logo

logo

logo

logo

logo

المنظومات الخبيرة

منظومات خبيره

Expert systems - Systèmes d'expertise

المنظومات الخبيرة

 

منذ أواسط السبعينيات ظهرت مجموعة برمجيات، نشأت عن بحوث في الذكاء الصنعي[ر] artificial intelligence سُمِّيَت المنظومات الخبيرة expert systems. ولهذه البرمجيات أهمية كبيرة، لأنها تسمح بأتمتة بعض الوظائف الفكرية المميزة، مثل تعرُّف هوية الأشياء identification وتعرّف الأشكال pattern recognition والتشخيص diagnostics والتنبؤ بالأحداث وتخطيط الأفعال؛ حيث يصعب ـ في غالب الأحيان ـ نمذجة هذه الوظائف بخوارزميات محددة.

    المنظومات الخبيرة هي إحدى تطبيقات الذكاء الصنعي، التي خرجت من الإطار التجريبي المخبري إلى حيز الاستعمال في عالم الشركات. ويمكن تعريف هذه المنظومات بأنها برمجيات تحاول إعادة إنتاج سلوك الخبراء البشر، لتحقيق بعض المهمات الفكرية في مجالات خاصة. ويمكن ذكر الأمور المهمة الآتية:

- تُصمم المنظومات الخبيرة عموماً لحل مسائل التصنيف واتخاذ القرارات مثل (التشخيص الطبي، الوصفات العلاجية، تنظيم البورصات، وغيرها…).

- المنظومات الخبيرة هي أدوات ذكاء صنعي؛ وهذا يعني أنها لا تُستعمل إلا في المسائل التي ليس لها أي خوارزمية واضحة أكيدة لحلها.

- تتطلب المنظومات الخبيرة، وجود خبرة يُرغب في نمذجتها؛ أي إنه لا معنى للمنظومات الخبيرة إلا في المجالات التي توجد فيها خبرةٌ بشرية. والخبير هو الشخص الذي يعرف مجال التطبيق، وكيف ينقل معرفته للآخرين.

يتطلب بناء المنظومات الخبيرة تحديد المسألة التي يُراد حلها بالمنظومة، واستخراج المعرفة وتحصيلها من الخبراء في المجال، ثم تصمّم المنظومة (قاعدة الحقائق وما يجب أن تتضمنه، قاعدة المنظومة وأولويات تطبيقها، وكيفية استدعائها، ومحرك الاستدلال المراد استعماله، وغيرها…)، بعد ذلك تنجز المنظومة، وتختبر قبل وضعها قيد الاستعمال.

هاجم عدد من علماء النفس والباحثين في مجال الذكاء الصنعي هذه الفرضية بعنف في السبعينيات، وتتوافر اليوم نماذج لا تلجأ إلى مثل هذه الفرضية (النماذج الارتباطية connectionist models، والمنظومات الموائمة adaptive systems وغيرها). ولكن لا يُستبعد أن تستعمل التقانات المستقبلية المنظومات الخبيرة وتقانات أخرى كالشبكات العصبونية[ر] neuronal networks التي تعتمد على فرضيات أكثر تكيفاً من الفرضيات الرمزية symbolic hypothesis، للحصول على منظومات هجينة hybrid systems.

الحاجة إلى المنظومات الخبيرة

وجد الباحثون في الذكاء الصنعي أن هناك تطبيقات تتطلب كماً هائلاً من المعرفة لحلها مثل التشخيص الطبي وحسابات الضرائب وغيرها، فنشأت برمجيات تسمى منظومات قواعد المعرفة knowledge base systems؛ لتصف البرمجيات التي تستعمل كماً هائلاً من المعرفة في محاكماتها. وبالعودة إلى المنطق في المحاكمة، فإن هناك ثلاث خصائص أساسية؛ هي: السلامة للتأكد من أن النتيجة التي حُصل عليها من المحاكمة المنطقية صحيحة، والكمال للتأكد من أن المعرفة المتحصل عليها يمكن أن تُعطي نتائج صحيحة true، والسيطرة (الانتهاء) للتأكد من أن الاستدلالات ممكنة.

