logo

logo

logo

logo

logo

المنخريات

منخريات

Foraminifera - Foraminifères

المُنَخْرَبات

 

المُنَخْرَبات Foraminifera حيوانات بحرية وحيدة الخلية صغيرة القدّ، تنتمي إلى الأوليات Protista، لا يتعدّى قطرها 2مم غير أن قطر بعضها قد يصل إلى 100مم. يعيش 96 % من أنواعها على قاع البحار الضحلة، حرّاً متنقلاً أو متثبتاً، ويعيش القليل من أنواعها (3 ـ 4%) طافياً معلقاً في طبقات مياه البحار السطحية (0 ـ 200م).

تتدخّل عوامل بيئية متعدّدة في انتشار أجناسها وأنواعها وتوزعها في البحار، يذكر منها درجة ملوحة البحار وعمق المياه وحرارتها، إضافة إلى تأثير الضوء ومن ثمّ كمية المواد المغذية. كما تتدخّل في انتشارها كمية الأكسجين المتاحة ودرجة حموضة (الباهاء pH) ماء البحر وكمّية كربونات الكلسيوم المنحلة والتيارات المائية وطبيعة قاع البحر.

في كثير من المناطق المدارية، تحوي الرمال الشاطئية الحالية، كمّياتٍ كبيرة من قواقعها. فهي تسهم إسهاماً كبيراً في تشكيل الرواسب التي ستتحوّل فيما بعد إلى صخور رسوبية.

الشكل (1)الأرجل الكاذبة في المنخريات

 أ-قوقعة ذات جدار كلسي صدفي

ب- قوقعة ذات جدار كلسي مثقب

الأجزاء الرخوة

يفرز معظمُ المنخربات قوقعة تحمي بها أجسامها الرخوة. وتتمايز هذه الأخيرة إلى سيتوبلاسما داخلية تحوي النواة أو النوى، وهي تؤدّي دوراً مهمّاً في عمليتي التغذي والتكاثر، وسيتوبلاسما خارجية تمتد إلى خارج القوقعة، وتغطيها عبر فتحة أو فتحات متعددة في بعض الأنواع. يصدر عن السيتوبلاسما الخارجية استطالات مؤقتة تدعى الأرجل الكاذبة (الزائفة) pseudopods (الشكل1)، تفيد في تثبيت الحيوان وفي التقاط غذائه وطرح فضلاته، كما تستخدم في تحركه وبناء قوقعته. تتغذى المنخربات بالمتعضيات الدقيقة كالمشطورات Diatoms والحيوانات البريوية [ر] Bryozoa والسوطيات [ر] Flagellata.

التكاثر

على الرغم من أنّ تكاثر بعض الأنواع  يتمّ بطريقة لا جنسية (انشطار متعدّد أو تبرعم)، فإنّ تكاثر معظم الأنواع يتمّ بطريقة تعاقب جيلين: جيل جنسي gamogony وجيل لا جنسي (أو انشطاري)  schizogony (الشكل 2).

الشكل (2) حلقة التكاثر في أحد أجناس المنخريات

1-فرد لاجنسي 2-انقسام خيطي 3- انقسام منصف 4- تشكل الأجنة 5-جنين 6-مرحلة سابحة 7-فرد جنسي فتي 8-فرد جنسي 9-نواة التكاثر 10-نواة إعاشية 11-تشكل الأعراس 12-عروس ذات سوطين 13-اتحاد الأعراس 14-البيضة الملقحة

الشكل (3)يمثل ظاهرة المنثوية الشكلية (التثني الشكلي )في الجنس نوموليتس

1-آ الشكل الصغير 2-ب الشكل الكبير

 تبدأ المرحلة الانشطارية في الجنس إيريديا Iridia  على سبيل المثال بالفرد الانشطاري (اللاجنسي) schizont (الشكل2/1) الذي يحوي نواةً واحدةً ذات عدد ضعفاني من الصبغيات (ضعفانية الصبغيات)، تنقسم إلى عدد كبير من النوى انقساماً خيطياً يليه انقسامان منصفان. تتحرّر الأجنة من الفرد الانشطاري الذي يتألّف كل منها من نواة ذات عدد فرداني من الصبغيات (فردانية الصبغيات)، يحمل كل منها أرجلاً كاذبة (زائفة) شبكية. يمرّ الجنين بعد ذلك بمرحلة سابحة قبل أن تنسحب في المرحلة التالية أرجلها الكاذبة الزائفة. يعود الجنين بعد أن يفرز قوقعة شبه كيتينية إلى حياته القاعية؛ حيث يتثبّت على قاع البحر أو على الكائنات التي يعيش عليها. ينمو هذا الجنين ويعطي فرداً جنسياً gamont يشبه في مظهره الخارجي الفرد الانشطاري اللاجنسي (الشكل 2/8).

