logo

logo

logo

logo

logo

البيئة (مؤتمرات وأنظمة-)

بييه (موتمرات وانظمه)

Environment - Environnement

البيئة (مؤتمرات وأنظمة ـ)

 

 تحتل موضوعات حماية البيئة protection of the environment أهمية دولية كبرى، وتتضاعف هذه الأهمية مع مرور الزمن. لأنها تتعلق بمستقبل البشرية ومصير الإنسان. ولعل الحالة المأساوية التي وصل إليها الكوكب الأرضي، نتيجة النشاط البشري، الذي تجلى في التقدم الصناعي والتقاني، وما حمله من آثار سلبية على بيئة الأرض [ر: الأرض]، بفعل التلوث المتزايد والمخيف الذي بات يهدد الحضارة البشرية، والناجم عن استمرار التدفق الحالي للغازات المخربة للمحيط الأرضي البيئوي، كل ذلك ينذر بكارثة بيئية شاملة تعكس ظواهر ارتفاع درجة حرارة الأرض 3-5 درجات، واتساع فجوة الأوزون، وكذلك أزمة نقص المياه العذبة وتلوثها، واضمحلال الغابات الطبيعية... فبات الإنسان يعمل بما يسيء إلى نفسه باعتدائه على الطبيعة، الذي يعد اعتداء على حقه في الحياة.

إن نتائج الكارثة البيئية، تشمل جميع الدول والشعوب دون استثناء، لأن بيئة الأرض واحدة، ولا تفصلها حدود جغرافية أو سياسية، ولذلك فإن تلوثها في دولة لا يبقى في حدود هذه الدولة، بل يتعداها ليسهم في تخريب بيئة من حولها، والإخلال بالتوازن البيئي.

كانت نتائج هذا العبث بالبيئة والطبيعة، كبيرة وهائلة، بقدر لايستطيع الإنسان تجاهله، مما أيقظ لديه الوعي البيئي، فاكتشف في الوقت نفسه تبدل علاقاته بالبيئة، وهذا أفضى إلى فصم روابط التضامن التي كانت تربطه ببيئته، واقتضى الوعي البيئي على المستوى الدولي، تنبيه وعي الشعوب بالخطر الداهم، وتحريض الدول على المستوى العالمي نحو الشعور بالمسؤولية تجاه الوضع، والمبادرة إلى حماية البيئة والطبيعة من الاعتداء عليها. وكان من الطبيعي أن تبادر منظمة الأمم المتحدة [ر] بحكم مسؤولياتها الدولية، إلى البدء بإعداد الدراسات العلمية والواقعية، وتشكيل اللجان وعقد المؤتمرات لحماية البيئة، ووضع النظم والمعاهدات التي تؤدي إلى إعادة التوازن إلى البيئة، وكذلك تحديد أسباب التلوث ووسائل الإقلال منه.

أدى هذا الاهتمام على المستوى الدولي والمؤتمرات المنعقدة في الأمم المتحدة، إلى إحداث قانون بيئي جديد Law  of the Environment، عُد أحد فروع القانون الدولي العام، وظهر في اتفاقيات دولية وقوانين محلية على مستوى الدول، من أجل معالجة متكاملة للحد من تلوث البيئة وحمايتها، والحيلولة من الاعتداء عليها.

وقد انصرف مفهوم حماية البيئة إلى مجموعة النظم والإجراءات التي تكفل استمرار توازن البيئة، وتكاملها الإنمائي، وللمحافظة على بيئة سليمة صالحة للاستمتاع بالحياة والاستفادة من الموارد والممتلكات على خير وجه. كما ينبغي أن يرافق مجمل هذه النظم إشاعة الوعي البيئي على مستوى الأفراد والمجتمعات.

ولما كانت البيئة ذات طابع عالمي ومحلي، فقد اقتضى ذلك أن تكون قوانين البيئة المحلية انعكاساً لتوجهات القانون البيئي الدولي. الذي يتمثل بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية، التي تعطي عناية خاصة لمعالجة المسائل البيئية الكبرى، ذات الطابع العالمي، مثل حماية البيئة البحرية و حماية طبقة الأوزون والحماية من التلوث الذري ... وغير ذلك.

