logo

logo

logo

logo

logo

إدمان السموم

ادمان سموم

Toxicomania - Toxicomanie

إدمان السموم

 

عرفت السموم النباتية في الشرق واستعملت منذ القدم، كنبات الخشخاش الذي استخلص منه الأفيون ونبات القنب الهندي cannabis indica الذي استخلص منه الحشيش، ثم انتشرت هذه النباتات في جميع أنحاء العالم. وبعد تطور الصناعة الكيمياوية والدوائية ظهرت مركبات وعقاقير كثيرة تتمتع بخواص السموم ولها فوائد علاجية ويؤدي سرف استعمالها إلى الإدمان.

أصبح إدمان السموم toxicomania وسوء استعمال العقاقير جائحة تعم العالم، وانتشر في البلدان الغنية والفقيرة، بين اليفعان والشباب والكهول إناثاً وذكوراً، وزادت في انتشاره الأرباح الطائلة التي يجنيها مهربو المخدرات ومروجوها في الناس فأصبح مشكلة اجتماعية ذات آثار سيئة في صحة الفرد وسلامة الأسرة والمجتمع، مما دفع بالمؤسسات ذات العلاقة إلى اتخاذ وسائل وتدابير شتى لمكافحتها، فلا يكاد يمر يوم من دون أن يُسمع عن ضبط كميات كبيرة من هذه المخدرات أو إلقاء القبض على عدد من مهربيها أو مروجيها.

وعدد هذه السموم كبير جداً، وتأثيراتها في نفسية المدمن وعضويته متنوعة، ويزداد عددها يوماً بعد يوم، فمنها المخدرات والمنبهات والمهلسات ومنها المنومات والمهدئات وغيرها. وقد انتشر تعاطي بعض هذه السموم في كثير من المجتمعات لرخص ثمنها وسهولة الحصول عليها من دون مؤاخذة أو عقاب كالكحول والتبغ والقات وبعض المنبهات، في حين تخضع سموم أخرى كالأفيونات والحشيش والكوكائين لرقابة شديدة فيروج بيعها في الخفاء.

بعض المصطلحات والتعريفات

لا بد قبل التطرق للسموم المحدثة للإدمان من تعرف بعض المصطلحات الخاصة بالبحث. فما المادة السمية؟ وما التحمل؟ وما إدمان السموم أو سرفها وسوء استعمالها؟ وما أسباب الإدمان؟ وما آلية حدوثه الفيزيولوجية؟ وما الاعتياد النفسي والاعتياد العضوي الفيزيائي؟ وما الامتناع أو الانقطاع أو السحب؟.

فالمادة السمية هي العقار سواء أكان نباتياً أم تركيباً كيمياوياً يساء استعماله للحصول على النشوة والمتعة والانشراح أو التنبه أو السكينة والاسترخاء. ومن هذه السموم ما يستعمل لأغراض طبية علاجية لتفريج الألم والتهدئة بمقادير محددة ولمدة معلومة، إلا أنها تعد سموماً إدمانية إذا أسرف في استعمالها بمقادير ليس لها حدود أو أوقات مع زيادة جرعاتها لهذه الغاية مهما غلا ثمنها وصعب الحصول عليها.

أما التحمل tolerance فهو اعتياد المدمن تأثيرات العقار السمية وحاجته إلى زيادة كمية العقار يوماً بعد يوم للوصول إلى التأثيرات المطلوبة. وقد يتعاطى المدمن كميات من العقار تفوق الحد المميت عند الأسوياء، إذ أن العقار يفقد سميته عند المدمنين المتحملين له.

أطفال من شرق آسيا يتناولون المخدر

أما الاعتياد النفسي فهو ظاهرة نفسية يعتاد فيها المرء العقار من دون أن يعتمد عليه على نحو عضوي خطر ومن دون أن يحدث لديه تبدلات عضوية. ومن هذه المركبات المهدئات والمنومات وبعض المسكنات، ويمكن إيقاف هذه المواد من دون أن تحدث أعراض الامتناع المعروفة.

