logo

logo

logo

logo

logo

الألعاب الشعبية

العاب شعبيه

Popular games - Jeux populaires

الألعاب الشعبية

 

الألعاب الشعبية popular games ظاهرة من ظواهر النشاط الاجتماعي، عرفتْها شعوبُ الأرض جمعاء. وهي إِرثٌ شعبيٌّ تتعاقبُ عليه الأجيال.

ويبدو اللّعب أيضاً ظاهرة فطريّة أو غريزيّة عند المخلوقات كافّة، إذ كثيراً ما نشاهد صغار الحيوان تقوم بحركاتٍ هي إلى اللّعب أَقْربُ منها إلى أيِّ مَرْمى آخر، وهذه النزعة المتأصّلة لا تبقى عفوية بل تتنامى وَفْقَ الحاجات والحوافز، ويعتريها كثير من التطور الذي يرافق عادةً سلوك الإنسان.

مارس الإنسان القديم الألعاب فطريّاً، وأحكم توظيفَها لتكون أداةً من أدوات الاستمتاع والتَّسْرِيَة عن النّفس، ولدفع السأم والرتوب.

والّلعب الشّعبيّ لا يقوم على أسس جدّية صارمة، ولا يتبنّى أهدافاً نبيلة عند الإنسان القديم على الأقل. وهو بَعْدُ محتكِمٌ إلى المعطيات وإلى ما توفّره البيئة والجماعات من أدوات ووسائل ومحرّضات وكل ما من شأنه أَنْ يجعل اللعب ممكناً وممتعاً.

وتراثُ الشُّعوب حافِلٌ بهذه الألعاب، ولها عموماً خصائصُ مشتركة، كاعتمادَها على رشاقةِ الحركة، وسرعةِ تبديلِ المراكزِ، والاستعراضِ اللطيف والبَداهة، ممّا يُسهمُ، على نحوٍ غيرِ مقصودٍ، في تطوير اللّياقة البدنيّة وإِكساب المرونة والقوة وغيرها.

وتمارسُ هذه الألعاب على صُور مختلفة، قد تكون فرديّة أو زوجيّة أو زمريّة أو جماعيّة، وبعضها يؤدَّى على رِقاع خاصّةً كالشطرنج والبِرْجيس، و بعضها أيضاً محوج إلى أدوات كالكرات والعصي والصَّوَاِلجَة والحبال وغيرها.

كما يمكن أَنْ تُسلكَ الرَّقصاتُ والدبكاتُ بأنواعها في نظام الألعاب الشعبية لما تتطلّبهُ من حركات سريعة ورشيقة.

وأمّا أمكنة ممارسة هذه الألعاب وأزمنتها فليست محددة، إذ يمكن ممارستها في أي مكان يصلح لذلك، ويساعد على أَنْ تكون اللعبة متدرِّجة من الأسهل نحو الأصعب، ويمكن أن تكون في الليل أو في النهار.

ويجعل بعض المشتغلين بالرياضة هذه الألعابَ ضمنَ الألعابِ الصّغيرة للتشابه القائمِ بينهما من حيثُ الشَّكلُ والمضمونُ.

والأمثلة على الألعاب الشعبية في تاريخ الشُّعوب كثيرةٌ غفيرةٌ، ويعدّ كثير منها نواةً وأصلاً لكثير من الألعاب الريّاضية الحديثة. من ذلك لعبة «المداحي» عند العرب القدامى، وهي أَحْجَارٌ أمثال الِقرَصَة، كانوا يحفرون حفرة بقدر كُلّ حجر منها، ثم يتنحُون قليلاً، ثم يدحون بتلك الأحجار إلى تلك الحفرة، فإن وقع فيها الحجر فقد غَلَبَ، وإِلاّ فقد غُلِبَ. وهذه اللعبة هي ما يمارسها اليومَ العالمُ المتحضّرُ تحتَ تسمياتٍ مختلفة مثل البلياردو billiards والسنوكر snooker والرغبي [ر] ruquby، ومن هذا الشغف باللعب بالكرات ما قيل: إِنّ البلي (الكرات) المصنوع من الطين المطبوخ وجد في الكهوف فيما قبل التاريخ، وقد لعب قدماء الرومان مباريات البلي منذ أَلْفَيْ عَامٍ مَضَتْ.

