logo

logo

logo

logo

logo

مييه (جان فرانسوا-)

مييه (جان فرانسوا)

Millet (Jean-François-) - Millet (Jean-François-)

مييه (جان ـ فرانسوا ـ)

(1814 ـ 1875)

 

جان فرانسوا مييه Jean-François Millet مصور فرنسي كان يدعى بمصور المناظر الطبيعية، ويعد حلقة الاتصال بين المذهب الرومنسي [ر] والمذهب الواقعي [ر]. ولد في غروشي Grouchy بالقرب من شربورغ Cherbourg وتوفي في باربيزون Barbizon. كان أكبر إخوته في أسرة ورعة من المزارعين. ترعرع ودرج في الريف وعمل في الزراعة إلى حين، ولما أحس بموهبته الفنية ذهب إلى شربورغ واشتغل مع المصورين موشيل Mouchel ولانغلوا Langlois من عام 1833 حتى عام 1837 عاد في أثنائها إلى مزرعة الأسرة حين وفاة أبيه عام 1835. وحينما حصل على منحة مالية من البلدية سافر إلى باريس متهيباً على الرغم من دعم الأسرة وتشجيعها له، وفي باريس راح يتردد على مرسم مصور المشاهد التاريخية بول دولاروش Paul Delaroche الذي سمح له بالدخول إلى مشغله ساعة يشاء والعمل فيه بحرية، بيد أن مييه لم يتفق معه في الأسلوب والتقانة على الرغم من تأثره به، فآثر أن يكتسب خبرته وعلمه من اللوڤر Louvre ومحتوياته، وأن يكسب عيشه بتصوير الوجوه واستنساخ لوحات فناني القرن التاسع عشر ولاسيما لوحات واتو Watteau وفراغونار Fragonard. وكانت اللوحات التي رسمها لزوجه وأقاربه في ذلك الحين كلاسية الطابع بالغة الروعة والجمال، ومثال ذلك لوحة «أوديب في بابل». وفي عام 1840 وافق «الصالون» على عرض إحدى لوحاته. وتعد صورته الشخصية «بولين أونو، 1841، متحف شربورغ» من أقدم أعماله الناجحة، وفيها بدا التباين بين الظل والنور واضحاً، ماقربها إلى النحت، وتجلى فيها ميله إلى الكلاسية الريفية المحدثة، كما أدى إيثاره للفن الإسباني إلى تلطيف أسلوبه.

جان ـ فرانسوا مييه: «نساف البذور» (1850)

 

جان ـ فرانسوا مييه: «صلاة المساء »

 (1857ـ1859)

تعد الفترة مابين 1843ـ 1846 ميلاد أفضل ما أنتجه من صور شخصية، وفيها جاء الأسلوب منمقاً، والألوان موزعة بلطخات مستقلة، ومتراكبة متآلفة كما الحراشف في سطوح حسية وغنية يبعث الحياةَ فيها هيكلٌ متين البناء يضج حيوية «بولين أونو، 1843، متحف شربورغ». استرعت لوحتاه المعروضتان في معرض 1844 الانتباه، ولكنه لم يكن حينها في باريس، إذ عاد إلى شربورغ حين وفاة زوجه، وعمل سنة كاملة في الهافر Havre، وتزوج من جديد، وعاد إلى باريس.

أنتج مييه في تلك المرحلة ـ إضافة إلى صور المستحمات والصور الشخصية ـ لوحات تصور الريف والحياة الرعوية، التي يدين بها كثيراً إلى معاصره المصور دياز Diaz وإلى الموروث من برودون Prud’hon وكوريجيو Correggio.