أما الاعتياد العضوي الفيزيائي فيعبر عن حدوث اضطرابات في وظائف أجهزة البدن بسبب تعاطي العقار المؤهب للإدمان لمدة طويلة ويتجلى ذلك بوجوب بقاء كميات كافية من العقار في البدن للمحافظة على توازن الجسم سوياً فيتحول تعاطي العقار إلى إدمان ويصبح الشخص مدمناً، ويؤدي إيقاف تعاطي العقار إلى «متلازمة الامتناع»، ومثال ذلك الأفيون.

أما الإدمان addiction أو سرف العقاقير abuse وسوء استعمالها فهو الحالة النفسية والعضوية الناتجة عن تفاعل متبادل بين الإنسان والعقار تؤدي إلى اضطرابات سلوكية تلح على المدمن في تناول العقار تناولاً مستمراً أو دورياً والحصول عليه بأي وسيلة، وزيادة جرعته لتحقيق التأثيرات المنشودة ولتجنب ظهور الأعراض النفسية والعضوية عند الامتناع المفاجئ عن تناوله.

وأما أسباب الإدمان فتتعلق إما بالعقار نفسه كتركيبه الكيمياوي وخواصه وطريقة استعماله وتوافره وسهولة الحصول عليه، أو تتعلق بالمدمن من حيث شخصيته ووجود اضطراب نفسي أو مرض عضوي لديه، أو تتعلق ببيئة المدمن ونشأته في أسرته ومجتمعه وحالته المادية والمهنية.

أما الآلية الفيزيولوجية لحدوث الإدمان فيمكن إيضاحها بأن للعقار المسبب للإدمان مستقبلات receptors تتوضع في البدن ولاسيما في الجملة العصبية، ويؤخذ الأفيون مثالاً على ذلك. يفرز البدن مواد طبيعية شبيهة بالأفيون تدعى الأندروفينات والأنكفالينات والدينورفينات يخفف الجسم بوساطتها من شدة الألم، فإذا تعاطى المدمن مركبات الأفيون فإنها تنافس المواد الطبيعية المشابهة على مستقبلاتها فيزداد تركيز هذه المواد في الدم مما يثبط اصطناعها، فإذا توقف المدمن عن تعاطي الأفيون عانى البدن من نقص الأندروفينات والأنكفالينات المرتبطة بالمستقبلات فيشعر المدمن بأعراض الامتناع مما يلح عليه في طلب المزيد من الأفيون الخارجي. وكذلك الأمر مع بعض مدخني التبغ إذ إن انخفاض تركيز النيكوتين في الدم يعزز الحاجة لمزيد من التدخين.

وإدمان السموم قد يكون طبياً علاجياً، إذ إن بعض المصابين بآلام مزمنة مبرحة كآلام الظهر، والمفصل، والصداع، وغيرها، قد يسرفون في استعمال الأدوية الموصوفه لهم مما قد يسبب اعتياداً نفسياً أو عضوياً على الدواء فإذا أوقف استعماله زادت شدة الألم مما يؤدي إلى استمرار تناوله.

وقد يكون الإدمان من النمط الشائع الذي يصيب مضطربي الشخصية فيبدؤون بتعاطي التبغ ثم الكحول ثم الحشيش وقد يصلون إلى الأفيون إلى أن يرسخ الإدمان فيهم.

أما متلازمة الامتناع أو الانقطاع أو السحب withdrawal فهي الأعراض والعلامات المرافقة لإيقاف تعاطي العقار فجاءة. ويتعلق زمن حدوث هذه المتلازمة ومدتها وشدتها بعدد من العوامل، منها نصف عمر الدواء وجرعته واستمرار تعاطيه. وتعاكس أعراض الامتناع تقريباً تأثيرات العقار الإدمانية، إذ تتضمن الغثيان والإسهال والسعال والدُماع والتعرق ونفضان العضل وارتفاع الحرارة الخفيف وتسرع التنفس وارتفاع الضغط والشعور بألم منتشر في البدن مع أرق ورغبة ملحة في تناول العقار من جديد.

تؤخذ السموم الإدمانية إما حقناً بالعضل والوريد وتحت الجلد كالمورفينات أو بطريق الفم أو استنشاقاً بطريق الأنف أو تدخيناً على شكل لفافات خاصة (التبغ،الحشيش).