وكذا عثروا على لعبة على صورة عروس وكرة طينيّة صغيرة قريبة الشبه بما نراه اليوم بين أيدي الأطفال من دُمى، في مقبرة مِصْرية قديمة بجوار طفلة محنّطة.

ويُعْتَقدُ أَنَّ رياضة الهوكي hockey انطلقت من البلاد العربية، ذلك أَنَّ العرب اتخذوا من سعف النخيل عِصيّاً يضربون بها الكرات في أوضاع مختلفة، وهي رياضة شغلت نفراً من الخلفاء والوزراء الذين كانوا يمارسونها من على ظهور الخيل، واتّخذوا لها ميادين خاصّة في قصورهم، ثمّ انتقلت هذه اللعبة إلى الهند حيث تطوّرت. وغزت أنحاء العالم كلّه.

ومثل ذلك أيضاً ما يذكره المؤرِّخ بولوكس J.Pollux عن ألعاب يونانية قديمة نهارية وليلية، منها لعبة تشبه لعبةً مِصْريّةً تدعى اليوم «برسيم برقوق» أو «أبيض وأسود"، وسيأتي بيان هذه اللعبة في موضعه.

ومن ذلك أيضاً مسابقات الجري ورمي الكرات القديمة المطاطيّة أو المحشوّة بالخِرق البالية التي كانت تمارس في ملعب قديم في المكسيك طوله 170م ولا يختلف كثيراً عن أحدث ملاعبنا المكشوفة اليوم. وكذا اصطبغتْ احتفالاتُ السّيبيريّين بألعاب القوة الشعبية.

ما بُسِطَ القول فيه يدلُّ على أن الألعاب الشعبية زادٌ تناهبته الشعوب، حتى شغل حيّزاً في تراثها وعكس صوراً عن عاداتها وبيئاتها وأنماط التدريب على القوة والدقة والسرعة.

ولا يوجد تصنيف جامع للألعاب الشعبية العالمية، ومَرَدُّ ذلك إلى تعدد ألوانها، وصعوبة جمعها وتبويبها. فمنها ما يناسب الذكور، ومنها ما يناسب الإناث، ومنها ما يصلح للجنسين معاً، ومنها ما يحتاج إلى فضل قوّة ورباطة جأش كتلك التي تكون لإعداد المقاتل، ومنها ما هو ضَرْبٌ من التسلية وإضاعة الوقت، ومنها ما لا ينهض إلاّ بالغناء والرقص، كما أن ثمّة ألعاباً موسمية تجتلبُها فصول السنة أو المناسبات المحلية، وقد زادها تعقيداً الألعاب الكهربائية والإلكترونية المستخدمة بالفيديو والحاسوب. وفي البلد الواحد تتفاوت أنماط الألعاب، فألعاب الريف تختلف عن ألعاب المدينة، وقد تتشابه بعض هاتيك الألعاب عند غير دولة، وتظهر بعض الفروق الناجمة عن بيئات كل شعب وعاداته. فأنّى للمرء أن يُحكمَ تبويب هذا كله وتصنيفه؟!! غير أن ما لا يُدرك كله لا يترك جُلُّه، وفيما يلي إلماعة إلى طائفة من هذه الألعاب الشائعة عند عدد من بلدان العالم.

