logo

logo

logo

logo

logo

تقانات التعليم

تقانات تعليم

Educational technologies - Technologies de l'éducation

تقانات التعليم

 

يستخدم مصطلح تقانات التعليم educational technology، أو تكنولوجية التربية ليدل على استخدام التقانات أو التكنولوجية في التربية أو التعليم. ويتباين مفهوم التقانات وتقانات التعليم فبعض المذاهب التربوية يركّز على الآلة والجهاز (كجهاز الحاسوب، وجهاز الفيديو)، وبعضها الآخر يركز على الرسالة أو البرامج التي تقدم للمتعلمين بوساطة الآلة والجهاز في أوعية مناسبة مثل أقراص الحاسوب، وأشرطة الفيديو، إلا أن كلاً من المذهبين السابقين يتسم بالنظرة الضيقة لأنه لايمكن استخدام الآلة أو البرنامج بصورة منفصلة عن الأخرى في عمليتي التعلم والتعليم، ولذلك لابد من جمعهما في نظام شامل يجمع بين تصميم البرامج التعليمية تصميماً تقنياً، والصفات التقنية للآلات التي ستعرض البرامج بوساطتها.

وتعرّف تقانات التعليم بحسب هذه النظرة الشمولية بأنها استخدام كل من الوسائل والأجهزة والأساليب والبرامج والمنتجات العلمية التي يمكن بوساطتها تحسين فاعلية نظام التعليم ورفع كفايته. وتتألف التقنية في النظام التدريسي من مجموعة متكاملة من العناصر، أهمها: الأهداف، ومحتويات التعليم والطريقة، والوسائل المستخدمة، وأساليب التقويم، وغير ذلك. وهذه تتفاعل فيما بينها من أجل تحقيق وظيفة معينة، أو تحقيق هدف محدد بفاعلية عالية وكلفة مناسبة.

واعتمدت جمعية الاتصالات التربوية والتقنية AECT في الولايات المتحدة الأمريكية تعريفاً شمولياً ينصّ على أن تقانات التعليم عملية متشابكة متداخلة تتضمن المشاركة الفعّالة بين عدّة عناصر تشمل العنصر البشري، وأساليب العمل والأفكار، والأدوات، والتنظيمات التي تتبعها لتحليل المشكلات التي تدخل في جميع جوانب التعلم الإنساني وبناء الحلول المناسبة لهذه المشكلات وإدارتها ثم تنفيذها وتقويم نتائجها. وتأتي حلول المشكلات في تكنولوجية التربية (أو تقانات التعليم) في صورة تجمع كل مصادر التعلم التي يتم تصميمها واختيارها أو استخدامها لتحقيق التعلم. ويتم تحديد هذه المصادر على شكل رسائل وأشخاص، ومواد وآلات وأساليب عمل وتجهيزات. ويمكن تحديد العمليات الخاصة بتحليل المشكلات، وبناء الحلول لهذه المشكلات، وتنفيذها، وتقويم نتائج هذه الحلول عن طريق وظائف تطوير التربية التي تتصل بالبحوث والنظريات والتصميم والإنتاج، والتقويم والاختبارات. أما العمليات التي تتصل بإدارة وتنسيق واحدة أو أكثر من هذه الوظائف، فيمكن تحديدها عن طريق وظائف الإدارة التربوية التي تتعلق بإدارة التنظيم وإدارة الأفراد.

تصنيف تقانات التعليم

تصنف تقانات التعليم استناداً إلى معايير متعدّدة، فيمكن تصنيفها تبعاً للحواس التي تتصل بها وتخاطبها، مثل الوسائل البصرية، كالصور الضوئية أو المعارض أو المتاحف أو الوسائل السمعية، كالمذياع أو المسجلة، والوسائل السمعية البصرية في التدريس، كالتلفزيون أو السينما أو الفيديو أو الحاسوب.

كما يمكن تصنيف التقانات التعليمية على أساس المستفيدين من الوسيلة المستخدمة، مثل الوسائل الجماهيرية، كالمذياع والتلفزيون والسينما، ووسائل فردية كالحاسوب الشخصي والمسجلة والهاتف والآلات التعليمية والمخبر اللغوي.

