logo

logo

logo

logo

logo

بالرمو

بالرمو

Palermo - Palerme

بالرمو

 

بالرمو أو بلرم Palerme (Palermo) عاصمة جزيرة صقلية[ر] الإيطالية وحاضرة مقاطعة تحمل اسمها وأهم مرفأ في صقلية. تقع على الساحل الشمالي الغربي للجزيرة في خليج بالرمو على البحر التيراني عند سفح جبل بليغرينوPellgrino  على ارتفاع 14م عن سطح البحر.

تحتل بالرمو التي أسسها تجار فينيقيون في القرن الثامن قبل الميلاد، المكانة الرئيسية في صقلية، وكان الفينيقيون قد أقاموا مستوطنة فيها باسم «تزيز» Ziz، تحولت إلى مستعمرة قرطاجية دعاها الإغريق «بانورموس» Panormos (أي المرفأ). وفي عام 254ق.م سقطت المستعمرة في يد الرومان إبان الحروب القرطاجية، إلا أنها ظلت تتمتع بنوع من الاستقلال الذاتي، وفي عام 27ق.م تحولت إلى مستعمرة رومانية.

استولى الفاندال على بالرمو سنة 440، وانتقل زمام أمرها في عام 474 إلى القوط الشرقيين، وازدهرت في عهد ملكهم تيودوريك (454- 526). وفي سنة 525 استولى عليها القائد البيزنطي بليزاريو، وظلت خاضعة لبيزنطة حتى الفتح العربي.

كانت أولى محاولات العرب فتح صقلية سنة 32هـ /652م، ثم تكررت محاولاتهم بعد ذلك حتى عام 212هـ /827م حين أرسل والي إفريقيّة (تونس) زيادة الله بن الأغلب [ر:الأغالبة] حملة لفتح صقلية بقيادة قاضي القيروان أسد بن الفرات (142- 213هـ /759- 828م) ونزلت الحملة في مازر عند الزاوية الجنوبية الغربية من الجزيرة. واحتاج الأمر إلى سنوات ثلاث كي يتوجه جيش أغلبي من مازر يعاونه متطوعة من الأندلس لمحاصرة بالرمو، واستسلمت المدينة في 30 رجب 216هـ/830م، ثم غدت صقلية كلها وعاصمتها بالرمو ولاية عربية مسلمة، وتعاقب على حكمها ولاة لبني الأغلب (216-296هـ) ثم للفاطميين (296ـ336هـ)، ثم إمارة شبه مستقلة تتبع الفاطميين اسماً، حكمها أمراء من سلالة الحسن بن علي الكلبي (336- 433هـ)، وبعد خلع صمصام الدولة آخر الأمراء الكلبيين غدت بالرمو نوعاً من الجمهورية تحكمها أقلية من الأعيان إلى أن استولى عليها الكونت روجار النورماني.

كانت بالرمو في العهد العربي مدينة مسورة يحيط بها خندق، ولها هيئة تشرف على شؤونها تعرف باسم «الجماعة»، قوامها رؤساء الأسر ووجهاء المدينة. وكان سكانها مزيجاً من عرب وبربر ويونان ولومبارد وصقالبة، ويؤلف العرب النخبة الحاكمة. وقُسمت المدينة إلى حارات، منها حارة القصر ويسكنها سراة القوم وكبار التجار، وحارة الخالصة مسكن الأمير وجنده وفيها دار الصناعة والدواوين، وحارة الصقالبة الموازية للساحل وهي أكبر الحارات وأجلّها، حيث يلتقي البحارة والتجار الأغراب، وحارة المسجد الجامع وفيها الأسواق والحرف، وثمة حارات أخرى أقل شأناً، وفي المدينة أكثر من ثلاثمئة مسجد، ومتنزهاتها كثيرة. ولم يبق من المباني العربية التي ترجع إلى تلك الحقبة سوى قصر الفوارة La  Favorita الذي شُيِّد في زمن الأمير جعفر الكلبي (حكم 388-410هـ/998- 1019م) وبقايا مسجد بالقرب من كنيسة سان جيوفاني وباب النصر وقد حول النورمان المسجد الجامع إلى كاتدرائية سنة 1185.

سقطت بالرمو في يد النورمان سنة 464هـ/1072م وألحقوها بممتلكاتهم في البر الإيطالي. وفي ظل هؤلاء عاشت بالرمو عصرها الذهبي، ولا سيما في عهد روجر الثاني الذي اتخذها سنة 1130 حاضرة مملكته. وتطورت فيها حضارة متجانسة تمثلت بنتاج علمي وثقافي ومعماري عربي نورماني ـ يوناني ضخم. بيد أن سكان بالرمو المسلمين تعرضوا لمحنة كبرى سنة 585هـ/1189م قضت على أكثرهم واعتصم من بقي منهم بالجبال، وكان ذلك إيذاناً بانتهاء الوجود العربي الإسلامي في الجزيرة.

