logo

logo

logo

logo

logo

ميثراداتيس الأول والثاني

ميثراداتيس اول ثاني

Mithradates I and Mithradates II - Mithridate Ier et Mithridate II

ميثراداتيس الأول والثاني

 

يعدّ ميثراداتيس (أوميثريداتيس) الأول Mithradates I من أبرز الملوك البرثيين، وصل إلى العرش البرثي نحو(171ـ 138ق.م) إثر وفاة أخيه فراتيس Phraates، وبرر تنحية أبناء أخيه بأن البلاد بحاجة إلى حاكم قوي، نتيجة الأوضاع العامة التي تعانيها المملكة البرثية، فالحرب مع السلوقيين أو مع باكتريا كانت على وشك الوقوع، ولذلك كانت قوته وشجاعته عاملاً مهماً في وصوله العرش البرثي.

تحولت المملكة في عهده الذي استمر أكثر من ثلاثين سنة إلى مملكة عظيمة، امتدت من جبال هندكوش في الشرق إلى نهر الفرات في الغرب.

واتصف ميثراداتيس بالحزم تارة وباللين تارة أخرى، واتخذ لقب ملك الملوك، ولقُب بأخي الشمس والقمر، وعظّمه البرثيون لأنه وضع أسساً لدولته التي استمرت ما يزيد على أربعة قرون قام ميثراداتيس الأول بمجموعة كبيرة من الأعمال، هدفت أساساً إلى توطيد أركان المملكة البرثية، فأعدّ تنظيماً ناجحاً للدولة، وتبنى بعض التنظيمات الموجودة، وأوجد كثيراً من التنظيمات الجديدة، فنظَّم الجيش وجعل له هيئة مسؤولة مؤلفة من رئيس ومجموعة أعضاء، وأوجد مجلسين لتقديم النصح للملك؛ كان الأول مجلساً عائلياً اقتصرت عضويته على أبناء العائلة المالكة؛ والثاني يمكن تسميته بمجلس الشيوخ، شمل رجال الدين والحكماء والنبلاء.

إضافة إلى كل ذلك جعل الحكم انتخابياً في العائلة المالكة، واشترط موافقة المجلسين على تنصيب الملك الجديد، كما نظم آلية انتقال العرش من فرع إلى آخر في العائلة في حال عدم وجود وريث للعرش، كما حدد الصفات اللازمة التي يجب أن يتمتع بها ولي العهد ليؤول إليه العرش. وأصدر مجموعة من القوانين التي حددت العلاقات الاجتماعية.

أما تنظيم الولايات فقد اتبع ميثراداتيس الأول التنظيم السائد في الشرق، وذلك بالحفاظ على الممالك القائمة شريطة التبعية لملك الملوك، وتقديم التزاماتهم تجاهه. ومما تجدر الإشارة إليه هنا هو تمتع المدن اليونانية باستقلال شبه تام في إدارة شؤونها مع تبعيتها الاسمية للملك البرثي.

أما سياسته الخارجية فقد اتسمت بالحرب مع جيرانه الأقوياء، سواء مع مملكة باكتريا اليونانية التي استغل انشغال حاكمها بحربه ضد الهنود، فأخضعها وعدَّها ولاية جديدة من ولايات بلاده. كما شن حرباً ضد السلوقيين في سورية مستغلاً النزاع على العرش فحارب ديميتريوس السلوقي، لكنه لم يوفق في البداية نتيجة مساعدة اليونانيين للسلوقيين فتظاهر أنه يريد السلام مع السلوقيين، ثم باغتهم وانتصر عليهم، وأسر ديميتريوس نفسه وهكذا تمكن ميثريداتس الأول من انتزاع أقاليم ميديا وفارس وبابل من الدولة السلوقية وعُدّت هذه الانتصارات انبعاثاً جديداً للشرق.