تطور تقانات التعليم

تطورت تقانات التعليم ولاسيما في الولايات المتحدة الأمريكية، وقد وضعها ويلبرشرام W. ischram في أربعة أجيال، تتألف وسائل الجيل الأول من منتجات الصناعة اليدوية السابقة لاستخدام الآلة، ومن هذه الوسائل الأدوات اليدوية المستخدمة في الإنتاج والتدريب كالفأس والقلم واللوحات وماشابه ذلك، وهي أقدم الوسائل التعليمية في عصر كان التعلم شفاهياً وعملياً، ثم أصبح كتابياً. وكان الاتصال بوساطة وسائل هذا الجيل فردياً في الغالب، واعتمد التعلم في هذا الجيل على المخطوطات، ولذلك ركّز التعليم على مهارتي القراءة والكتابة اليدوية على مخطوطات من الطين والجلد والخشب والورق، ولذلك بقيت المعرفة قاصرة على الصفوة من الناس كأبناء الأغنياء والحكام. وبعد اختراع يوهان غوتنبرغ[ر]  Gutenberg الطباعة اليدوية المتحركة عام 1457 طبعت المخطوطات بما فيها الإنجيل في كتب رخيصة يتداولها عدد كبير من الناس، وسميت هذه مرحلة الجيل الثاني في تقانات التعليم التي زادت من المعرفة، وعمّمت التعليم وجعلت فرص التعلّم أيسر، ومن ثم غيّرت من تركيب المجتمع الثقافي والمعرفي والاجتماعي. وكانت وسائل الجيل الثالث نتيجة تطور الصناعة في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، فاستخدمت الآلة في نقل الصورة والصوت والأفكار بين الناس لمسافات بعيدة، فنتج من ذلك مايعرف اليوم بالوسائل السمعية والبصرية في التدريس. واستخدمت الصورة الضوئية والشرائح والأفلام الثابتة والأفلام المتحركة الصامتة، وأجهزة التسجيل الصوتي والأسطوانات والأشرطة المغنطيسية والسينما الناطقة والتلفزيون في الإعلام والثقافة والتربية. وتتصف هذه الوسائل بأنها أكثر اعتماداً على الحواس السمعية والبصرية للوصول إلى الخبرة المباشرة وتكوين المفهومات والمعلومات، مما خفف من الحفظ واللفظية التي سادت في الجيل التربوي الثاني.

وبدأت وسائل الجيل الرابع في الستينات فوسّعت من عقل الإنسان، ويسّرت له التعلم الذاتي عن طريق التفاعل بين الإنسان والآلة بوسائل تقنية متعددة، داخل المدرسة وخارجها، وتراكمت المعرفة بسرعات كبيرة بعد استخدام الحاسوب  وعلم المعلومات فتضاعفت المعرفة في أواسط التسعينات كل سنتين، ومازال التراكم السريع للمعلومات يسير بخطا سريعة بفضل تقانات المعلومات وتقانات التعليم.

وأسهم الحاسوب في تطور المعلومات وتقانات التعليم، وتفاعل مع غيره من التقانات، وتكونت شبكات المعلومات، والموسوعات المعرفية والعالمية، وخاصة في شبكة إنترنت[ر] Internet وأنظمة الاتصال بوساطة الأقمار الاصطناعية والهاتف والفاكس والبريد الإلكتروني، وأنظمة التقانات المتعددة كالحقائب التعليمية، والرزم التعليمية، والفيديو التفاعلي، والحاسوب، والتعليم والتعلم من بُعد. وتفاعلت أنظمة تقانات التعليم والإعلام والمعلومات لتكون نظاماً شاملاً معقداً جعل العالم مفتوحاً وكأنه (بيت مدرسي) شامل للكرة الأرضية، والعلوم الطبيعية والإنسانية، وأصبحت فيه المعلومات نظام الأنظمة جميعها، وتستخدم التقانات المتعددة في التعليم والمعرفة الحديثة.

ويسّرت تقانات التعليم المعاصرة عملية التعلم الذاتي لأنها وضعت بين أيدي الأفراد تقانات متطورة تمكن المتعلم من التعلم بنفسه بوساطة الآلات التعليمية، والحاسوب، والفيديو، والفيديو التفاعلي، والحقائب التدريسية، والمخابر اللغوية، وشبكات الاتصال بالهاتف والفاكس والتلكس، إما مباشرة وإما عن طريق شبكات المعلومات العالمية مثل شبكة إنترنت التي تستخدم مجموعة واسعة من التجهيزات المعلوماتية يختص كل منها بنوع أو أكثر من الأنواع المختلفة من المعلومات، وتقوم رزم أو حزم برمجية متخصصة بقيادة هذه التجهيزات وإدارة الأنواع المختلفة من المعلومات، وهذا يتطلب استخدام أنواع من التجهيزات الإضافية التي ترتبط بالحاسوب مثل: بطاقات إدخال وإخراج الأصوات sound cards وأجهزة مسح الصور scanners وبطاقات الفيديو video cards وبطاقات ضغط الصور الثابتة، ووحدات التخزين، وأجهزة تابعة وبينية ترتبط بالحاسوب كالوصلة البينية المسماة مودم modem التي تصله بالهاتف والفاكس.

