logo

logo

logo

logo

logo

التأمينات العينية

تامينات عينيه

Real securities - Sûreté réelle

التأمينات العينية

 

التأمينات Les Suretés بصورة عامة، هي في مختلف النظم القانونية التي تهدف إلى حماية الدائن من مخاطر عدم الوفاء بالدين وتكفل له في جميع الأحوال استيفاء حقوقه الشخصية. ومن شأن هذه النظم تعزيز الثقة في التعامل وتشجيع الأشخاص على الإقراض، مما ينعكس إيجابياً على تطور مؤسسة الائتمان التي تعد الشريان الأساسي لكل المشاريع الاقتصادية كبيرة كانت أم صغيرة.

وإذا كان كل حق يحتاج إلى حماية، فإن وسائل هذه الحماية تختلف باختلاف طبيعة هذه الحقوق، ففي الحقوق العينية، تكون الحماية بتمكين صاحب الحق من مباشرة السلطة على محل هذه الحقوق من غير معارضة أحد. أما حماية الحقوق الشخصية (الالتزامات) فإنها تثير بعض الصعوبات على الصعيد العملي، لأن الدائن لا يستطيع مباشرة السلطة على حقه إلا عن طريق شخص آخر يسمى المدين. وإذا كانت شرائع الرومان تسمح للدائن باسترقاق المدين، وأن يباشر عليه الإكراه الجسدي، وأن يقتله من أجل استيفاء دينه، فإن الشرائع في العالم المعاصر لم تعد تسمح بذلك، لأن التنفيذ الجبري يكون فقط على أموال المدين ولا على شخصه. وقد وضع المشرع قاعدة عامة هي: إن جميع أموال المدين ضامنة للوفاء بدينه وإن الدائنين متساوون في هذا الضمان، وإن كل دائن يستوفي دينه من أموال مدينه بنسبة الدين الذي بذمته دون تفضيل لأحد من الدائنين على غيره، عند عدم كفاية الدين. إلا أن هذه القاعدة العامة في الضمان لا تكون سليمة من الناحية العملية، فقد يهمل المدين إدارة أمواله، أو يعمل على تبديدها، وقد يقترض أموالاً من عدد من الدائنين، مما يجعل الدائن مهدداً بعدم إمكانية الحصول على دينه في موعد الاستحقاق، وقد يلجأ هذا الدائن إلى مجموعة من الوسائل القانونية من أجل حماية الضمان العام، مثل إقامة الدعوى غير المباشرة، والدعوى البوليسية، والدعاوى الصورية والدعاوى الإجرائية والتحفظية، ويمكن أن يلجأ إلى دعوى الإعسار المدني، أو دعوى الإفلاس التجاري، إلا أن جميع هذه الوسائل قد لا تكون كافية لضمان الوفاء بالدين كاملاً في موعد الاستحقاق.

من أجل ذلك تم اللجوء إلى فكرة التأمينات. وتتجلى هذه الفكرة بحصول الدائن على ضمان خاص، إضافة إلى الضمان العام، غايته ضمان الوفاء بالالتزامات من دون مخاطر أو بأقل المخاطر. والتأمينات الخاصة نوعان:

التأمينات الشخصية: ومثالها الكفالة[ر]: وهي التي تعطي الدائن حقاً شخصياً، ويكون من شأنها ضم ذمة إلى ذمة المدين عند المطالبة بالدين، فإذا أعسرت إحداهما يكون له في يسار الأخرى ما يضمن له الوفاء بدينه. وإن هذا النوع من التأمينات لايعطي الدائن ضماناً أكيداً بالوفاء بدينه، إنما يجعل الفرصة أمامه أكبر، والمخاطر التي يتعرض لها أقل.

