logo

logo

logo

logo

logo

الماء قليل الملوحة

ماء قليل ملوحه

Brackish water - Eau saumâtre

الماء قليل الملوحة

 

الماء قليل الملوحة brackish water هو الماء الذي ملوحته أقلّ من ماء البحر، وهو يحتوي على أملاح أكثر من المياه العذبة، لكن أقلّ مما هو موجود في ماء البحر. ويراوح تركيز الأملاح فيه عادة بين 1000 و4000 ppm/جزء بالمليون parts per million، أي بين المياه العذبة والمالحة. وتتغير ملوحة الأوساط التي تحوي هذه المياه بحسب المدّ والجزر، وكمية المياه التي تأتي من الأنهار، وبحسب الهطل المطري أو معدلات التبخر.

الشكل (1) مصبات الأنهار حيث تحتلط مياه الأنهار العذبة بمياه البحر المالحة

يوجد الماء قليل الملوحة في أوساط متعددة، هي:

- مصبّات الأنهار estuaries: حيث تنشأ بيئة فريدة نتيجة اختلاط مياه الأنهار العذبة بمياه البحر المالحة (الشكل1). وتعد هذه المناطق شبه مغلقة، يتمّ فيها تأثير متبادل بين اليابسة والبحر.

تتوزع مصبّات الأنهار على طول الشواطئ لكلّ المحيطات، وتختلف كثيراً من حيث المنشأ والنمط والحجم. ويُطلق عليها أسماء متعددة منها البرك أو البحيرات الضحلة lagoons أو المستنقعات sloughs أو حتى الخلجان bays، لكن تشترك كلّها بامتزاج المياه العذبة مع ماء البحر في جزء محدد من الشاطئ. كما يصنّف بعضُ علماء المحيطات البحارَ المغلقة - مثل بحر البلطيق والبحر الأسود؛ حيث جريان المياه فيها محدود - ضمن هذه المناطق.

تشكّلت هذه المناطق منذ نحو 18000 عام عندما ارتفع مستوى البحر بسبب ذوبان الثلوج، وذلك في نهاية العصر الجليدي الأخير، حيث اجتاح البحرُ - مع مرور الأيام - الأراضي المنخفضة ومصبات الأنهار.

وأكثر مصبات الأنهار شيوعاً الخلجان المفتوحة التي تسمى أيضاً الأودية النهرية المغمورة drowned river valleys أو مصبات الأنهار الشاطئية المنبسطة coastal plain estuaries، ومن أمثلة ذلك خليج شيزابيك Chesapeake Bay ومصبات أنهار ديلاور وسانت لورنس على الشاطئ الشرقي لأمريكا الشمالية، ومصب نهر التِيمز في إنكلترا.

الشكل (2) مصبات الأنهار الحاجزية

ثمة نمط ثان من مصبات الأنهار تدعى مصبات الأنهار الحاجزية bar-built estuary (الشكل2) حيث يؤدي تراكم الرواسب على طول الشاطئ إلى بناء حواجز رملية وجزر حاجزية barrier islands تشكّل جداراً بين المحيط والمياه العذبة من الأنهار، يوجد هذا النمط على طول شاطئ تكساس عند خليج المكسيك.

أما مصبّات الأنهار الأخرى مثل خليج سان فرانسيسكو في كاليفورنيا؛ فلم تتشكّل بفعل ارتفاع مستوى البحر، بل بسبب انخفاض الأراضي نتيجة تحركات القشرة الأرضية، وتعرف هذه المصبات بالتكتونية tectonic estuaries.

ثمة نمط آخر من المصبات يتشكّل عند انسحاب الأنهار الجليدية؛ مما أدّى إلى تشكيل أودية على طول الشاطئ، غُمرت جزئياً عندما ارتفع مستوى سطح البحر، والأنهار حالياً تصب فيها. تسمى هذه المصبات الأزقة البحرية أو الفيوردات fjords (الشكل 3).