وتعرض المعلومات ويجاب عن الاستفسارات بتقانات شفهية ومكتوبة، وبصرية وحركية، مما ييسّر التعلم الذاتي ويشجع عليه، إذ يستطيع المتعلم متابعة الدروس المسجلة على أشرطة فيديو وحل المسائل المطروحة في نهاية الدرس من خلال برنامج تفاعلي يقوّم مدى فهم المتعلم للموضوع المطروح وتحديد المرحلة التالية أو الدرس التالي. وبذلك استفادت التقانات التعليمية من تنوع الوسائط في عرض المعلومات وبإجابات المتعلمين وتقويمها. وتستخدم التقانات والوسائط المتعددة والمتكاملة مع أجهزة وتقانات تيسّر التعلم الجمعي كلوحة عرض البيانات Data Show (DS) التي تسمى أيضاً لوحة الكريستال السائل Liquid Crystal Display (LCD) التي يمكن وصلها بالحاسوب أو الفيديو فتظهر فيها المعلومات من كتابات ورسوم مبكرة بوساطة جهاز السبورة الضوئية الذي ينقل المعلومات من اللوحة إلى الشاشة لتستخدم في التدريس الجمعي والعروض الإيضاحية لمجموعات كبيرة، كما تيسّر  التفاعل بين المشاهدين والبرنامج التعليمي المعروض بالحاسوب. ويتم التركيز اليوم على شبكة إنترنت العالمية لأنها شبكة الشبكات، إذ يستطيع المشترك فيها الاتصال ببنوك المعلومات والموسوعات العالمية والمتاحف والمعارض والمؤسسات والأشخاص المشتركين فيها في جميع أنحاء العالم، ويستخدم تقنية الحاسوب وتوابعه من وصلات بينية وهاتف وبريد إلكتروني للاتصال والتعلم الذاتي بتقانات فعالة ورخيصة.

 

أنواع تقانات التعليم

1ـ أجهزة عرض الصور الضوئية الثابتة للتعليم، ويمكن الإشارة إلى الأجهزة الآتية:

 ـ السبورة الضوئية، وهي جهاز عرض الشفافيات الكبيرة والأجسام الشفافة الثابتة أوالمتحركة (الشكل ـ 1)

ـ الأبيسكوب ويعرض الصور المعتمة والعينات والأدوات الصغيرة مكبرة على الشاشة (الشكل ـ 2).

ـ الدياسكوب أو جهاز عرض الشرائح الصغيرة، وأفلام 35ملم الثابتة، وقد يضاف له الصوت لينقل الصورة والصوت متزامنين ويسمى الدياسكوب الناطق (الشكل ـ 3).

 

 

وهناك أجهزة تجمع بين هذه الأنظمة بأشكال مختلفة في جهاز واحد.

2ـ تقانات عرض الصوت للتعليم، وأكثرها شيوعاً في التعليم المسجلة والهاتف وأعقدها المخبر اللغوي الذي يتألف من مجموعة من المسجلات وتوابعها (الشكل ـ 4).

3ـ تقانات عرض الصورة والصوت معاً، وأكثرها شيوعاً السينما والتلفزيون والفيديو، والفيديو التفاعلي والحاسوب (الشكل ـ 5).

تقانات الاتصال عن بعد الإلكترونية

 

أسهمت تقانات الاتصال عن طريق الأقمار الاصطناعية satalite في تيسير الاتصال وخاصة في شبكة الإنترنت وتوابعها مثل الشبكة العنكبوتية العالمية world wide web والفاكس fax أو المثالة (الناسوخ) التي تنقل الكتابة والصور في صورة طبق الأصل بوساطة الهاتف، والتلكس telex والبريد الإلكتروني e.mail وصارت هذه التقانات أنظمة أساسية للتعلم المفتوح العالمي، مما ييسّر التعلم في البيت، والمكتب من دون الحاجة إلى السفر طلباً للعلم.

