logo

logo

logo

logo

logo

المنظر الطبيعي (تصوير-)

منظر طبيعي (تصوير)

Landscape Painting - Peinture de paysage

المنظر الطبيعي (تصوير ـ)

 

يعد تصوير المنظر الطبيعي peinture de paysage واحداً من الموضوعات اللصيقة بفن الرسم والتصوير، وهو إما خالٍ من الشخصيات الإنسانيّة والحيوانيّة، أو متضمن لها.

اختص به كثير من الفنانين، على مدى مراحل التاريخ المختلفة، فبرعوا في معالجة عناصره من سماء وجبال وأشجار وأنهار وبحار ونبات وغيوم في أوقات مختلفة من النهار، وقد استُخدم المنظر الطبيعي في كثير من اللوحات خلفيةً لموضوعات إنسانيّة دينيّة ودنيويّة، بغية تحديد مكان الموضوع، أو بهدف إغناء المشهد بالعناصر الطبيعيّة المختلفة، إضافة إلى ترسيخ جماليات اللوحة البصريّة، وتعميق مدلولاتها. ومن المفروض أن يُمثّل المنظر الطبيعي الموضوعَ الرئيس في اللوحات التي تتناوله، وليس جزءاً مكملاً لها، أو موضوعاً ثانوياً فيها.

نما موضوع المنظر الطبيعي وتطور في الفن الغربي ببطء، ولم يظهر فناً مستقلاً إلا في وقت متأخر؛ بسبب النظرة التقليديّة القاصرة؛ التي كانت ترى في المنظر الطبيعي حالةً مشهديّة محيطيّة عادية وغير جديرة بأن تكون موضوعاً للعمل الفني، مع أن كثيراً من اللوحات الريفيّة الهلنستيّة، والأعمال الفنيّة الدينيّة في القرن السادس عشر تضمنت خلفياتها مناظرَ طبيعيّة مترامية الأطراف، غير أن غالبية هذه المناظر جاءت ثانويّة وضمن السياق القصصي لموضوع اللوحة.

في عصر النهضة الإيطالية، وفي القرن السادس عشر، أخذ المنظر الطبيعي دفعة كبيرة إلى الأمام بفضل اهتمام الفنان بالمنظور، ومعالجته المتقنة لعناصر المشهد الطبيعي، وتدريجياً بدأت تترسخ صيغ جديدة متعارف عليها، على هذا الصعيد.

جورجوني: "غروب الشمس" (1506-1510)

تفوق جورجوني[ر] Giorgione وفنانو البندقية في معالجة المناظر الريفيّة التي استعادوا من خلالها مشاهدَ كثيرة من الفن الكلاسي، وضمنوها لوحاتهم. أما الأعمال الفلمنكيّة، فقد تميزت بالدقة والاهتمام الشديد بتفاصيل المنظر الطبيعي، ما جعلها تتحول إلى أسلوب فني قائم بذاته، ذاع صيته في البلاد الإيطالية، وشجع بتينير Patinir وغيره على تبنيه واعتماده في إنجاز لوحاتهم. أما فنان الدانوب ألتدورفَر Altdorfer الذي ظهر في بدايات القرن السادس عشر، فقد أفرد مجموعة كاملة من لوحاته للمنظر الطبيعي.

إبان حركة الإصلاح الديني في إنكلترا وبعدها، أُلزم العديد من فناني الشمال، تضمين لوحاتهم المخصصة للموضوعات الدينيّة مناظرَ طبيعيّة متنوعة، ما أفرز فنانين اختصاصيين بارعين في معالجة هذا الموضوع الذي خرج فيما بعد، من وظيفته خلفيّةً للحدث الديني إلى موضوع رئيس للعمل الفني. ومن فناني هذه المرحلة البارزين بروغيل الأكبر Bruegel [ر. بروغيل (أسرة ـ)] الذي اختط وزملاؤه، اتجاهات جديدة على هذا الصعيد، حقنوا فيها المناظر الطبيعيّة التقليديّة بالخيال.

فبعد أن درج الفنانون في هذه المرحلة، على استخدام اللون البني في القسم الأمامي من اللوحة، واللون الأخضر في وسطها، والأزرق في خلفيتها المترامية والواسعة، جاء بروغل الأكبر وزملاؤه، ليعطوا للخيال والتجديد، دوراً أكبر في معالجة المنظر الطبيعي.