الشكل (3) زقاق بحري (فيورد)

السبخات الملحية salt marshes: تحيط ببعض المصبات في المناطق المعتدلة وشبه القطبية مناطق عشبية كثيفة، تمتد داخل اليابسة بسبب الترسبات الطينية المسطحة للبحار. وتُغْمَرُ هذه المناطق جزئياً في فترة المدّ؛ لذلك تعرف بالسبخات الملحية.

السبخات البحرية: وهي مسطحات مائية مالحة ضحلة في منطقة المد والجزر للبحار الواقعة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. تمتاز النباتات فيها بالقدرة العالية على تحمل الملوحة، وبوجود جذور تتنفس على سطح المياه.

 

عوامل تغير الملوحة

تتميز مناطق المياه قليلة الملوحة بمجموعة من الخصائص الفيزيائية والكيميائية، تتحكم بحياة المتعضيات الموجودة فيها.

يتفاوت تركيز الملوحة كثيراً من منطقة إلى أخرى ومن زمن إلى آخر. فكلّما زادت كمية الماء العذب المختلط تدنت الملوحة؛ لذلك تتناقص الملوحة في هذه المناطق باتجاه أعلى النهر. كما تتغير الملوحة أيضاً مع العمق، فالماء المالح في البحر أكثر كثافة من الماء العذب في الأنهار؛ لذا يبقى في الأسفل أو القاع منساباً على طول القاع بما هو معروف بالمحراث الملحي salt wedge، ويكون الماء العذب الأخفّ على السطح.

يتأثر توزّع الملوحة بشكل المصب والقاع، وبالمدّ والجزر. كما تؤثّر التغيرات الفصليّة أيضاً في جريان الماء العذب في الأنهار؛ والناجمة عن الهطل المطري؛ لذلك تكون المصبات معرضة لتغيرات كبيرة في الملوحة.

أثر الماء قليل الأملاح على الحياة

تدور الحياة في المصب أساساً حول الحاجة للتأقلم مع تغيرات الملوحة، والحرارة وبعض العوامل الفيزيائية.

فقد تكون بعض البيئات البحرية أبرد من البيئات الأخرى أو أكثر ملوحة، وتكون  التغيرات في المصبات - من حيث الملوحة والحرارة وجريان الماء - أسرع، ويتم ذلك بعدة طرائق، مما يجعل العيش في المصبات صعباً؛ لهذا تأقلم القليل من الأنواع بنجاح مع ظروف هذه البيئة.

ويعدّ التأقلم مع الملوحة من أهم عوامل استمرار الحياة في هذه المناطق؛ لأن توازن الأملاح مع الماء في خلايا الجسم وسوائله يعد من أكبر التحديات التي تواجه المتعضيات التي تعيش في المصبات. ومعظم الأنواع التي تعيش هناك بحرية تطورت لديها قابلية تحمل الملوحة المنخفضة. فمعظم متعضيات المصبات واسعة الملوحة euryhaline أي إنها تتحمل مجالاً واسعاً من الملوحة، في حين لا تتحمل المتعضيات ضيقة الملوحة stenohaline إلا مجالاً ضيقاً منها؛ لذا ينحصر وجودها في النهايتين العلوية والسفلية للمصب، وهي لا تدخل إلى داخله.

والمشكلات التي تواجه معظم الكائنات التي تعيش في المصبات هي مع المياه التي اختلطت بالمياه العذبة؛ إذ يصبح التركيز الداخلي للأملاح عندها أعلى من الوسط الخارجي، فيدخل الماء عندئذ بالحلول (التناضح) osmosis.

يتكيف بعض الحيوانات مع هذه الحالة بتغييرات بسيطة في سلوكها، كأن تختبئ في الوحل، وتغلق قواقعها، أو تسبح بعيداً عند الماء منخفض الملوحة.