 

ويتم اختيار التقنية التعليمية استناداً إلى درجة مناسبتها للموقف التعليمي الذي تكون فيه قادرة على تحقيق أهداف التدريس بكفاية وفاعلية مناسبة.

وتستخدم تقانات التعليم بأنواعها المتعددة في جميع دول العالم ولكن بمستويات مختلفة في درجة تطورها، إذ تستخدم التقانات التعليمية المتقدمة في الدول الغنية لتحسين التعليم والتعلّم أكثر من استخدامها في الدول الفقيرة التي تعتمد على تقانات تعليمية رخيصة من البيئة أو فضلاتها، وتطور لتصبح صالحة للتعليم. أما الدول الغنية والمتقدمة فإنها تستخدم تقانات متقدمة كالحاسوب، والفيديو، والفيديو التفاعلي، والفيديو فون، والفاكس، والتلكس، والبريد الإلكتروني.

ويسّرت شبكة الإنترنت، والشبكة العنكبوتية العالمية لجميع المشتركين فيهما الاستفادة من معلومات متوافرة في جميع أنحاء العالم مما قد يسهم في تعميم المعلومات والتعليم. وتستخدم في دول الوطن العربي تقانات تعليمية تقليدية، ومتطورة، وذلك بحسب إمكانات كل بلد.

آفاق مستقبلية

يسمى العصر الحالي عصر المعلومات، وفي أواسط التسعينات من القرن العشرين تتضاعف المعرفة كل سنتين، ولذلك يتوقع أن تصير المؤسسات التربوية كالمدارس والمعاهد والجامعات عاجزة عن مجاراة التطور المعرفي السريع، مما سيؤدي إلى تغيرات كبيرة في الأنظمة التدريسية. وسيؤدي ذلك إلى انتشار أساليب متعددة من التعلم الذاتي، والتعلم من بعد، وهذا يتطلب توافر واستخدام تقانات تعليمية متعددة ومتطورة كالحاسوب والفاكس والاشتراك في شبكة الإنترنت، والاتصال عن طريق الأقمار الاصطناعية، وبذلك يصير في قدرة المتعلم اختيار نوعية التعلم ومكانه وزمانه حسب حاجته، كما يمكن للمتعلم تجاوز حدود الزمان والمكان، لأن هذه الأجهزة والتقانات الحديثة قد حولّت العالم إلى «قرية إلكترونية» أو إلى «بيت مدرسي» يستطيع الإنسان فيها التفاعل مع منظومة معقدة من العلاقات مع البشر والآلات، تمكنه من التعلم الذاتي المفتوح وهو جالس في بيته أو مكتبه.

ويصعب تحديد تصور واضح لتطور المعلومات والتقانات التعليمية في المستقبل إلا أنه يمكن القول إن من يستفيد منها بسرعة يستطيع أن يواكب عصر المعلومات سريع التغيّر، ومن ثم يسد فجوة التخلف بينه وبين المتقدمين في هذا المجال في العالم، وتصبح التقانات التعليمية والمعلوماتية أداة في تيسير تكافؤ الفرص في التعليم والاتصال.

 

محمد وحيد صيام

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

الإعلام ـ التعلم ـ التعلم عن بعد ـ التعليم.

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ جمعية الاتصالات التربوية والتقنية AECT، تعريف تكنولوجيا التربية، النظرية ـ المجال ـ المهنة، ترجمة حسين حمدي الطوبجي (دار القلم، الكويت 1985)..

ـ محمد زياد حمدان، وسائل وتكنولوجيا التعليم، مبادؤها وتطبيقاتها في التعلم والتدريس (دار التربية الحديثة، عمان 1986).

ـ أ. ج روميسوفسكي، اختيار الوسائل التعليمية واستخدامها وفق مدخل النظم، ترجمة صلاح عبد المجيد العربي (منشورات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، المركز العربي للتقانات التربوية 1976).

ـ فخر الدين القلا ومحمد وحيد صيام، تقانات التعليم (منشورات جامعة دمشق 1995).

- G.BITTER and RUTH CAMUSE,Using Microcomputer in the Class-Room (Arizona State University, Prentice Hall-Com, Reston 1984). 