طرأ على أسلوب مييه وعلى موضوعاته ـ بعد إقامته في باريس في نهاية عام 1845ـ تحول آخر تبدى في إعجابه الشديد ببوسان Poussin وميكلانجلو Michelangelo من دون أن يتعارض هذا الإعجاب مع تقدير مييه لدولاكروا Delacroix وما في أعمال هذا الأخير من تلخيص وطباق لوني، وقد تجلى هذا التحول في موضوعات متنوعة وعديدة، وفيها ازداد ميل مييه إلى تجسيم الأشكال، واهتمامه بالطابع البطولي. ومع أحداث ثورة 1848 ازداد هذا التحول عمقاً، إذ احتل الفلاحون في أعماله بعد هذا التاريخ المقام الأول، ففي أواخر عام 1849 استطاع أن يغادر باريس ليستقر في باربيزون، بعد أن اقتنت الدولة لوحة «نساف الحبوب»، وبعد أن درت عليه لوحاته المال الوافر والنجاح لدن جمهور واسع. أمضى مييه البقية الباقية من حياته في باربيزون باستثناء عدد من الرحلات إلى النورماندي Normandie والأوفرن Auvergne، وأكمل فيها مع تيودور روسو Théodore Rousseau ودياز فريق مدرسة باربيزون التي كانت تسعى إلى تقديم صورة جديدة حقيقية وواقعية عن الحياة في الريف الفرنسي بعيداً عن الصورة الرومانسية. وفي باربيزون ومحيطها، وبعيداً عن ضوضاء باريس العاصمة أنتج مييه أعمالاً كانت محط إعجاب تيوفيل غوتييه Théophile Gautier الذي خصص صفحات بليغة حيا فيها واقعية مييه المشربة بالمثالية، ومن هذه الأعمال: «الحصادون» و«التطعيم» و«قاطعو الأخشاب» و«باذر الحبوب» و«جامعو بقايا الحصاد» و«جزازة الخراف» و«درس في شغل الصنارة» وغيرها كثير تجلت فيها براعته في تصوير الأشخاص في مشاهد رعوية عند الغروب أو في ضوء القمر، وجاءت أشكاله قطنية المظهر في المشاهد المصورة في عتمة الليل والشروق والغروب، وقزحية المظهر في اللقطات المصورة في وضح النهار، بعيدة عن خشونة كوربيه Courbet وواقعيته المتعارضة مع الشعر، وعن شاعرية جول بريتون Jules Breton التي كان ينشدها أحياناً.

أقام الفنان في فيشي Vichy من عام 1866 حتى عام 1868 وفي أثنائها أنتج رسوماً عن الطبيعة صغيرة الحجم منفذة بالحبر والألوان المائية تظهر إحساساً رفيعاً ورائعاً وموحياً، وقد راجت هذه الأعمال وانتشرت انتشاراً واسعاً.

جان ـ فرانسوا مييه: «الربيع»

 (1868ـ1873)

تتفق أعمال مييه الطبشورية pastels مع فترة نجاحه في الحياة. وقد ساعده بيع أعماله المنتظم على التحرر من الشروط الحياتية الصعبة التي واجهها في بداياته، وضمن له وسام الشرف الذي تقلَّده في عام 1868 اعترافاً رسمياً دائماً بالمكانة الرفيعة التي يستحقها. أمضى مييه في شربورغ فترة الحرب الفرنسية البروسية والكومونة، واستخدم كل التقانات التي مهر فيها في إنتاج مناظر شاعرية مثل: «هبة ريح» و«اصطياد العصافير»، وأربع لوحات رائعة للفصول الأربعة: («الربيع» في اللوڤر، و«الخريف» في متحف المتروبوليتان، و«الصيف» في M.F.A بوسطن، و«الشتاء» في متحف كارديف).

كان مييه على امتداد حياته ينهل من معين فيرجيل [ر] Virgile، ولا فونتين [ر] La Fontaine، والتوراة، معبراً عن نفسه بسوداوية وشجن وكبرياء مشبعة برائحة البيئة والتربة التي صاغها مجتمعة في أشكال غيرت التوجهات الإبداعية المتحدرة من الماضي، والمنبثقة من الكلاسية الفرنسية وتقليد البلاد الواطئة، لينقل مدَّه الإبداعي إلى كل من بيسارو Pissaro وڤان غوخ Van Gogh وسورا Seurat وليجيه Leger.