ليست هذه الطرائق واسعة الانتشار في المصبات، بل تعتمد معظم المتعضيات آليات أخرى (الشكل4). فتحافظ حيوانات المصبات - مثل العديد من الرخويات والديدان كثيرات الأهلاب - على التوازن الحلولي بتعديل سوائل الجسم فيها أو تنظيمه بحسب تغيرات ملوحة الماء؛ لذلك تسمى مُطابِقَة الحلول (التناضح) osmoconformers. كما يمكن للعديد من الأسماك والسرطانات والرخويات وكثيرات الأهلاب أن تكون مُنَظِّمَةَ الحلول osmoregulators؛ لأنها تحافظ على تركيز ملحي لسوائل جسمها ثابتاً إلى حد ما بغض النظر عن ملوحة الماء. وعندما تكون ملوحة الماء أخفض مما هي عليه في الدم تقوم هذه الحيوانات بالتخلص من الماء الزائد بوساطة النقل الفعّال active transport، وتمتص بعض المواد المنحلة لتعويض ما خسرته في أثناء التخلص من الماء الذي تقوم به الغلاصم والكلى وبعض الأعضاء الأخرى (الشكل 5).

 

الشكل (4) الأنماط المختلفة من الأنواع التي تعيش في مصبات الأنهار وعلاقة ذلك بالملوحة

 

الشكل (5) أنماط تنظيم ملوحة سوائل الجسم بحسب تغير الملوحة

أما الأسماك العظمية التي تعيش في المصبات فهي أيضاً تحتاج إلى التنظيم الحلولي (التناضحي)؛ لأن دمها يحتوي على أملاح أقل من ماء البحر.

ومن الأسماك التي تلفت النظر في حياتها سمك السلمون وسمك الأنقليس النهري، فهما يهاجران بين الأنهار والبحار، وعلى الرغم من ذلك يحافظ هذان النوعان على تركيز الوسط الداخلي في جسمهما ثابتاً بفضل النقل الفعال للمواد المنحلة بوساطة الكليتين والغلاصم.

أما فيما يتعلق بالنباتات التي تعيش في المصبات، فإنها تتعرض أيضاً لتغيرات الملوحة؛ لذلك تمتلك الأعشاب ونباتات السبخات الملحية آلياتٍ تتحمل من خلالها تراكيز ملحية عالية، فهي تمتص الأملاح بفعالية، وتركّز المواد المنحلة غير الضارة، مثل السكاكر، لكي تتوافق تراكيزها الداخلية مع التراكيز الخارجية، وتمنع الماء من مغادرة نسجها. كما تكيفت بعض نباتات المصبات ونباتات السبخات الملحية الأخرى بطرحها الفائض من الأملاح بوساطة غدد ملحية في أوراقها، كما تُراكِم نباتات أخرى كميات كبيرة من الماء من أجل تمديد الأملاح التي تمتصها.

أنماط مجتمعات المصبات: يرتبط العديد من المجتمعات الحية بالمصبات، ويتألف أحد هذه المجتمعات من العوالق plankton والأسماك ومتعضيات مياه البحر المفتوح (أعالي البحر) التي تدخل المصبات مع المد والجزر، وتغادرها. كما يُولّف العديد من المجتمعات الأخرى عناصر دائمة في النظام البيئي.

الشكل (6) سمك المنهادين: من الأسماك التي تعيش في المصبات على الشاطئ الأمريكي من المحيط الأطلسي

يختلف نمط العوالق وغزارتها التي تعيش في المصبات بشكل كبير بحسب التيارات والملوحة ودرجة الحرارة. كما تعيق المياه العكرة اختراق الضوء، مما يؤدي إلى تحديد الإنتاجية الأولية primary production للعوالق النباتية. كما تتألف معظم العوالق النباتية والحيوانية في المصبات الصغيرة من أنواع بحرية تتدفق مع المد والجزر. أما فيما يتعلّق بالمصبات الكبيرة؛ فيمكن أن يكون لها أنواعٌ خاصة بها.

