logo

logo

logo

logo

logo

الحقب ما قبل الكمبري

حقب ما قبل كمبري

The Precambrian - Le Précambrien

الحقب ما قبل الكمبري

 

الحقب ما قبل الكمبري Precambrian تقسيم زمني من تقسيمات التاريخ الجيولوجي، يشمل 90% من الزمن الجيولوجي. ويمثل المدة الواقعة بين تكوّن قشرة الأرض، أي منذ 4600 مليون سنة تقريباً، حتى بداية الدور الكمبري من الحقب الأول[ر]، الذي بدأ منذ 540 مليون سنة تقريباً (الشكل-1).

تقسيم الحقب ما قبل الكمبري

تؤلف أراضي الحقب ما قبل الكمبري نحو 20% من سطح القارات، ومع هذا يصعب وضع تقسيم زمني عالمي لصخورها، ويرجع ذلك إلى عدم اكتمال دراسة ما تحويه صخورها من مستحاثات أو بسبب ندرة هذه الأخيرة أو غيابها بالكامل، ولذلك فقد استعين ببعض الطرائق الأخرى لدراسة تكويناتها المحلية ومقارنتها، كملاحظة خواص صخورها الفيزيائية وتسلسل تعاقب طبقاتها وملاحظة الجدر القاطعة dykes التي قطعتها، وما أصاب صخورها من تحوّل وغير ذلك.

 

قسم الحقب ما قبل الكمبري في الأراضي الكندية، إلى الحقب الأركي Archean والحقب الألغونكي Algonkion. لكن في عام 1980 اقتُرِح تقسيم حقب ما قبل الكمبري، الذي عرف فيما بعد بدهر الحياة الخفية (الكريبتوزوي Cryptozoic) إلى حقبين (الشكل-1)، حقب الحياة العتيقة (الأركيوزوي Arckeozoic) للقسم الأقدم، وحقب الحياة الأولية (البروتروزوي Proterozoic) للقسم الأحدث (الشكل-1). الذي بدأ منذ 2500 مليون سنة تقريباً. ولكن لم يتم حتى اليوم اتفاق عالمي على هذا التقسيم، كما لم يتم وضع حدود واضحة بين هذين القسمين. وعلى أي حال، فإن أي تقسيم عالمي لأراضي ما قبل الكمبري لابد أن يعتمد على طرائق القياس الإشعاعي لتحديد الأعمار الحقيقية لصخور ما قبل الكمبري مقدرة بملايين السنين، وهذا ما يساعد على تقسيمها وربط تكشفاتها المتباعدة زمنياً.

توزيع صخور ما قبل الكمبري

تتكشف صخور ماقبل الكمبري، التي تُكَوِّن هيكل القارات الحقيقية، في مساحات واسعة تسمى المجنّات القارية continental shields (الشكل-2). وتدعى المساحات التي تختفي فيها المجنات تحت غطاء رقيق نسبياً ومنبسط من صخور أحدث، السطيحات القارية continental platforms (الشكل-2) حيث يمكن الوصول إلى صخور ما قبل الكمبري، التي توجد تحتها على أعماق مختلفة عند عمليات السبر. وقد تتكشف صخور ما قبل الكمبري في أعماق الوديان الكبيرة، نتيجة تآكل الصخور التي كانت تغطيها وانجرافها، كما في غراند كانيون Grand Canyon الذي حفره نهر كولورادو في الولايات المتحدة.

 

الشكل (2) توزع المجنات وسطحيات ما قبل الكمبري

هناك صخور ما قبل الكمبري أيضاً في جذور السلاسل الجبلية، التي تكونت في الفانروزوي على أطراف المجنّات والسطيحات القارية وأدت إلى اتصال أراضي ماقبل الكمبري المنفصلة وإلى توسيع المجال القاري. ويقصد بالسلاسل الجبلية الفانروزوية، تلك التي تكوّنت بعد ما قبل الكمبري، كالسلاسل الكليدونية والهرسينية والألبية.

