logo

logo

logo

logo

logo

التبريد المفرط (علم القرّ)

تبريد مفرط (علم قرّ)

Cryology - Cryologie

التبريد المفرط (علم القرّ)

 

التبريد المفرط أو ما يسمى علم القرّ Cryology هو أحد حقول العلم الذي يتضمن مجموعة من فروع الفيزياء والتكنولوجية المتعلقة بإنتاج واستخدام درجات الحرارة المنخفضة جداً (أقل من  - 60ْدرجة مئوية) ودراسة سلوك المواد عند هذه الدرجات.

لمحة تاريخية

يرتبط علم القرّ مباشرة بعملية تمييع الغازات، وقد ولد هذا العلم في عام 1877 وذلك مع الإعلان عن نجاح عملية تمييع غاز الأكسجين، على يد الفرنسي لويس بول كَييّتLours  Paul  Caillete، عند درجة حرارة الغليان - 183ْ درجة مئوية، وفي عام 1883 توصل البولونيان زيغمنت فلورنتي وكارول أولشيفسكي  Zygmunt  Florenty and  Karol  Olszewski  إلى تمييع جميع الغازات المستقرة (المشبعة) مثل: الأكسجين والنتروجين والميتان وأكسيد الميتان، أما في عام 1898 فقد نجح البريطاني جيمس ديوار James  Dewar  في تمييع غاز الهدروجين، وفي عام 1908 قام هايك أونيس Heike Onnes بتمييع غاز الهليوم كما أنه تم إنتاج أجهزة تمييع الهليوم التجارية، وما بين عامي 1933 و1935 توصل عدد من الفيزيائيين من هولندة وبريطانية وأمريكة إلى درجة حرارة منخفضة جداً تقدر بميلي كالفن (mK)، وفي عام 1956 أمكن الحصول، في أكسفورد، على درجة حرارة قريبة من ميكرو كالفن (mK) أي درجة حرارة تعادل 1/مليون من الـ كالفن.

تمييع الغازات

تستخدم عملية تمييع الغازات Liquification  of gases بتبريدها إلى درجات منخفضة إما للحصول على سوائل تبريد وإما لتسهيل عملية خزنها ونقلها تحت الضغط الجوي إذ تؤدي عملية التمييع إلى إنقاص حجمها، ولقد دخلت عملية تمييع الغازات حيز التطبيق الصناعي منذ بداية القرن العشرين فتطوّرت صناعة جبارة وديناميكية، لها تقنياتها الخاصة، تقوم على الأسس التي وضعها كارل ليند وجون كلود Karl Lind and Jaun Claud.

تمييع  الهواء: يُميَّع الهواء بوساطة الدارتين التاليتين:

 

 

أ ـ دارة ليند: Lind system وتتألف من دارة تبريد تقليدية إذ يُضغط الهواء الجوي إلى ضغط عال ثم يمرَّر على مجموعة من المبادِلات الحرارية (المبادل الحراري الأولي ـ المبخر في دارة التبريد ـ المبادل الحراري متعاكس الجريان) (الشكل ـ1) بحيث يجري تخفيض درجة حرارة الهواء إلى مستوى معين، وفي النهاية يتمدد في صمام خنق فتتابع درجة الهواء انخفاضها حتى تصل إلى درجة البرودة اللازمة لتمييعه (عن طريق الاستفادة من ظاهرة انخفاض درجة حرارة الغاز أثناء تمدده في صمام الخنق).

ب ـ دارة كلود: تعتمد دارة كلود  claude  system لتمييع الهواء (الشكل ـ2) في عملها على ظاهرة انخفاض درجة حرارة الغاز انخفاضاً كبيراً عند تمدده مع إنتاج عمل تمدد خارجي مفيد، حيث يكون الانخفاض في درجة الحرارة أكبر منه في حالة التمدد عبر صمام خنق.

 

في هذه العملية يتمدد جزء كبير من هواء الدارة في محرك (مُمدّد) يقوم بنقل الطاقة الناتجة عن عملية التمدد إلى الضاغط الذي يضغط الهواء الجوي الداخل إلى الدارة، ثم يمرر الهواء المضغوط عبر عدد من المبادِلات الحرارية يتم فيها تخفيض إضافي لدرجة حرارته قبل تمدده في صمام الخنق. وتمتاز هذه الدارة بأنها تعمل عند نسبة انضغاط أصغر منها في دارة ليند كما أن درجة حرارة الهواء قبل صمام الخنق تكون في دارة كلود أخفض منها قبل صمام الخنق في دارة ليند.