أما الأذيات المرضية التي قد يتعرض لها المدمنون فمتنوعة، إذ قد يؤدي إدمان السموم إلى أذيات في مختلف الأعضاء والأجهزة فتحدث ندبات في مواضع حقن الإبر الوريدية مع تصلب جدر الأوردة المحقونة (المورفينات)، وقد تخرب الحاجز الأنفي (استنشاق الكوكائين)، وقد تسبب التهاباً في شغاف القلب وأذى في صماماته باستعمال المحاقن الملوثة، وقد يضطرب نَظْم القلب وتصاب الرئة بالأخماج وقد يحدث استرخاء قلب حاد مميت (وذمة رئة حادة)، وقد يصاب الرجل بالعقم والمرأة بنقص الشهوة الجنسية. تنتشر بعض الأمراض بين المدمنين كالتهاب الكبد المصلي البائي B وداء عوز المناعة المكتسب (الإيدز)، ويؤلف المدمنون ما يقرب من 20٪ من المصابين بمرض الإيدز وهو مرض خطير ليس له علاج شاف ولا لقاح واق حتى اليوم.

السموم والعقاقير التي تحدث الإدمان

إن بعض السموم والعقاقير المعروفة التي تحدث الإدمان هي باختصار الآتية:

الأفيون ومشتقاته: عرف الأفيون في الشرق منذ القدم واستخلص من نبات الخشخاش وكان يستعمل بطريق الفم وهو فعال جداً في تفريج الألم. ثم انتشر الأفيون نحو الغرب واستخلص منه المورفين الذي استعمل حقناً. يستخلص من الأفيون الخام ما يزيد على 25 مركباً منها المورفين morphine والكودئين codeine والبابافيرين papaverine والنارسئين narceine والنركوتين narcotine ثم صنعت منه مادة الهيروئين heroine، واستخدمت مستحضرات صيدلانية شبيهة بالمورفين كالدولوزال والبيتيدين وغيرها من العقاقير ذات الأهمية في مداواة بعض الأمراض كتخفيف الألم الحاد.

يؤخذ الأفيون بعدة طرق، حقناً وتدخيناً وبطريق الطعام والشراب على شكل إكسير خاص. يؤدي تعاطي الأفيون إلى الغثيان ونقص الشعور بالألم والشَّمَق (الجذل) euphoria والتركين ويؤثر بجرعاته العالية في جهاز التنفس فيؤدي إلى تثبيط التنفس مركزياً، وهو يقبض الحدقة ويبطىء القلب ويخفض حرارة البدن، وإذا لم يسعف المصاب تتطور الأعراض إلى الزراق والاختناق فالموت.

كان تعاطي المورفين أهم أنماط الإدمان على السموم وقد انتشر بكثرة في جميع أنحاء العالم، إذ يحقن المدمن نفسه في أي موضع من جسمه بالعضل أو بالوريد أو تحت الجلد فيشعر بنشاط فاعلياته وقواه العقلية مع هدوء البدن وسكينته، تلي ذلك حالة من الكآبة والحاجة الملحة إلى مزيد من العقار، ولا يهدأ هذا الشعور إلا بجرعة أخرى منه.

أما الكودئين فله بمقاديره الضئيلة  بعض الفوائد العلاجية في الالتهابات الرئوية والقصبية، وقد ذكرت بعض الحالات من الإدمان على الكودئين.

أما الهيروئين فهو مشتق مورفيني يتمتع بخاصية سرعة الذوبان، وقد انتشر استعماله فأصبح على رأس قائمة العقاقير المسببة للإدمان.

يستعمل الهيروئين استنشاقاً وحقناً وعن طريق الفم، وهو أشد سمية من المورفين إلا أن قدرته المنومة ضعيفة. يتصف متعاطو الهيروئين بالهيجان والشراسة، والهيروئين سريع التأثير ويزول تأثيره بسرعة مما يتطلب تناوله كل 2-3 ساعات.