 نشاطات حماية البيئة على المستوى العالمي

شهدت العقود الأخيرة من هذا القرن توجهاً منظماً نحو حماية البيئة، ونشوء مؤسسات لمعالجة المشكلات البيئية على الصعيد الدولي، وانعقدت لهذه الغاية سلسلة مؤتمرات، نجم عنها اتفاقيات دولية برعاية الأمم المتحدة.

1 ـ مؤتمر استوكهولم حزيران 1972: كانت أهداف المؤتمر ترمي إلى إطلاق مجموعة من النشاطات المنسقة دولياً، تهدف إلى زيادة المعرفة بالحقائق وتأثيرها في الإنسان والموارد (تقويم البيئة)، وكذلك حماية ونوعية البيئة وتحصينها وإنتاجية الموارد (إدارة البيئة). واتخاذ التدابير في حقول التعليم والتدريب والتوعية الشعبية والمساعدة التقنية للبلدان النامية.

سلط المؤتمر الضوء على النشاطات الصناعية التي تطلق إلى الجو حرارة وغازات وجزيئات غريبة تؤدي إلى تلوث الهواء، وما تسببه زيادة نسبة غاز الفحم في الجو من تغيرات في مناخ الأرض، واستنزاف طبقة الأوزون في الغلاف الجوي الذي يحمي الأرض وأحياءها من الأشعة فوق البنفسجية. وشهدت السنوات اللاحقة للمؤتمر عدداً من الاتفاقيات والإجراءات على المستوى الدولي والمحلي لكل بلدة، كانت جميعها تهدف إلى حماية الجو من التلوث. ومنها:

أ ـ الموافقة على برنامج عالمي للمناخ، تتعاون على تنفيذه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية[ر]، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة واليونيسكو والفاو ومنظمة الصحة العالمية[ر] وذلك في العام 1979.

ب ـ اتفاقية تشمل 35 دولة في أوربة وأمريكة لتحري تلوث الهواء، وما يسفر عنه من أمطار حمضية.

ج ـ حماية البيئة البحرية ومواردها من التلوث والاستغلال المفرط، لاسيما تلوث السواحل بالنفايات الصناعية كالكلور والنظائر المشعة، التي تفتك بالأسماك.

د ـ اتفاقية شاملة لحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث. أقرتها دول المتوسط، وصدقتها المجموعة الاقتصادية الأوربية. في العام 1976. وكذلك تم الشروع في تنفيذ خطط مماثلة في البحر الكاريبي وبحار شرق آسيا، والبحر الأحمر.

هـ ـ ضمان الإدارة البيئية الصحيحة للموارد المائية. ولهذه الغاية عقدت اتفاقيات بين البلدان التي تتقاسم أحواض الأنهار والبحيرات (النيل ـ الدانوب ـ الأمازون).

و ـ إعلان الأمم المتحدة المدة الواقعة (1981-1990) عقداً دولياً لتوفير مياه الشرب الصالحة لتحسين صحة ونوعية حياة 2500 مليون نسمة.

ز ـ تأكيد المؤتمر المحافظة على الاستقرار البيولوجي لكوكب الأرض، وحفظ الموارد الحية وحماية الغابات والحياة البرية.

ح ـ اعتماد مؤتمر الأمم المتحدة للتصحر 1977. خطة عمل لمكافحة التصحر ترمي إلى ضمان إدارة سليمة للأرض والموارد المائية في المناطق الجافة وشبه الجافة.

ط ـ تحديد برنامج عالمي لرصد البيئة وتلوث الهواء. وتحديد 200 مركز في 50 بلداً صناعياً، وكذلك استحداث سجل دولي للمواد الكيماوية، وبرنامج للأمن الكيميائي.

ي ـ التوصية بضمان أن يكون للتنمية الصناعية، الحد الأدنى من الآثار المؤذية للبيئة، واتخاذ إجراءات مراقبة للمواد المصنعة في كل بلد ومراقبة مياه المجاري والنفايات الصلبة.