تمييع الهدروجين: في دارة تمييع الهدروجين  يمَّرر الهدروجين ذو الضغط العالي (120 ضغط جوي ودرجة حرارة 300 كالفن) القادم من الضاغط عبر مجموعة من المبادلات الحرارية حيث يبرَّد فيها. ويستخدم في بعضها الآزوت السائل للقيام بعملية التبريد، ومن ثم يتمدد الهيدروجين عبر صمام الخنق حتى ضغط أعلى بقليل من الضغط الجوي مما يؤدي إلى تمييعه بدرجة حرارة تعادل 4ر20 كالفن (252.75-درجة مئوية)

تمييع الهليوم: يستخدم كل من بخار الهدروجين والهدروجين السائل في حالة الغليان في دارة تمييع الهليوم (الشكل ـ3)، حيث يمرر جزء من غاز الهليوم المضغوط (القادم من الضاغط بدرجة حرارة 300 كالفن وبضغط 20 ضغط جوي) عبر مبادل حراري حيث يبرَّد فيه بوساطة غاز الهليوم القادم من خزان تجميع الهليوم السائل (المميّع) ويمرر الجزء المتبقي من الهليوم المضغوط إلى مبادل حراري ثان حيث يبرَّد فيه بوساطة الهدروجين السائل في حالة الغليان (بدرجة حرارة تعادل 14 كالفن) تحت ضغط أصغر من الضغط الجوي، ثم يندمج التياران ليمرا معاً في مبادل حراري آخر وذلك قبل أن يتمدد تيار الهليوم في صمام الخنق حيث يتم تمييعه بدرجة حرارة تقارب4.2كالفن (268.95-درجة مئوية).

آلات التبريد الغازية

يستخدم هذا النوع من آلات التبريد للحصول على درجات برودة تراوح ما بين -60 و-200 درجة مئوية.

يستعمل الهواء في هذه الآلات كوسيط تبريد عندما يراد استخدامها للحصول على درجة برودة تصل حتى - 130 درجة مئوية، أما عندما يراد الحصول على درجة برودة أقل منها فإنه يستخدم الهليوم أو الهدروجين كوسيط تبريد.

تتألف الدورة النظرية لهذه الآلات من الإجراءات الأربعة الآتية: إجراءين بثبوت الحجم وإجراءين بثبوت درجة الحرارة كما هو مبين في (الشكل ـ4).

أ ـ انضغاط بثبوت درجة الحرارة: في هذا الإجراء كمية الحرارة المطروحة عبر قميص الضاغط تعادل العمل المصروف لتحقق عملية الانضغاط.

ب ـ انخفاض في درجة الحرارة عند حجم ثابت يتم ذلك عن طريق تبريد الغاز المضغوط بوساطة المبادل الحراري الإرجاعي ويرافق ذلك انخفاض في الضغط.

ج ـ تمدد عند درجة حرارة ثابتة حيث يمتص وسيط التبريد الحرارة من الوسط المبّرد لتبقى درجة الحرارة ثابتة، وخلال هذا الإجراء يتم تحقيق الإنتاج التبريدي.

د ـ تسخين عند حجم ثابت يرافق ذلك ارتفاع في الضغط وارتفاع درجة الحرارة يتم بامتصاص الحرارة في المبادل الحراري الإرجاعي الذي يبرد بدوره.

أ ـ ب  مخطط الدورة على محاور الإحداثيات (V.P), (S.T)

ج ـ مخطط حركة المكابس

آلات التبريد متعددة المراحل

تمتاز آلات التبريد متعددة المراحل Multistage - refrigeration  system العاملة في مجال درجات الحرارة المنخفضة عن مثيلاتها وحيدة المرحلة بالمواصفات الآتية: إن وجود المبرد البيَّني بين كل مرحلتي انضغاط يؤدي إلى تخفيض قيمة العمل المستهلك في الضاغط، كما أن وجود مبرِّد أوّلي قبل صمام الخنق يزيد من الأثر التبريدي لكل 1كغ من وسيط التبريد. تشمل آلات التبريد متعددة المراحل نمطين رئيسيين هما:

أ ـ آلات التبريد المركبة من ثلاث مراحل: يبيِّن  (الشكل ـ5) رسماً تخطيطياً لآلة التبريد المركبة من ثلاث مراحل. يُستخدم في هذه الآلة وسيط تبريد واحد يتألف من مزيج من الغازات إذ يستخدم جزء منه كسائل تبريد في المبرِّد الأولي وفي المبرِّدات البينية. بعد خروج سائل التبريد من الخزان ينقسم إلى تيارين يمر أحدهما عبر صمام الخنق (حيث ينقسم بدوره إلى فرعين يسهم الأول في عملية التبريد في المبرِّد الأولي والثاني يتجه إلى المبرِّد البيني)، في حين يتجه التيار الثاني إلى المبرد الأولي أيضاً.

