logo

logo

logo

logo

logo

موكيناي

موكيناي

Mycenae - Mycènes

موكيناي

 

الحضارة الموكينية Mycenae أو (الميسينية) هي أول حضارة أنجبتها بلاد اليونان القارية، ومركزها مدينة موكيناي الواقعة في إقليم أرغوليس Argolis شمال شرقي شبه جزيرة البيلوبونيز (الموره). وفي الزاوية الشمالية الشرقية لسهل أرغوس، التي تبعد نحو عشرة كيلو مترات عن مدينة أرغوس ونحو اثني عشر كيلو متراً عن البحر الساروني Saronic.

سيوف وكؤوس من الحضارة الموكينية

تؤكد الحفائر التي جرت في موقع المدينة وما حوله أن هذا الموقع عرف استيطاناً بشرياً منذ العصر البرونزي (3000ـ2800ق.م)، وأن مدينة موكيناي أنشأها ملك غابر نحو سنة 1700ق.م، وأقام حولها أسواراً ضخمة وبوابات اشتهرت منها بوابة الأسود التي كشفت عنها الحفريات في القرن الماضي (العشرين) والتي تذكر المصادر التاريخية أنها كانت تفتح أبوابها في الصباح وتغلق في المساء ببوابات خشبية ضخمة. ويعد برسيوس Persios أول ملوك المدينة الأسطوريين الذين سيطروا على المدينة بعد تعاظم قوتها، ومن سلالته - غالباً- تحدر الملك أتريوس Atreos بن الملك بلوبس Pelops الذي أعطى اسمه لشبه جزيرة البيلوبونيز والذي خلّف سلالة ملكية أحيطت بلعنات الآلهة كما تروي أشهر الأساطير المتداولة، كما يعد أغاممنون Agamemnon أشهر ملوك موكيناي، بحسب شاعر الإلياذة هومروس[ر]، وهو الذي قاد الحملة اليونانية ضد طروادة في نهاية الألف الثاني ق.م. وفي نهاية العصر البرونزي تعرضت مدينة موكيناي لحريق مجهول السبب أودى بها وبمعالمها، لكنها عرفت استيطاناً جديداً مع بداية العصر الحديدي (الألف الأول ق.م)، وشاركت في القرن الخامس ق.م مع أثينا واسبرطة في الحروب الفارسية[ر]، لكنها مع ذلك تعرضت لغزو جارتها مدينة أرغوس سنة 470ق.م، ولم تستعد استقلالها إلا مع بداية العصر الهلنستي (أواسط القرن الرابع) فأعيد بناء أكروبولها[ر] وبعض معابدها ووسعت أسوارها بحيث أصبحت تضم المسرح الخارجي، ولكنها أصيبت بالهوان تدريجياً حتى أيام المؤرخ باوسانياس Pausanias (القرن الثاني الميلادي) الذي زارها، وكانت في أسوأ حالاتها عمرانياً وبشرياً.

يعود إلى الآثاري الألماني هاينريش شليمان H.Schliemann الفضل في معرفة كثير عن الحضارة الموكينية، إذ تمكن سنة 1870 من الكشف عن مدينة طروادة[ر] في آسيا الصغرى، وبمتابعة الكشف سنة 1876 عن معالم حضارة الموكينيين، التي عرف العالم الحديث شيئاً عنها، من خلال ملحمتي الإلياذة والأوديسة [ر]. وقد أسفرت حفريات شليمان في موقع موكيناي عن بيان مجموعة من الشواهد التي تؤكد أولاً أن المدينة تمثل على نحو ممتاز حضارة المدن التي استوطنها العرق الآخي القادم غالباً من غرب الأناضول أو من إقليم كاريا تحديداً، وإن مظاهر هذه الحضارة ثانياً تبدو أكثر بساطة وأقل رفاهاً من الحضارة المينوية[ر] وأشد ميلاً إلى الحضارات ذات الطراز الحربي، وأنها ثالثاً كانت على علاقة مع مصر القديمة.

