logo

logo

logo

logo

logo

مونتيني (ميشيل دي-)

مونتيني (ميشيل دي)

Montaigne (Michel de-) - Montaigne (Michel de-)

مونتينيْ (ميشيل دي ـ)

(1533 ـ 1592)

 

ميشيل دي مونتينيْ Michel de Montaigne كاتب وفيلسوف فرنسي ينتمي إلى عائلة إيكيم Eyquem العاملة في التجارة في مدينة بوردو Bordeaux. تمكن جده لأبيه عام 1477من حيازة قصر دي مونتينيْ de Montaigne في منطقة البيريغور Périgord جنوب غربي فرنسا، ومُنح لقب النبالة المرتبط بالقصر، حيث ولد ميشيل وتوفي.

تلقى مونتينيْ تعليمه الأولي على مرحلتين: مرحلة التعلم الخاص بإشراف أستاذ ألماني، وقد بدأت في سن الثالثة وكانت باللغة اللاتينية التي أُرغم على استعمالها كما لو كانت لغته الأم ؛ ثم مرحلة التعلم العادي التي بدأت بعد أن أتمّ سنته العاشرة في مدرسة في مدينة بوردو كانت تسيطر عليها النزعة الإنسانية[ر] المهيمنة على المؤسسات التعليمية الأوربية آنذاك. انتقل دي مونتينيْ إلى باريس عام 1554 لدراسة الحقوق، وعاد بعد ثلاث سنوات ليصير عضواً في برلمان مدينة بوردو، وهناك تعرّف الفيلسوف لا بوويسي La Boétie فتأثر بأفكاره ورافقه مدة ستة أعوام. وفي عام 1563 توفي لا بوويسي بين يدي دي مونتينيْ وكان لهذا الموت وقع الصدمة الوجدانية عليه، فكتب نصاً عن الموت يعدّ أول كتاباته وفاتحة عمله الكبير «المحاولات» Les Essais.

استاء دي مونتينيْ من عالم لا يميز بين الفضيلة وادعائها، فقرر في عام 1570 اعتزال الحياة العامة والتفرّغ للكتابة في مكتبة قصره، فأصدر ترجمته عن اللاتينية لكتاب «اللاهوت الطبيعي» La Théologie naturelle للفيلسوف الإسباني ريمون سيبون Raymond Sebond، ثم المخطوطات الفلسفية التي تركها له لا بوويسي. وفي عام 1580 صدرت أولى طبعات «المحاولات» في مدينة بوردو، ثم سافر إلى باريس ليقدمها إلى الملك ومن هناك إلى عدد من المدن الأوربية للترويج للكتاب أولاً وطلباً للشفاء من الحصى الكلوية ثانياً. وفي أثناء سفره تلقى نبأ اختياره عمدة لمدينة بوردو فعاد لشغل المنصب مدة أربعة أعوام، ثم أُعيد انتخابه فترة ثانية، لكنها لم تكن كسابقتها إذ اندلعت في أثنائها الحروب الدينية بين البروتستنت والكاثوليك، فاضطر إلى أن يكون الوسيط بين الطرفين. وقبل نهاية ولايته بقليل انتشر وباء الطاعون في المدينة وفتك بأهلها. أمضى مونتينيْ الأعوام الثمانية الأخيرة من عمره منكباً على إتمام الجزء الثالث من «المحاولات» وعلى كتابة الإضافات التي بلغت ستمئة ظهرت في نسخة باريس الصادرة بعناية زوجته عام 1595، بعد ثلاث سنوات على وفاته.

يُعدّ «المحاولات» الكتاب الوحيد الذي وضعه دي مونتينيْ على الرغم من تأليفه عدداً من النصوص الأخرى. غير أن هذا الكتاب لا يأخذ الشكل المعتاد للمؤلفات الأدبية أو الفلسفية، فهو لم يُبنَ على فكرة أساسية ولا يقدّم بنية خطية تبيّن بدايته ونهايته، بل هو سيل من التأملات والاستطرادات والإضافات تتوافق مع الأسلوب المهيمن على كتابات القرن السادس عشر الأوربية التي تهتم بالتجميع أكثر من اهتمامها بالتحليلات المنطقية. وقد كانت طبيعة «المحاولات» مصدر اختلاف بين مؤرخي الأدب حول موضوعها؛ ففي حين يرى بعضهم أن موضوع الكتاب الأساسي هو الطبيعة البشرية يرى بعضهم الآخر أنه ميشيل دي مونتينيْ ذاته. لكن الجميع يتفقون على أن الكتاب ليس سيرة ذاتية، وليس مناظرة فلسفية. إنه عرض لمواقف الكاتب ولآرائه كما ترد إلى ذهنه تبعاً للأوقات والظروف والأمزجة التي يمر فيها، وهذا ما يفسر التناقضات الصارخة التي تظهر بين فصل وآخر.

ينتقد دي مونتينيْ بشدة المعرفة القائمة على حشو الذاكرة ليدعو إلى المعرفة القائمة على التبصّر والتفكير. كما أنه يرفض الانضواء تحت هذه الفكرة الفلسفية أو تلك، بل تحت جميع الأفكار الفلسفية المتاحة؛ لكنه في هذا الموقف لا يدعو إلى رفض الأفكار بذاتها، بل إنه على العكس تماماً يعترف بأن لكل القوانين والأخلاقيات والأديان في الثقافات المختلفة ما يبررها. وهو يشترك في هذه النسبية الثقافية مع القسم الأعظم من المفكرين الإنسانيين في عصره مثل إراسموس[ر] Erasme وتوماس مور[ر]Thomas More وغيرهما.

حسان عباس

 مراجع للاستزادة:

 

- FRANÇOIS LESTRINGANT, Rhétorique de Montaigne (Champion, Paris 1955).

- JEAN STAROBINSKI, Montaigne en mouvement (Gallimard, Paris 1982).

- ALAIN PLUMAIL-GIRARD, Reflets et Échos de Michel de Montaigne (Nizet 1984).


التصنيف : الآداب اللاتينية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 127
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1080
الكل : 40500321
اليوم : 30136

الخطأ في القانون

الخطأ في القانون   بيَّن القانون المدني فيما وضعه من أحكام للمسؤولية، عقدية كانت أم تقصيرية، أن الأساس فيها جميعاً هو الخطأ دون أن يعرف ماهية الخطأ، فقد ذكرت المادة 164 من القانون المدني السوري أن: «كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض». وقد ثار خلاف بين الفقهاء حول تعريف الخطأ وتحديد مفهومه، أو وضع معيار معين له. فمنهم من أخذ بالنظرية التقليدية للخطأ التي تشترط أن يتوافر فيه عنصران: أولهما، نفسي وهي الإضرار بالغير أو توقع الضرر والمضي في الفعل المحدث له مع ذلك، أو عدم الاحتياط لتلافيه، وثانيهما، مادي وهو أن يكون الفعل غير مشروع أو إخلالاً بالقانون أو الواجب القانوني، ومنهم من يعّول على نظرية تحمل التبعة. وإلى هذا اتجهت معظم التشريعات المدنية العربية وعدد من التشريعات الأجنبية.
المزيد »