- GERLACH and ELY, Teaching and Media, A Systematic Approach (Prentice Hall,Com, Englewood Cliffs, New Jersey 1971).


التصنيف : تربية و علم نفس
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 711
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 590
الكل : 30995263
اليوم : 51064

التسمع

التسمّع   يؤدي تحريك أحد الأجسام بسرعة معينة، مهما كانت طبيعته الفيزيائية (غاز، سائل، جامد)، إلى حدوث اهتزازات في الوسط المحيط به تنتقل إلى الأذن التي تدركها على هيئة أصوات متفاوتة الشدة واللحن، وتزداد هذه الأصوات شدة عندما يصادف الجسم المتحرك أحد العوائق في أثناء حركته. تتحرك بعض أعضاء جسم الإنسان حركة دائمة، كالقلب الذي يتقلص وينبسط باستمرار، والدم الذي يجول ضمن الأوعية بلا توقف، كما أن الحركات التنفسية ترشف الهواء الخارجي إلى داخل الرئتين ثم تنفثه ثانية مما يزود الجسم بالأكسجين اللازم لاستمرار الحياة. تصدر هذه الأجسام المختلفة في أثناء حركتها أصواتاً تختلف صفاتها في حالتي الصحة والمرض، وقد استفاد الأطباء من هذه الاختلافات في تشخيص الأمراض التي تصيب الجسم وخاصة أمراض الجهاز التنفسي وجهاز الدوران. كما يمكن سماع دقات قلب الجنين بمسمع خاص أو حديثاً بوساطة جهاز يستخدم الأمواج فوق الصوتية (جهاز دوبلر).     يستطيع الطبيب سماع الأصوات التي تصدر عن هذه الأجسام المتحركة، إذا طبق أذنه مباشرة على أنحاء معينة من جسم المريض. إلا أن عملية التسمع تصبح أسهل لكل من الطبيب والمريض باستعمال السماعة الطبية. تسمُّع القلب يستطيع الطبيب سماع دقات القلب عندما يطبق صيوان السماعة على الناحية القلبية (ناحية الثدي الأيسر) إلا أن الطبيب يركز الصيوان عادة على عدة نقاط من هذه الناحية تناسب صمامات القلب الأربعة (وهي الصمام التاجي والصمام الأبهري والصمام الرئوي والصمام مثلث الشرف) التي كثيراً ماتكون مقراً لآفات قلبية، وتدعى هذه النقاط البؤر التسمعية. تتألف كل دقة من دقات القلب من صوتين متميزين: الصوت الأول الذي يسمع على أشده في البؤرة التاجية وينجم عن تقلص البطينات وانغلاق الصمامين التاجي ومثلث الشرف. والصوت الثاني الذي يسمع على أشده في قاعدة القلب وينجم عن انغلاق الصمامين الأبهري والرئوي. يبلغ عدد دقات القلب (70-80) دقة وسطياً في الدقيقة، وتتميز الدقات بانتظامها ولحنها الخاص. يتجاوز عدد دقات القلب في بعض الحالات الحدود السوية زيادة أو نقصاً أو أنها تفقد انتظامها في حالات أخرى، ويدعى مجمل هذه الاضطرابات بـ «اللانظميات» التي تأخذ أشكالاً متعددة تختلف في أسبابها وخطورتها وطرق معالجتها، ويستطيع الطبيب تشخيص معظم هذه الاضطرابات عن طريق التسمّع. يتغير لحن الأصوات القلبية في بعض الحالات المرضية، فقد تعود خافتة في بعض الأحيان أو يصبح أحد الصوتين الأول أو الثاني أو كلاهما أكثر حدة أحياناً أخرى، وقد يضاف إلى الصوتين الطبيعيين صوت ثالث، ويشير ذلك كله إلى وجود آفة مرضية في القلب يسهم التسمّع إلى حد كبير في تحديد طبيعتها وطرق معالجتها. يمر الدم في أجواف القلب عادة بكل سهولة ويسر، إلا أن إصابة الصمامات القلبية ببعض الآفات المرضية يؤدي إلى تضيّق الفتحات التي تصل بين أجواف القلب أو إلى اتساعها، وكذلك الحال في بعض الشذوذات الخلقية التي تصيب القلب، وتؤدي هذه الحالات إلى خلل في انسياب الدم داخل الأجواف القلبية أو الانطلاق منها إلى الأوعية الدموية، ويترافق ذلك بظهور أصوات إضافية إلى جانب الأصوات القلبية الطبيعية تأخذ شكل النفخات.  