وتتوزع المجنَّات والسطيحات المجاورة لها في مجموعتين: مجموعة شمالية وأخرى جنوبية (الشكل-2). يميز في المجموعة الشمالية المجن الكندي والسطيحة الأمريكية والمجن البلطيقي والسطيحة الروسية والمجن السيبيري (الأنغاري) والسطيحة السيبيرية وأخيراً المجن الصيني.

أما المجنات الجنوبية، فقد كانت متصلة في مجن واحد في الدور البرمي (قمة الباليوزوي)، تجزأ منها فيما بعد، بدءاً من الترياسي (قاعدة المزوزوي)، عدد من المجنات، بعد انفتاح المحيط الأطلسي الجنوبي والمحيط الهندي والمحيط المتجمد الجنوبي. وهذه المجنات هي المجن الغويّاني Guyanan والبرازيلي في أمريكا الجنوبية والمجنات الإفريقية والمجن الهندي والمجن الأسترالي ومجن القطب الجنوبي.

ويدل هذا التوزع العالمي للمجنات على أن معظم صخور القارات هي صخور قبل كمبرية، تكونت في الحقب ما قبل الكمبري. وتجدر الإشارة إلى أن قشرة المحيطات التي تُكَوِّن قيعان المحيطات الحالية، التي انفتحت فيما بعد في الميزوزوي، مثل المحيطين الأطلسي والهندي، لا تحتوي على صخور قبل كمبرية.

وتدل دراسة تكوينات ما قبل الكمبري على أن صخورها تعرضت لحركات مكونة للجبال، كَوَّنت عدة سلاسل جبلية قديمة تختلف اتجاهاتها باختلاف المناطق. تعرضت هذه السلاسل الواحدة بعد الأخرى إلى عوامل التآكل والانجراف قبل أن تتأثر ثانية بالحركات اللاحقة المكونة للجبال. وتمثل صخور كل سلسلة تاريخاً طويلاً من عمليات الترسيب والطي والتحوُّل والبركنة volcanism وإعادة التبلور والتآكل والانجراف. ولأن هذه السلاسل القديمة تعرضت، بعد تكونها، إلى تآكل وانجراف شديدين فإنه لم يبق، من أجل دراستها، إلا جذورها العميقة التي تغيرت صخورها بفعل الطي والتحول والبركنة. كما أن استمرارية بنياتها قد اختفت بسبب ما أصابها من تصدع وتشويه، وبسبب انفصال القارات القديمة وتباعدها ثم التحامها من جديد.

وأكثر ما درس من الصخور ما قبل الكمبرية، كان في المجن الكندي الذي يعد أوسع المجنات. وتتألف الصخور الأركيوزوية في المجن الكندي التي تعرضت إلى أقدم حركة مولدة للجبال من أحزمة belts صخرية ضيقة غير منتظمة مؤلفة من صخور رسوبية وبركانية، تبلغ ثخانتها عدة كيلو مترات، ويصل طولها إلى 400كم. وتستقر هذه الأحزمة، التي تعرف باسم أحزمة الصخور الخُضُر، فوق ركيزة مؤلفة من صخور متبلورة أقدم منها، مؤلفة من صخور الغرانيت والغنيس. وقد قُدِّرَ عمر هذه الصخور الأخيرة، التي تحيط أيضاً بأحزمة الصخور الخضر، بنحو 3000 مليون سنة. وعلى الرغم من تعرض الصخور الخُضُر لعوامل الطي والتحول فإنها لاتزال تحتفظ بكثير من معالمها الأصلية. فاللابات البركانية الوسائدية pillow lava المتعاقبة التي توجد في أحزمة الصخور الخُضُر مثلاً، بقيت محتفظة بمعالمها الأصلية التي اتخذتها عندما تبردت اللابات بسرعة في المياه. وتدل البركنة تحت المائية والثخانة الكبيرة للرواسب (10-15كم) على أنّ هذه الأحزمة قد تكونت في مناطق من القشرة الأرضية كانت تتعرض للخسف كلما تراكمت فيها الرواسب والصخور البركانية.