ولكن البشر أنفسهم يحلّون مسائل صعبة، ويجرون محاكمات معقدة باستعمال تجريبيات heuristics وصياغات خاصة تسمح بإجراء حسابات منتهية. كذلك فهم قادرون على إجراء محاكمات على معرفة ناقصة أو غير مؤكدة أو معرفة متغيرة مع الزمن.

وهذا ما حمل الباحثين على التفكير بمنظومات محاكمات تحاول محاكاة الوظائف الفكرية البشرية في حلّ المسائل، فكانت المنظومات الخبيرة expert systems.

مكونات المنظومة الخبيرة

تتكون المنظومة الخبيرة على نحو أساسي من جزأين مستقلين:

الشكل (1) البنية العامة لمنظومة خبيرة

- قاعدة معرفة: تتكون من مجموعة قواعد rules base، تُنَمذِجُ المعرفة في المجال قيد الدراسة، وهي غالباً قواعد شرطية من الشكل: إذا تحقق شرط premise كان هناك نتيجة conclusion، وقاعدة حقائق facts base؛ تتضمن معلومات تتعلق بالحالة قيد المعالجة، مثل عبارات توصيف الحالة.

- محرك استدلال inference engine قادر على المحاكمة reasoning ـ بدءاً من معلومات مُضَمَّنَة في قاعدة المعرفة ـ وعلى القيام باستنتاجات تعتمد على تلك القواعد، ويُبين (الشكل 1) البنية العامة لمنظومة خبيرة.

يُضاف إلى هذين الجزأين الأساسيين «وحدة الشرح» التي تعدّ ضرورية في كثير من التطبيقات. فعلى المنظومة الخبيرة أن تكون قادرةً على شرح محاكمتها، وشرح أسباب نتائجها، وكيفية حصولها على الحقائق الجديدة.

مهندس المعرفة

تكمن مهمات مهندس المعرفة knowledge engineer والإدراك cognition في اصطفاء المعرفة واستنباطها من الخبراء في المجال الذي يُرغب نمذجة الخبرة فيه، ثم ترجمة هذه المعرفة إلى صياغة قابلة للمعالجة الآلية؛ أي إلى قواعد (نواظم) rules. وهذه المهمات دقيقة جداً، إذ إن الخبير لا يُدرك ـ في غالب الأحيان ـ الجوانب المهمة في المعرفة التي يمتلكها، وإذا تمكن من التعبير عن جانبٍ من هذه المعرفة فهو غالباً تعبير صعب الصياغة.

 لذلك، يجب على مهندس المعرفة والإدراك أن يعرف كيف يتواصل مع الناس، وأن يكون ذكياً قادراً على التعلم والفهم، ويمتلك لباقة تظهر احترامه للخبراء فيشدهم إلى مشروعه، وأن يكون صبوراً مصرّاً على تحصيل المعرفة المرجوة منطقياً في طلباته والمعرفة التي يريدها، واثقاً من نفسه، وعلى اطلاع على مجال المسألة المطروحة؛ وكذلك على البرمجة.

 أما فيما يتعلق ببناء المنظومة برمجياً، فمن المهم جداً أن تكون قاعدة المعرفة مستقلة عن محرك الاستدلال. وهذا يسمح بتمثيل المعرفة بشكل تصريحي declarative لا علاقة له بطريقة استعمال هذه المعرفة. وبذلك يسهل تطوير معرفة المنظومة دون المساس بآلية المحاكمة أو الاستنتاج. تحاكي هذه الاستراتيجية ما هو موجود عند البشر، فالإنسان يسعى إلى تطوير معرفته من دون أن يستدعي ذلك إعادة بناء آليات تفكيره وعمله؛ إلا إذا تطلّب هذا التطوير ذلك، وهو بحاجة دائمة إلى مراجعة قواعد المعرفة وتطويرها على الدوام.