يختلف توضع النفخات في البؤر القلبية وتوقيتها بالنسبة للأصوات القلبية الطبيعية (نفخات انقباضية ونفخات انبساطية) ولحنها وانتشارها من آفة لأخرى مما يساعد الطبيب على معرفة مكان الآفة المسببة وتعيين طبيعتها. وقد تنجم الأصوات الإضافية في بعض الحالات عن إصابة الغشاء المغلف للقلب (التامور) بالالتهاب واحتكاك وريقتيه ببعضهما مع كل دقة قلبية. تسمّع الصدر يؤدي مرور الهواء التنفسي عبر القصيبات إلى حدوث اهتزازات تنتقل عبر النسيج الرئوي السليم إلى جدار الصدر حيث يمكن سماعها بتطبيق الأذن أو صيوان السماعة على أي ناحية من جدار الصدر، ويدعى الصوت المسموع في هذه الحالة التنفس الحويصلي. أما مرور الهواء عبر الحنجرة والرغامى فيؤدي إلى حدوث صوت عال مرتفع الطبقة يسمع بوضع السماعة على الرغامى خارج الصدر ويدعى الصوت المسموع في هذه الحالة التنفس المزماري. أمّا في الحالات المرضية فقد يغيب التنفس الحويصلي كما يحدث عندما يمتلىء جوف الجنب بأحد السوائل أو بالهواء (الريح الصدرية). كما أن تكثف النسيج الرئوي التالي لإصابته بالالتهاب يسهل وصول التنفس المزماري إلى جدار الصدر بوضوح حيث يسمع مكان التنفس الحويصلي، ويطلق عليه في هذه الحالة اسم النفخة التي تأخذ لحناً مميزاً في بعض الحالات المرضية مما دعا لوصف عدة أنواع من النفخات منها النفخة الأنبوبية والنفخة الكهفية وغيرها. تترافق بعض الحالات المرضية بتضيق في الطرق التنفسية أو توضع مفرزات مخاطية قيحية فيها، فإذا كان التضيق شديداً أدى إلى صدور أصوات جافة ذات لحن موسيقي تدعى الوزيز كما هي الحال عند الإصابة بالربو. أما إذا وقع التضيق على مستوى الرغامى والقصبات الكبيرة كانت الأصوات المسموعة أكثر خشونة وأرطب لحناً ودعيت حينئذ بالغطيط. إذا توضعت التبدلات المرضية على مستوى الأسناخ الرئوية أو القصبات الانتهائية أدت إلى صدور أصوات شاذة يكشفها التسمع تدعى الخراخر، وهي على نوعين خراخر فرقعية ذات لحن جاف ينجم عن انفتاح الأسناخ المصابة بالتوذم أو التليف، وخراخر فقاعية ذات لحن رطب تسمع عند وجود مفرزات سائلة في الطرق الهوائية القاصية. ويكشف التسمّع في أمراض الجنب وجود أصوات سطحية مختلفة الشدة تدعى الاحتكاكات تنجم عن تماس وريقتي الجنب المريضتين في أثناء الحركات التنفسية. تسمّع الأوعية المحيطية تصاب الشرايين في الأعمار المتقدمة بتبدلات في جدرها يطلق عليها اسم العصيدة الشريانية وتزداد هذه التبدلات بفعل بعض العوامل البيئية والوراثة، مما يؤدي إلى تضيق لمعة الشرايين المصابة. يؤدي مرور الدم في هذه المناطق المتضيقة من الشريان إلى صدور نفخات تسمعها الأذن عند تطبيق صيوان السماعة على المنطقة المتضيقة، وتتميز هذه النفخات بكونها مستمرة خلافاً للنفخات الناجمة عن آفات الصمامات القلبية. وأكثر الشرايين تعرضاً للتضيق وإصدار النفخات هي الشرايين السباتية في العنق وفروع الشريان الأبهر البطني كالشرايين الكلوية والجذع الشرياني الزلاقي وتفرعاته. كما أن الاتصال الشاذ بين الشرايين والأوردة المحيطية (النواسير) قد يكون السبب في حدوث نفخات تسمع في مكان توضع الناسور وتتميز هي أيضاً بكونها نفخات مستمرة.   زياد درويش   مراجع للاستزادة:   - MORGAN, Occupational Lung Disease, Saunders (1984).
المزيد »