لعبة «أبيض وأسود» من وادي النيل

يشترك فيها فريقان متقابلان، يرمز للأول بالأبيض، والآخر بالأسود، ويُرمى بينهما لوحة خشبية، أحد وجهيها أبيض، والآخر أسود، فإذا ما هوت اللوحة على الأرض وكان وجهها الأعلى أبيض وَجَبَ على الفريق الأبيض أن يطارد خصمه الأسود حتى يدركه بلمسة تعد هدفاً لمصلحة الفريق اللامس، وإن كان وجه اللوحة الأعلى أسود فعل الفريق الأسود ما فعله الأبيض. وهكذا دواليك حتى تكثر الأهداف عند أحدِهما فيُعْتَدَّ فائزاً.

لعبة «اِلْمِسْ واهربْ» من وادي النيل

يتقابل فيها فريقان جاثيين على مساحة مستوية (10×20م)، والمسافة بينهما خمسة أمتار، وكل منهم يحمل كرة، وأمام كل منهم صولجان خشبي يوضع على الأرض عمودياً، وبإيماءةٍ من المشرف يدحرج أفراد المجموعة الأولى كراتهم على صَوالجةِ المجموعة الثانية، فإن أصاب أحدهم ارتدَّ إلى مكان محدد، وعلى مقابلهِ أن يرميه بكرته، فإن أصابه حاز هدفاً، ويستمر اللعب على هذا النحو حتى تسقط صوالجة أحد الفريقين كلها، فتُحسم النتيجة.

لعبة «ذبحنا العنز» من بلاد الشام

يشترك فيها بضعة صبية في أرض مستوية (6×10م)، ويُنتخب مشترك ليثني جذعه، ويسند يديه إلى ركبتيه، وهو من يصطلح عليه بالعنز، ثم يتعاقب عليه الباقون قافزين فوق ظهره فَتْحاً، مرددين بعض المحفوظات الشعبية التي يختلف نصها من بلد إلى آخر، وما زال ديدنهم كذلك حتى يخفق أحدهم بالقفز أو يتعثر بالإنشاد، فيصبح هو العنز وتستأنف اللعبة من جديد.

لعبة «إِيجو» من الجزائر

يشترك فيها طائفة من الأولاد في مكان يسهل الاختفاء فيه، ويستحسن أن تكون ليلاً تحت ضوء القمر، ويُتّفق على مركز كأن يكون جداراً أو شجرة أو نحوها، يقف فيه شخص منتخب مغمضاً عينيه، ويباشر العد حتى رقم يتفق عليه، ريثما يتوارى الباقون في أماكن متباعدة، حتى إذا ما فرغ من عدِّه وجب عليه أن يهتدي إلى أماكنهم محدداً إياهم بلمسة أو بذكر الاسم، ومن يستطع أن يحتال لأمره ويصل إلى المركز من دون أن يعرفه اعتدّ فائزاً، ومن لُمِسَ أو عُرِف وجب عليه أن يعيد الدور والوظيفة.

وهذه اللعبة من أكثر الألعاب شيوعاً في البلاد العربية، وإن كانت تُعرفُ بغير ما اسم كالطميمة أو العسكر والحرامية في بلاد الشام والغماية في مصر.

لعبة «الطائر الأعمى» من اليابان

يشترك فيها مجموعة من الصبيان في ملعب (8×15م)، ويتحلقون حول واحد منهم مُنتَخَبٍ مُغمضٍ عينيه يطلق عليه الطائر الأعمى، ثم يطوف حوله الباقون وهم ينشدون أغنية معروفة، ويقلعون فجأة عن الإنشاد سائلين: مَنْ خلفَك؟ فإن تهدّى إليه أصبح هو الطائر الجديد، وإلاّ استمرّ هو طائراً.

لعبة «الخيّالة» من إثيوبية

يشترك فيها بضعة أزواج من اللاعبين المتكافئين، يستند الأول بالجثو الأفقي على الجدار، ويركب زميله على ظهره، ويسأل الراكب زميله عدة أسئلة علمية تُختار بحسب المستوى الثقافي لهما، وتحدد من قبل مشرف. فإن أخطأ الجواب أمطَرَه بأسئلة جديدة وبقي راكباً وإن أصاب تبدّلت الوظيفة وتغيّرت الحال!

