logo

logo

logo

logo

logo

هولندا (تاريخيا)

هولندا (تاريخيا)

Holland - Hollande

هولندا (تاريخياً)

 

تعني هولندا Holland البلاد المنخفضة Netherlands، وإن كانت قديماً تشمل أيضاً لكسمبورغ وبلجيكا. كان يسكنها الكلتيون عندما غزتها القوات الرومانية بقيادة يوليوس قيصر Julius Caesar في القرن الأول قبل الميلاد ولكن الفرانكيين Franken - وهم شعب جرماني - طردوا الرومانيين من البلاد المنخفضة في القرن الخامس الميلادي، ولما تولى شارلمان Charlemagne العرش كانت هولندا جزءاً من أملاكه، فأدخل إليها الديانة المسيحية، ولكن المملكة الفرانكية انهارت في القرن التاسع الميلادي، وانقسمت البلاد المنخفضة عام 870م بين المملكة الفرانكية الشرقية - التي أصبحت ألمانيا فيما بعد - والمملكة الفرانكية الغربية التي أصبحت فرنسا فيما بعد. وكانت هولندا آنذاك جزءاً من المملكة الفرانكية الشرقية.

 لم تلق الأراضي المنخفضة اهتماماً كبيراً من حكامها الفرنسيين والألمان إلا بعد تطور تجارتها وازدهارها واتساع صناعتها. وقد ساندت المدن النبلاء الفرنسيين المحليين ضد الحكام الأجانب، وتمكن دوقات بورغندي Bourgogne الفرنسيون في مطلع القرن الرابع عشر الميلادي من السيطرة على معظم الأراضي المنخفضة عن طريق الإرث والزواج والحرب والشراء،وأنشؤوا حكومة مركزية خضعت للامبراطورية النمساوية بعد زواج مكسيميليان Maximilian I بماري أميرة بورغنديا.

- الثورة والاستقلال:

في عام 1506م ورث شارل الخامس Charles V أراضي دوقات بورغنديا، وبعد عشر سنوات أصبح ملكاً على إسبانيا باسم شارل الأول، وبذلك خضعت الأراضي المنخفضة للحكم الإسباني، وبعد موته عام 1556 صارت هولندا ضمن ممتلكات ابنه الذي تسمى بفيليب الثاني Philip II.

اندلعت ثورة في الأراضي المنخفضة ضد حكم الملك فيليب الثاني، وكان من أسبابها استياء سكان الأراضي المنخفضة من سياسة إسبانيا، وعزم الملك على استئصال المذهب البروتستنتي، إضافة إلى ذلك أدى فرض حكام وموظفين إسبان إلى إثارة كبار النبلاء وعلى رأسهم ڤيلهلم فون أورانج Wilhelm von Orange المسمى بالصامت، فأرسل الملك فيليب الثاني دوق ألبهِ Le duc d’Albe لإخماد الاضطرابات القائمة، ولكن الأخير أقام نظاماً إرهابياً، إذ أعدم قرابة ثمانية آلاف ثائر، إلا أنه لم يتمكن من قمع الثورة؛ مما أدى إلى استدعائه إلى إسبانيا عام 1573م وإرسال الحاكم فارنيز Farnese، الذي تمكن من إعادة المقاطعات العشر الجنوبية الكاثوليكية إلى إسبانيا، في حين تابعت سبع مقاطعات نضالها تحت قيادة ڤيلهلم فون أورانج، وكونت في عام 1579م اتحاد أوترخت Union of Utrecht، وأعلنت تلك الأقاليم استقلالها عن إسبانيا في عام 1581م مكونة جمهورية المقاطعات المتحدة، وتحالفت مع إنكلترا وفرنسا في كفاحها؛ مما اضطر الإسبان إلى منح الثوار هدنة مدة اثني عشر عاماً (1609-1621م)، لكن إسبانيا لم تعترف باستقلال جمهورية المقاطعات المتحدة - التي أصبحت معروفة فيما بعد باسم جمهورية هولندا- إلا في عام 1648م.

وقد حدثت في هولندا انقسامات دينية وسياسية بعد الاستقلال، فمع زوال الخطر فقدت أسرة أورانج السلطة، وذلك بسبب نشاط الحزب الجمهوري المعارض، وتمكن جان دوڤيت J.Dewitt أحد أعضاء هذا الحزب من الوصول إلى رئاسة المقاطعات المتحدة في عام 1653م، ولكن الأمور عادت إلى ما كانت عليه عندما هاجم لويس الرابع عشر Louis XIV المقاطعات المتحدة وأُجبرت الجمعية العمومية على تسمية ڤيلهلم الثالث Wilhelm III من أسرة أورانج حاكماً عاماً.