يعالج سرف الأفيون (مورفين، هيروئين ...) بدعم التنفس عند اضطرابه (قد يضطر إلى استعمال المنفسة الاصطناعية) وإعاضة السوائل بالوريد ورفع الضغط وتحسين تروية الأنسجة.

ويعطى الترياق النوعي للأفيون وهو النالكسون naloxon بمقدار 0.01مغ/ كغ بالوريد فيتحسن المريض وينتظم تنفسه في دقائق من حقنه وتتسع الحدقة بعد أن كانت منقبضة، وتعطى مضادات الالتهاب عند وجود تجرثم دموي أو التهاب شغاف بسبب الحقن الملوثة.

ـ المُهْلسات hallucinogens: وأهمها مركبات القنب الهندي وحمض الليزرجيك. أما مركبات القنب الهندي، الحشيش والماريغوانا فتستخلص من نبات القنب الهندي الذي نشأ في آسيا وانتشر في أرجاء العالم وأطلقت عليه تسميات كثيرة: حشيش، وكيف، وماريغوانا.... يحتوي هذا النبات ما ينوف على 400 مركب إضافة إلى مادة منشطة نفسياً هي دلتا - 9 تتراهيدروكنابينولTHC . ويتفاوت تركيز هذه المادة في اللفافات المدخنة منه،فهي في الحشيش 8 - 12 بالمئة وفي الماريغوانا 5 - 20 بالمئة، وفي خلاصة زيت الحشيش 25 - 60 بالمئة.

والطريقة الشائعة لتعاطي الحشيش هي تدخين لفافاته حيث يدخل الـTHC من الرئة إلى الدم بسرعة ليتوزع في أنسجة البدن فيؤدي إلى احتقان الملتحمة وتسرع القلب وذبحة الصدر عند مرضى القلب وتنقص السعة الحيوية الرئوية ويؤثر في جهاز البدن المناعي.

وتتعلق شدة الانسمام بالحشيش بتركيز مادة الـTHC فيه وطريقة تعاطيه، فهذه المادة أسرع امتصاصاً بطريق التدخين بالمقارنة مع طريق الفم.

يتظاهر الانسمام الحاد بالارتخاء والشَّمَق وتنتاب المرء التخيلات والإهلاسات والأوهام والأحلام مع اضطراب في التفكير والتركيز والوظائف الحركية النفسية والإدراك الحسي.

ويؤدي سرف الحشيش المزمن إلى عدم اهتمام المدمن بنفسه ومجتمعه. ومع أن تأثيرات الماريغوانا سليمة نسبياً في الأصحاء فإنها قد تؤدي إلى اضطرابات شديدة عند المصابين باضطرابات عصبية أو نفسية وتمهد السبيل لتعاطي عقاقير أخرى أشد سمية. يتحمل متعاطو الماريغوانا تأثيراتها المنشطة فيدخنون المزيد منها ويتراجع هذا التحمل عند إيقاف العقار. وقد ذكر حدوث أعراض متلازمة الامتناع عند مدمني تعاطي الحشيش كالرجفان والتعرق والغثيان والقيء والهَيوجيّة واضطراب النوم وهي خفيفة نسبياً وغير خطرة بالمقارنة مع أعراض الامتناع عن الأفيون ونادراً ما تتطلب معالجة خاصة.

وأما حمض الليزرجيك دي ايتلاميد LSD فيستخلص من فطر مهماز الشيلم ergot الذي انتشر تعاطيه بين الشبان الأمريكيين. يؤخذ هذا العقار بطريق الفم أو حقناً، ويؤدي إلى الهذيانات والإهلاسات البصرية والسمعية والتخيلات الممتعة والشعور بتشوه الأشياء وتفككها.

إن أبرز مظاهر إفراط الجرعة من حمض الليزرجيك دي إيتلاميد هي حالة الهلع التي تنتاب المدمن وتستمر مدة 24 ساعة، وإن أفضل تدبير لها طمأنة المدمن وإعطاء جرعات قليلة من الأدوية المضادة للقلق.

ـ المنبهات: وهي الكوكائين والأمفيتامين والقات.

أما الكوكائين cocaine فهو المادة الفعالة في نبات الكوكا الذي ينبت في أمريكة الجنوبية.

