logo

logo

logo

logo

logo

أوغادين

اوغادين

Ogaden - Ogaden

أوغادين

 

أوغادين Ogaden أحد الأقاليم الواقعة شرقي إثيوبية[ر] ضمن مقاطعة هرر وباله. يقع على الحدود مع الصومال[ر]، في الأطراف الجنوبية من الهضبة الصومالية في منطقة القرن الإفريقي.

تشرف أراضي أوغادين من جهة الشرق والجنوب الشرقي على السهل الساحلي الصومالي المساير للمحيط الهندي بانحدارات خفيفة متدرجة بجروف. في حين تلتحم في بقية الجهات بالأطراف الشرقية للهضبة الإثيوبية الوسطى التي تتناثر فوقها الحمم البركانية  (اللابة) Lava ضمن منطقتي بوران وهرر.

الأوضاع الطبيعية

يصنف إقليم أوغادين بصفته إقليماً هضبياً سفحياً ضمن مايعرف تضريسياً في الحبشة بمنطقة القُلّة Kolla، وهي الأراضي المنخفضة التي يقل ارتفاعها عن 1800م فوق سطح البحر. وتتكون أراضيه من قاعدة قديمة تعلوها صخور رسوبية كلسية ورملية. وفي البليستوسين (العصر المطير من الحقب الرابع) كان كثير من بحيرات الهضبة الصومالية أوسع مما هي عليه اليوم. وقد انتابت الهضبة الانكسارات في مراحل مختلفة، مما أدى إلى انتشار تضاريس وعرة في أطرافها الشمالية والشمالية الغربية. أما في الأطراف الجنوبية والجنوبية الشرقية، حيث إقليم أوغادين، فقد بقيت المرتفعات بسيطة الشكل تتدرج بالانخفاض نحو الشرق من ارتفاع 1500م عن سطح البحر إلى 500م، حاضنة الكثير من المنخفضات التي كان بعضها تشغله بحيرات ومستنقعات، وكان بعضها الآخر يمثل أجزاء متقطعة من أودية الأنهار التي تمتلئ عقب الأمطار. والواقع أن مايظهر من المنخفضات لم يكن إلا بحيرات مياه مالحة جفّت، وهذا مايجعل من أوغادين مركزاً مهماً لاستخراج الملح في شرقي القارة الإفريقية.

يسود المناخ المداري ذو المطر الفصلي منطقة أوغادين. وهو جاف على العموم يتحول مع الارتفاع في المناطق الداخلية الغربية إلى مناخ انتقالي بين المناخ الصومالي الساحلي الصحراوي في الشرق، والمناخ الموسمي الممطر بغزارة في الصيف في أعالي الهضبة الحبشية في الغرب. وأشد الشهور حرارة أيار وتشرين الأول. والمدى الحراري اليومي كبير نسبياً فقد تصل النهاية الكبرى للحرارة إلى 45درجة مئوية. وتراوح الأمطار السنوية بين 100و300مم، وتهطل في موسمين قصيرين يتفقان مع هبوب الرياح الموسمية: الأول بين آذار وأيار، والثاني بين تشرين الأول وتشرين الثاني. أما الجريان السطحي فغير ثابت أو موسمي، بحسب الأمطار التي تهطل. وبالإضافة إلى المجاري المتقطعة التي تغيب مياهها في الطبقات الكلسية مثلما يحصل لمياه وادي فافان الذي يخترق الإقليم، تقوم بعض الروافد الصغيرة لنهر ويبي شيبلي في مجراه الأعلى بتصريف جزء من المياه، في حين يتجمع جزء آخر في المنخفضات الكثيرة ليكوّن البحيرات المالحة التي تترك بعد جفافها طبقات من الملح.