وقد دلت التحريات، بعد تحديد أعمار الصخور في مناطق مختلفة من العالم، على أن أحزمة الصخور الخضر وما يرافقها من صخور غرانيتية، توجد أيضاً في مناطق أخرى لها العمر نفسه، ويعود إلى أكثر من 2500 مليون سنة. ومن هذه المناطق أستراليا الغربية وجنوبي شبه الجزيرة الهندية ووسط إفريقيا وجنوبها. ولذلك فإن أحزمة الصخور الخضر، التي هي نطاقات غير مستقرة، تمثل مظهراً يميز حقبة ما قبل الكمبري المبكرة من التاريخ الجيولوجي أي الأركيوزوي.

أما في البروتروزوي فقد تعرضت الصخور في البروتروزي الأسفل والأوسط إلى حركات مولدة للجبال انتهت منذ 1000 مليون سنة. ولذلك فإن البروتروزي الأعلى في المجن الكندي لم يتأثر بحركات ما قبل الكمبري المكونة للجبال. ويبدو أنّ هذه الصخور التي توجد على أطراف المجنات، ولاسيما الصخور التي تكونت في الأربعمئة مليون سنة الأخيرة من الحقب ما قبل الكمبري، تكون قريبة من الصخور الفانروزية التي تغطيها بتَوافُقٍ conformable، إذ لم تلاحظ بينها في كثير من المناطق سطوح لا تَوافُقْ disconformity واضحة. ولقد مَكَّنَتْ طرائق القياس الإشعاعي من تمييز عدة حركات مكوِّنة للجبال في حقب البروتروزوي في المجن البلطيقي أيضاً وفي المجنات الأخرى في العالم. ويبدو أن المراحل المكونة للجبال التي مرت بها بعض هذه المجنات، على الرغم من تسميتها بأسماء محلية مختلفة، تتطابق، من حيث العمر، مع تلك التي مرّ بها المجن الكندي. ومع ذلك تبقى مقارنة هذه المراحل وربط بعضها ببعض زمنياً غامضة، تحتاج إلى دراسات وأبحاث إضافية.

الحياة في ما قبل الكمبري

لم يستطع علم المستحاثات أن يقدم في البداية البراهين المؤكدة على وجود الحياة إلا بدءاً من الحقب الأول (الباليوزوي)، ذلك لأن معظم أراضي ما قبل الكمبري قد طرأ عليها تبدل وتغيّر، إذ تحولت صخورها وتبلورت من جديد بتأثير الحركات التكتونية، فنتج من ذلك أن تَخَرَّبَ محتواها من المستحاثات وأبيد، ومع ذلك فإن التحريات المستمرة في أراضي ما قبل الكمبري قد دلت على وجود آثار خَلَّفتها متعضيات ما قبل الكمبري وتتمثل في النواتج الكيميائية الناجمة عن نشاطات الحياة، مثل الستروماتوليتات stromatolites التي هي صخور كلسية ذات بنية صفيحية مؤلفة من كربونات الكلسيوم رسبتها الطحالب Algae الخضر الزرق والمركبات الكربونية المعقدة التي تصنعها الأحياء.

كما تتمثّل في المتعضيات نفسها التي حفظت في صخور ما قبل الكمبري، مع انطباعاتها أو آثار سيرها على الرواسب قبل الكمبرية الناعمة. إن وجود هذه المتعضيات في أراضي ما قبل الكمبري له أهمية كبيرة، فهو يدل على أن متعضيات الكمبري لم تظهر في الدور الكمبري فجأة، كما كان يعتقد، بل سبقتها متعضيات أكثرُ بدائيةً ظهرت وتطورت في أزمنة قديمة لم تتوافر لها الشروط الضرورية لاستحاثتها أو حفظها حفظاً جيداً.