وكان هذا النبات يستعمل مضغاً بالفم فيزيل الإحساس بالجوع مع نشاط الجهاز العصبي.

يؤخذ الكوكائين نشوقاً من الأنف وهو باهظ الثمن، يؤثر منبهاً للخلايا العصبية ثم شالاً لها ويؤدي إلى تهيج نفسي واضطرابات قلبية تنفسية ويؤثر في الجملة العصبية المستقلة يوسع الحدقة ويقبض الأوعية الدموية. مدة تأثير هذا العقار قصيرة جداً لذا يكرر المدمن أخذه 2 - 3 مرات في الساعة. يشعر مدمن الكوكائين بدرجة عالية من القوة والنشاط تستمر ساعة أو ساعتين ثم تبدأ أعراض الكآبة والتعب بالظهور فيتولد شعور بالحاجة إلى تكرار الجرعة.

إن معالجة إفراط الجرعة الحاد من الكوكائين حالة إسعافية، إذ يوضع المريض في العناية المشددة وتعطى المهدئات والأدوية القلبية الخاصة.

أما فرط الجرعة المزمن فتتطلب معالجته جهداً متآزراً من الطبيب والأسرة والطبيب النفسي والرعاية الاجتماعية لتخليص المدمن من هذا العقار.

وأما الأمفيتامين amphetamine فهو عقار تركيبي ينبه الدماغ ولا سيما المنطقة المحركة النفسية والحواسية فيزداد نشاط المدمن وحركته وينطلق لسانه ويزول الشعور بالتعب، لذا يتعاطاه أصحاب الأعمال الفكرية والطلاب والسائقون، وتستعمله النساء البدينات لإنقاص أوزانهن فيسبب هزالاً واعتياداً نفسياً وإدماناً، إذ يؤدي زوال تأثير العقار إلى الأرق والضجر والنزق ثم التعب والكآبة فتكرر جرعة الدواء.

يعالج إدمان الأمفيتامين بإعطاء المنعشات النفسية كالكلوربرومازين والهالوبيريدول وبالمعالجة النفسية الاجتماعية الداعمة.

وأما القات  (cathaedulis) khatفهو شجيرة تنمو في اليمن وشرقي إفريقية. تحتوي قلوانيات القاتين cathine والقاتينين والقاتيدين. ويعد القاتين مسؤولاً عن الخواص الفيزيولوجية لهذا النبات. تمضغ أوراق القات الطازجة وتخزن في الفم وقد يدخن في لفافات فيؤدي في البدء إلى النشوة و نشاط الحركات وحدة الحواس وتسرع القلب ثم تعقبها مرحلة الوهن وضعف التركيز والتعب والنوم.

يسبب القات مشكلة اجتماعية اقتصادية إذ يكلف الكثير من المال والوقت والجهد، حيث تقطع النباتات النافعة ليزرع مكانها القات.

ـ المنومات والمهدئات: توافرت بعد تطور الصناعة الدوائية مجموعات كثيرة من المنومات hypnotics والمهدئات tranqulizers وازداد استعمالها في المداواة للتغلب على بعض مصاعب الحياة من أرق وقلق.

تُعدّ البربيتورات barbiturates أهم المنومات المعروفة ويختلف تأثيرها باختلاف أمدها (قصيرة الأمد، ومتوسطة الأمد، وطويلة الأمد) والمقدار المستعمل منها ودرجة التحمل المكتسبة. وموضع تأثير هذه المواد قشر الدماغ إذ تؤدي إلى التركين والتهدئة أو النوم أو التخدير أو معاكسة الاختلاج. تعد البربيتورات بمقاديرها الدوائية سليمة العواقب في الأصحاء إلا أن استعمالها بمقادير تفوق الحد الدوائي الأعظمي يؤدي إلى الانسمام الحاد بها خطأ أو بقصد الانتحار.

يشكو مدمن البربيتورات من شعور بالضعف والشلل وضعف الذاكرة وبطء التفكير، ويؤدي التوقف المفاجئ عن تناول المقادير الكبيرة منها إلى متلازمة الامتناع (أعراض عصبية ورجفان واختلاج أحياناً).