القوة الاقتصادية والنهضة الفكرية

عدت هولندا القوة الاقتصادية الأولى في أوربا في القرن السابع عشر، فقد ازدهرت فيها الزراعة وعمل سكانها بصيد الأسماك، كما نشطت صناعتها فصنعت أوترخت ولايدن Leiden الأقمشة المتنوعة كالمخمل والأقطان والأجواخ. ووجدت مصانع عديدة في أمستردام لتكرير السكر وصناعة التبغ، وصناعة الماس أيضاً، ولكن مصدر الثروة الأساسي الهولندي جاء من تجارتها البحرية العالمية، فقد أنشأ الهولنديون مراكز تجارية خاصة بهم في معظم سواحل العالم، ونظموا تجارتهم عن طريق الشركات الكبرى. وقد أسهم غنى هولندا الاقتصادي في دفع النشاط الفكري، كما دعم البرجوازيون الكبار فيها سياسة التسامح الديني؛ مما جعلها المكان الذي يقصده عدد من العقول الحرة في أوربا.

- المستعمرات الهولندية

أسس الهولنديون مستعمرات كثيرة في أنحاء مختلفة من العالم، ففي العالم الجديد أسسوا منذ عام 1615م أمستردام الجديدة، التي انتزعها منهم الإنكليز عام 1664م، وأطلقوا عليها اسم نيويورك، واستقروا في جزر الآنتيل، وفي غويانا، وسورينام وفي أقصى جنوبي إفريقيا أنشؤوا مستعمرة الكاب عام 1651م، وبذلك سيطروا على طريق الهند.

أما في شرقي آسيا فقد أسسوا باتافيا (جاكرتا) في إندونيسيا، واستقروا في مالاقا 1641م وفي سيلان 1651م، وأقاموا علاقات تجارية مع اليابان والصين، ونظموا التجارة عن طريق الشركات الكبرى، مثل شركة الهند الشرقية Ostindien kompanie وشركة الهند الغربية Westindien kompanie وشركتي الشمال والشرق أو الليڤانت Levante.

بدأت قوة هولندا تميل إلى الأفول في النصف الثاني من القرن السابع عشر بسبب الحروب التي خاضتها مع إنكلترا وفرنسا وما تكبدته من خسائر فادحة  نتيجة لذلك، إضافة إلى عامل أساسي أدى إلى تراجعها وهي قدرة كل من إنكلترا وفرنسا الكبيرة على تكريس كميات وطاقات ورؤوس أموال كبيرة لمشروعات ما وراء البحار.

- الحروب مع إنكلترا وفرنسا

خاضت هولندا ثلاث حروب مع إنكلترا أولها الحرب التي استمرت من عام 1652 إلى عام 1654م وكانت بسبب تطبيق قانون الملاحة عام 1651م، القاضي بألا تُحمل البضائع الإنكليزية إلا على متن السفن الإنكليزية، وقد حرم هذا القانون هولندا من مكاسب تجارية كبيرة، واضطرت في نهاية الحرب إلى احترام العمل بقانون الملاحة المذكور.

أما الحرب الثانية 1665-1667م فجاءت نتيجة استيلاء الإنكليز على بعض المراكز التجارية الهولندية في إفريقيا وعلى امستردام الجديدة (نيويورك)، وقد وقفت فرنسا والدنمارك إلى جانب هولندا، وانتهت هذه الحرب بتوقيع صلح جاء لمصلحة إنكلترا التي احتفظت بنيويورك.

وقد تحالفت إنكلترا مع فرنسا في الحرب الثالثة ضد هولندا 1672-1678م، وانتهت هذه الحرب بخسارة هولندا بتوقيع معاهدة نيميغ Nimègue عام 1678م.

صعد الحاكم الهولندي وليم الثالث على عرش إنكلترا عام 1689م مع زوجته ابنة الملك الإنكليزي، وبوصول آل أورانج إلى السلطة ثانيةً كانت السلطة السياسية للبرجوازية الهولندية قد تضعضعت، وبدأت قوتها الاقتصادية بالضعف. وقد نجحت هولندا وإنكلترا وبعض الدول الأوربية الأخرى في هزيمة فرنسا في حربين هما: حرب عصبة أوغسبورغ 1689-1697م  وحرب الوراثة الإسبانية 1710-1714م.

وقد اجهدت هذه الحروب هولندا، وفقدت في الحرب الثانية سيادتها على البحار، وتوقفت صناعتها وتجارتها عن التوسع .

لقد ساند الهولنديون الأمريكيين في ثورتهم ضد إنكلترا 1775-1783م، التي شنت حرباً بحرية ضد هولندا، وانتهت بهزيمة الأخيرة عام 1784م.