التأمينات العينية: Les Suretés Zeeles: وهي التي يتم اللجوء إليها عند عدم الثقة بالتأمينات الشخصية، وتعني تخصيص مال يملكه المدين أو شخص آخر لضمان الوفاء بالدين في موعد الاستحقاق، ويكون بموجبها للدائن الحق بتتبع هذا المال في أي يد ينتقل إليها والتنفيذ عليه عند عدم الوفاء بالدين حجزاً أو بيعاً، ويكون له الأولوية على غيره من الدائنين في استيفاء دينه منه. وأهم التأمينات العينية المعروفة في القوانين العربية هي الرهن الحيازي والرهن العقاري وحق الامتياز.

الرهن: عقد يلتزم بمقتضاه الراهن أن يخصص عقاراً أو منقولاً مملوكاً له لضمان الوفاء بالدين، ويضعه تحت يد الدائن أو في يد شخص ثالث متفق عليه، ويكون من حق الدائن حبس المال المرهون حتى يستوفي دينه كاملاً، وله الحق في تتبعه والتنفيذ عليه جبراً في أي يد واستيفاء دينه من ثمنه بالتقدم على غيره من الدائنين. من هذا التعريف تتحدد خصائص الرهن بما يلي:

1ـ إن الرهن رضائي لا ينشأ إلا بالعقد، ويسري عليه ما يسري على العقود من أحكام.

2ـ إن الرهن حق عيني يمنح صاحبه مزيتي التتبع والتقدم، وبمقتضى ذلك فإنه من حق المرتهن أن ينفذ على المال المرهون في أي يد ينتقل إليها، وأن يستوفي حقه منه قبل غيره من الدائنين.

3ـ إن الرهن حق عيني تابع، فهو لا يوجد مستقلاً بذاته، إنما يوجد من أجل ضمان الوفاء بالتزام أصلي، بمعنى أنه تابع للدين الذي يضمنه من حيث النشوء، والصفات والعيوب، والانتقال، والانقضاء.

4ـ إن الرهن يرد على عقار كما يرد على منقول من غير تفريق.

5ـ إن الرهن لايقبل التجزئة، بمعنى أن المال المرهون وكل جزء منه يعد ضامناً للوفاء بالدين كاملاً، ولكل جزء منه ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك.

إنشاء الرهن: ينشأ الرهن بالعقد، وعليه فإنه يتوجب أن تتوافر فيه الأركان والشروط التي يتطلبها القانون في جميع العقود من رضا وأهلية ومحل وسبب، إضافة إلى الشروط الخاصة المميزة له.

الشكلية في عقد الرهن: إن الشكلية ركن في عقد الرهن، إذ لا يكتفي أن تتوافر فيه الأركان السابقة، وإنما يجب أن يراعى في تنظيمه شكلية معينة، من أجل حماية حقوق الغير من جهة، ومن أجل ترتيب حق الأفضلية من جهة أخرى، لهذا فإن الرهن الذي يكون محله عقاراً يجب أن يسجل في السجل العقاري، وكذلك تسجيل كل ما يطرأ عليه من تعديلات، وإن الرهن الوارد على عقار لايعد موجوداً بالنسبة للغير إلا من تاريخ التسجيل في السجل العقاري، لذلك فإن رهن العقارات غير المحددة وغير المحررة غير صحيح، لعدم إمكانية تسجيل الرهن في القيود العقارية.

أما رهن المنقول الذي تكون قيمته أكثر من مئة ليرة سورية فيتوجب إفراغه بسند رسمي أو سند عادي ثابت التاريخ، ويجب أن يتضمن السند مقدار الدين المضمون، والأشياء المرهونة من حيث النوع والماهية، حتى يتمتع المرتهن الدائن بحق الامتياز على المال المرهون.

انتقال حيازة المال المرهون: إن الرهن لاينشأ صحيحاً إلا إذا انتقلت حيازة المال المرهون من الراهن إلى الدائن، أو إلى شخص آخر متفق عليه، أو وضعه تحت الحراسة، ويتوجب استمرار الحيازة للمال المرهون طيلة مدة الرهن، كي لا يتعرض الدائن لفقدان امتيازه عليه، وإنه من حق الحائز للمال المرهون أن يطالب باستعادته من تحت أي يد عملت على نزع حيازته، وأن يقيم بشأنه دعاوى الحيازة إذا كان عقاراً، ودعوى الاستحقاق إذا كان منقولاً.