أما المهدئات فتستعمل في معالجة حالات القلق، ويعد البنزوديازبين أكثرها رواجاً. تصنف هذه العقاقير في زمرة مخمدات فاعلية الجملة العصبية فهي مضادة للكرب stress ومهدئة ومزيلة للاضطرابات الانفعالية ومنومة خفيفة ولها قدرة مرخية للعضلات، إلا أن سرف تعاطيها يؤدي إلى الوسن والنوم والدوار وهبوط الضغط والتعب وفرط الارتخاء العضلي.

ـ التبغ: نبات من الفصيلة الباذنجانية يقال إن أصله من أمريكة ثم انتشر بعد ذلك في أنحاء العالم. يحتوي التبغ tobacco مادة فعالة هي النيكوتين nicotine وهي مادة سامة يبلغ المقدار المميت منها 2 - 16 سنتغرام، ويدخل البدن من تدخين لفافة واحدة من التبغ 1.5 - 2 مغ.

يؤثر التبغ في المراكز العصبية المستقلة الودية ونظيرة الودية إذ يؤثر في القلب والأوعية الدموية (الذبحة الصدرية، واحتشاء القلب، وارتفاع الضغط الشرياني، وانسداد الشرايين المحيطية) وفي جهاز الهضم (التهاب البلعوم المزمن، وعسر الهضم، واشتداد القرحة الهضمية) وفي جهاز التنفس (التهاب القصبات المزمن وسرطان الرئة) ويؤثر التبغ أيضاً في نمو الجنين عند الحامل المدخنة.

يحدث التبغ لدى مدخنيه درجة من التحمل والاعتياد النفسي والعضوي، إذ يؤدي توقف المدمن عن التدخين إلى انخفاض تركيز النيكوتين في دمه فيشعر باضطراب النوم والخمول والعصبية وسرعة الاستثارة والصداع، وتزول هذه الأعراض بتدخين التبغ من جديد، أو تتناقص تدريجياً خلال أسبوع إذا أقلع المدخن عن التدخين.

تدبير إدمان السموم والوقاية منه

تتضمن أسس تدبير إدمان السموم إقناع المدمن بإمكان شفائه وسحب العقار المسبب للإدمان وإعطائه دواء شبيهاً بتركيب العقار لا يسبب الإدمان وإعطاء السوائل مع المعالجة النفسية الداعمة ودراسة دوافع الإدمان لديه ثم متابعته بعد ذلك كي لا يعود إلى العقار ثانية.

أما الوقاية من حدوث الإدمان فتتضمن استخدام الوسائل والبرامج التربوية والتثقيفية في المدرسة ووسائل الإعلام لبيان أضرار إدمان السموم كالكحول والمخدرات والتبغ والقات وآثارها السيئة على صحة المدمن وسلامة الأسرة والمجتمع، ومراقبة زراعة السموم وملاحقة المهربين والمروجين وإيقاع العقوبات الرادعة لهم وإحكام الرقابة على بيع الأدوية المخدرة والمنومة والمهدئة والمنبهة وإنشاء مراكز طبية خاصة بمعالجة المدمنين.

محمد خير حلبي

الموضوعات ذات الصلة:

التخدير - القات - الكحولية.

مراجع للاستزادة:

ـ أكرم المهايني، كتاب علم الأدوية (دمشق 1990).

-Oxford Textbook of Medicine (1986).


التصنيف : طب بشري
النوع : صحة
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 718
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1079
الكل : 40498867
اليوم : 28682

التدابير الاحترازية

التدابير الاحترازية   التدابير الاحترازية les mesures preventives هي مجموعة من الإجراءات، نص عليها القانون إلى جانب العقوبات الأصلية، ينزلها القاضي بمن ارتكب جريمة، وثبت أنه خطر على السلام العام، ويخشى أن يقدم على أفعال أخرى، يعاقب عليها القانون، والقصد من هذه التدابير هو القضاء على ظاهرة العودة إلى الجريمة، وحماية المجتمع من الخطر الذي يتهدده ودرؤها عنه، وتخليص المجرم منها.
المزيد »