بوابة الأسود في موكيناي

وعلى الرغم من الفضل الذي يعزى للآثاري شليمان في معرفة كثير عن حضارة موكيناي فإن هذه الحضارة تدين أيضاً للمهندس البريطاني مايكل فنتريس M.Ventris بكثير من الفضل، وذلك من خلال توصله سنة 1952 إلى طريقة لقراءة وترجمة الكتابات التي عثر عليها في موكيناي ومعاصراتها من مدن بلاد اليونان، إضافة إلى كتابات جزيرة كريت، وهي الترجمة التي أمدت العلماء بمعلومات مهمة عن هذه الحضارة، فقد كانت الزراعة الركيزة الأولى للحضارة الموكينية، يعمل بها السواد الأعظم من الشعب، وكانت الحبوب والزيتون أهم الحاصلات، توازيها صناعة الفخار والنسيج اللازم لتعبئتهما، كما تشير الكتابات إلى أن الثيران بالرغم من قدسيتها كانت إلى جانب سبائك النحاس وحدة التعامل الاقتصادية الرئيسة. وقد أقام الموكينيون مراكز استيطانهم على قمم التلال، مع إحاطتها بتحصينات دفاعية تنطلق منها شبكة طرق محروسة جيداً. ويبدو أن نظام الحكم في هذه المراكز كان ملكياً، إذ كان الملك ـ كما تؤكد الآثار المكتشفة ـ يرأس عدداً من الإقطاعيين الذين يقدمون له خدمات مالية وعسكرية عند الحاجة، مقابل دعمه سلطتهم على إقطاعاتهم في حالات السلم، كما كان الملك يرأس نظاماً دينياً يقدس إلهة أنثى أرفع مرتبة من بعلها، ويعبدان معاً في مزارات صغيرة مقامة بين منازل تحتوي على عدد متفاوت من الغرف التي احتوت عدداً من المقاعد والمناضد، ولكنها لم تعرف الأطباق.وتذكر معلومات الملاحم المعاصرة للإلياذة والأوديسة أن الموكينيين كانوا يصطادون الغزلان والخنازير والأرانب والأسماك، ويأكلون لحم الضأن والماعز والطيور التي كانت تربى في ساحات البيوت إلى جانب الكلاب التي كانت تؤمن الصيد والحراسة، في حين أنهم نادراً ما أكلوا لحم البقر. وكان الجبن طعاماً شعبياً.

ولعل أهم ما ميز الموكينيين عمن غيرهم من إغريق القارة الأوربية هو ميلهم الطبيعي إلى القتال، تشهد على ذلك كميات الأسلحة التي عثر عليها الآثاريون في مناطقهم، وكذلك رسوم جدران القصور وأدوات الطعام والشراب، ويرجح معظم المؤرخين أن الموكينيين امتلكوا قوة بحرية تتناسب مع حاجتهم العسكرية، ويدللون على ذلك بمعلومات الإلياذة التي تتحدث عن السفن التي أقلت الموكينيين لحصار طروادة أو عند العودة من هذا الحصار.

مفيد العابد

الموضوعات ذات الصلة:

 

الإلياذة ـ طروادة ـ كريت ـ اليونان.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ مفيد العابد، دراسات في تاريخ الإغريق (جامعة دمشق، 1979).

- E.J.EVANS,Shaft Graves and Beehive Tombs (London 1929).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 82
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1088
الكل : 40488271
اليوم : 18086

تسفايغ (شتيفان-)

تْسْفايغ (شتيفان ـ) (1881 ـ 1942)   شتيفان تسفايغ  Stefan Zweigأديب نمسوي كتب في القصة والرواية والشعر والسيرة والمقالة والمسرح، واشتهر أيضاً مترجماً عن الفرنسية. انحدر من عائلة من الصناعيين، ودرس الآداب الألمانية والفرنسية في مدينة فيينة Wien مسقط رأسه ثم في برلين Berlin حيث حصل على الدكتوراه. قام إثر ذلك بعدة رحلات طويلة عبر أوربة وشمال أفريقية والهند وأمريكة إلى أن استقر في مدينة سالزبورغ Salzburg عام 1919.
المزيد »