كل أنواع التنظير. ـ تنظير قعر العين: ophtalmoscopy يتم بأجهزة صغيرة لا يتجاوز حجمها حجم قلم الكتابة تحوي عدسات ضوئية وضوءاً بارداً، تُري بالتنظير قعر العين والأوعية الشبكية والآفات الوعائية كالتصلب البصري. ـ تنظير الأذن: otoscopy ويتم كذلك بأجهزة صغيرة يمكن بوساطتها مشاهدة غشاء الطبل عبر مجرى السمع الظاهر وتشخيص التهابات الأذن الوسطى وانثقاب غشاء الطبل. ـ تنظير المفاصل: arthroscopy الذي ترى به معظم مفاصل الجسم وتشاهد بوساطته سطوح المفاصل وتحدد آفاتها. ـ تنظير الجهاز التناسلي في الإناث: أ ـ تنظير المهبل وعنق الرحم colposcopy يستعمل لهذا منظار خاص يكبر العنق بدرجات متفاوتة أفضلها ×14وترى بذلك الآفات الخمجية والورمية، ويفيد في التوجيه نحو المناطق التي يجب أن تؤخذ منها الخزعات لوضع التشخيص والتأكد منه. ب ـ تنظير باطن الرحم hysteroscopy ويجرى مباشرة (التنظير بالتماس) أو بعد تمديد جوف الرحم بغاز CO2 أو ببعض السوائل (التنظير الشامل)، تفحص به بطانة الرحم وتكشف آفاتها ولاسيما الورمية منها. ج ـ تنظير الملحقات والسطح الخارجي للرحم والحوض ويجرى كتنظير الأحشاء بوجه عام. ـ تنظير الأحشاء: endoscopy هو أكثر ما ينصرف إليه التنظير الطبي وهو السائد حالياً مقدمة لإجراء كثير من المداخلات الجراحية ويُخص لذلك بشيء من التفصيل. يتألف جهاز تنظير الأحشاء من قبضة تحوي أزرار التحكم يليها أنبوب لين يختلف قطره بين 7 و12ملم نهايته قابلة للتحريك باتجاهات مختلفة بوساطة أسلاك معدنية داخل المنظار وتسير في الأنبوب حزمة الخيوط الزجاجية الناقلة للنور من منبع خارجي إلى ساحة العمل، وفي نهاية الأنبوب العدسة الجسمية وفي بدايته العدسة العينية، ويحوي أنبوب المنظار عدا هذا قناتين لا يتعدى قطر كل منها 2 ـ 3ملم تستخدم إحداهما لتمرير الأدوات اللينة التي تستعمل لأخذ الخزعات أو المسحات أو إجراء التخثير. وتستخدم الثانية لسحب المفرزات أو الغازات أو ضخ الهواء أو الماء على العدسة الجسمية لغسلها من المفرزات التي قد تتوضع عليها في أثناء العمل. يعد تنظير الأحشاء عملية ككل العمليات الجراحية لذلك يجب تهيئة المريض الذي سيجرى له التنظير كما يهيأ كل مريض لأية مداخلة جراحية، ولاسيما أن التنظير يجرى تحت التخدير العام. يبدأ العمل بإملاء جوف الصفاق بكمية محدودة من غاز CO2 لإبعاد جدار البطن عن الأحشاء. وسهولة حركة الأدوات ضمن الجوف واختير هذا الغاز لعدم تخريشه وسرعة امتصاصه وعدم قابليته للاشتعال مما يمكن معه استعمال التخثير إذا احتيج إليه. يدخل هذا الغاز بوساطة إبرة تدخل في الثنية السفلية للسرة متصلة بجهاز نفخ آلي يحتفظ بضغط الغاز ثابتاً في البطن. ثم يجرى شق صغير بطول 1سم في المنطقة نفسها يدخل فيه مبزل محاط بغمد لجوف البطن المتمدد بالغاز، وحين التأكد من أن المبزل في جوف الصفاق يسحب من غمده الذي يبقى في مكانه لإدخال جهاز التنظير، يحرك الجهاز باتجاهات مختلفة في أثناء الفحص لرؤية كل الأحشاء واحداً بعد الآخر. ولما كانت الأحشاء متراكبة بعضها فوق بعض ويصعب لذلك رؤية كل وجوهها بسهولة فإنه لابد من استعمال مجس خاص وهو قضيب رفيع وطويل يدخل جوف البطن من فوهة أخرى تُحدث في المكان المناسب من جدار البطن يفيد في تحريك العضو المراد فحصه باتجاهات مختلفة أو إبعاده عن بقية الأعضاء لرؤيته بصورة جيدة، وإذا أريد أخذ خزعة أو إجراء تخثير أو سوى ذلك تدخل الأدوات الخاصة بذلك عن طريق ثقب آخر يجرى على جدار البطن. بعد جني المعلومات المطلوبة من التنظير وإنهاء العمل يسحب المنظار ويفرغ جوف البطن من الغاز عن طريق غمد المنظار نفسه، كما يسحب المرود وما قد يكون أدخل من أدوات، وتخاط أمكنة إدخالها بقطبة أو قطبتين لكل منها ويوضع عليها ضماد طاهر، يرتاح المريض بعد ذلك بضع ساعات ويمكن خروجه من المستشفى بعد صحوه من التخدير ببضع ساعات أو بعد 24 ساعة على أكثر تقدير إن لم تحدث مضاعفة توجب بقاءه مدة أطول. ذلك أن عملية التنظير لا تخلو أحياناً من مضاعفات قد تكون خطرة كتوقف القلب واضطراب التنفس والنزف الناجم عن إصابة المبزل لأحد الأعضاء أو الأوعية الكبيرة أو الصغيرة وكلها مضاعفات نادرة في التنظير المتقن، وهناك عوارض عامة أو موضعية أقل خطراً كاضطراب نظم القلب وزرقة الوجه ودخول الغاز في أثناء الحقن في النسيج الخلوي أو في سمك عضلات جدار البطن ونزف ندبة السرة وحدوث ورم دموي في جدار البطن، وغيرها من العوارض التي يجب الانتباه إليها مباشرة لمعالجتها خشية تطورها تطوراً خطراً.   رائد أبو حرب   الموضوعات ذات الصلة:   ـ التنظيرية (الجراحة ـ).   مراجع للاستزادة:   - JEAN MARC CANARD, THIERRY et LAURENT DALAZZO, Endoscopie (Paris 1955). - PETER COTTON et CHRISTOPHER WILLIAMS, Endoscopie gastro - intestinale pratique (Medsi, Paris 1986).
المزيد »