تبدأ المرحلة الجنسية gamogony  بانقسام النواة فردانية الصبغيات إلى عدد كبير من النوى، تتحول كلّ نواة إلى عروس مجهزة بسوطين. تخرج الأعراس من الفرد الجنسي في أثناء الليل، وتتحد كلّ عروس مع عروس ناتجة من أفراد جنسية أخرى لتشكيل البيضة الملقحة التي تنمو فيما بعد لتشكيل الفرد الانشطاري الذي يحوي نواة ضعفانية الصبغيات (ذات عدد مضاعف من الصبغيات).

يؤدي تعاقب الأجيال الجنسية والانشطارية عادة إلى اختلاف شكلي في أفراد النوع الواحد في  كثير من أنواع المنخربات (الشكل3) يُعرَف بظاهرة المثنوية الشكلية dimorphism. وقد اصطلح أن يسمّى الهيكل الصغير ذو المسكن الأولي الكبير بالشكل (آ) والهيكل الكبير ذو المسكن الأولي الصغير بالشكل (ب).

تصنيف المنخربات

يعتمد تصنيف المنخربات على الصفات المورفولوجية لقواقعها. وقد اعتمد أحدث تصنيف لها على التركيب الكيميائي لجدار قوقعتها، فصنفت إلى خمس رتيبات suborder:  آلّوغروميئينا Allogromiina، و تكستولاريئينا Textulariina  وفوزولينينا Fusulinina وميليولينا Miliolina وأخيراً روتاليئينا Rotaliina. وقد قُسِمَت هذه الرتيبات إلى 17 فوق فصيلة superfamily و96 فصيلة family تضم نحو25000 نوع اعتماداً على الشكل العام للقوقعة وعدد مساكنها وترتيبها وبنية جدارها المجهري.

الشكل (4) الأجزاء الرئيسية في قوقعة المنخريات متعددة المساكن .يلاحظ في الوجه الحلزوني مقطع عرضي في المسكنين الآخيرين

القوقعة

تفرز السيتوبلاسما الخارجية قوقعة تُستخدم لدعمها وحمايتها من المؤثرات الخارجية. يراوح طولها بين 0.1 و120مم. تؤدّي أوصافها المختلفة الآتية دوراً مهماً في تصنيف  المنخربات: تركيب جدارها الكيمياوي وبنيته المِكروية وشكله العام، وعدد مساكنها ونمط ترتيبها، وغياب الثقوب أو وجودها على سطحها وشكل الفتحة أو الفتحات وموقعها، وبنية القوقعة الداخلية. ويضاف إلى هذه الصفات قدّ القوقعة وشكل المساكن وحجومها وصفات الدروز sutures الفاصلة بين المساكن وزخارف سطح القوقعة، وهي صفات تستخدم في تحديد الأنواع. 

 تركيب الجدار الكيمياوي وبنيته المكروية

يتميز تركيب جدار القوقعة الكيميائي بأهمية كبيرة في تصنيف المنخربات؛ ويتألّف في قوقعة الأشكال البدائية من مادة شبه كيتينية، ومنه اشتق جدار القواقع المتلاصقة أو المدبوقة أو الملزَّنة agglutinated والجدار الكلسي في الأشكال الأكثر تطوراً. ويحتمل أن تكون القواقع شبه الكيتينية  مكوّنة من مادة عضوية يشبه  تركيبها الكيمياوي الكيراتين. إن هذا النوع من القواقع الذي يُميّز قواقع أفراد رتيبة آلّوغروميئينا، لا يبقى منه بمرور الزمن مستحاثات بسبب هشاشته.

القواقع المدبوقة المُتلاصقة التي تميز أفراد رتيبة تكستولاريئينا هي خارجية المنشأ تتألّف من مجموعة من الجسيمات المكروية المؤلفة من مركبات لاعضوية مختلفة أو شويكات الإسفنجيات أو من قواقع المنخربات الصغيرة، يأخذها الحيوان من الوسط الخارجي ويدبقها (ويجمعها) بملاط يفرزه. قد يكون الملاط كلسياً بصورة عامة، ولكن قد يكون حديدياً أو سيليسياً.

