logo

logo

logo

logo

logo

معائيات الجوف

معاييات جوف

Coelenterata - Coelentérés

معائيات الجوف

 

معائيات الجوف (أو الجوفمعويات أو المُجَوَّفات) Coelenterata، وتسمى أيضاً اللاسعات أو القراصيات Cnidaria، شعبة من اللافقاريات، تضم نحو 9000 نوع. وقد استمدت اسمها الأول من أمعائها التي تشكل أجواف أفرادها، واسمها الثاني من الأكياس الخيطية nematocysts التي توجد ضمنها خلايا لاسعة أو قراصية cnidocytes تستعملها للصيد والدفاع عن نفسها.

معائيات الجوف مجموعة قديمة، ذات تاريخ مستحاثي غزير، يعود إلى نحو 700 مليون سنة خلت. يعتقد أنها ظهرت من مجموعة قريبة منها أدت إلى نشوء كثيرات الخلايا Metazoa. وعلى الرغم من بساطة بنية معائيات الجوف وتركيبها، فإنها تشكل كتلة حيوية biomass لابأس بها في بعض المواقع. 

معظمها بحري، لكن يوجد منها أنواع تعيش في المياه العذبة. وعلى الرغم من حياتها المتثبتة وحركتها البطيئة نسبياً، يوجد منها حيوانات مفترسة بشراسة. وهي تضم الهدريات Hydroids المتفرعة زاهية الألوان وشقّار البحر الشبيه بالأزهار وقناديل البحر [ر. قنديل البحر]، والمرجانيات القرنية horny corals التي تضم المرجان الأحمر والمرجان الأصفر، وهما مهمان تجارياً في صناعة الحلي، والمرجانيات الصخرية stony corals التي تشكلت في آلاف السنين على أنها مساكن كلسية لبعض المرجانيات، كما في الحاجز المرجاني العظيم great barrier reef شمال شرقي أستراليا والشعاب المرجانية والجزر المرجانية.

الشكل(1)مقارنة الشكل اللولبي بالشكل المدوسي لدى معائيات الجوف

الشكل (2) تعدد الأشكال في الهيدري Hydractinia milleri الذي يعيش متثبتاً على صدفة القشريات المضيفة

تعدد الأشكال في معائيات الجوف

لمعائيات الجوف شكلان متميزان، أحدهما بَوْلَبي (أو نَسيلي) polyp يشكل مستعمرات تتثبت على الصخور وأصداف الرخويات والحيوانات الشاطئية الأخرى، والشكل الآخر مِدوسي medusa بشكل القنديل، ومن هنا أتت تسميتها بقناديل البحر، وهي أشكال سابحة تنتشر طافية على سطح البحار والبحيرات. والواقع أن هذين الشكلين يُمَيِّزان معائيات الجوف، فيما يسمى الثنائية الشكل dimorphism (الشكل 1). وهكذا فإن البَوْلَب، أو ما يسمى الشكل الهدري hydroid form، تكيَّف للحياة المتثبتة، في حين تكيفت المِِدوسة، أو ما يسمى السمك الهلامي jellyfish، للحياة السباحية.

للبولبات جسم أنبوبي، ينتهي في أحد أطرافه بفم، تحيط به مجموعة من اللوامس أو المجسات tentacles [ر. المجس]. أما النهاية البعيدة عن الفم فإنها تتثبت على الركازة بقرص أو بوسيلة أخرى. قد يعيش البَوْلَب منفرداً مثل الهيدرا، أو بشكل مستعمرة تضم أفراداً مختلفة الأشكال، تخصص كل منها بوظيفة مختلفة كالتغذي أو التكاثر أو الدفاع (الشكل 2).

أما المِدوسات فهي ذات أشكال سابحة مثل الجرس أو المظلة أو القنديل. ينفتح الفم عادة في منتصف الوجه السفلي المقعر للمظلة, وتترتب مجموعة من اللوامس على محيطه (الشكل 3).

للشكلان البولبي والمِدوسي - على الرغم من اختلاف مظهرهما - البنية نفسها، فلكليهما البنية الكيسية نفسها (انظر الشكل 1)، فالمِدوسة عبارة عن بولب غير متثبت ذي جزء عريض منبسط بشكل المظلة. ولكليهما جدار مؤلف من ثلاث طبقات تمثل إحدى خواص معائيات الجوف، هي البشرة epidermis الخارجية والأدمة المَعِدِيَّة gastrodermis الداخلية وبينهما الهُلام المتوسط mesoglea الذي يكون رقيقاً في البَوْلَب وثخيناً في المِدوسة، حيث يشكل معظم كتلة المِدوسة. وبسبب هذه الطبقة تسمى المدوسات بالسمك الهلامي jellyfish.