ومع كل ماسبق لابد من التنويه بما كان يدور حول هذا الفنان وحول الحداثة، والرغبة في التجديد من آراء متضاربة يمثلها كل من بودلير [ر] Baudelaire الشاعر الفرنسي المعروف ولا برويير [ر] La Bruyère مؤلف «الطباع». يقول بودلير: «يسعى السيد مييه وراء الأسلوب خاصة، وهو لا يخفي ذلك، وإنما يبرزه ويصنع منه مجده. هناك شيء مضحك يتعلق بشخصه أعزوه إلى تلامذة آنغر Ingres، بيد أن الأسلوب علةُ بليته، وذلك بأن فلاحيه المتنطعين والمتعالمين يبالغون في الاعتداد بأنفسهم، حتى إن أسلوبهم في تقديم أنفسهم، وما في سلوكهم من خبل وتجهم وقدرية يدفعني إلى كراهيتهم. وسواء كانوا يحصدون أم يبذرون البذار، وسواء كانوا يرعون الأبقار أم يجزون صوف الخراف فإن لسان حالهم يقول دوماً: صحيح أننا فقراء العالم المحرومون، ولكننا نحن من يمنح هذا العالم الخصب والثراء! ونحن من يؤدي الرسالة كما يؤديها الإكليروس! فبدلاً من أن نجني من موضوعاته ـ وعلى نحو هين وبسيط ـ شعراً طبيعياً، فإن السيد مييه يسعى جهده إلى أن يثقل موضوعاته بشيء ما أياً كانت النتائج. إن في القبح المثير للملل في كل هؤلاء المنبوذين مزاعمَ ودعاوى فلسفية سوداوية ورافايلَّوية (نسبة إلى رافايلُّو). وهذه الضارة في تصوير السيد مييه تفسد كل ما في أعماله من مزايا تسترعي الانتباه وتلفت الأنظار إليه». أما برويير فيقول: «في المشهد ثمة حيوانات من ذكر وأنثى، وحشية الطباع جفول، تنتشر في رحاب الريف؛ سوداء ودكناء، لوحتها شمس لاهبة. تلتصق بالأرض، تنبشها وتقلبها بعناد غلاب لا يقهر. صوتهم واضح النطق والنبرة. وإذا ما نهضوا ووقفوا على أقدامهم برز وجههم الإنساني، إنهم بشر حقاً، ينسحبون حين هبوط الليل إلى أكواخهم حيث يقتاتون خبزاً أسود وماءً وجذور النبات، يكفون الآخرين مؤونة البذار والحراثة والقطاف طلباً للعيش».

ساءت صحة مييه وتدهورت، واستولى عليه الغم والحزن عقب وفاة صديقه تيودور روسو، إلى أن وافته المنية بعد وقت قصير. فتسارع المضاربون وهواة الفن يتزاحمون للفوز بأحد أعماله.

فائق دحدوح

 الموضوعات ذات الصلة:

 

باربيزون (مدرسة ـ) ـ فرنسا.

 

 مراجع للاستزادة:

 

ـ نعمت إسماعيل علام، فنون الغرب في العصور الحديثة (دار المعارف، مصر 1978).

- MICHEL LACLOTTE, Le Livre d’art (Grobier, New York 1971).

- PIERRE CABANNE, Dictionnaire international des arts, (Bordas, Paris 1979).


التصنيف : العمارة و الفنون التشكيلية والزخرفية
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 312
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1102
الكل : 40546300
اليوم : 76115

الاستقلابية (الأمراض-)

الاستقلابية (الأمراض ـ)   الاستقلاب metabolism هو مجموعة الأفعال الكيمياوية الحيوية والفيزيائية التي تحدث في خلايا الكائنات الحية فتفيد في تمثل مواد الأغذية والحصول منها على الطاقة اللازمة للجسم، كما تساعد على نمو هذه الكائنات وتجدد أنسجتها وصيانتها . تتألف مواد الاستقلاب من السكريات والدسم والبروتينات، ويتواسط الأفعال الاستقلابية عدد من الإنظميات الخاصة، وتضبطها مجموعة من الهرمونات والفيتامينات والشوارد المعدنية. تجري أفعال الاستقلاب في جميع خلايا الجسم ولاسيما في الكبد والكلية.
المزيد »