logo

logo

logo

logo

logo

الاتحاد الوطني ل-طلبة سورية

اتحاد وطني لطلبه سوريه

National Union of Syrian Students - Union nationale des étudiants syriens

الاتحاد الوطني لطلبة سورية

 

الاتحاد الوطني لطلبة سورية National Union of Syrian Students هو منظمة شعبية تضم طلبة الجامعات والمعاهد العليا والمتوسطة في الجمهورية العربية السورية، والطلبة السوريين الدارسين خارج القطر. مقر الاتحاد مدينة دمشق، وله فروع في داخل سورية وخارجها، وهو يمثل الطلبة العرب السوريين داخل سورية وخارجها.

ولقد شكل تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة سورية الإطار التنظيمي للنضال الطلابي الذي بدأ مع البدايات الأولى للتعليم في سورية، وتفاعل نشاط الطلاب مع حركة الجماهير ومع نضالها الوطني والقومي في عملية تأثر وتأثير متبادلين. ولأن الطلاب كانوا يمثلون الفئة المثقفة في المجتمع بما يتاح لهم من الإطلاع على الأفكار والمبادئ الوطنية والتحررية، فقد كان لهم المهمة القيادية في تاريخ النضال الوطني للتحرر من الاستعمار ومخلفاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية سواء قبل الاستقلال أو بعده.

وقد حاول الطلبة تنظيم نضالهم في وقت مبكر، منذ الخمسينات فكانت الخطوة الأولى نحو هذا الهدف يوم الثلاثين من آذار لعام 1950 عندما انعقد المؤتمر الطلابي الأول في اللاذقية برئاسة الطالب حافظ الأسد آنذاك. وترسم المقررات التي اتخذت في ذلك المؤتمر صورة عن الوعي الطلابي المبكر، وكان أهم تلك المقررات:

1.    الدعوة إلى النضال ضد الاستعمار بجميع أشكاله وألوانه.

2.    الدعوة إلى تحقيق الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج.

3.    المطالبة بالتـدريب العسكـري فـي الصفوف الثانوية.

4.    تعريب الشركات الأجنبية الموجودة في القطر ثم تأميمها.

5.    تحقيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص أمام المواطنين.

ومن هنا أصبح ذلك اليوم جديراً بأن يمثل عيد الطالب العربي السوري، كما انعقدت مؤتمرات أخرى في دمشق وحمص وحلب.

وكان من الطبيعي أن تتفاعل مسيرة النضال الطلابي مع مسيرة حزب البعث العربي الاشتراكي [ر] منذ الخطوات الأولى لتأسيسه، فقد اعتمد الحزب على الفئة المثقفة في بداياته وعلى الطلبة الذين انضموا إليه وناضلوا في صفوفه وأسهموا إلى جانب قوى الشعب الأخرى في مواصلة معركة البناء الوطني والتحرر الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، وتعزيز مرتكزات الاستقلال بكل أشكاله.

وهكذا تطورت أساليب النضال الطلابي مع تطور مراحل التعليم في سورية، ومع تطور المجتمع، وتطور النضال السياسي والقومي وأخذ ذلك النضال أشكالاً متعددة في تلك المراحل التاريخية وخاصة إبان الوحدة مع مصر، كما كان الاتحاد الطليعة الطلابية التقدمية التي أسهمت في النضال ضد حركة الانفصال، وقادت النضال الطلابي للقيام بدور فاعل إلى جانب بقية فئات الشعب لتفجير ثورة الثامن من آذار [ر] سنة 1963.

تأسيس الاتحاد الوطني لطلبة سورية

كان تأسيس الاتحاد ثمرة من بواكير ثمرات ثورة الثامن من آذار فبعد نحو شهر أي في الثالث والعشرين من نيسان 1963، كان المؤتمر التأسيسي الذي أعلن فيه تسمية الاتحاد الوطني لطلبة سورية منظمة شعبية نقابية. ومع الدعم الذي وفرته الثورة للقطاع الطلابي وللقطاعات الجماهيرية الأخرى لم يكن للاتحاد ذلك النشاط الفعال الذي كان يطمح إليه لأن الصراعات التي رافقت مسيرة الثورة وحالة عدم الاستقرار التي عاشتها آنذاك انعكسا سلباً على نشاطات الاتحاد وممارساته النضالية. غير أنه كان للحركة التصحيحية التي قادها الرئيس حافظ الأسد سنة 1970 الدور الأساسي في دعم المنظمات الشعبية والمهنية السياسي والاهتمام الخاص بالتعليم وبالقطاع الطلابي وتعزيز الاتحاد وقيادته للجماهير الطلابية وترسيخ دوره في حياة المجتمع بصورة عامة، وفي الحياة الجامعية بصورة خاصة، وتبلورت على نحو أعمق مبادئه الأساسية وأهدافه السياسية والنقابية، كما تطورت نشاطاته وشملت جوانب كثيرة في حياة القطاع الطلابي. كالنشاطات السياسية والنقابية والثقافية والرياضية والاجتماعية والإعلامية للطلبة وأسهم بفروعه الداخلية والخارجية في تطوير الحياة التعليمية وربط الجامعة بالمجتمع وتعزيز صلة الطلاب الدارسين في الخارج بوطنهم وتحقيق تفاعلهم مع قضاياه إضافة إلى قيادة نشاطاتهم الثقافية والسياسية والعلمية.