آثار الرهن: يرتب الرهن الصحيح آثاراً قانونية للمتعاقدين وللغير.

أ ـ آثار الرهن فيما بين المتعاقدين:

ينشئ عقد الرهن التزامات وحقوقاً فيما بين المتعاقدين وفقاً للآتي:

1ـ التزامات الراهن وحقوقه: يترتب على الراهن بمجرد إنشاء عقد الرهن أن يسلم المال المرهون إلى الدائن، أو إلى الشخص المتفق عليه بالعقد، وإذا كان المال المرهون عقاراً، وجب فوق ذلك تسجيل الرهن في السجل العقاري، كما يتوجب عليه ألاّ يتعرض للدائن في حيازة المال المرهون، سواء أكان هذا التعرض قانونياً، أم كان تعرضاً مادياً، وعليه ألاّ يقوم بأي تصرف يترتب عليه إخراج المال المرهون من تحت يد الحائز المرتهن، وأن يمتنع عن أي عمل من شأنه نزع الحيازة، أو القيام بأي عمل يترتب عليه الإنقاص من الضمان. كما يلتزم ضمان هلاك أو تعيب المال المرهون، لأن المال المرهون يكون تحت يد الدائن وبعهدة الراهن، فإذا ما تعرض المال المرهون إلى الهلاك أو التلف فعندئذ يكون من حق الدائن أن يطالب بدينه أو أن يطالب بضمان آخر.

مع ذلك يبقى الراهن مالكاً للمال المرهون، وله عليه جميع سلطات المالك ما عدا ما يتعارض منها مع حق الدائن، إلا أنه لا يملك الحق بالتصرف بالمال المرهون طيلة عقد الرهن إلا باتفاق الطرفين، ويعد كل عقد يتم خلاف ذلك باطلاً، لأن إعطاء الحق بالتصرف يعطل الحق بالحبس المعطى للدائن.

2ـ التزامات الدائن وحقوقه:  يتعين على الدائن أن يعتني بالمال المرهون من حيث الصيانة وإجراء الإصلاحات المفيدة والضرورية، وعليه أن يبذل في ذلك عناية الرجل العادي، وإذا ما قصر في ذلك يكون مسؤولاً تجاه الراهن عمَّأ يصيب المال المرهون واستغلاله وفقاً لطبيعة المال المرهون ووفق الغاية التي أعد من أجلها، إلا أنه لا يجوز له أن ينتفع به لمصلحته الشخصية من دون موافقة الراهن، ويلزم في هذه الحال بأن يحسم ما يعادل المنفعة من النفقات التي صرفها على المال المرهون، من الفوائد إذا كان الدين المضمون بفائدة، وإذا ما بقي شيء فإنه يحسم من رأس المال. ويجوز أن يتفق الراهن والدائن على أن يأخذ الدائن غلة المال المرهون مقابل الفائدة على رأس المال، ويكون هذا الاتفاق صحيحاً إذا كانت الغلة لاتزيد على 9%، أما إذا زادت الغلة على 9% فإن الاتفاق لايكون صحيحاً بالزيادة.

وإذا أساء الدائن الإدارة أو الاستعمال أو الاستغلال، فإن من حق الراهن أن يطالب بوضع المال المرهون تحت إدارة حارس قضائي، وإذا ما أصاب المال المرهون عيبٌ أو إذا نقصت قيمته فأصبح الدائن يخشى أنه لم يعد كافياً لضمان الوفاء بالدين، فإن هذا يستطيع أن يقيم الدعوى بطلب بيع المال المرهون بالمزاد العلني، أو بسعر البورصة أو السوق، وإذا ما أذن القضاء بذلك وجب إيداع الثمن في مصرف رسمي ويبقى مخصصاً للوفاء بالدين، إلا أنه يمكن للراهن في هذه الحالة أن يعترض على البيع، وأن يطالب باسترداد المال المرهون، ويعرض تقديم مال آخر يجد القاضي أنه كاف لضمان الوفاء بالدين.