كان من أهم إنجازات مؤتمر استوكهولم، خلق وعي بيئي، وتقوية الشعور بالمسؤولية في سلوك الأفراد والمؤسسات والمجتمعات، تجاه البيئة، مما أدى إلى إشاعة الفاعلية الشعبية، فكونت على مستوى العالم أكثر من 2230 منظمة بيئية غير حكومية في البلدان النامية و13000 منظمة في البلدان المتقدمة. وعقد أكثر من 30 اتفاقاً دولياً وإقليمياً لحماية البيئة، التزمت بموجبها الحكومات، بعض الإجراءات في شتى حقول البيئة، وقد تولى برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) عدداً من المشروعات المرتبطة بالبيئة العربية منها:

ـ 3 مشروعات لبيئة البحر الأحمر وخليج عدن.

ـ 6 مشروعات للبيئة البحرية في الخليج العربي.

ـ 34 مشروعاً لبرنامج البحر المتوسط.

ـ 31 مشروعاً عنيت بمسائل التصحر والطاقة والقانون البيئي والمساعدة الفنية.

ـ 3 مشروعات تعنى بالبيئة العربية.

2 ـ الهيئة الدولية للبيئة والتنمية: تأسست هذه الهيئة بمبادرة يابانية إلى الأمم المتحدة عام 1983. ووضعت الأسس والتوجهات التي أعلنها في طوكيو عام 1987. وتبلورت في ثمانية مبادئ، استرشدت بها المؤتمرات اللاحقة التي سميت مؤتمرات قمة الأرض الأولى والثانية.

آ ـ تنشيط النمو الاقتصادي: رأت الهيئة أن الفقر مصدر رئيسي لتردي البيئة، لاسيما في البلدان النامية، وعليه لابد من إحياء النمو الاقتصادي في هذه البلدان. وعلى الدول الصناعية أن تسهم بقسط وافر في إحياء هذا النمو، والقيام بمبادرة عاجلة لحل أزمة الديون.

ب ـ تغيير نوعية النمو: يجب تغيير نوعية النمو، بحيث يمكن إدامته، فضلاً عن نشر المساواة والعدالة الاجتماعية والأمان، وتوفير الطاقة النظيفة من الناحية البيئية. وتحقيق توزيع أفضل للدخل.

ج ـ المحافظة على الموارد الأولية وتعزيزها: مثل الهواء النقي والمياه العذبة والغابات والتربة، والاستعمال الكفي للطاقة والمياه والمواد الأولية الأخرى، وتحسين كفاية الإنتاج وتقليل نسبة الاستهلاك الفردي للموارد الطبيعية، للحيلولة من تلوث البيئة وذلك بإدخال تقانات جديدة لا تنتج منها فضلات ضارة بالبيئة.

د ـ ضمان مستوى سكاني يمكن إدامته: ودمج السياسات السكانية مع برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومنها التعليم والعناية الصحية ورفع مستوى الحياة المعيشية للفقراء.

هـ ـ إعادة النظر في التقانة: وتفادي مخاطرها بالسيطرة على آثارها الضارة، وتغيير نوعيتها في جميع الأقطار.

و ـ إدماج البيئة والاقتصاد في اتخاذ القرارات: إن التوقع المسبق لحصول الأضرار البيئية ومنع وقوعها يتطلبان أن تكون الأبعاد البيئية، ماثلة للعيان حين اتخاذ القرارات المتعلقة بقضايا الاقتصاد والتجارة والطاقة والتصنيع والزراعة. وذلك أمام المسؤولين عن هذه القرارات في المؤسسات الوطنية والدولية على حد سواء.

ز ـ إصلاح العلاقات الاقتصادية الدولية: إن تدعيم النمو الذاتي للبلدان النامية، يتطلب إجراء تغييرات جذرية من أجل توفير مزيد من الإنتاج التجاري، ومزيد من رؤوس الأموال والتقانات لمواجهة متطلبات البيئة بصورة عادلة.

ج ـ تقوية التعاون الدولي: إن دمج الأبعاد البيئية في التنمية يتطلب إجراءً سريعاً لمواجهة مشكلة التفاعل بين تردي الموارد وازدياد الفقر، والتي تؤدي إلى حدوث مشكلة بيئية على نطاق عالمي.