تنمو في الإقليم نباتات المناطق المدارية الجافة متمثلة بالسافانا القصيرة وأشجار السّنط (الأكاسيا) والدّوم (شجرة المقل) والباوباب والتمر الهندي والغار والكافور. وفي الأطراف الغربية والجنوبية، حيث ترتفع كمية الأمطار نسبياً، تختلط هذه النباتات ببعض أشجار المنطقة المدارية الرطبة مثل المطاط والبن والموز.

السكان والنشاط الاقتصادي

تنتمي غالبية سكان الإقليم، وهم رحل وأنصاف مستقرين، إلى المجموعة الحامية الصومالية التي يعيش معظم أفرادها خارج إثيوبية، وتعيش جماعات قليلة منهم داخلها في منطقتي أوغادين وهرر. ويعد هذا الانتماء من أهم أسباب النزاع على الحدود بين الصومال وإثيوبية. وإلى جانب هذه الغالبية، تعيش في أطراف الإقليم جماعات قليلة من قبائل الغالا والكوشيين. وهم حاميون أيضاً، وقد تأثر هؤلاء بعرب جنوبي شبه الجزيرة العربية الذين بدأت طلائعهم تفد إلى سواحل الصومال وشرقي إفريقية منذ القرن الرابع قبل الميلاد لتستوطن فيها، وتتوغل منها فيما بعد نحو الداخل. ومنذ ذلك الحين ارتبط إقليم أوغادين وسكانه بالوطن العربي وبالحضارة العربية والإسلامية بروابط تاريخية متينة، فقد كونوا إمارات إسلامية بعد أن اعتنق الكثير منهم الإسلام، وامتهنوا رعي الإبل إلى جانب رعي البقر والماعز، وانصرف بعضهم للعمل في الزراعة وفي تجارة البن والبخور والصمغ والملح. وقد تركت المؤثرات الجديدة التي جاءت مع المستعمرين الأوربيين بصمات لها في الإقليم فأدت إلى تعدد المظاهر الحضارية من البدائية إلى المتقدمة، وإلى تعدد أشكال الاقتصاد من زراعة الفأس إلى الزراعة بوساطة المحاريث الآلية. وإلى تعدد أشكال السكن من الخيام والقرى التقليدية إلى بعض المدن الصغيرة التي تؤلف أسواقاً لمناطق الإقليم الرعوية والزراعية أو محطات على طرق التجارة المارة به مثل: قُراح Korahe وغلادي Geladi ووِردِر Werder. وبسبب سيادة الجفاف في معظم أجزاء الإقليم، ثم بسبب الأحداث الدامية المستمرة فيه، بقي الإقليم فقيراً يعتمد على الرعي بالدرجة الأولى، ثم على الزراعة والتجارة المحدودتين بالدرجة الثانية، إذ يقوم العدد الأكبر من أفراد القبائل بتربية الإبل التي يراوح نصيب الأسرة منها بين 10و100 رأس وسطياً، وتكثر الأبقار في مناطق الجنوب الزراعية وفي الشمال. ويتأثر الرعاة كما تتأثر ثرواتهم بتوزيع المراعي وآبار السقاية على القبائل، وكثيراً مايتغلغل الرعاة بقطعانهم إلى أطراف الهضبة الحبشية الوسطى نحو الغرب حيث تجود المراعي. وتُهدر مبالغ كبيرة من الثروة سنوياً بسبب الأساليب المتخلفة في التربية وتفشي الأمراض وعدم كفاية المراعي.

وتعاني الزراعة مصاعب كثيرة على رأسها الجفاف ووعورة السطح، ثم جهل الفلاح وفقره واحتفاظه بالأساليب الزراعية القديمة، وهي زراعة مسقية خاصة في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية من الإقليم على أطراف بعض الأودية المحلية أو العابرة، حيث تُخصص أكثر المساحات لزراعة الحبوب الغذائية وعلى رأسها الذرة بأنواعها. كما تعد الجذور والبذور الزيتية مصدراً غذائياً مهماً يُصدَّر جزء بسيط منه في بعض السنين. أما القمح والقطن والخضراوات والأشجار المثمرة فإنها لاتجد الشروط الملائمة والمشجعة مثلما تجدها في الأقاليم الإثيوبية الأخرى، لذلك بقيت زراعتها محدودة جداً.