كما يحق للراهن إذا وجد أن بقاء المال المرهون تحت يد الدائن يؤدي إلى تعيُّبه أو نقص قيمته أن يقيم الدعوى بمواجهة الدائن مطالباً ببيع المال وإيداع الثمن في مصرف رسمي يخصص للوفاء بالدين، وله أن يطالب باسترداده على أن يقدم تأميناً آخر يراه القاضي كافياً لضمان الوفاء بالدين.

ويتوجب أيضاً على الدائن أن يرد المال المرهون إلى الراهن عند انتهاء الرهن، وبعد استيفاء دينه كاملاً، وكل مايتصل به من فوائد ونفقات. ويشتمل الرد على المال ذاته بالإضافة إلى ما لحقه من نماء أو زيادات، وإذا كان المال المرهون قد هلك واستوفى الدائن تعويضاً عنه وجب عليه أن يرده إلى الراهن مع فوائده إذا كان له فوائد.

أما حقوق الدائن فإنها تتجلى في الامتياز المترتب له على المال المرهون، إذ يكون له الحق في حبسه حتى استيفاء دينه وملحقاته، وله أيضاً امتياز عام ـ بوصفه دائناً عادياً ـ على جميع أموال مدينه، وذلك عند عدم كفاية المال المرهون المخصص للوفاء بالدين.

ب ـ آثار الرهن فيما بين الدائن المرتهن والغير: يرتب عقد الرهن للدائن حقوقاً بمواجهة الغير هي:

1 ـ حق التتبع: ويعني أن للدائن المرتهن تتبع المال المرهون في أي يد ينتقل إليها، وإذا خرج المال المرهون من حيازته فله الحق بطلب استرداده سواء بوساطة دعاوى الحماية، أو دعوى الاستحقاق.

2ـ حق الحبس: للدائن الحق بحبس المال المرهون حتى يستوفي دينه كاملاً إضافة إلى الفوائد والنفقات، ويبقى له هذا الحق ولو انتقلت الملكية إلى الغير، ولو كان المال المرهون تحت يد شخص ثالث.

3ـ حق التقدم: ويعني أنه إذا لم يقم المدين بالوفاء بالدين في موعد الاستحقاق، فإنه من حق الدائن أن يتخذ إجراءات نزع الملكية والبيع الجبري للمال المرهون، وله الحق في التقدم على غيره من الدائنين في استيفاء دينه أولاً، ويشتمل الدين على رأس المال، والفوائد الاتفاقية حتى تاريخ البيع، وكذلك النفقات التي دفعها الدائن من أجل الحفاظ على المال المرهون وصيانته إذا كانت ضرورية أو مفيدة، ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك.

ج ـ آثار الرهن فيما يتعلق بتزاحم المرتهنين: يمكن إنشاء أكثر من رهن واحد على العقار أو المنقول الواحد إلا أنه يتوجب في هذه الحالة إمَّا تسليمه إلى شخص ثالث، أو أن يتم تسليمه إلى أحد الدائنين ليضع يده عليه لحساب نفسه، ولحساب بقية الدائنين، ويكون التقدم والأولوية على العقار بحسب تاريخ تسجيل رهوناتهم في السجل العقاري، ويكون التقدم والأولوية على المنقول بحسب التاريخ الثابت لرهوناتهم، إذ يتقدم الأسبق في التاريخ على من يليه.