3 ـ مؤتمر قمة الأرض الأولى (ريودي جانيرو) 1992: انعقد هذا المؤتمر في البرازيل بحضور 150 من رؤساء الدول والحكومات أو ممثليهم. وكانت غايته وضع استراتيجية عالمية تلتزم بموجبها الدول جميعها بحل مشكلة تلوث البيئة، واختلال التوازن البيئي ومخاطره الحاضرة والمستقبلية على البشرية، وتحديد الالتزامات والتعهدات الواجبة في ضوء المقترحات والتوصيات التي تقدمت بها هيئة الأمم المتحدة.

وتركزت المشكلة حول تحديد أسباب التلوث واستمرار تدفق الغازات في الغلاف الجوي، وتبين أن المسؤول الأول عن التلوث هو الدول الصناعية الكبرى، فالولايات المتحدة التي يبلغ عدد سكانها 4٪ من سكان الأرض، تسهم في نسبة 25٪ من التلوث، والدول الأوربية الصناعية بنسبة 13٪، كذلك فإن هذه الدول التي يبلغ عدد سكانها 20٪ من سكان العالم، يستهلكون 80٪ من موارد الأرض، في حين يحصل 80٪ من سكان العالم على 20٪ من موارد الأرض.

برز التناقض بين مواقف البلدان النامية والدول الصناعية، حول الإسهام في الإقلال من التلوث ومواجهة مخاطره، ونجح المؤتمر في الخروج ببعض القرارات التي التزمتها الدول، ووقعت وثيقة سميت ميثاق الأرض، وكان من أهم ماتضمنته من التزامات:

آ ـ تعهد الدول الصناعية بتقديم مساعدات للدول النامية تبلغ 0.7٪ من الناتج القومي الإجمالي.

ب ـ تقديم تعهدات ملزمة من الدول، لاسيما الصناعية منها، بشأن انبعاث الغازات الضارة.

ج ـ حل مشكلة التناقض بين مجتمعات الدول الصناعية والدول النامية، وهي المشكلة الناجمة عن اختلال معدلات النمو واستهلاك الموارد الطبيعية، وذلك بالاتجاه نحو العدالة بين مجتمعات هذه الدول الصناعية بتقديم تقنيات البيئة إلى الدول النامية.

د ـ التزام الدول الصناعية تقديم تقانات البيئة إلى الدول النامية.

هـ ـ تحقيق تحولات في العقلية الاقتصادية للحكومات والشركات، لتكون سلامة البيئة عنصراً في القرار الاقتصادي.

و ـ الاتفاق على تقليص تلوث الهواء الكوني إلى مستويات 1990 بحلول عام 2000.

 4 ـ مؤتمر قمة الأرض الثانية (نيويورك) 1997: كشف هذا المؤتمر عن خلافات تبلورت في موقفين متباينين:

 1ً ـ تناقض بين موقف البلدان النامية من جهة، والبلدان الصناعية من جهة أخرى بعدم وفاء الدول الصناعية بتعهداتها المتعلقة بمساعدة البلدان النامية، التي اتفق عليها في مؤتمر قمة الأرض الأولى.

 2ً ـ تناقض بين الدول الأوربية الصناعية من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى يتعلق بعدم قبول الولايات المتحدة، تعيين مواعيد محددة لتقليص حجم الغازات المنبعثة، بذريعة تمويل تكاليف الإجراءات العملية لتنفيذ هذه العمليات، وإحجام الاحتكارات الرأسمالية الصناعية عن تقليص أرباحها، وتخصيص جزء منها لمصلحة مشروعات حماية البيئة. وقد خرج المؤتمر بوثيقة تتضمن توصيات أهمها:

آ ـ دعوة وفود الدول المتقدمة صناعياً، إلى تنفيذ التزامها تقديم مساعدة تصل إلى 7 بالألف من ناتجها القومي.

ب ـ التحذير من نقص المياه العذبة خاصة لأن ما يزيد على خمس سكان الأرض لا يحصلون عليها.

ج ـ الدعوة إلى التخلص بأقصى سرعة من البنزين (الغازولين) المرصص، الذي يلوث الجو في معظم أنحاء العالم النامي.

هـ ـ التزامات غامضة بمكافحة الفقر وزيادة مساعدات الدول النامية.