لعبة «القطط والكلاب» من كوبة

يتحلق فيها جماعة يختار كُلّ واحد منهم اسم مدينة حول مشرف يبدأ بالقول: في مدينة كذا «يحدّد مدينة بعينها» القطط تنبح، والكلاب تموء، فيجيب صاحب المدينة المذكورة: القطط في مدينة كذا تموء والكلاب تنبح، أمّا في مدينة كذا (يحدّد مدينة جديدة) فالقطط تنبح والكلاب تموء، ثم يردُّ صاحب المدينة الجديدة، وهكذا دواليك إلى أن يحيد أحدهم ويزلّ فيخرج من اللعبة.

ويبدو أن نطق هذه الجملة باللغة الإسبانية المحكي بها في كوبة بالغ الصعوبة.

لعبة «صفّق» من الصين

وهي أن يتحلّق جماعة من اللاعبين، ويعدّون من 1 - 100 أو 1000 أو حتى يعثر اللسان. وقد يحدّد أحد الأرقام كأن يكون الرقم 7 ومضاعفاته، ويُبدأُ العدّ بالتسلسل، فإذا جاء الرقم 7 أو مضاعفاته وَجَبَ على العادِّ أن يُحدثَ صفقةً بدل الرقم، فإن سها عن ذلك أُخرج من اللعبة.

لعبة «صيد السمك» من الدنمارك

توضع مجموعة من الأشياء المختلفة في دائرة مرسومة على الأرض، ويتحلق حولها طائفة من الصيادين الذين يدلون بصنّاراتهم إلى هذه الأشياء محاولين التقاط أكبر عدد ممكن منها، وهم يتخيّرون منها ما يسهل تعلّقه بالصنّارة.

وهناك ألعاب شعبية أخرى ما زالت منتشرة في البيئات المحلية، يمارسها الصغار والكبار وتعمل المنظمات الدولية على إحيائها ضمن إحياء التراث الشعبي، وزيادة التفاهم بين الشعوب.

محمد شاهر شويكاني

 

مراجع للاستزادة

 

ـ بطرس رزق الله، المسابقات والألعاب الصغيرة (دار المعارف بمصر، القاهرة 1970).

ـ ماجد اللحام، الألعاب الشامية (دار الفكر، دمشق 1987).

ـ آلوكاس، ألعاب من العالم (مطبعة المرأة، لايبزغ 1973).

 


التصنيف : تربية و علم نفس
النوع : رياضة
المجلد: المجلد الثالث
رقم الصفحة ضمن المجلد : 284
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 554
الكل : 29602960
اليوم : 57876

عنف

العنف   العنف violence لغة هو الخرق بالأمر وقلة الرفق به، وهو يتضمن ثلاثة عناصر أساسية هي الشدة والإيذاء والقوة المادية، ويُلاحظ في اللغات المختلفة أنه في قلب كلمة العنف  تكمن فكرة القوة، فتأتي ممارستها مضادة للآخر، مما يعطيها طابع الإكراه.  تتجلى مظاهر العنف في تاريخ الإنسان بأشكال شتى، وأنواع مختلفة، كممارسات فردية تارة، وجماعية تارة أخرى، ويظهر ذلك في مراحل التطور البشري المتعددة، فعلى الرغم من مساهمات الحضارات القديمة، الصينية والهندية والفارسية والبابلية وغيرها، في تطور الإنسان وما قدمته من نتاج ثقافي وحضاري، إلا أنها قامت في جزء كبير منها على مظاهر العنف وممارسة القوة، فقد تعرض المسيحيون الأوائل لأشد أنواع التعذيب على يد الوثنيين والرومان، ولقي الرسول الكريمr وأتباعه المؤمنون أشد أنواع التعذيب الجسدي والمادي والاقتصادي والاجتماعي، عندما أخذت الدعوة الإسلامية تهدد الوجود المعنوي والمادي للشرك والوثنية.
المزيد »