logo

logo

logo

logo

logo

ماركوزه (هربرت-)

ماركوزه (هربرت)

Marcuse (Herbert-) - Marcuse (Herbert-)

ماركوزِه (هربرت ـ)

(1898ـ 1979)

 

هربرت ماركوزِه Herbert Marcuse، فيلسوف ومفكر أمريكي من أصل ألماني، ولد في برلين لعائلة يهودية، درس في جامعة برلين وحصل على الدكتوراه من جامعة فرايبورغ 1922، انتسب إلى معهد الدراسات الاجتماعية في فرانكفورت، وأسهم في تأسيس جماعة فرانكفورت الثقافية، مع ماكس هوركهايمر Max Horkheimer، وثيودور أدورنو Theodor Adorno ، وكان يمثّل الجناح اليساري في هذه الجماعة، وبعد صعود الحزب الاشتراكي القومي (النازية) إلى سدة الحكم ترك ألمانيا متوجهاً إلى سويسرا، حيث مكث مدة عام واحد، ثم هاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وانضم إلى معهد الدراسات الاجتماعية هناك في جامعة كولومبيا عام 1934، وقام بتدريس الفلسفة فيها وفي جامعة هارفرد وبرانديس وكاليفورنيا، واستلم عدة مناصب علمية، أهمها رئيس قسم الخدمات الاستراتيجية، من عام 1942 حتى عام 1950، وإدارة معهد الدراسات الروسية عام 1951، وكان له تأثير حاد على القيادة الطلابية في أمريكا وأوربا، وذلك لأن كتاباته جميعها تصب في نقد الرأسمالية، وتجديد الأطروحات الماركسية. توفي  بسكتة دماغية في أثناء زيارته لألمانيا برفقة يورغن هابيرمس Jürgen Habermas. أهم مؤلفاته: «العقل والثورة» Raison et révolution (1941)، «غريزة الحب والحضارة» Éros et civilisation (1955)، «الإنسان ذو البعد الواحد» L’Homme unidimensionnel (1964)، «الفلسفة والثورة» Philosophie et révolution (1968).

 يرى ماركوزِه أن الفكر العقلاني تراجع بفعل التقدم اللاعقلاني للحضارة إلى الحالة الميثولوجية، إذ إن عناصر التضليل الأسطوري تُستخدم بصورة منهجية في الدعاية والإعلان والسياسة، حيث تمارس تأثيرها في الإنسان في حياته اليومية، في البيت والمخزن والمكتب، وتقوم بتزييف الرأي العام المذهول بالإنجازات التكنولوجية العظيمة التي تحجب لاعقلانية النظام السياسي والاقتصادي القائم.

ينتقد ماركوزِه المجتمع الصناعي الأمريكي كونه النموذج الأكثر وضوحاً في العصر الحاضر، لكن هذا الانتقاد يخرج عن الصورة التقليدية المتكررة في الخطاب الماركسي، والتي تنتقد استغلال عمل العامل من قبل رب العمل، ويتقدم بنوع آخر من الطرح يتمثّل في استعباد الإنسان بشكل آخر، خصوصاً بما يخص شركات الإنتاج الاستهلاكي والوسائل التي تستخدمها لترغيب المستهلك، ويرى مجتمع الحضارة الصناعية يسير قدماً نحو تحقيق التلاحم الداخلي واستبعاد كل شكل من أشكال التناقض والتجاوز والتعالي، ومن هنا فقد أصبح هذا المجتمع أحادي البعد؛ مجتمعاً يحيل الإنسان باستمرار إلى ذاته ويجرد كل الأفكار والآراء المعارضة له من أي معنى أو أهمية، مادام يلبي حاجات الإنسان ويرفع مستوى حياته باستمرار، ولكن هل الحاجات التي يلبيها المجتمع باستمرار هي حاجات حقيقية أم كاذبة؟ حاجات إنسانية حقاً أم حاجات مصطنعة؟ إنها - في رأيه - حاجات وهمية من صنع الدعاية والإعلان ووسائل الاتصال الجماهيري، وهي أفضل وسيلة لخلق الإنسان ذي البعد الواحد في مجتمع ذي بعد واحد، هذا الإنسان كما يرى ماركوزِه استغنى عن الحرية، لأن المجتمع ذا البعد الواحد يقوم بتزييف وعي الفرد باستبداله بالرقابة الخارجية المفروضة من الأعلى، بنوع من الرقابة الداخلية المستبطنة.