ومن الواضح أن هذا المؤتمر سجل تراجعاً عن القمة الأولى، في ضوء تراجع الولايات المتحدة عن التزاماتها تجاه الدول النامية، وخلافها مع الدول الأوربية الصناعية حول التزام مواعيد محددة، لإنجاز الإجراءات الكفيلة بتخفيف نسبة التلوث. واتخاذ قرارات مبهمة وغير ملزمة.

نشاطات حماية البيئة في سورية

انسجاماً مع التوجه العالمي، نحو إدراك المشكلات البيئية المحيطة بالأرض، وشعوراً من الجمهورية العربية السورية بمسؤولياتها تجاه سلامة البيئة المحلية والعالمية. فقد صدر المرسوم التشريعي رقم 1 لعام 1991. تضمن تحديداً لمفهوم البيئة بأنها الوسط الذي يعيش فيه الإنسان والأحياء الأخرى، يستمدون منه زادهم المادي وغير المادي ويؤدون نشاطهم.

وأوضح المقصود من تلوث البيئة، بأنه كلُ تغيير كمي أو كيفي في المكوّنات البيئية تفوق طاقة البيئة على الاستيعاب، وينتج عنها أضرار مباشرة، تهدد حياة الإنسان والأحياء، أو صحة الموارد الطبيعية وسلامة ما فيها، وهي ملوثات مائية أو جوية أو أرضية.

وحدَّد المرسوم  القصد من حماية البيئة، بأنها مجموعة النظم والإجراءات التي تكفل استمرار توازن البيئة، وتكاملها الإنمائي، وتحافظ على بيئة سليمة صالحة للاستمتاع بالحياة، والاستفادة من الموارد والممتلكات على خير وجه.

وقد أحدث المرسوم الهيئة العامة لشؤون البيئة. التي تتمتع بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وأناط بها المهام الآتية بالتعاون مع الجهات المختصة:

آ ـ حصر المشكلات البيئية القائمة، والمشاركة في البحوث والدراسات العلمية اللازمة لمعالجتها والسعي إلى الحد من ظهور مشكلات بيئية أخرى في المستقبل.

ب ـ إعداد مشاريع الخطط والتشريعات والأنظمة الكفيلة بالحفاظ على البيئة وتطويرها وذلك في إطار السياسة العامة للدولة.

ج ـ تنمية الوعي البيئي العام، بمختلف الوسائل للتعريف بأهمية الحفاظ على البيئة وسلامة مواردها الطبيعية.

د ـ تقويم الأخطار الناتجة عن استعمال مختلف المواد التي تهدد سلامة البيئة، ووضع المعايير الكفيلة بمعالجتها.

هـ ـ الرقابة البيئية على النشاطات التي تقع في أراضي الدولة ومياهها الداخلية والبحرية والحِّيز الجوي الذي يقع فوقها ضمن حدود الولاية الوطنية، وكذلك على المنشآت الخطرة والمضرة بسلامة البيئة، واقتراح الحلول اللازمة لإزالة الخطر.

و ـ دراسة الاتفاقات الدولية المعنية بشؤون البيئة وتقديم التوصيات اللازمة.

وقد أناط المرسوم تنفيذ هذه المهام بالوزير الذي يتولى متابعتها ومراقبتها والاستعانة بلجان استشارية فنية، والتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى.

كما أحدث المرسوم المجلس الأعلى لسلامة البيئة، برئاسة رئيس مجلس الوزراء. ويضم عدداً من الوزراء المعنيين بشؤون البيئة، ضمن نشاط وزاراتهم، وحدد صلاحيات هذا المجلس بالتالي:

آ ـ إقرار السياسات العامة والخطط المتعلقة بحماية البيئة.

ب ـ اعتماد معايير التلوث.

ج ـ إقرار الأنظمة والشروط التي يجب توافرها في المنشآت الصناعية والنشاطات الأخرى، التي لها تأثير ضار في البيئة، أو يؤدي إلى الإخلال بتوازنها.

د ـ اتخاذ قرارات بمنع أو توقيف أو فرض قيود على تشغيل أي منشأة، أو نشاط يرى أنها تسبب ضرراً للبيئة أو تخل بتوازنها.