 

الشكل (4) الأكياس الخيطية وموقعها في أدمة معائيات الجوف

الشكل (3)مِدوسة قمر البحر Aurelia aurita

 

الأكياس الخيطية nematocystes

إحدى الصفات المميزة لمعائيات الجوف كلها الأكياس الخيطية (الشكل 4)، التي يوجد منها أكثر من عشرين نمطاً مختلفاً (الشكل 5)، لها دورها في التصنيف. والكيس الخيطي عبارة عن حويصلة شبه كيتينية يعلوها غطاء  operculum، يوجد داخلها خيط ملتف في داخله في أثناء الراحة وعند عدم الانطلاق، أشواك عديدة.

الشكل (5) أنواع مختلفة من الأكياس الخيطية لدى معائيات الجوف

يتوضع الكيس عادة ضمن خلية لاسعة أو قراصية cnidocyte مجهزة بهدب لاسع cnidocil، تؤدي ملامسته من قِبَلِ حيوان مُهاجِم إلى تشكل ضغط هيدروستاتيكي على السائل الموجود ضمن الكيس الخيطي، الأمر الذي يؤدي إلى انطلاق الكيس وخيطه المجهز بأشواك، وما يحويه من مادة واخزة تردع المهاجم وتبعده عن معائي الجوف؛ لذلك تعد الأعداد الكبيرة للمدوسات (قناديل البحر) في شاطئ يؤمه السابحون خطراً كبيراً بسبب ما تسببه من لسع لجلودهم، تكون أحياناً خطرة تستدعي معالجة طبية. 

الجملة العصبية

تعد الجملة العصبية لدى معائيات الجوف أبرز مثال عن الجملة العصبية المتناثرة في عالم الحيوان. فهناك شبكة من خلايا عصبية منتشرة في قاعدة البشرة وأخرى في قاعدة الطبقة المَعِدِيَّة، تشكلان شبكتين عصبيتين متشابكتين بوساطة مشابك عصبية neural synapses تصل بينهما (انظر الشكل 4). تنتقل التنبيهات العصبية من خلية إلى أخرى بنواقل عصبية neuro-transmitters تتحرر من حويصلات صغيرة توجد على أحد طرفي المشبك العصبي. والفرق بين النقل العصبي في الحيوانات الراقية ومعائيات الجوف هو أن الحويصلات في الحيوانات الراقية توجد في طرف واحد من المشبك العصبي، أما في معائيات الجوف فتوجد الحويصلات على كلا الجانبين؛ لذلك يتم النقل العصبي في معائيات الجوف في كلا الاتجاهين.

كما يلاحظ عدم تجمع الخلايا العصبية؛ لذلك لا توجد لدى معائيات الجوف عقد عصبية كما في الحيوانات الراقية، بحيث لا يمكن الكلام عن جملة عصبية مركزية وأخرى محيطية.

تتلقى الخلايا العصبية التنبيهات العصبية الخارجية بوساطة خلايا حسية لها اتصال مباشر بالخلايا البَشَرية العضلية والأكياس الخيطية. وهكذا يتكون من الألياف المتقلصة لخلايا البشرة العضلية والخلايا الحسية مجموع يُطلَق عليه اسم الجملة العصبية العضلية neuromuscular system، تعد إحدى المعالم الأساسية في تطور الجملة العصبية في العالم الحيواني. فالخلايا العصبية ظهرت باكراً في تطور كثيرات الخلايا ولم تختفِ أثناء التطور. فهي توجد في الجهاز الهضمي للحلقيات، وتتمثل في الجهاز الهضمي للإنسان بالضفائر العصبية الموجودة في الألياف العضلية.

تكاثرها

تتكاثر معائيات الجوف لاجنسياً بتبرعم البَوْلَبات لتتشكل بَوْلَبات أخرى، أو بالتكاثر الجنسي الذي تقوم به المِدوسات وبعض البَوْلَبات بإنتاج أعراس أفراد تناسلية ذكرية وأنثوية (انظر الشكل 2) تعطي بعد الإخصاب بيوضاً ملقحة، تعطي يرقة تسمى البلانولا planula.

الشكل (6) مدوسة المحارب البرتغاليPhysalia physalis

الشكل (7) فنجاني متثبت

تنوّع معائيات الجوف

يميز في معائيات الجوف أربعة صفوف هي: الحيوانات الهدرية أو الهدريات[ر] Hydrozoa، والحيوانات الفنجانية أو الفنجانيات Scyphozoa، والحيوانات المكعبة Cubozoa، والحيوانات الزهرية أو الزهريات Anthozoa.