وأما القواقع الكلسية فهي داخلية المنشأ؛ أي يفرزها الحيوان نفسه، وتتكوّن من مجموعة من بلورات مكروية من الكلسيت (كربونات الكالسيوم) الذي يمكن أن يكون ذا بنية مكروية: حبيبية وليفية مرتبة في طبقتين متجاورتين، كما في قواقع أفراد رتيبة فوزولينينا. وقد يبدو الكلسيت بمظهر خزفي (بورسلاني) الشكل يظهر تحت المجهر بلون أبيض حليبي بالضوء المنعكس وعاتماً بالضوء النافذ، وهذا النوع من القواقع يميّز قواقع أفراد رتيبة ميليولينا المُصْمَتَة (سطحها غير مثقّب)؛ أو يبدو الكلسيت تحت المجهر شفافاً كما في القواقع ذات الثقوب التي تميّز  أفراد رتيبة روتاليئينا.

الشكل (5)أشكال القوقعة في المنخريات أحادية المسكن (الصف الأعلى ) ،وفي المنخريات المتعددة المساكن (الصف الأسفل )

شكل القوقعة وترتيب مساكنها

قد تتألّف قوقعة المنخربات من مسكن واحد أو عدّة مساكن (الشكل 4) مفصولة بحواجز. يدعى أول مسكن يتكوّن بالمسكن الأولي أو الجنيني proloculus. ويتصل المسكنان المتجاوران بثقب يدعى النخروب foramen؛ ومن هنا جاءت تسميتها بالمنخربات. ويسمى النخروب في المسكن الأخير المتكوّن بالفتحة aperture، ومنه تخرج الأرجل الكاذبة.

يختلف شكل القواقع وحيدة المسكن أو متعددة المساكن اختلافاً كبيراً، فقد تكون بيضوية أو كروية أو أسطوانية أو ملتفة أو غير ذلك (الشكل 5). وكذلك يختلف ترتيب المساكن في القواقع متعددة المساكن، فهي تظهر بأشكال متعددة (الشكل 6): فقد تكون أحادية أو ثنائية أو ثلاثية  السلسلة أو تكون ملتفة في مستوٍ أو حول محور أو غير ذلك، أو تظهر بترتيب مختلط أو معقد. ويختلف الشكل العام للقوقعة بحسب شكل ترتيب المساكن، فقد تكون كروية الشكل أو أنبوبية أو أسطوانية أو مغزلية أو مخروطية أو عدسية أو غير ذلك.

التزيينات

غالباً ما تكون القواقع الكلسية مزخرفة بتزيينات متنوعة: أضلاع بارزة أو أشواك أو حروف أو حبيبات أو غير ذلك. ويعدّ وجود هذه التزيينات وأشكالها المختلفة من معايير تحديد الأنواع المختلفة.

الشكل (6)أنماط ترتيب المساكن في القواقع متعددة المساكن

أهمية المنخربات الجيولوجية

توجد قواقع المنخربات بكثرة في رواسب التكوينات الجيولوجية على شكل مستحاثات [ر: المستحاثات (علم ـ)]، وتعدّ دراستها الفرع الرئيس في علم المستحاثات المكروية الذي يؤدي دوراً مهماً في علم الجيولوجيا التطبيقية.

عرفت المنخربات منذ الدور البرمي Permien ولاتزال ممثلة بكثرة في البحار الحالية. ويظهر أنّ أشكالها البدائية ذات القواقع شبه الكيتينية chitinoid  هي التي ظهرت في بادئ الأمر في الباليوزوي  Paléozoique المبكر، وأعطت مجموعات  رتيبة تكستولاريئينا ذات القواقع الملزنة التي ازدهرت بدءاً من الأوردوفيسي Ordovicien حتى العصر الحديث.

أمّا الأشكال ذات القواقع الكلسية فقد ازدهرت بدءاً من الباليوزوي الأعلى ممثلة بمجموعات رتيبة فوزولينينا Fusulinina المهمة التي شكّل تجمع قواقع أجناسها طبقات صخرية ثخينة في الدور الكربوني. انقرضت معظم أفراد هذه الرتيبة في نهاية حقب الباليوزوي وحلّت محلّها بدءاً من الباليوزوي الأعلى والمزوزوي الأسفل Mésozoique مجموعات من رتيبة ميليولينا Miliolina ورتيبة روتاليئينا Rotaliina. ازدهرت معظم أفراد الرتبتين الأخيرتين في الكريتاسي الأعلى Crétacique Supérieure، غير أن ّ بعضها لم يبلغ أوج ازدهاره إلاّ  في حقب الكينوزوي Cénozoique.