 مولّدات المنظومات الخبيرة

 لكل منظومة خبيرة مجالَ تطبيق محدد. ومن جهة أخرى، توجد منظومات تُدعى مولدات المنظومات الخبيرة (أو المنظومات الخبيرة العامة)، وهي أدوات لتطوير منظومات خبيرة خاصة. تتضمن المنظومة الخبيرة العامة محرّك استدلال، ومنظومة تمثيل المعرفة (على سبيل المثال، إذا كان مولداً من المرتبة الأولى، فعليه أن يكون قادراً على تعريف العبارات المنطقية البوليانية Boolean ومعالجتها).

وفيما يأتي بعض الأمثلة على مولدات منظومات خبيرة:

ـ Clips: مولد عام للمنظومات الخبيرة

ـ VP-Expert: لتطبيقات قليلة التعقيد.

ـ PROLOG: وهي لغة برمجة منطقية تسمح ببناء منظومات خبيرة بسهولة.

ـ SMECI: مولّد معاصر.

قاعدة المعرفة في المنظومات الخبيرة

 تتألف قاعدة المعرفة من مجموعة أو قاعدة الحقائق ومجموعة القواعد.

ـ قاعدة الحقائق: وهي ذاكرة العمل للمنظومة الخبيرة، يتغير محتواها في أثناء التنفيذ، وتُفَرَّغ لدى انتهاء العمل. تتضمن ـ في بداية الحصة session ـ ما هو معروف عن الحالة المدروسة قبل أيّ تَدَخُّلٍ من محرك الاستدلال. وبعد ذلك، يجري استكمال هذه القاعدة بحقائق مُستَنتَجَة من قبل محرك الاستدلال، أو حقائق طلبها المستخدم. على سبيل المثال، يمكن أن تتضمن قاعدة الحقائق ـ في المجال الطبي ـ قائمة بأعراض المرض في بداية الحصة، وأن تتضمن التشخيص في نهايتها.

يُمكن أن تأخذ الحقائق أحد الأشكال الآتية:

- عبارات منطقية (بوليانية): صح أو خطأ.

- تعابير رمزية: أي تنتمي إلى مجموعة منتهية من الرموز.

- تعابير عددية حقيقية: لتمثيل الحقائق المستمرة.

على سبيل المثال، لفظة «فعّال» هي حقيقة (قضية) منطقية (بوليانية) يمكن أن تأخذ القيمة true (صحيح) إذا كان ما نتكلم عنه فعالاً؛ وإلا تأخذ القيمة false (خطأ). ولفظة «المهنة» هي حقيقة رمزية، يمكن أن تأخذ إحدى القيم الآتية: (مهندس، طبيب، خباز، شرطي…)،  ولفظة «الراتب» هي حقيقة عددية حقيقية يمكن أن تأخذ أي قيمة عددية.

تُسمى المنظومة الخبيرة ـ التي لا تستعمل إلا الحقائق المنطقية (البوليانية) ـ منظومةً من المرتبة صفر 0. أما المنظومة التي تستعمل الحقائق الرمزية والعددية الحقيقية من دون متغيرات؛ فتسمى من المرتبة +0 والمنظومة التي تستعمل كل إمكانات المنطق من المرتبة الأولى تُسمى منظومة من المرتبة 1.

يمكن في منظومة خبيرة من المرتبة 0 ـ على سبيل المثال ـ كتابة صيغ من الشكل:

فعال أو غير فعال active or -active  

أما في المنظومة من المرتبة 0+ فيمكن أن تكون الصيغ:

فعال و ((المهنة غير طبيب) أو (الراتب أقل من 20000)).