السيطرة الفرنسية

وقعت هولندا الخائرة القوة فريسة للجيوش الفرنسية التي غزتها عام 1795م، فأقام الفرنسيون حكومة جديدة وأطلقوا على البلاد اسم الجمهورية الباتافية أما بريطانيا فقد استولت على معظم الممتلكات الهولندية فيما وراء البحار. وقد نصب نابليون الأول شقيقه لويس ملكاً على الجمهورية الباتافية، التي أصبحت مملكة هولندا، وجعلها نابليون الأول جزءاً من فرنسا عام 1810م، ولكن الهولنديين تمكنوا من طرد الفرنسيين عام 1813م. وفي مؤتمر ڤيينا 1815م تم توحيد هولندا وبلجيكا في مملكة هولندا، وذلك لمنع التوسع الفرنسي، وأصبح ڤيلهلم السادس أمير أورانج هو الملك ڤيلهلم الأول على هولندا التي فقدت مستعمرة الكاب في جنوبي إفريقيا وسيلان وقسماً من غويانا.

وقد نجم عن الخلافات الاجتماعية والدينية والاقتصادية والسياسية بين الهولنديين والبلجيكيين قيام الثورة البلجيكية عام 1830م التي أدت إلى حصول بلجيكا على الاستقلال، وضمنت الدول الكبرى في معاهدة لندن 1831م حياد البلجيك.

وأنهت لوكمسبورغ الروابط السياسية بالعائلة المالكة الهولندية عام 1890م، عندما تولت العرش ڤلهلمينة Wilhelmine ابنة وليم الثالث بعد وفاة والدها، وكانت قوانين لوكمسبورغ لاتسمح لامرأة بالحكم.

- هولندا في القرن العشرين

بقيت هولندا محايدة خلال الحرب العالمية الأولى (1914-1918م)، وقد تضرر اقتصادها أثناء هذه الحرب؛ لأن العمليات البحرية الألمانية والبريطانية قد عوقت تجارتها إضافة إلى عمليات صيد الأسماك والشحن فيها.

أما في الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، فقد غزتها الجيوش الألمانية في أيار/مايو 1940م، ودمرت قاذفاتها مدينة روتردام، فاستسلم الجيش الهولندي. وقد ترأست الملكة ڤلهيلمينة الحكومة الهولندية في المنفى بلندن.

عانت هولندا الاحتلال الألماني، وقد ازداد تأزم الأوضاع فيها عند سقوط الهند الهولندية - اندونيسيا- في يد اليابان حليفة ألمانيا عام 1942م. وخلفت الحرب العالمية الثانية أضراراً جسيمة في هولندا، فقد دُمرت نصف مصانعها تقريباً، وخطوط ملاحتها، ومعظم سككها الحديدية، ونجم عن دمار السدود إغراق سُبْع أراضيها تقريباً، وقد هاجر مئات الألوف من مواطنيها إلى استراليا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا.

هيأ الهولنديون أنفسهم بعد الحرب لإعادة بناء بلادهم التي أصبحت عضواً في منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1945م، وانضمت بعد عامين إلى الدول الأوربية للعمل على النهوض تحت خطة مارشال، وتلقت بليون دولار من معونة هذه الخطة؛ مما أسهم في دفع اقتصادها، فزاد إنتاجها الصناعي عام 1955م بنسبة 60٪، وإنتاجها الزراعي بنسبة 20٪ عما كان عليه قبل الحرب.

وقد نزلت الملكة ڤلهيلمينة عن العرش لابنتها يوليانا عام 1948م، واعترفت هولندا في العام التالي باستقلال إندونيسيا نتيجة للثورة المشتعلة فيها منذ عام 1945م، وأصبحت سورينام وجزر الأنتيل الهولندية بما فيها أوربا منذ عام 1954م شريكتين متساويتين في المملكة الهولندية، التي أسهمت عام 1957م في تكوين السوق الأوربية المشتركة.

تخلت هولندا في عام 1962م عن السيطرة على ايريان جايا إلى الأمم المتحدة، التي أعطت السيطرة عليها إندونيسيا في العام التالي، ونالت سورينام استقلالها عام 1987م. ونزلت الملكة يوليانا عام 1980م عن العرش لابنتها بياتريكس Beatrix ملكة هولندا حالياً.

تتمتع هولندا في الوقت الحاضر بمستوى معيشة مرتفع، يرجع بالدرجة الأولى لسياستها في التعاون الاقتصادي في الداخل والخارج، وهي من الأعضاء المؤسسين للاتحاد الأوربي.

راغب العلي

 

 

 

 


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الواحد والعشرون
رقم الصفحة ضمن المجلد : 777
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 520
الكل : 28913048
اليوم : 9444

الجثة (فتح-)

المزيد »