الجغرافية القديمة للحقب ما قبل الكمبري

لا يعرف الكثير عن توزع البحار والقارات في الأزمنة ما قبل الكمبرية. ويبدو أن الرواسب والصخور البركانية التي تؤلف أحزمة الصخور الخُضُر كانت في الحقب الأركيوزوي تتراكم في المياه، ويدل ذلك على غزارة صخور الغريواق Graywacks وانتشار اللابات الوسائدية الواسع. ويصعب حالياً تحديد عمر هذه الأحزمة بدقة، وكل ما هو معروف أن عدداً كبيراً من أمثال هذه الأحزمة تَكَوَّن على القشرة الأرضية منذ 3400 مليون سنة إلى 2500 مليون سنة تقريباً. وتوجد بقايا هذه الأحزمة في كندا وجنوبي إفريقيا وغربي أستراليا. وهي تنفصل عن بعضها بكتل غرانيتية غير منتظمة تنتمي إلى عمر أقدم.

وبدءاً من 2700 مليون سنة تقريباً، تمايزت أحواض رسوبية احتفظت بشكلها الأصلي حتى العصر الحالي، ويشير تكوُّن مثل هذه الأحواض إلى بداية مرحلة جديدة من تطور تاريخ الأرض إذ يظهر أنّ جزءاً من القشرة قد أصبح متصلباً وبارداً إلى حد كاف، أدى إلى استقراره، وبالتالي إلى تجمّع الصخور الرسوبية واستمرار وجودها من دون أن تطرأ عليها تغيرات هامة. ومما يدل، أيضاً، على هذا التصلب وجود العدد الكبير من جدر الدياباز القاطعة التي تمتد عدة مئات من الكيلومترات، والتي حُدِّدَ عمرها بنحو 2400-2500 مليون سنة. ويظهر أنه بدءاً من 1000 مليون سنة تقريباً تَكَوَّن عدد من هذه الأحواض، ترسبت فيها طبقات ثخينة من الرواسب (10-15كم)، أمكن تحديد مواقعها ومواقع المناطق المرتفعة المجاورة لها، والتي كَوَّنَتْ مصادر الرواسب، ويظهر أن هذه الأحواض امتدت إلى عدة آلاف الكيلومترات، غير أن عرضها لم يتجاوز 100 أو200كم، احتلت هذه الأحواض مواقع في القشرة كانت تتعرض للخسف مقارنة بما كان يحيط بها من المناطق المرتفعة التي كَوَّنَتْ مصادر الرواسب الفتاتية التي تراكمت فيها. وتوجد أمثال هذه الأحواض في غربي النروج وشمال غربي أيرلندا وشرقي غرينلند وشرقي أستراليا وجنوب غربي إفريقيا.

أما فيما يتعلق بالأحوال المناخية، فتدل رواسب حقب الحياة الأولية (البروتروزوي الأعلى) على حدوث جليديات منذ 700 مليون سنة تقريباً غطت مساحات واسعة من الأرض وخَلَّفت رواسب مميزة لاتزال محفوظة في أماكن مختلفة من نصفي الكرة الشمالي والجنوبي على السواء.

فؤاد العجل 

مراجع للاستزادة:

- F.Press &R.Siever, Earth, 4th edition (Freeman & Co.1986).

- E.J.Tarbuck & F.K.Lutgens, The Earth, An Introduction to Physical Geology (C.Emerill Publishing Co.1984).

 


التصنيف : علم طبقات الأرض و علوم البحار
النوع : علوم
المجلد: المجلدالثامن
رقم الصفحة ضمن المجلد : 402
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 606
الكل : 31680904
اليوم : 35486

التفويض

التفويض   التفويض delegation في القانون الإداري، هو أن يعهد صاحب الاختصاص بممارسة جانب من اختصاصه، سواء في مسألة معينة أم في نوع معين من المسائل، إلى فرد آخر. ولا يمكن، من حيث المبدأ، للسلطة أن تتصرف باختصاصها المسند إليها في الدستور أو القانون أو اللوائح، ومع ذلك قبل القانون الإداري التفويض، للتخفيف من بعض أعباء المسؤولية عن المرافق، وذلك فيما يجيزه الدستور والقانون واللوائح من التفويضات.
المزيد »