(active and (profession≠doctor) or (salary < 20000)))

أخيراً، في منظومة من المرتبة 1 قد تكون الصيغة من الشكل:

X, illness (X) and X≠flu and symptom (X) = HighFever

أي «يوجد مرض X بحيث X لا تساوي إنفلونزا ومن أعراضه حرارة مرتفعة».

ـ الحقائق والعبارات والقيم المترفعة: لكي تتمكن المنظومة الخبيرة من نمذجة طرائق تفكير البشر وقدرات المحاكمة التي يمتلكونها، فإنها يجب أن تحاكي محاكماتهم، وأن تفكر بالحقائق التي تعالجها، والصيغ التي يمكنها بناؤها. أي إنه لا يكفي أن يكون لدى المنظومة معرفة، وإنما عليها أن تمتلك معرفة مترفعة meta-knowledge. فعلى المنظومة مثلاً، أن تعرف قيم الحقائق facts (سواء أكانت منطقية (بوليانية) أم رمزية أم عددية)؛ وإن كانت تجهلها، فعليها أن تطلبها من المستخدم أو أن تستنتجها. وبناء على ذلك؛ يمكن أن تكون قيمة هذه الحقائق: معروفة، إذا كانت معلومة، أو غير معروفة إذا لم تكن معلومة ولم يُطرَح أي سؤال بشأنها على المستثمر. أو غير محددة إذا لم تكن معلومة، وأجاب المستخدم لدى سؤاله عنها بـ «لا أعلم». ولا يجب على المنظومة أن تطرح أي سؤال على المستخدم إذا كان المستخدم حتماً غير قادر على الإجابة عليه. على سبيل المثال، لا يمكن لمنظومة مايسِن أن تطرح السؤال الآتي على المريض: «ما هو مرضك؟».

الشكل (2) آلية عمل المنظومة الخبيرة

ـ مجموعة القواعد: وهي تضم معرفة الخبير وخبرته، ولا تتغير في أثناء حصة العمل. وللقاعدة الشكل الآتي:

إذا  <تحققت مجموعة شروط>  فإننا  <نحصل على النتيجة>

if then

حيث النتائج هي من الشكل <حقيقة أو عبارة>  = < قيمة>

مثال 1:

إذا  <كان عدد سكان المدينة>  200000 نسمة) و (كانت المدينة طلابية) >

 إذن < يوجد في المدينة سينما تجريبية = true   >

مثال 2:

إذا  <(الدخل = قيمة معلومة)>  <إذن  تابع حساب الضريبة = true>

ويبين المثال الثاني كيف يمكن استعمال المنظومات الخبيرة مع البرمجة التقليدية. حيث يمكن عدّ أن المرور إلى القيمة true لتابع حساب الضريبة يتطلب استدعاء إجرائية تحسب الضريبة، وتعطي القيمة true إلى العبارة المنطقية (البوليانية) تابع حساب الضريبة.

يمكن ترجمة المعرفة في المنظومة الخبيرة إلى قواعد، كذلك يمكن التعبير عن المعرفة المترفعة بقواعد مترفعة (أي قواعد تتحكم في طريقة استعمال هذه القواعد وتسلسل استدعائها).

يبقى تنظيم قاعدة المعرفة بوساطة القواعد المترفعة تصريحياً، على عكس التنظيم الذي يعتمد على بنية مبدئية لمجموعة القواعد (مثل كتابة القواعد بترتيب معيّن، واستدعائها تسلسلياً…).

محرّكات الاستدلال

محرّك الاستدلال هو آلية تسمح باستنتاج معرفة جديدة بدءاً من قاعدة معرفة المنظومة. يوجد ثلاثة أنماط رئيسة لعمل محركات الاستدلال هي: السَّلسَلة الأمامية forward chaining، والسَّلسَلة الخلفية backward chaining، والسَّلسَلة المختلطة mixed chaining.