ميثراداتيس الثاني (124ـ 88ق.م):

وصل ميثراداتيس الثاني إلى العرش إثر وفاة والده أرتبانوس الثانيII Artabanus، وقد دفعت إنجازاته الكثيرة إلى تلقيبه بالعظيم. فقد كان عهده مرحلة ازدهار وتطور للمملكة البرثية، إذ نجح ميثراداتيس الثاني في ضم المنطقة الممتدة إلى الشرق من بحر قزوين، وحقق العديد من الانتصارات على شعب السكيث Scythians، وأوقف تقدمهم المباشر إلى الجنوب، كما ألزمهم البقاء في الشرق، وشجعت انتصارات ميثراداتيس في الشرق اتجاهه إلى الغرب، والقيام بهجوم على أرمينيا المجاورة لحدوده الشمالية الغربية، وذلك بسبب رفض ملكها الاعتراف بتبعيته للمملكة البرثية، فتوجه ميثراداتيس إليها وأخضعها، وليضمن تبعيتها لمملكته أخذ ابن ملكها رهينة ليقيم في عاصمته، ثم تابع انتصاراته العسكرية ضد السلوقيين في سورية، وكان له الفضل في إقامة علاقات صداقة مع الامبراطورية الرومانية، لأنه أدرك الدور الذي تشغله روما في الشرق. ولكن من دون إيجاد حل نهائي لمسألة النزاع مع الرومان.

ساد الأمن والاستقرار المملكة البرثية في عهد ميثراداتيس الثاني، خاصة أنه استفاد من الإصلاحات التي قام به سلفه ميثراداتيس الأول، وزاد عليها، فنظم الجيش وسلَّحه بأفضل الأسلحة المعروفة آنذاك، كما قام باتباع سياسة اقتصادية حكيمة قائمة على تنشيط الزراعة وتلبية متطلباتها؛ وحماية التجارة وتحقيق الأمن على طرقها، وحسن المراكز التجارية بين برثيا وروما.

إضافة إلى ذلك قام بتنظيم الولايات بمراقبة ولاتها، والعمل على الحد من تسلطهم، كما أحكم سيطرته على الممالك التابعة له بأخذ أبناء حكامها رهائن، فحدَّ بذلك من الثورات المعارضة للسيطرة البرثية، كما حد من إمكانية استقلال الممالك التابعة له.

تجاوز عهد ميثراداتيس الثاني خمسة وثلاثين عاماً، حقق فيه نجاحات عظيمة عسكرية واجتماعية واقتصادية، ويعدّ واحداً من أشهر الملوك الأكثر نجاحاً بين ملوك البرثيين؛ إذ جمع بين العقل والشجاعة، وعالج الأمور بروية وتعقل، فحافظ على وحدة بلاده وتماسكها. وكان بحق الملك العظيم، ولقب بمحب اليونان، فكل هذه الصفات تبين المكانة الكبيرة التي حازها ميثراداتيس الثاني في مملكته.

محمود فرعون

 مراجع للاستزادة:

 

ـ حسن بيرنيا، تاريخ إيران القديم من البداية حتى نهاية العهد الساساني، ترجمة محمد نور الدين عبد المنعم، السباعي محمد السباعي، مراجعة يحيى الخشاب(دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة 1992م).

- GEORGE RAWLINSON, The Seven Great Monarchies of the Ancient Eastern World, Volume III. A History of Parthia, the Sixth (Monarchy 2005).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد العشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 193
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 563
الكل : 31771075
اليوم : 46536

الخطأ

الخطأ   الخطأ error في اللغة: ضِدُّ الصواب؛ وما لم يُتَعمَّد من الفعل. والخطأ صفة ملازمة للعمل، فلا يخطئ ذاك الذي لا يعمل شيئاً! والخطأ عنصر غير مضبوط في بعض العمليات الخاصة، كالخطأ في الحساب. والخطأ في علم الفيزياء: الفرق بين القيمة الحقيقية لمقدارٍ مّا، وقيمته المقيسة أو المحسوبة.
المزيد »