وكان ماركوزِه يرى أن عالم الحضارة الصناعية المتقدمة، هو عالم استبدادي يملك القدرة على وأد أي محاولة لمعارضته ونفيه، وعلى تمييع وتذويب ودمج القوى الاجتماعية التي يمكن أن تعارضه، وعلى استنفار وتعبئة جميع طاقات الإنسان الجسدية والروحية، وجميع القوى الاجتماعية التي من شأنها الدفاع عنه وحمايته. وأن الآلة نفسها تقوم بدور سياسي بارز في المجتمع التكنولوجي، حيث أصبح كل شيء بضاعة تباع وتُشرى، حتى الفن الأدب والموسيقى وأشكال الفن الأخرى أصبحت ضمن المشروعات التجارية الرابحة لرجال الأعمال، وكذلك الجنس الذي طالما كان يُعدّ تعبيراً خالصاً عن خصوصية الإنسان وارتباطه بالطبيعة استبدل بما يسمى الواقعية الجنسية، واقتصر على أن يكون عبارة عن رغبة تتطلب التلبية على نحو سريع وواقعي ومباشر، وحتى اللغة أصبحت أحادية الجانب تستبعد من تراكيبها ومفرداتها جميع الأفكار النقدية المتعالية، لغة مقفلة منغلقة على ذاتها.

وماركوزِه لايرفض التكنولوجيا كإنجاز حضاري إنساني، بل يؤمن إيماناً عميقاً بأن منجزات التكنولوجيا قد أوجدت لأول مرة في التاريخ الإمكانية الواقعية لتحرر الإنسان، إن ماركوزِه يعدّ تحرر الإنسان الغاية الأخيرة والمثلى، ويؤمن بأن تحرر الإنسان لم يعد غاية ميتافيزيقية بعد أن قطعت التكنولوجيا شوطاً بعيداً في السيطرة على الطبيعة، والشرط الأساسي لتجاوز الواقع التكنولوجي الراهن هو تحقق المشروع التكنولوجي واكتمال صيرورته كواقع يجب أن يتحقق ويُكمل جبروته، والعقلانية الجديدة هي عقلانية الإنسان المتحرر من شتى أنواع السيطرة، ولن يتحرر الإنسان من التكنولوجيا إلا بوساطة التكنولوجيا نفسها، وعن طريق تحرير التكنولوجيا، لأن التكنولوجيا هي سياسة قبل أي شيء آخر، وهي سياسة لأن منطقها هو منطق السيطرة، تخدم مصالح القوى الاجتماعية المسيطرة في الوقت الراهن.

ولا يرى ماركوزِه أن الطبقة العاملة هي عامل التغير الاجتماعي لأن التغير سيتم عن طريق تلك القوى التي أخفق المجتمع الصناعي في دمجها؛ هؤلاء المنبوذين واللامنتمين، والعاطلين عن العمل، والطبقات والأعراف والألوان الأخرى المستغلة، فالتغير ضرورة وهو بآن واحد ممكن حقاً.

عصام عبود

الموضوعات ذات الصلة:

الفلسفة الحديثة ـ مدرسة فرانكفورت ـ هوركهايمر.

مراجع للاستزادة:

ـ هربرت ماركوزِه، الإنسان ذو البعد الواحد، ترجمة جورج طرابيشي (دار الآداب البيروتية، بيروت 1988).

ـ علاء طاهر، مدرسة فرانكفورت من هوركهايمر إلى هالرمز (منشورات مركز الإنماء القومي، 1987).


التصنيف : الفلسفة و علم الاجتماع و العقائد
النوع : أعلام ومشاهير
المجلد: المجلد السابع عشر
رقم الصفحة ضمن المجلد : 448
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 579
الكل : 29651534
اليوم : 31544

الصابونيات (رتبة-)

الصابونيات (رتبة ـ)   الصابونيات Sapindales رتبة من النباتات الزهرية من صفيف الورديات Rosideae، تضم أنواعاً شجرية، مصنفة في إحدى عشرة فصيلة أبرزها ما يأتي: الفصيلة الصابونية Sapindaceae: تسميتها العلمية مأخوذة من العربية؛ صابون الهند، نسبة إلى استعمال ثمار بعض أنواع الفصيلة كالصابون، تضم قرابة 150 جنساً موزعة على 2000 نوع، وهي فصيلة واسعة الانتشار، خاصة في المناطق المدارية من العالم القديم، تضم نباتات متخشبة، تتميز بأوراقها المتعاقبة الريشية أو الثلاثية الوريقات، عديمة الأذنات، أزهارها مجتمعة في عثكول إبطي أو نهائي.
المزيد »