الهدريات Hydrozoa: معظمها بحري ويعيش بشكل مستعمرات. تتضمن دورة حياتها عادة مرحلة البَوْلَبات اللاجنسية والمِدوسات الجنسية، لكن ليس لبعض الأشكال البحرية مثل الهيدرا مرحلة المِدوسة، وبعضها الآخر لاتتضمن دورة حياته مرحلة البَوْلَب.

الفنجانيات Scyphozoa: وتضم معظم الأنواع المختلفة لقناديل البحر، التي يطفو بعضها على سطح البحر وبعضها الآخر يوجد على عمق قد يصل إلى 3000 م (الشكل 6)، لكـن رتبـة واحدة منها فقط هي رتبة Stauromedusae تعيش متثبتة  وترتكز على الأعشاب البحرية أو ركازات أخرى على قاع البحر بوساطة سويقة (الشكل 7).

الحيوانات المكعبة: وهي حيوانات تطغى المدوسةُ على حياتها (الشكل 8)، وكانت حتى عهد قريب تعد من الفنجانيات باسم المدوسات المكعبة Cubomedusae.

الشكل (8) مدوسة من الفنجانيات المكعبة

الزهريات: سميت كذلك لشبهها بالأزهار، وهي لا تمر بمرحلة المدوسة بل تتمثل بالمرحلة البَوْلَبية فقط. وهي حيوانات بحرية تعيش في المياه الضحلة والعميقة، منتشرة بين البحار القطبية والاستوائية. بعضها يعيش منفرداً والبعض الآخر بشكل مستعمرات. يبني كثير من أنواعها لنفسه هيكلاً داعماً. مثالها النموذجي شقائق البحر الذي وُصِفَ في مدخل الشُعِّيّات [ر]. وهي تضم إضافة إلى شقائق البحر الأنواع المختلفة من المرجانيات corals، التي يميز منها مرجانيات صلبة scleractinian corals (أو مرجانيات حجرية stony corals) ذات لوامس بسيطة، ومرجانيات ثُمانِيَّة octocorallian corals ذات لوامس ريشية.

تشبه بولباتُ المرجانيات الصلبة شقائقَ البحر، لكنها أصغر حجماً، ويتصل بعضها ببعض بوساطة امتدادات من جدار الجسم لتتكون مستعمرة بشكل الصفيحة. ويفرز الوجه السفلي لبشرة الوصلات والقسم السفلي من البَوْلَبات هيكلاً كلسياً (الشكل 9). وهكذا تعيش المستعمرة الحية على هيكل هو فعلاً هيكل الحيوان الخارجي، بحيث يتوضع الجزء السفلي من البَوْلَبات ضمن كأس هيكلي تحتوي قاعدته على حواجز شعاعية التوضع تبرز من قاع البَوْلَبات (الشكل 9).

الشكل (9)مقطع في بولب من الزهريات يبدو فيه الهيكل الكلسي (الخارجي) بالنسبة للحيوان

الشكل (10) هياكل مختلفة لمرجانيات صلبة

الشكل (11) بنية المرجانيات الثمانية

وتختلف أشكال هذه المرجانيات، إذ يشكل هيكل بعضها بعد موت الحيوان صخوراً جميلة يختلف شكلها بحسب الأنواع، كما في المونتاستريا Montastrea (الشكل 10، أ) و الديبلوريا Diploria  (الشكل 10، ب)، أو تتفرع هذه الصخور بشكل الأشجار، كما في البوريتِس Porites (الشكل 10، جـ) والأكروبورا Acropora (الشكل 10، د).

الشكل (12) موقع الهيكل الداخلي في المرجانيات الثمانية من الجسم

أما المرجانيات الثُمانِيَّة فمعظمها استوائية الانتشار، تمتاز بترتيبها الثُماني، أي لها ثمانية حواجز معوية mesenteries وثماني لوامس ريشية الشكل (الشكل 11)، كما أن بولباتها صغيرة جداً، لكنها مرتبة في مستعمرات قد تصل إلى حجوم كبيرة.

وتمتاز المرجانيات الثُمانية - مقارنة بالمرجانيات السداسية - بهيكلها الداخلي (الشكل 12)،

وهكذا تنتصب في البحر بشكل العصي كما في سياط البحر sea whips (الشكل 13- أ)، أو تنتشر في مستوي واحد يتصل بعضها ببعض بوصلات معترضة كما في «مراوح البحر» sea fans (الشكل 13- ب).

ينتمي إلى هذه المجموعة أيضاً المرجان النفيس الذي ينتمي إلى نوع المرجان الأحمر Corallium rubrum الذي يعيش في المياه الأبرد والأعمق، كما في البحر المتوسط وبحر اليابان. وتختلف ألوانه بين الأحمر والأصفر (الشكل 11 - ج)، وله قيمة تجارية كبيرة  إذ يُصقَل هيكلُه (لبه) القرني الصلب لتصنع منه الحلي ذات الألوان الحمراء أو الوردية أو القرمزية.