من أسباب بناء المدن الكبيرة بالقرب من المصبات وجود كميات كبيرة من الأسماك والمحار في  المصبات القريبة منها. كما يمكن استخدام المصبات مكاناً لنمو صغار العديد من أنواع الأسماك ذات الأهمية الاقتصادية؛ مستفيدة من غزارة الغذاء وللحماية من الكائنات المفترسة .

تسكن المصبات عادة أنواع عديدة من الأسماك، بعضها من صغار الأسماك البحرية التي تتكاثر في البحر وتستخدم المصبات مكاناً للنمو، وينتقل العديد من الأسماك المفلطحة إلى المصبات خلال هجرتها، مثل السلمون salmon؛ في حين يكون عدد أنواع الأسماك التي تمضي كامل حياتها في المصبات قليلاً نسبياً. ومن الحيوانات الشائعة أيضاً السرطان والقريدس (الجمبري) shrimp، كما يستخدم العديد من الأنواع المهمة اقتصادياً المصبات مكاناً لنمو صغارها.

الشكل (7) بعض كائنات المسطحات الطينية في مصبات الأنهار

يتعرّض القاع في المصبات إلى التكشف في مرحلة الجزر، مما يؤدي إلى تشكيل مسطحات طينية mudflats تتعرض للجفاف والتغيرات الكبيرة في درجات الحرارة، تعيش فيها أيضاً بعض الكائنات التي تتعرض للافتراس من قبل حيوانات أخرى.

لا تظهر الكائنات المنتجة الأولية primary producers كثيراً على هذه المسطحات، حيث ينمو القليل من الطحالب البحرية المتحملة، مثل الطحلب الأخضر Enteromorpha والأُلفا Ulva وكذلك الطحلب الأحمر Gracilaria. كما يمكن أن ينمو على الطين العديد من المشطورات Diatoms القاعية. وتغزر الجراثيم على المسطحات الطينية، فتفكك كميات كبيرة من المادة العضوية التي تأتي مع مياه الأنهار والمد .

كما تحفر بعض الحيوانات المسيطرة في المسطحات الطينية جحوراً، وهي تعد من الرميات. وعلى الرغم من عدم كثرة أنواعها، فإنها توجد بأعداد كبيرة، ومنها الحيوانات الأوالي  Protozoa والديدان الخيطية Nematoda والعديد من الحلقيات كثيرات الأهلاب Polychaeta والرخويات ذوات المصراعين Bivalva، ومن القشريات القريدس والسرطان crab (الشكل 7) .

مي نصير

الموضوعات ذات الصلة:

المحيطات (علم ـ) ـ الملوحة.

مراجع للاستزادة:

 - P.CASTRO & M.HUBER, Marine Biology (McGraw-Hill, International Edition 2005).


التصنيف : الكيمياء و الفيزياء
النوع : علوم
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 391
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 488
الكل : 31184899
اليوم : 10056

الدارة الاقتصادية

الدارة الاقتصادية   الدارة circuit كلمة مشتقة لغوياً من فعل دار بمعنى سار في طريق أو مسار حتى ينهي دورة تعود به إلى النقطة التي انطلق منها. وبذلك فإن الدارة لا تختلف عن الدورة فنقول الدورة الدموية والدورة المالية. غير أن الاقتصاديين عرَّبوا تعبير circuit economique بالدارة الاقتصادية تمييزاً لها عن الدورة الاقتصادية cycle economique التي تعني التقلبات الدورية في النشاط الاقتصادي تتمثل في عبور الحالة الاقتصادية دورياً في أربعة مراحل: 1- التوسع الاقتصادي (الازدهار أو النهوض أو الذروة boom). 2- الأزمة crise. 3- الانكماش أو الركود depression/contraction. 4- الانتعاش reprise الذي يمثل بداية انطلاق التوسع الاقتصادي، وبذلك تكون الدورة الاقتصادية قد انغلقت عند نقطة بدايتها[ر. الأزمات والدورات الاقتصادية].
المزيد »