ومن أجل اتخاذ إجراءات عملية وقانونية لحماية البيئة، فقد شرعت الهيئة بإعداد الخطط والدراسات والنظم ومشاريع القوانين التي تؤدي إلى سلامة البيئة، فضلاً عن التزامها تنفيذ الاتفاقات الدولية التي وقعتها الجمهورية العربية السورية.

ولعل أهم مشروعات القوانين والنظم والخطط التي تسعى الهيئة لإقرارها:

ـ مشروع أحكام أساسية لحماية عناصر البيئة والالتزامات المفروضة على جميع المنشآت والمؤسسات لحماية البيئة من التلوث، مع الاحتفاظ بالأحكام الخاصة بحماية البيئة البحرية.

ـ تقويم الأثر البيئي للمنشآت، وفقاً للمتطلبات والشروط الموضوعية والمواصفات البيئية، مع احتفاظ الهيئة بمبدأ حق وقف أي نشاط مخالف للبيئة، ومطالبة مرتكبها بالتعويضات المناسبة.

ـ وضع خطة لمواجهة الكوارث البيئية والتخفيف منها.

ـ وضع مشروع قانون حماية وتنمية البيئة، يراعي الأمور الآتية:

 1 ـ يستند بنصوصه إلى أحدث النظريات العلمية.

 2 ـ يتناول البيئة بكافة عناصرها.

 3 ـ يتضمن إجراءات إدارية وقضائية كفيلة بتطبيقه.

 4 ـ يتضمن اتخاذ تدابير وقائية تحول دون إحداث التلوث.

 5 ـ ينص على عقوبات جزائية رادعة، تفرض على كل مخالف عقوبات متدرجة في الشدة حسب جسامة المخالفة المرتكبة، من 10 أيام حتى 10 سنوات، إضافة إلى تعويضات مادية متدرجة.

وعد مشروع القانون البيئة ملكاً عاماً، والحفاظ عليها وحمايتها واجب إنساني ووطني، ينظم القانون والقرارات الصادرة تنفيذاً لأحكامه، قواعده ووسائله وعقاب من يخل فيه. وقد أتاح أيضاً، منح العاملين في شؤون البيئة صفة الضابطة العدلية[ر].

باتت مسألة حماية البيئة، هاجس العصر، وأحد أهم مشكلاته التي تواجه الدول والشعوب، ولكن مواجهتها أيضاً تثير تناقضات وخلافات، حول مدى جدية الالتزام العملي بتنفيذ الاتفاقات الدولية. إذ إن القوى الصناعية الرأسمالية، التي تقع عليها مسؤولية الإسهام الأكبر في التلوث البيئي، تعمل على التنصل من التزاماتها والتحايل على الاتفاقات الدولية، وتحميل الدول الفقيرة أعباءها، وهذا ما يسهم في تفاقم مشكلة البيئة العالمية. وضعف الجهود العملية لمواجهتها، في ضوء الاتفاقات والتشريعات الدولية والمحلية، التي وضعت أسس مواجهة مخاطر الإخلال بالبيئة التي هي اعتداء على حق الإنسان في الحياة.

 

سامي هابيل

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

 الأوزون ـ البيئة ـ التلوث ـ القانون الدولي العام ـ القانون الدولي للبيئة.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ جان ماري بيليت، عودة الوفاق بين الإنسان والطبيعة، ترجمة محمد عثمان، سلسلة عالم المعرفة (المجلس الوطني للثقافة، الكويت).


التصنيف : القانون
المجلد: المجلد الخامس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 816
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 541
الكل : 29621831
اليوم : 1841