انقضاء الرهن: ينقضي الرهن إمَّا تبعاً لانقضاء الالتزام المضمون وإما بصورة أصلية وفقاً لما يلي:

أـ انقضاء الرهن تبعاً لانقضاء الالتزام المضمون: إن الرهن حق تابع للالتزام الذي يضمنه، ويدور معه وجوداً وعدماً، وبذلك ينقضي بانقضاء الالتزام، وينقضي الالتزام إمَّا بالوفاء أو بالإبراء أو بالإسقاط أو بالإبطال، إلا أن الالتزام المضمون برهن لايسقط بالتقادم، لأن حيازة المال المرهون من قبل الدائن تعد كالإقرار الضمني من المدين بوجود الدين، والإقرار يقطع بالتقادم.

ومن أجل انقضاء الرهن تبعاً لانقضاء الدين (الالتزام)، يتوجب أن يقع الانقضاء على الدين كله، فإذا ما بقي جزء منه فإن الرهن يبقى بتمامه، لعدم جواز تجزئة الرهن. وأن قاعدة عدم جواز تجزئة الرهن ليست من النظام العام، يمكن الاتفاق في عقد الرهن على أن يحرر جزء من المال المرهون كلما تم الوفاء بجزء من الدين.

ب ـ انقضاء الرهن بصورة أصلية: ينقضي الرهن على وجه الاستقلال في الحالات التالية:

1ـالانقضاء بالتنازل: يحق للدائن المرتهن أن يتنازل عن المال المرهون بإرادته المنفردة، من دون موافقة الراهن، وإن التنازل يمكن أن يكون صريحاً، ويمكن أن يكون ضمنياً، وعلى من يدعي التنازل أن يقدم الدليل، وقد وضع المشرع قرينتين قانونيتين بسيطتين (قابلتين لإثبات العكس) على قيام التنازل هما إرجاع المال المرهون وموافقة المدين على التصرف بالمال المرهون من دون تحفظ، كما لو وقع شاهداً على عقد البيع.

    2ـ الانقضاء بالهلاك: ينقضي الرهن إذا هلك المال المرهون هلاكاً كلياً، أما إذا كان الهلاك جزئياً، فلا ينقضي الرهن، ويبقى ما بقي أي جزء منه، والهلاك الكلي يمكن أن يكون مادياً، كما لو تلف، أو تهدم، ويمكن أن يكون قانونياً، كما لو تم استملاك العقار، أو الاستيلاء على المنقول من قبل الدولة. ففي هذه الحالة ينتقل الرهن إلى مبلغ التعويض الذي سيدفع بسبب الاستملاك، أو الاستيلاء.

3ـ الانقضاء باتحاد الذمة: ينقضي الرهن إذا اجتمعت في شخص واحد صفة الراهن وصفة الدائن، كما لو اشترى الدائن المال المرهون، أو آل إليه إرثاً.

4ـ الانقضاء بالبيع: ينقضي الرهن إذا بيع المال المرهون، سواء تم نتيجة التنفيذ الجبري عليه من قبل الدائن، أو تم بناء على طلب الراهن، أو طلب الدائن، وينتقل الرهن في هذه الحالة إلى ثمن المال المرهون.

التأمين العقاري

التأمين العقاري هو حق عيني على العقارات المخصصة لضمان الوفاء بالتزام، وهو لايقبل التجزئة، ويقع بكامله على العقارات المخصصة له، وعلى كل عقار منها، وعلى كل جزء فيها، ويتبعها في أية يد تنتقل إليها.

أنواع التأمين العقاري: للتأمين العقاري نوعان: فهو رضائي أو جبري.

أ ـ التأمين الرضائي: ينشأ التأمين الرضائي بالعقد، لذلك فإنه يتوجب أن تتوافر في عقد إنشائه الأركان والشروط الواجب توافرها في أي عقد من رضا وأهلية ومحل وسبب، ويجب أن يكون الرضا سليماً خالياً من العيوب، وفقاً للقواعد العامة. والتأمين الرضائي إما أن يكون نهائياً، أو مؤقتاً.