من أهم مساوىء هذه الآلات: أنها ذات كلفة كبيرة مقارنة ببقية الآلات التي تعمل في مجال درجات الحرارة المنخفضة، كما أنها تعتبر أكثر تعقيداً من الناحية التصميمية ومبدأ العمل، إضافة إلى عدم إمكانية التحكم بالضغط السائد في المبرِّدات البينية بين مراحل الانضغاط.

الشكل (5) آلة التبريد المركبة من ثلاث مراحل

ب ـ آلات التبريد التسلسلية: تتألف دارة آلة التبريد التسلسلية Cascade  system من عدة دورات تُربط مع بعضها البعض وتستعمل كل منها وسيط التبريد الأكثر ملاءمة للحصول على الأثر التبريدي المطلوب (أي لتخفيض درجة الحرارة من مستوى معين إلى مستوى آخر أقل منه حتى الوصول إلى درجة الحرارة النهائية المرغوبة).

يوضح (الشكل ـ6) آلة تبريد تسلسلية تستخدم ثلاث دورات ذات ثلاث وسائط تبريد مختلفة هي غاز النشادر NH3 و غاز الإتيلين C2H4 وغاز الميتان CH4، وتربط الدورات الثلاث على التوالي وفق أخفض درجة حرارة تجمد لوسائط التبريد المستخدمة.

 

 

في هذه الآلة يلعب المكثف (في الدارة التي تعطي أخفض درجة حرارة) دور المبخّر في الدارة ذات درجة الحرارة المرتفعة، كما تمتاز كل دارة من الدارات التي تدخل في تركيب هذه الآلة ببساطتها من الناحية التصميمية، وعدم وجود أي صعوبة في عملية التزييت والتشحيم لهذه الدارة. بالرغم من المردود المرتفع لهذه الآلة فقد تظهر الحاجة لاستخدام عدد كبير من الضواغط والمبادلات الحرارية للحصول على درجات حرارة منخفضة، لذلك فإن الاستخدام الأكثر شيوعاً لهذه الآلة هو في عملية تمييع الغاز الطبيعي.

 

تطبيقات علم القرّ

تجلت أهمية التبريد المفرط بصورة ملحوظة في العديد من التطورات التي حدثت في مجال الطب والجراحة والفضاء وحفظ الأغذية وتجميدها.

أ ـ في تجميد المواد الغذائية وحفظها: تطبق تقنيات علم القرّ عملياً على المواد الغذائية القابلة للتلف، ولقد لاقت المنتجات الغذائية المجمّدة بسرعة إقبالاً كبيراً في الدول الصناعية نظراً للنوعية العالية لهذه المنتجات والمناسبة صحياً بالإضافة إلى انخفاض كلفة تجميدها وسهولة استعمالها وسرعة تحضيرها مقارنة بالمنتجات المحفوظة والمعلّبة.

ب ـ في الطب والجراحة: يتضمن مجال الطب القرّي Cryomedicine محورين أساسيين أحدهما يتعلق بدراسة تأثير درجات الحرارة المنخفضة في المواد ذات المنشأ الحي ويسمى البيولوجية القرّية Cryobiology، إذ أمكن فصل مكونات الخلية الحية عن طريق تبريدها لدرجة حرارة التجمد كما أن تحضير البلازما المجمّدة قد أنقذ حياة الكثيرين منذ أربعين عاماً، وقد أظهرت الدراسات قدرة علم التبريد الخلوي على إيقاف وتشغيل ساعة الحياة والتحكم بها مما سيفتح آفاقاً كبيرة لقيام رواد الفضاء برحلات كونية بعيدة المدى، أما المحور الثاني فإنه يتعلق باستخدام المسبر المبرد لدرجات حرارة التجمد بوساطة الآزوت السائل في الجراحة الحديثة ويسمى الجراحة القرّية Cryosurgery، إذ يمكن تجميد النسج المريضة بوساطة المسبر ثم إزالتها دون أن تتأثر النسج السليمة المجاورة لها ولقد نجحت هذه الطريقة في معالجة بعض السرطانات أو الأورام الخبيثة وفي الجراحة العصبية في الدماغ.

ج ـ في مجال الفضاء: تبرز أهمية تقنية علم القرّ في مجالات عديدة من أبحاث الفضاء من أهمها: أنظمة الدفع وبطاريات الوقود في الصواريخ الفضائية وفي قمرات القيادات ودارات التبريد في المركبات الفضائية، فقد تم استخدام الهدروجين السائل مع الفلورين إضافة إلى الأكسجين السائل كوقود في الصواريخ الفضائية الحديثة بدلاً من الوقود الغازي ذي الحجم النوعي الكبير، إذ أصبح بالإمكان استخدام خزانات وقود أخف وأصغر حجماً، كما تبيّن أن محركات الصواريخ التي تستخدم الوقود السائل توفر قوة دفع إضافية عن مثيلاتها التي تستخدم الوقود الصلب أو الغازي.