تقي الدين محمد بن معروف

تقي الدين محمد بن معروف (نحو 932 ـ 993هـ/1525 ـ 1585م)   تقي الدين محمد بن معروف بن أحمد، عالم فلكي، وراصد رياضي ومهندس ميكانيكي، اشتهر أوائل الحكم العثماني. ورد اسمه كاملاً ومدوناً بخط يده على مخطوط له عنوانه «الطرق السنية في الآلات الروحانية». يرجع في نسبه إلى الأمير ناصر الدين منكويرس، ابن الأمير ناصح الدين خمارتكين. أشارت معظم المراجع إلى أنه من مواليد مدينة دمشق، ثم انتقلت أسرته إلى مصر، حيث استقرت فيها. نشأ تقي الدين في بيت علم ودين، فقد كان والده قاضياً في مصر. ودرس هو علوم عصره، وأصبح قاضياً مثل أبيه. تحدث عن نفسه في أحد مؤلفاته، وهو «سدرة منتهى الأفكار في ملكوت الفلك الدوار» فقال: «ولما كنت ممن ولد ونشأ في البقاع المقدسة، وطالعت الأصلين «المجسطي»، و«كتاب إقليدس في الأصول» أكمل مطالعة، ففتحت مغلقات حصونها، بعد الممانعة والمدافعة. ورأيت ما في الأزياج المتداولة (الجداول الفلكية) [ر] من الخلل الواضح، والزلل الفاضح، تعلق البال والخلد بتجديد تحرير الرصد». وهذا يدل على أن تقي الدين قد اطّلع على الكتب العربية التي وردت فيها الأرصاد والحسابات الفلكية والأزياج فسعى لإصلاحها. واستخرج زيجاً وجيزاً مستعيناً بأبحاث أَلُغ بك، كما ذكر في كتابه «الدر النظيم في تسهيل التقويم». ويبدو من أقوال تقي الدين، التي وردت في كتابه «الطرق السنية في الآلات الروحانية» أنه زار اصطنبول، مع أخيه عام 953هـ/1546م. وربما كان ذلك بحكم وظيفته، أو رغبة في طلب العلم.  وفي تلك المدينة قام بمشاركة أخيه بتصميم آلة لتدوير سيخ اللحم على النار، فيدور من نفسه من غير حركة الحيوان. عمل تقي الدين في خدمة الوالي علي باشا، الذي كان يحكم مصر من قبل السلطان سليمان القانوني، بدءاً من عام 956هـ/1549م. فأهداه كتابين من مؤلفاته وهما «الطرق السنية في الآلات الروحانية»، و«الكواكب الدرية في البنكامات الدورية». وجاء في كتاب «كشف الظنون» أنه في عام 975هـ/1568م ألف تقي الدين كتاب «ريحانة الروح في رسم الساعات على مستوى السطوح» في قرية من قرى نابلس. ثم شرحها العلاّمة عمر بن محمد الفارسكوري شرحاً بسيطاً بإشارة من المصنف، وسماها «نفح الفيوح بشرح ريحانة الروح»، وفرغ منها في ربيع الأول 980هـ، ولها ترجمة إلى اللغة التركية موجودة نسخة منها في المكتبة الظاهرية بدمشق. رحل تقي الدين بعد ذلك إلى اصطنبول، حيث تقرّب من الخواجه سعد الدين، معلّم السلطان، وصار من خواصه الملازمين. ونظراً لبراعة تقي الدين في العلوم الفلكية دعمه الخواجه سعد الدين ليكون رئيساً للمنجمين في أواخر حكم السلطان سليمان، وكان ذلك عام 979هـ/1571م. كان تقي الدين يرغب في إنشاء مرصد في اصطنبول، على غرار مرصد مراغة، الذي أنشأه أَلُغ بك، لذلك قدّم تقريراً للسلطان، عن طريق الصدر الأعظم محمد باشا، ووساطة الخواجه سعد الدين، وشرح في تقريره أن الجداول الفلكية الموجودة صارت غير قادرة على إعطاء معلومات صحيحة، لذلك صارت الحاجة ملحة لعمل جداول فلكية تستند إلى أرصاد جديدة. استجاب السلطان لطلب تقي الدين، وبدأ بإنشاء المرصد أوائل عام 983هـ/1575م، وانتهى بناؤه وتجهيزه بالأجهزة والأدوات بعد ذلك بعامين. وحدث في ذلك الوقت ظهور مذنب في سماء اصطنبول، ولما شاهده تقي الدين في مرصده تقدم بالتهنئة للسلطان، متنبأ له بالنصر على