1ـ التأمين الرضائي النهائي: يكون التأمين نهائياً إذا تم وفقاً للإجراءات العادية، ومن دون افتراض لمدة محددة، ينقضي بها، إذ يبقى مابقي الالتزام المضمون من دون وفاء، ويخضع لقواعد الشهر بالتسجيل في السجل العقاري. ولما كان هذا التأمين لايرد إلا على العقارات فإنه يتوجب في عقد التأمين بيان رقم محضر العقار ومنطقته، لذلك فإن التأمين لايصح على العقارات غير المحددة وغير المحررة، لعدم إمكانية تسجيل التأمين عليها بسبب عدم وجود صحيفة عقارية لها، أو لأنه لايوجد بها أسناد ملكية.

2ـ التأمين المؤقت «المؤجل»: هو الذي يرتبط بالتزامات مصرفية، كما لوفتح المصرف اعتماداً لأحد الأشخاص وتكون عادة لمدة قصيرة، لايمكن إجراء معاملات التسجيل للتأمين الذي يطلبه المصرف لضمان الوفاء بالالتزامات المترتبة على الاعتماد لذلك فقد أجاز القانون إنشاء تأمين مؤقت لاتتجاوز مدته تسعين يوماً.

ب ـ التأمين الجبري: يسجل التأمين الجبري حكماً بقوة القانون في أحوال معينة، وذلك برضاء صاحب العقار أو بدون رضاه، والتأمين الجبري لا يكون إلا لضمان حقوق معينة ومحددة وردت على سبيل الحصر، ولا يتم إلا باسم معين. والحقوق التي يضمنها التأمين الجبري هي:

1ـ حقوق فاقدي الأهلية وناقصيها وديونهم على عقارات أوليائهم وأوصيائهم، وقوّامهم.

2ـ حقوق المرأة المتزوجة والتي في العدة، وديونها على عقارات الزوج من أجل البائنة، والحقوق الزوجية، والتعويض عن الالتزامات المترتبة على الزوج بسبب الزواج.

3ـ حقوق الدولة والإدارات العامة وديونها على عقارات المحاسبين والمدينين.

4ـ حقوق البائع والمقايض والمتقاسم وديونهم على العقار المبيع أو المقايض عليه أو المقسوم لضمان ثمن المبيع، أو التعويض المعادل للمقايضة أو القسمة.

5ـ حقوق الدائنين أو الموصى لهم بتركة، وديونهم على عقارات التركة، لتأكيد فصل تركة المورّث عن أموال الوارث.

ج ـ الفرق بين التأمين الرضائي والتأمين الجبري:

يختلف التأمين الرضائي عن التأمين الجبري بالوجوه التالية:

1ـ إن التأمين الرضائي لا يتم إلا برضا صاحب العقار، في حين يسجل التأمين الجبري حكماً، من دون رضا صاحب العقار.

2ـ إن التأمين الرضائي يضمن أي حق ومهما يكن صاحبه، في حين لا يضمن التأمين الجبري إلا حقوقاً معينة ولأشخاص معينين حددهم المشرع على سبيل الحصر.

3ـ إن التأمين الرضائي يمكن أن يبرم باسم الدائن، ويجوز أن يبرم لأمره، في حين لايكون التأمين الجبري إلا إسميّاً.

4ـ إن التأمين الرضائي مقرر لجميع الأشخاص بغض النظر عن صفتهم، في حين روعي في التأمين الجبري صفة الدائن المستفيد منه.

آثار التأمين العقاري: إذا نشأ عقد التأمين صحيحاً بأركانه وشروطه، فإنه ينشئ حقوقاً والتزامات فيما بين الدائن والمدين، وبين الدائن والغير، وفق الآتي:

1ـ آثار التأمين العقاري فيما بين الدائن والمدين:

أـ حقوق الدائن والتزاماته: يصبح الدائن بمجرد نشوء التأمين عيناً ساهرة على العقار المؤمن به، فإذا ما وجد أن العقار قد تعرض لتلف أو تخريب، وكان من شأن ذلك أن يجعل العقار غير كاف لضمان الوفاء بالدين، فإن من حقه أن يطالب المدين قضاءً، إما بتقديم تأمين إضافي، أو باستيفاء دينه فوراً، لأن من شأن ذلك إسقاط أجل الدين.