إن محركات الاستدلال مستقلة عن مجالات التطبيق. وكما ذُكر سابقاً، فإن هذا الفصْل بين المعرفة، والمحاكمة والاستنتاج على المعرفة أمر أساسي جوهري في المنظومات الخبيرة.

1ـ السَّلسَلة الأمامية forward chaining: آلية السَّلسَلة الأمامية بسيطة جداً: لاستنتاج حقيقة معينة، نقدح القواعد التي شروطها تعابير معلومة إلى أن نصل إلى الحقيقة التي نودّ الحصول عليها، فتصبح قيمتها معلومة، أو لا يبقى أيّ قاعدة يمكن قدحها.

وعلى نحوٍ أدقّ، لتكن لدينا مجموعة الحقائق FB، ومجموعة القواعد RB (التي لا تضم إلا تعابير حقائق منطقية (بوليانية) موجبة)، وليكن F تعبير الحقيقة الذي نبحث عن إنجازه (استنتاجه). في السَّلسَلة الأمامية نتابع البحث مادامت F غير موجودة في قاعدة الحقائق FB، ومادامت توجد قواعد يمكن قدحها. وتتضمن عملية البحث: اختيار قاعدة يمكن تطبيقها (شروطها محققة)، ثم حذف القاعدة من مجموعة القواعد (كيلا نقدحها ثانية)، وإضافة نتيجة القاعدة إلى مجموعة الحقائق. عند انتهاء عملية البحث، إذا كان F في قاعدة الحقائق فقد جرى إنجازه، وإلا فهو غير منجَز.

2ـ السَّلسَلة الخلفية backward chaining: تعتمد آلية السَّلسَلة الخلفية على البدء من الحقيقة التي نود إنجازها، والبحث في مجموعة القواعد عن القواعد التي تقع هذه الحقيقة في نتيجتها، وإنشاء قائمة بالحقائق الواجب برهانها؛ لنتمكن من قدح القواعد السابقة، ثم بتطبيق هذه الآلية عودياً على الحقائق الموجودة في هذه القوائم.

خوارزمية السلسلة الخلفية أعقد بكثير من خوارزمية السلسلة الأمامية، ويُكتفي هنا بإعطاء مثال عليها.

إذا لم يكن بالإمكان تخزين الحقائق المفحوصة (إذا كانت عديدة جداً، على سبيل المثال)، فيمكن أن تدور خوارزمية السلسلة الخلفية في حلقة غير منتهية.

يمكن إغناء خوارزمية السلسلة الخلفية بالأخذ في الحسبان إمكان طلب حقائق من المستخدم. في هذه الحالة، إذا كان علينا برهان حقيقة، وكان يمكن طلب هذه الحقيقة من المستخدم، يطلب المنظومة هذه الحقيقة من المستخدم قبل محاولة استنتاجها من الحقائق الأخرى المعلومة. ولكن، لكي تكون هذه الآلية فعّالة (أي ألا تزعج المستخدم بطرح أسئلة غبية)، يجب أن يكون محرك الاستدلال قادراً على تحديد الأسئلة المهمة ذات الدلالة. وهذه المسألة بحد ذاتها، مسألة غير سهلة.

3ـ السَّلسَلة المختلطة mixed chaining: تراكب خوارزمية السَّلسَلة المختلطة، كما يشير اسمها، السلسلةَ الأمامية والسلسلةَ الخلفية. أما مبدؤها فهو الآتي:

نبدأ من حقيقة نود برهانها F. ونجري عملية البحث الآتية: بما أننا لم نستنتج قيمة F، ولكن احتمال إيجاد هذه القيمة قائم، فعليك أن تقوم بالعمليات الآتية:

- أشبِع قاعدة الحقائق بعملية سلسلة أمامية (أي استنتج كل الحقائق الممكن استنتاجها).

- ابحث عن الحقائق الأخرى التي يمكن استنتاجها.

- حدد الأسئلة المهمة، واطرحها على المستخدم، وأضف النتيجة إلى قاعدة الحقائق.