الفرس، الذين كانوا في حرب مع الدولة العثمانية. وقد تحقق ذلك النصر، لكنه لم يكن مجرداً من الخسائر الفادحة. كما أن وباء الطاعون انتشر انتشاراً واسعاً في ذلك الوقت. فانتهز الفرصة قاضي زاده شيخ الإسلام هو وجماعته المنافسون للصدر الأعظم وللخواجه سعد الدين، وشنوا حملة معادية لإنشاء المرصد، ونجحوا بإقناع السلطان بهدمه، فتم لهم ذلك في عام 1580م. كان السلطان مراد قد كافأ تقي الدين، عقب إنشائه المرصد، فمنحه راتب القضاة، كما منحه قطائع درت عليه دخلاً كبيراً. إلا أن هدم المرصد كان له تأثير سيء في نفس تقي الدين، وقد توفي بعد ذلك بخمس سنوات، ودفن في مدينة اصطنبول. كان تقي الدين، كما يقول عن نفسه، في كتابه «الكواكب الدرية في البنكامات الدورية»، مغرماً منذ حداثته بمطالعة كتب الرياضيات، إلى أن أتقن الآلات الظلية والشعاعية علماً وعملاً، واطلع على نسب أشكالها وخطوطها. كما اطّلع على كتب الحيل الدقيقة والميكانيك، ورسائل علم الفرسطون والميزان وجر الأثقال. وكان يتقن معرفة الأوقات ليلاً ونهاراً، معتمداً على عدة أشكال من الآلات، وخاصة البنكامات الدورية (الساعات). وقد دوَّن فن الساعات الميكانيكية ومبادئها، وذكر عدداً من الآلات التي اخترعها. ولكي يبرهن على مدى تقدمه في العلوم الرياضية، ورغبته في نشر المعرفة، وضع عدة مؤلفات، منها رسالة «بغية الطلاب في علم الحساب»، وكتاب في الجبر عنوانه «كتاب النسب المتشاكلة». وكتاب في الفلك عنوانه «سدرة منتهى الأفكار في ملكوت الفلك الدوّار». وسجل في كتابه الأخير المشاهدات الفلكية التي حققها في مرصد اصطنبول. ووصف الآلات التي استعملها فيه، وماكان منها من مخترعاته، محتذياً في ذلك حذو العلامة نصير الدين الطوسي الذي كان يعدّه المعلم الكبير. كان تقي الدين وافر الإنتاج العلمي، قام بتصنيف عدد من الرسائل والكتب، ولما يزل أكثرها مخطوطات محفوظة في عدة مكتبات عالمية. وفي عام 1976 قام أحمد يوسف الحسن بتحقيق ودراسة مخطوط «الطرق السنية في الآلات الروحانية»، ونشره مصوراً في كتاب عنوانه «تقي الدين والهندسة الميكانيكية العربية»، وبين بالرسم والشرح شكل وعمل الآلات التي وردت في هذا الكتاب، وقال: «إن أهمية كتاب الطرق السنية في أنه يكمل حلقة مفقودة في تاريخ الثقافة العربية، وتاريخ الهندسة الميكانيكية». أما موضوعات الكتاب فتشمل مقدمة وستة أبواب. تكلم تقي الدين في مقدمة هذا الكتاب على الآلة المعروفة بحق أو علبة القمر، وهي مشابهة في تركيبها للساعات الميكانيكية. وفي الباب الأول: تكلم على أربعة أصناف من البنكامات، وهي ساعات رملية أو مائية، مما عرفه العرب في مطلع حضارتهم. وفي الباب الثاني: ذكر ثلاث آلات لجر الأثقال. وفي الباب الثالث: وصف أربع آلات لرفع الأثقال ومثلها لرفع الماء. وفي الباب الرابع: تكلم على عمل آلات الزمر الدائم والنقارات (ثلاثة أنواع) والفوارات المختلفة الأشكال (أربعة أنواع). وفي الباب الخامس ذكر أنواعاً شتى من آلات طريفة (أحد عشر نوعاً). وفي الباب السادس: وصف لسيخ اللحم الذي يدور بصورة آلية على البخار.   محمد زهير البابا   مراجع للاستزادة:   ـ بنو موسى بن شاكر، الحيل، تحقيق أحمد يوسف الحسن (معهد التراث العلمي العربي، حلب). ـ تقي الدين، الطرق السنية في الآلات الروحانية، تحقيق أحمد يوسف الحسن (معهد التراث العلمي العربي، حلب).
المزيد »