الشكل (13)

سياط البحر (1) ومراوح البحر (2) والمرجان الأحمر (3)

الشعاب المرجانية

قامت المرجانيات الزهرية على مدى العصور ببناء الأرصفة المرجانية الموجودة في البحر الكاريبي والجزء الاستوائي من المحيط الهندي والهادي. فقد أسهم أكثر من 35 نوعاً في بناء أرصفة البحر الكاريبي، وأكثر من 200 نوع من المرجانيات  الحية في بناء الحاجز المرجاني العظيم great barrier reef على طول الساحل الشمالي الشرقي لأستراليا. من هذه الأنواع يعيش حالياً فقط الأفراد السطحية، أما الأفراد العميقة فقد ماتت وبقيت هياكلها لتكون مستنداً للحيوانات اللاطئة الأخرى مثل الإسفنجيات والمرجانيات الأخرى، وأصبحت الفراغات والمغاور بينها ملجأً لكثير من اللافقاريات والفقاريات. يعيش مثلاً بين مرجانيات الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا أكثر من 1200 نوع من الأسماك، وأكثر من 300 نوع في شعاب البحر الكاريبي.

الشكل (14) مقطع في الشعاب السدية( أ) ومنظر جوي لجزيرة مرجانية (ب) يلاحظ انحدارها الشديد باتجاه البحر إلى اليسار،يبدو ذلك واضحاً باللون الأزرق الغامق

يُمَيَّز من الشعاب المرجانية ثلاثة أنواع هي: الشعاب الموزعة fringing reefs تمتد من دون انتظام ضمن البحر قرب الشاطئ لمسافة تصل إلى نصف كيلو متر تقريباً، وتكون من دون أحواض lagoons أو ذات أحواض صغيرة، و شعاب سَدِّيَّة barrier reefs  (الشكل 14 - أ) تمتد عادة موازية للشاطئ تترك بينها وبين الشاطئ أحواضاً واسعةً عميقةً، و جزر مرجانية atolls (الشكل 14 ب) دائرية الشكل تحيط بحوض مائي. وتنحدر هذه الأنماط من الشعاب عادة نحو البحر بالتدريج. مثال عن الشعاب السدية الحاجز المرجاني العظيم الذي يمتد نحو 2027 كم على طول الشاطئ الشمالي الشرقي لأستراليا وعلى بعد نحو 145 كم على طول شاطئها.

وتنتشر في سواحل البحر الأحمر مجموعات ضخمة من الشعاب المرجانية الملونة الجميلة، على أعماق مختلفة، ترتفع من أعماق البحر حتى تصل إلى السطح، ترى من خلال المياه الزرقاء، وتبدو للغواصين وراكبي الطائرات المروحية رائعة متألقة ذات جمال أخاذ.

لكن هذه الشعاب بدأت بالتدهور لأسباب عدة، منها استخراجها من أجل استخدامها في البناء, كما أن تدفق الطمي والمخلفات البشرية ومياه الصرف الصحي، إضافة إلى صيد الأسماك فيها يسهم أيضاً في تدهورها. ولا حاجة لذكر كَسْرِها أيضاً لتباع منها هدايا للسائحين.

 

حسن حلمي خاروف

الموضوعات ذات الصلة:

قناديل البحر ـ مفصليات الأرجل ـ الهدريات.

مراجع للاستزادة:

ـ محمود أحمد كروم، الوجيز في تصنيف الحيوان (منشورات جامعة حلب 1999).

- C.P. HICKMAN Jr., L.S. ROBERTS & A. LARSON, Integrated Principles of Zoology (McGraw-Hil.2001).


التصنيف : علم الحياة( الحيوان و النبات)
النوع : علوم
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 46
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 552
الكل : 31282774
اليوم : 30962

اقتصاد الرفاه

اقتصاد الرفاه   اقتصاد الرفاه welfare economics فرع من علم الاقتصاد يُعنى بإدخال القيم الأخلاقية والمفاهيم الإنسانية في عمليات التحليل الاقتصادي وفي معالجة النظم الاقتصادية وتقويمها. ففي هذا الحقل تتلازم الجوانب الاقتصادية مع جوانب اجتماعية معينة وتتداخل معطياتها، ولاسيما أن البحث فيه يتعلق بتحقيق أهداف اقتصادية ذات مضامين اجتماعية من أجل مجتمع الرفاه أو من أجل نظام اجتماعي، تكون الدولة بموجبه مسؤولة عن رفاه مواطنيها أفراداً أو جماعة، يقوم على مفهوم التكافل الاقتصادي والاجتماعي بين مواطني الدولة الواحدة.
المزيد »