 مثال عن منظومة خبيرة شهيرة مايسن :Mycin

تُُعدّ منظومة مايسِن Mycin جَدّةَ المنظومات الخبيرة. فقد جرى تصميم هذه المنظومة بدايةً بين عامَي 1972- 1974؛ لتساعد الأطباء على تشخيص أمراض الدم المُعدِية ومعالجتها. وقد تضمّن الإصدار الأول من هذه المنظومة نحو 200 قاعدة. ثم أُضيفَ عليها بين عامَي 1975- 1978 نحو 300 قاعدة أخرى تتعلق بالتهاب السحايا. وقد جرت دراسة هذه المنظومة والتعليق عليها لاحقاً، بسبب أهميتها الطبية والبرمجية ولمزاياها التشخيصية والعلاجية. «لقد كانت نتائجها باهرة حتى في إصدارها الأول عام 1974، إذ جرى عرض 15 حالة إصابة بكتيرية على مايسِن وعلى 5 أطباء خبراء. وقد أجمع الأطباء الخمسة على الثناء على المنظومة وتبني علاجها في 11 حالة من الحالات الخمس عشرة. وفي الحالات الأربع الباقية، لم يكن الأطباء أصلاً على اتفاق فيما بينهم».

ومما يزيد في اهتمام الباحثين بهذه المنظومة واجهتها التخاطبية التي تستعمل لغة أشبه باللغة الطبيعية، تسهل تواصل المستخدمين معها. وفيما يأتي مثال عن حوار بين المنظومة وطبيب، نقتطف منه بعض الأسئلة مع إجاباتها:

1- ابدأ بإدخال معلومات عن المريض:

الاسم: سالي. العمر:42 سنة. الجنس: أنثى. العرق: قوقازية.

2- هل توجد أي نتائج زرع إيجابية للمريضة سالي؟ الجواب: لا.

3- هل هناك زرع لسالي لم تصدر نتائجه بعد؟ الجواب: نعم.

4- أعط المعلومات الضرورية الآتية:

الموقع: CSF. تاريخ الزرع: 3/6/75. هل فُحصت اللطخات؟: نعم.

طريقة أخذ العينات (بول، أم بصاق فقط): لا أعلم.

5- هل توجد لطخات على الشريحة المجهرية؟ (اكتب لا إذا لم يكن يوجد أي كائنات حية على الشريحة). الجواب: لا.

(أسئلة حول الأعراض)

13- هل لدى سالي أعراض صداع دائم أو أي أعراض عصبية غير طبيعية (دوار، نعاس،…الخ)؟  الجواب: نعم.

14- هل لدى سالي مؤخراً إثباتات لمؤشرات عصبية غير طبيعية (تصلب في الرقبة، غيبوبة، نوبات مرضية،…إلخ) موثقة بملاحظات أو فحوص طبية؟ الجواب: نعم.

تشخيص المنظومة: تُعدّ نتائج زرع CSF مترافقة مع حالة سحايا meningitis.

(أسئلة حول تشخيص مرض السحايا)

34- هل السحايا عدوى تتطلب مشفى؟ الجواب: لا.

35- هل يتوافق تاريخ سالي الطبي مع حالة التهاب لهاة (بلعوم)؟ الجواب: لا.

36- هل يتوافق تاريخ سالي الطبي مع حالة التهاب أذن وسطى؟ الجواب: لا.

37- هل سبق أن ذهبت المريضة إلى مناطق يستوطن فيها داء فطر حشرات المغافير؟

 الجواب: غير معروف.