لمحة تاريخية

إن ادّعاء إثيوبية بحقها في السيطرة على مساحة كبيرة من أراضي الصومال التي يدخل ضمنها مايعرف بإقليم أوغادين، هو ادّعاء قديم. ودعماً لهذا الادّعاء، وبالاتفاق مع بريطانية التي كانت قد أعلنت الحماية على الصومال عام 1884، قاد الامبراطور الحبشي منليك الثاني في عام 1887 حملة لاحتلال الإقليم. وبين عامي 1897و1908 توصلت إثيوبية إلى انتزاع اعتراف كل من بريطانية وإيطالية، اللتين كانت لهما أيضاً آنذاك أطماع في السيطرة على أقاليم إفريقية الشرقية، بحقها في ضم إقليم أوغادين وذلك بموجب معاهدتين عُقدتا معهما. إلا أن بريطانية عادت واحتلت جزءاً من الإقليم لتضمن طرق المرور إلى منطقة نفوذها. وتوالت الأحداث في القرن الإفريقي بعد الاحتلال الإيطالي للحبشة في عام 1936. وبقيت السيطرة على إقليم أوغادين تنتقل مابين جار قريب، وأوربي بعيد مستعمر، حتى جاءت أحداث الحرب العالمية الثانية والتسويات الدولية التي أعقبتها وقضت بوضع الصومال الجنوبي تحت وصاية الأمم المتحدة. وعُهِد في عام 1950 إلى إيطالية بإدارته تهيئةً لاستقلاله بعد عشر سنوات، في حين أُبقي القسم الشمالي منه تحت الحماية البريطانية. أما إقليم أوغادين فقد حصل في البدء على وضع خاص في ظل حماية الدولة البريطانية التي مالبثت أن انسحبت منه في عام 1954، وتركته لإثيوبية لتضمه إلى أراضيها مع ماضمته من مناطق أخرى، مثيرة بذلك مع جيرانها الصوماليين نزاعاً مستمراً، وصل بينهما في عام 1982 إلى مجابهة عسكرية مازالت نتائجها تخيم على منطقة القرن الإفريقي حتى اليوم. وقد هرب مايقرب من مليون ونصف المليون لاجئ حبشي إلى الصومال منذ عام 1980 بسبب النزاعات والحروب.

 

محمود رمزي

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

إثيوبية ـ الصومال.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ محمد رياض، إفريقية، دراسة لمقومات القارة (دار النهضة العربية، بيروت 1973).

ـ محمد حامد الطائي ورفاقه، جغرافية العالم الإقليمية (دار مكتبة الحياة، بيروت 1965).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 268
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1109
الكل : 40547775
اليوم : 77590

الإرادة المنفردة

الإرادة المنفردة   الإرادة المنفردة la volonté unilatérale عمل قانوني صادر من جانب واحد ينتج آثار قانونية معينة، فهو على هذا الأساس، يتم بإرادة واحدة، ولا يمثل إلا مصلحة طرف واحد. فأما كونه يتم بإرادة واحدة، فهذا يعني أنه يتم بتعبير واحد عن الإرادة، ولا يتوقف في إنتاج آثاره إلا على إرادة من صدر منه التعبير. وأما كونه يمثل مصلحة طرف واحد، فهذا يعني أن المتصرف بالإرادة المنفردة لا يستهدف من تصرفه إلا مصلحته هو من دون أن تدخل مصلحة الغير في حسبانه. وقد عَدّت معظم القوانين العربية الإرادة المنفردة مصدراً للالتزام في حالات محددة، أي أنها مصدر استثنائي له، إلى جانب العقد [ر] الذي يعدّ هو المصدر العام للالتزام.
المزيد »