وإذا تعرض العقار المؤمن به لحريق وكان العقار مؤمناً عليه إزاء الحريق، فإن من حق الدائن المطالبة بصرف التعويض الموصوف لقاء ذلك لإعادة العقار كما كان، ويتم الإشراف على الترميم والإنفاق وفق الاتفاق الذي يجري بين الدائن والمدين، وفي حال عدم كفاية التعويض لإعادة العقار كما كان، أو إذا عزف المدين عن الترميم، فإن الدين يعد حالاً بمقدار التعويض، ويوزع على الدائنين المؤمنين كل بحسب مرتبة دينه.

كما أن للدائن أن يعارض في كافة الأعمال التي يترتب عليها إضعاف التأمين، فله أن يطالب قضاء بوقف أعمال الهدم للبناء، وله أن يطلب منع قطع الأشجار القائمة في العقار، وله أن يطالب بتعيين حارس قضائي[ر].

وعندما يحل موعد استحقاق الدين، فإذا  لم يقم المدين بوفاء الدين المضمون بالتأمين، فإنه يستطيع أن ينفذ جبراً على العقار المؤمن به ويطالب بنزع الملكية والبيع بالمزاد العلني حتماً، وإذا لم يف الثمن بالدين المضمون، فله أن يطالب بالتنفيذ على بقية أموال المدين على أساس الضمان العام بقرار من رئيس التنفيذ.

ومع ذلك، فإن الدائن صاحب التأمين لا يستطيع التنازل عنه إلا بموافقة المدين الصريحة، مالم يوجد اتفاق في العقد يسمح له بذلك، وما لم يكن التأمين لأمره، وليس باسمه الشخصي، عندئذ يجوز له التنازل عن التأمين ضمن مفهوم حوالة الحق، وإن التنازل يكون بالتسجيل في السجل العقاري، أو عن طريق التظهير ووفقاً لقانون السجل العقاري.

ب ـ حقوق المدين والتزاماته: يبقى العقار المؤمن به في حيازة المدين، يديره ويستغله ويتصرف فيه، إلا أن هذا الحق ليس مطلقاً، إنما هو مقيد بالمحافظة على حقوق الدائن، الذي يمتنع عليه القيام بأي عمل يمس هذه الحقوق، أو ينقص ضمانات الدين، وعلى هذا فإن للمؤمن بيع العقار وإيجاره وإجراء المقايضة عليه، وأن يقرر إنشاء حق انتفاع[ر] عليه، أو إنشاء حق ارتفاق[ر]، وله أن ينشئ عليه تأميناً آخر، أو أن يرهنه رهناً حيازياً ما دامت جميع هذه الحقوق لاتؤثر في حق الدائن الذي يستطيع أن يتتبع العقار في أي يد.

ولكن المدين لايستطيع أن يتصرف في العقار المؤمن به تصرفاً مادياً من شأنه الإضرار بسلامته، ولا يستطيع أن يغير من الوجه الذي أعد لاستعماله إذا كان من شأن هذا التغيير الإنقاص من قيمته الشرائية. فللمدين الحق بالبناء والغرس، ولكن ليس من حقه الهدم والتخريب والقطع.

   2ـ آثار التأمين العقاري فيما بين الدائن والغير: عندما ينعقد التأمين بوجه صحيح، ويسجل في السجل العقاري فإنه ينشئ للدائن مراكز قانونية بمواجهة الغير تتجلى في حقي التتبع والتقدم.

ـ حق التتبع: قد يتصرف المدين في العقار المؤمن به إلى الغير، عند ذلك فإن الدائن لايستطيع أن ينفذ عليه إذا لم يقم المدين بوفاء دينه إلا بعد أن يتتبعه تحت يد الحائز الجديد. وذلك باتخاذ إجراءات نزع الملكية وفق القواعد المقررة في القانون، وإذا كان العقار المؤمن به قد بيع بالمزاد العلني، فإن حق صاحب التأمين ينتقل إلى الثمن، لأن البيع بالمزاد العلني يطهر العقار من كافة الحقوق والإشارات، وعليه فإن حق التتبع يزول ولا يبقى إلا حق التقدم.