38- هل تعرضت المريضة سالي إلى حروق؟ الجواب: لماذا؟

[أي، لماذا من المهم أن نحدد فيما إذا كانت سالي قد تعرضت لحروق خطيرة؟ وهنا يسأل الطبيب المريض للحصول على تفسير للإجابات، فتسرد المنظومة أولاً الحقائق التي توصلت إليها ثم القاعدة التي تودّ تطبيقها]

إجابة المنظومة:

[4.0] هذا يساعد على تحديد المتعضيات التي يمكن أن تكون قد أدت إلى الإصابة. لقد توصلنا سابقاً إلى أن:

[4.1] الإصابة التي تتطلب العلاج هي السحايا، و

[4.2] لم نرَ متعضيات على البقع للزراعة CSF التي تنتظر النتيجة (زراعة-1) و

[4.3] يمكن أن يكون سبب الإصابة جرثومياً، لذلك،

[4.4] إذا كانت سالي قد تعرضت لحروق خطيرة، إذن:

أقترح البرهان على أن تكون متعضيات pseudomonas aeruginosa قد سببت الإصابة [بتطبيق القاعدة 576].

(ويسأل الطبيب مرة أخرى طالباً المزيد من التوضيح)

استفسار الطبيب: [وبالرجوع إلى السؤال 38] لماذا [4.3] ؟

[أي: كيف تبيَّنت أن سبب الإصابة جرثومي؟]. وتبيّن المنظومة مجموعة القواعد التي استنتجت منها ذلك. ثم تصف المنظومة الأدوية المناسبة للعلاج.

نلاحظ من السؤال 38 أن المنظومة مايسِن قادرةٌ على شرح محاكمتها، وشرح أسباب طرحها للأسئلة؛ لأن إجابات المستخدم تفيدها في محاكمتها. هذا السلوك جوهري، فنحن البشر نتقبل بصعوبة نصيحة من شخص آخر حين يتعلق الأمر بمجال اختصاصنا، فكيف لو كان الناصح آلة؟ إذن لن يقبل الطبيب تشخيص المنظومة الخبيرة إلا إذا كانت المنظومة مقنِعة في صحة استنتاجاتها ومحاكماتها. والمنظومة تبيّن كل هذا بالتفصيل.

منظومات خبيرة شهيرة أخرى:

هنالك عدد كبير من المنظومات الخبيرة الشهيرة؛ من أهمها ما يأتي:

- المنظومة ديندرال Dendral: أنجزت في عام 1969 في مجال الكيمياء ومهمتها البحث عن الصيغة الكيميائية للمواد اعتماداً على طيف الكتلة ومعلومات أخرى.

- المنظومة مولغان Molgen: أنجزت في عام 1977 لتوليد خريطة معالجة المورثات بهدف بناء مكونات بيولوجية.

- المنظومة موسكاديت Muscadet: أنجزت في عام 1984 وتستخدم في الرياضيات البرهان على النظريات.

إضافة إلى مجموعة منظومات خبيرة لتطبيقات اقتصادية ومالية ومعمارية.

محمد بسام الكردي

 

 الموضوعات ذات الصلة:

 

الذكاء الصنعي ـ الشبكات العصبونية ـ قواعد المعرفة.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ محمد بسّام الكردي، باسل الخطيب، خوارزميات البحث الذكية (كتاب جامعي، منشورات جامعة دمشق 2002).

ـ أميمة الدكاك، محمد بسّام الكردي، ندى غنيم، باسل الخطيب، الذكاء الصنعي: رؤية جديدة (كتاب مرجعي، منشورات الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية 2004).

- E.CHARNIAK & D. MC DERMOTT, Introduction to Artificial Intelligence, (Addison-Wesley 1985).

- A.BARR, P.R. COHEN & E. FEIGENBAUM, The Handbook of Artificial Intelligence, (Addison-Wesley, 1986).

- NILS J. NILSSON & MORGAN KAUFMANN, Artificial Intelligence, A New Synthesis (1998).


التصنيف : التقنيات (التكنولوجية)
النوع : تقانة
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 698
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1092
الكل : 57136400
اليوم : 92801

تولسيداس (غوسوامي-)

المزيد »