وفي روما، قام الفنانون الألمان والهولنديون بقيادة كونينكسلو Coninxloo بشق الطريق إلى مفهوم الطبيعة المثالية.

وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر، ظهرت مجموعة جديدة من الفنانين المختصين بالطبيعة والطبيعة الصامتة، منهم الفنان المتميز والبارز

كلود لوران: "منظر طبيعي مع الإلهين أبولو وميركوري" (1645)

كلود لوران[ر] Claude Lorrain الذي أوجد اتجاهاً متناقضاً مع النزعة الألمانية الهولنديّة المعاصرة له، فقد كان أكثر واقعيّة في معالجة المناظر الريفيّة، لكن فناني المنظر الطبيعي الكبار في القرن السابع عشر، وفي كل من ألمانيا وهولندا أمثال: فان غوين Van Goyen ورويسدل[ر] Ruisdael وهوبيما Hobbema ورمبرانت[ر] Rembrandt حققوا دفعاً مهماً لهذا الفن الذي منحوه سمة الريف وخصوصيّته في بلدانهم، في حين توجَّه كل من واتو Watteau وغينزبورو Gainsborough لاستيحاء المناظر الطبيعيّة في فن الركوكو، أما الفنان الإنكليزي توماس غيرتن Thomas Girtin فقد كان شديد التأثير في مستقبل فن المنظر الطبيعي.

في أواخر القرن التاسع عشر، قدمت إنكلترا أهم فناني المنظر الطبيعي، منهم المصور تورنر Turner صاحب الصوغ الخيالي في معالجة المنظر الطبيعي، وكونستَبل Constable الذي أثر كثيراً في الرومنسيين الفرنسيين، وكان الملهم الأول لمدرسة الباربيزون Barbizon في فرنسا التي عاد أعضاؤها إلى النمط الصافي والنقي في معالجة المناظر الطبيعيّة. وفي ألمانيا ظهر فريدريش Friedrich الذي عزّز الأسلوب الشاعري التقليدي في رسم الطبيعة، عاضده في ذلك فنانو مدرسة هودسون ريفر Hudson River الذين استخدموا ببراعة تأثيرات الضوء في الأشياء، وهذا ما فعلته التأثيرات الرائعة للضوء في لوحات تورنر بالفنان الفرنسي مونيه Monet التي أسست أعماله القاعدة الرئيسة لانطلاقة المدرسة الانطباعيّة، وقد عُدّت أعمال تورنر أهم دوافع فن المنظر الطبيعي الذي حظي بفضل تأثيرها بالاحترام والتقدير، لدى شريحة واسعة من الفنانين.

أصبح فن المنظر الطبيعي المصدر والمنطلق الأساس لمرحلة ما بعد الانطباعية، وأظهر أنصار السرياليّة[ر] الطاقة التعبيريّة المدهشة الكامنة في المناظر الطبيعيّة الخياليّة، وقام كثير من فناني القرن العشرين المشتغلين بالأساليب المجردة، بتوظيف المنظر الطبيعي والطبيعة الصامتة، مصدراً أساسياً لأعمالهم المختلفة.

أما فن المنظر الطبيعي في الشرق، وبالتحديد في الصين، فقد وصل إلى درجة فائقة من المثالية والإتقان منذ بدايات القرن الثامن، وإبان فترة سلالات عدة انشغلت أهم المواهب الفنيّة فيها وأبرزها في معالجة المنظر الطبيعي، سواء في الصين أم اليابان، وهذا الأمر يعكس ببلاغة، التقدير والاحترام للطبيعة وعناصرها، في أديان شرق آسيا.

محمود شاهين

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

باربيزون (مدرسة ـ) ـ المملكة المتحدة.

 

مراجع للاستزادة:

 

- Lexikon der Kunst, VEB E.A Seemann Verlag (Leipzig 1977).


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : عمارة وفنون تشكيلية
المجلد: المجلد التاسع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 614
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 513
الكل : 28919697
اليوم : 16093

تومانيان (هوفهانيس-)

المزيد »