من جهة أخرى يُستخدم كل من الآزوت السائل والهليوم السائل كمصدر للغاز المستخدم في المحافظة على ضغط معين في أجواء قمرات القيادة في المركبات الفضائية. كما يتم تزويد هذه القمرات بالأكسجين من مصادر الأكسجين السائل إضافة إلى استخدام الهيدروجين السائل في عملية استخلاص الأكسجين من غاز ثاني أكسيد الكربون المتشكل في أجواء قمرات القيادة.

يستخدم الآزوت السائل بدرجة حرارة 77 كالفن (196.15-درجة مئوية) وضغط منخفض جداً في غرف اختبار الصواريخ الفضائية والأقمار الصناعية حيث تتطابق هذه الشروط مع الظروف التي تواجهها المركبات الفضائية أثناء تحليقها في الفضاء الكوني.

أما في برامج الرحلات الفضائية القديمة فقد استخدم الآزوت السائل بدرجة حرارة منخفضة لزيادة دقة ومردود بعض أجهزة الاتصال والملاحة، وذلك عن طريق تبريد المجسات والمسابر والأجهزة البصرية لدرجة حرارة تقارب 77 كالفن.

د ـ في نطاقات أخرى: إضافة إلى ما ورد ذكره سابقاً، فإنه توجد بعض التطبيقات الأخرى لعلم القرّ من أهمها:

ـ تبريد خطوط نقل الطاقة الكهربائية الموجودة تحت سطح الأرض حيث يستخدم في ذلك الآزوت السائل مما يساعد على التخلص من كميات الحرارة الكبيرة المنتشرة بفعل جول في هذه الخطوط، ومن ثمّ المحافظة على المواد العازلة المحيطة بها (وتتألف من ورق خاص مغطى بالزيت المعدني). كما أن المقاومة الكهربائية لهذه الخطوط عند مرور تيار كهربائي فيها بتوتر عال، ستنعدم عند تبريدها لدرجات حرارة منخفضة وفق الظاهرة المسماة الناقلية الفائقة (Conductivity Super-). وقد لوحظ أن خطوط نقل القدرة المصنوعة من النحاس والألمنيوم تستطيع نقل التيار الكهربائي على نحو أفضل ولعشرات المرات مع وجود تبريد لها بالآزوت السائل بالمقارنة مع النقل في درجة حرارة الغرفة، كما أن العوازل ستتحمل تياراً كهربائياً ذا توتر عالٍ يصل إلى 435 كيلوفولت.

ـ في مجال التعدين: يمكن زيادة مقاومة واستقرار بعض أنواع الفولاذ عن طريق معالجتها بدرجات حرارة منخفضة تراوح ما بين 65 و77 كالفن.

ـ وأخيراً، في مجال الحصول على ضغوط منخفضة جداً (ضغط تخلخلي) يمكن خلق الفراغ في وعاء ما عن طريق تمييع الغاز الموجود فيه (الهدروجين) بتبريده إلى درجات حرارة بحدود 3 أو 4 كالفن، وتستخدم هذه الضغوط المنخفضة في أبحاث الفضاء وفيزياء البلازما.

 

نديم مخيبر

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ مخيبر نديم عابد، آلات ومحطات التبريد، الجزء الأول آلات التبريد (مطبعة رياض 1983 ـ دمشق).

- S.DOMKUNDWAR, A Course In Refrigeration & Air Conditioning (Environmental Engineering ,Dhanpat Rai & Sons ,Delli1981).


التصنيف : التقنيات (التكنولوجية)
النوع : تقانة
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 907
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 469
الكل : 31658344
اليوم : 12926

قاذفات اللهب

قاذفات اللهب   قاذفات اللهب flamethrowers سلاح فردي أو جماعي، يستخدم مواد حارقة أهمها النابالم [ر] Napalm على القوى الحية والعتاد المكشوف والملتجئ في المنشآت الميدانية، ولإحداث بؤر من الحرائق في النقاط المأهولة والغابات وفق خطة القتال. تُصنَّف قاذفات اللهب في عداد قوات الحرب الكيمياوية، وتنتظم في كثير من الجيوش في جماعات تعمل على مستوى أفواج المشاة. أو في كتائب وسرايا تعمل على مستوى احتياط القيادة العامة لتعزيز مجموعات الاقتحام أو خطوط الدفاع الرئيسة.
المزيد »