ورثت أسرة هوهنشتاوفن الألمانية حكم صقلية سنة 1194، ونقل فريدريك الأول بلاطه إلى بالرمو. لكن أمور المدينة تدهورت تدريجياً، وتقلص سكانها نتيجة سياسة التنصير والتهجير التي اتبعها فريدريك الثاني مع المسلمين، فأكره من بقي منهم على الانتقال إلى «لوشيرة» على البر الإيطالي. وفي عهد أسرة أنجو الفرنسية في نابولي التي استولت على بالرمو عام 1266، انحطت أحوال المدينة تماماً، بيد أنها استردت بعض بهائها إثر ثورة دامية قضت على الحامية الأنجوية سنة 1282 وانتقل أمرها إلى أيدي حكام أراغون الإسبان، الذين جعلوها عاصمة بارونية، وأقيمت فيها في هذه الحقبة أوابد كثيرة ماتزال تحمل طابع ذلك العصر. وفي أثناء حرب الوراثة الإسبانية (1701-1714) انتقلت بالرمو إلى يد أسرة سافوا Savoy، ثم غدت سنة 1718 من أملاك آل هابسبورغ، وبعد الحروب النابليونية صارت بالرمو من أملاك آل بوربون في نابولي، ثم عاشت المدينة مرحلة من الفوضى إلى عام 1860 حين تمكن غاريبالدي من تحريرها وضم صقلية كلها إلى المملكة الإيطالية (21/10/1860). وفي تموز سنة 1943 تعرضت بالرمو لقصف عنيف قضى على كثير من معالمها حين غزا الحلفاء صقلية وحرروها من الألمان. ومُنحت الجزيرة وحاضرتها بالرمو عام 1948 استقلالاً ذاتياً في إطار الجمهورية الإيطالية.

يقسم شارع كافور Via Cavour مدينة بالرمو قسمين: قسماً غربياً يضم المدينة القديمة بآثارها وطرقها الضيقة الملتوية، وقسماً شرقياً يضم أبنية حديثة وشوارع عريضة تقود إلى مركز المدينة. ولم يبق من المنشآت ذات الطابع الروماني والبيزنطي والعربي سوى القليل. وتظهر القصور والكنائس التي بقيت من العهد النورماني عمق التأثير العربي الإسلامي والبيزنطي. وأما الأحياء الحديثة فقد أقيمت وفق مخطط شطرنجي.

بلغ عدد سكان بالرمو سنة 1991 نحو 697,162 نسمة، وتبلغ مساحة مقاطعة بالرمو 4992كم2 وسكانها 1.245.072 نسمة والكثافة السكانية 249 نسمة/ كم2.

تعد بالرمو من أهم المراكز التجارية في صقلية، ويعتمد اقتصادها على قطاع الخدمات والوظائف والتجارة، وعلى حركة المرفأ، وعلى القطاع الصناعي ولاسيما حوض بناء السفن وصناعات الورق والمعدات الميكانيكية والمواد الغذائية والنسيج، إضافة إلى المنتجات الزراعية التي يمدها بها ظهيرها الجغرافي، وكذلك النشاط السياحي المرتبط بتراث المدينة الأثري والثقافي والفني ومنتجعاتها في ساحل مونديلو.

وفي بالرمو جامعة وأكاديمية للفنون الجميلة ومعهد موسيقي وعدد كبير من المكتبات ومتحف وطني للآثار، ومتحف بيتري الإتني، وحديقة الأزهار (فيلاغوليا Villa Giulia) ورواق للفن الحديث. ويقام في بالرمو معرض دولي سنوي للبحر المتوسط (أيار ـ حزيران).

تشغل حكومة صقلية المحلية القصر النورماني، القائم على أساس مبنى عربي أقدم عهداً، شارك في توسيعه وتجميله معماريون وفنانون عرب وبيزنطيون، وأجمل ما فيه قاعة روجر بفسيفسائها البيزنطية وسقفها المزين بزخارف عربية، وبرج بيش La Torre Pisama المشيد على نمط قصر المنار في قلعة بني حماد، ويستعمل اليوم مرصداً فلكياً، أخيراً المصلى الملكي بفسيفسائه المذهبة وقبته الخشبية بزخارفها العربية، والكاتدرائية الكبرى التي كانت مسجداً جامعاً. وقد زين المبنى من الداخل بآيات قرآنية، ودفن فيه عدد من ملوك صقلية. ومن أهم المنشآت الأخرى كنيسة مارتورانا البيزنطية الطراز، وكنيسة سان كاتالدو ذات القباب العربية، وقصور القبة (1180) والقبيبة والعزيزة (1160) ومتنزهات قصر الفوارة وكلها منشآت عربية جرى تحسينها وتوسيعها وتحويلها إلى أغراض أخرى في العهد النورماني.

ولابد من الإشارة إلى مدافن «كابوتشيني» التي تحفظ فيها مومياءات مئات الرهبان والشخصيات البارزة في دياميس تحت الأرض منذ أوائل القرن السابع للميلاد.

محمد وليد الجلاد

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الإدريسي ـ إيطالية ـ صقلية ـ المتوسط (البحر ـ).

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ عزيز أحمد، تاريخ صقلية الإسلامية، نقله إلى العربية وعلق عليه أمين توفيق الطيبي (الدار العربية للكتاب، طرابلس الغرب 1980).

ـ وزارة الخارجية الإيطالية، إيطالية، صقلية ص458-475 (معهد مدي أغوستيني الجغرافي، نوفارا 1987).

- M.Amari, Le Epigrafi arabiche di Sicilia (Palermo 1875-1885).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد الرابع
رقم الصفحة ضمن المجلد : 651
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 509
الكل : 31192826
اليوم : 17983

الزنجبيلية (الفصيلة-)

الزنجبيلية (الفصيلة ـ)   تضم الفصيلة الزنجبيلية Zingiberaceae مجموعة من النباتات العشبية المعمَّرة بجذاميرها. وتكون ثمارها على شكل عُليبة في داخلها عدد من البذور العطرية، الحارة اللاذعة. تنبت في المناطق الحارة الأسيوية بصورة خاصة. ثمارها وجذورها غنية بالزيوت العطرية، وهي ذات أهمية اقتصادية.
المزيد »