كما أنه من حق الدائن أن يرجع على المالك الجديد بدعوى الضمان إذا قام بإجراء تغيير في العقار المؤمن به، أو إذا قام بتخريبات أو إذا قام بإهمال العقار، مما يترتب عليه إلحاق الضرر به، وبالتالي إنقاص ضمانات الدين، ومع ذلك فإن المالك الجديد يستطيع أن يتخلص من إجراءات نزع الملكية بوساطة حق التتبع، إذا قام هو بوفاء الدين المترتب للدائن مع ملحقاته.

ـ حق التقدم: يقوم حق التقدم عند وجود عدد من الدائنين المؤمنين، أو المرتهنين أو أصحاب حق امتياز على العقار نفسه، عندئذ يتقدم الدائن على غيره من الدائنين بحسب مرتبة دينه، إذ تكون العبرة في الأسبقية لتاريخ القيد في السجل العقاري باليوم والساعة. وبموجب حق التقدم يقوم الأسبق بالقيد باستيفاء دينه أولاً من ثمن العقار، وإذا ما بقي شيء من الثمن، فإنه يكون من نصيب التالي في القيد وهكذا. وإن الدين المشمول بحق التقدم هو رأس المال وفوائده إذا كانت مذكورة في عقد التأمين، بشرط ألا تزيد على فوائد سنتين سابقتين على تاريخ التنفيذ.

انقضاء التأمين العقاري: ينقضي التأمين العقاري إما تبعاً لانقضاء الدين المضمون بالوفاء أو الإبراء أو المقاصة..الخ، أو بصفة أصلية مستقلة عن الالتزام المضمون بالتنازل أو باتحاد الذمة أو بهلاك العقار.

حقوق الامتياز

حق الامتياز[ر] أفضلية يقررها القانون لحق معين مراعاة منه لصفة هذا الحق، ولاينشأ إلا حيث ينص القانون على ذلك، ويخول صاحبه سلطتي التتبع والتقدم. يتبين من هذا التعريف أن الامتياز مقرر لحماية حق معين، وليس لدائن معين أو لصفة معينة في دائن معين، كما هو عليه الأمر في التأمين الجبري. كما أن الامتياز ومرتبته بين غيره من الامتيازات، إنما يقررها القانون وحده دون غيره. وهو يرد على جميع الأموال سواء أكانت عقارات أم منقولات مادية أو معنوية.

محمد واصل

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الامتياز ـ التأمين ـ الرهن.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني (القاهرة1970).

ـ وحيد الدين سوار، شرح القانون المدني، الحقوق العينية التبعية (دمشق 1978).


التصنيف : القانون
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 866
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 556
الكل : 29607862
اليوم : 62778

أ (الألف)

أ (الألف)   الألف «ا» صورة لحرفين: الألف الساكنة التي هي مدّة «ا» والألف المتحركة وهي الهمزة «أ». ورُمز للهمزة برأس العين «ء»، فجعلوه فوق الألف المتحركة. وأما الألف المدّة فلاتكون إلا ساكنة، ولذلك دُعمت باللام قبلها متحركة ليمكن الابتداء بها، وموضعها في حروف المعجم بين الواو والياء: «و، لا، ي». فالألف هي صورة الهمزة مع التحقيق، وتكتب الهمزة واواً وياء على مذهب التخفيف، مثل سئم ولَؤُم، فهذه ثلاثة أحوال للهمزة باعتبار الرسم: أن ترسم ألفاً أو واواً أو ياءً، والحال الرابعة أن ترسم بصورتها المصطلح عليها «ء» مفردة، مثل الدفء والجزء. ولرسم الهمزة في أحوالها الأربعة قواعد مبسوطة في مظانّها.
المزيد »