ويظهر أنّ أهم مرحلة من مراحل تطوّر المنخربات ذات الهياكل الكلسية حصلت في المزوزوي الأعلى والكينوزوي، إذ ازدهرت منها المنخربات المعلقة التي تنتمي إلى  رتيبة روتاليئينا التي أصبحت أنواعها غزيرة جداً وذات انتشار جغرافي واسع. إنّ الانتشار الكبير لأنواع المنخربات المعلّقة والقاعية في بحار المزوزوي الأعلى والكينوزوي أعطى صخوراً رسوبية غنية بقواقع المنخربات كالحجر الكلسي النوموليتي في الباليوجين  والحجر الكلسي الألفيوليني والميليولي والحجر الكلسي [ر: الكلسي (الحجر ـ)] الغلوبيجريني.

 تعود أهمية المنخربات الستراتيغرافية إلى انتشار أنواعها الواسع في مختلف التشكيلات الصخرية الرسوبية ذات الأعمار المختلفة. فقد وجد أنّ كثيراً من مجموعاتها يحتوي على أنواع مميّزة لها عمر محدود وانتشار جغرافي واسع، وهذا ما يجعلها من المستحاثات المرشدة الدالّة. فقد استعملت هذه الأنواع في إقامة نطاقات مستحاثية عالمية تميّز أعماراً محدّدة من السلّم الزمني الجيولوجي. ولذلك  فقد استعملت في تحديد أعمار الطبقات الحاوية عليها خاصة الطبقات التي يتمّ اختراقها في أثناء حفر الآبار للبحث عن النفط، كما استعملت في مقارنة أعمار الطبقات التي لها العمر نفسه في المناطق المتباعدة. وتعود أهميتها «الستراتيغرافية»، عند التفتيش عن النفط، إلى كونها مستحاثات مكروية وإلى غزارتها في الرواسب التي لا تحتوي على مستحاثات ماكروية (كبيرة). وإضافة إلى ذلك، وبسبب صغر قدّها، فهي تُستخرج كاملة من دون أن تتكسّر، من كسارات الحفر.

يدل وجود قواقع المنخربات في الطبقات الرسوبية إلى جانب أهميتها «الستراتيغرافية» على البيئات القديمة التي كانت تعيش فيها؛ ذلك لأن أنواعها تتأثر بتغيّر الشروط البيئية ويكون لكل بيئة بحرية قديمة مجموعاتها المستحاثة الخاصة بها تميّزها عن البيئات البحرية القديمة الأخرى. كما يظهر أيضاً أنّ بعض مجموعاتها قد أدّى دوراً مهماً في تشكيل الصخور الرسوبية؛ حيث وجد أنّ بعض الصخور مؤلّف بكليته تقريباً من تجمّع قواقعها المستحاثة.

 

 

فؤاد العجل

مراجع للاستزادة:

ـ فؤاد العجل، علم المستحاثات (ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1991).

- M. NEUMANN, Manuel de micropaléontologie des foraminifers, vol (1) (Gauthier-Villars, Paris 1967).


التصنيف : علم الحياة( الحيوان و النبات)
النوع : علوم
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 545
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1078
الكل : 40441669
اليوم : 116337

جيوتو دي بوندونه

جيوتّو دي بوندونِه (1266ـ1337)   جيوتو دي بوندونه Giotto di Bondone مصوّر إيطالي، ولد في فيسبينيانو Vespignano، وتوفي في فلورنسة Florance.  تتلمذ في عام 1280 للمصور تشيمابوِه Cimabue (المتوفى 1302)، وكان وقتها أشهر مصوري فلورنسة وأكثرهم حداثةً. تزوج جيوتّو عام 1290 وأنجب ثمانية أولاد. سافر جيوتّو في المدة من 1290-1295 مرات عدة إلى رومة وتعرف في أثنائها فن التصوير والفن الكلاسيكي الذي تزخر به. بعدها بدأ نشاطه الفني برسم جداريات كبيرة في مدينة أسّيزي Assisi تمثل مشاهد مستقاة من العهدين القديم والجديد.
المزيد »