أهدافه الأساسية ومبادئه العامة

·        إيمان الاتحاد بأهداف الأمة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية.

·     تعزيز روح انتماء الجماهير الطلابية إلى الوطن، والولاء لقائده، وتعميق روح الوطنية والإسهام الكامل في تعزيز بناء الوحدة الوطنية.

·        الالتزام بمسيرة حزب البعث العربي الاشتراكي، وبفكر أمينه العام حافظ الأسد.

·        الإسهام الفعال في الحياة الجامعية وتحقيق شعار ربط الجامعة بالمجتمع، والدفاع عن مصالح الطلبة.

·        العمل على إتاحة الفرصة أمام أبناء الكادحين لإتمام تحصيلهم الدراسي.

·   إعداد الطلبة فكرياً ونضالياً لمواجهة الرجعية بكل مظاهرها وأدواتها والدفاع عن مكتسبات الثورة والإسهام في بناء مجتمع التقدم والاشتراكية.

·   العمل على تحقيق وحدة الحركة الطلابية العربية، ودعم حركات التحرر العالمية، ومكافحة النشاط الاستعماري والصهيوني والتفرقة العنصرية.

الهيئات القيادية

آ - المؤتمر العام، وهو أعلى سلطة تشريعية في الاتحاد ويتألف من ممثلي الفروع الداخلية والخارجية المنتخبين بالإضافة إلى أعضاء المجلس المركزي السابق، وينعقد المؤتمر كل خمس سنوات.

ب - المجلس المركزي وهو أعلى سلطة في غياب المؤتمر وينتخب من المؤتمر العام، ويتألف من سبعين عضواً ومن أبرز مهامه انتخاب المكتب التنفيذي، ووضع السياسة العامة للاتحاد في غياب المؤتمر العام.

ج - المكتب التنفيذي: وينتخبه المجلس المركزي من بين أعضائه، وهو أعلى قيادة تنفيذية في الاتحاد، ينفذ قرارات المؤتمر العام والمجلس المركزي وتوصياتهما.

د - وعلى مستوى الفروع هناك مؤتمرات الفروع، ومؤتمرات الوحدات الطلابية، ويقود الفروع المكاتب الإدارية المنتخبة من مؤتمرات الفروع والهيئات الإدارية على مستوى الكليات والمعاهد.

ويضم الاتحاد خمسة عشر فرعاً في الداخل وثمانية وعشرين فرعاً في الخارج.

نشاطات الاتحاد في المجالات السياسية والنقابية والثقافية والعلمية

يضطلع الاتحاد بدور بارز في الحياة الجامعية، بقيادة القطاع الطلابي وتطوير إمكاناته الفكرية والسياسية والعملية، وبما يؤهله للإسهام في معركتي البناء والتحرير، وتنفيذ مقررات الحزب وتوجيهات قائد مسيرته السيد الرئيس حافظ الأسد.

وكذلك تتركز الدورات التثـقيفية ودورات الإعداد النقابي والسياسي والتقارير المقدمة إلى المؤتمرات بمستوياتها كافة، والمنشورات الفكرية والإعلامية، والندوات والمحاضرات السياسية والنقابية التي تنظم في معسكرات التدريب العسكري والمعسكرات الإنتاجية لتشكيل أساليب فعالة لرفع السوية السياسية والفكرية للطلبة.

وجاءت معسكرات التدريب العسكري الجامعي، لتجعل القطاع الطلابي رديفاً حقيقياً للقوات المسلحة في الدفاع عن الوطن وحماية مكتسبات الثورة. كما شكلت تجربة المعسكرات الإنتاجية،  الطبية الصيدلانية، والطبية السنية، والزراعية، والصيدلانية والطبية البيطرية، والهندسة بأنواعها (المدنية والكهربائية والميكانيكية والعمارة) والجيولوجية والبيئة، والحقوقية ومعسكرات الصحافة والجغرافية وعلم الاجتماع ومعسكرات المعاهد المتوسطة، خطوة عملية مهمة على طريق ربط الجامعة بقضايا المجتمع، وزيادة دور القطاع الطلابي في الإسهام بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ويسهم الاتحاد في إنجاح العملية التعليمية من خلال تمثيله في مجلس التعليم العالي ومجالس الجامعات واللجان المنبثقة عنها وفي مجالس المعاهد المتوسطة وينقل آراء الطلبة واقتراحاتهم إلى تلك المجالس.

كما ينظم الاتحاد النشاطات الفنية والرياضية والمسرحية والإعلامية ويشرف عليها، وله مجلة دورية «جيل الثورة» بالإضافة إلى برنامجه التلفزيوني الأسبوعي.

ويُدير، مباشرة أو بطريق غير مباشر، المطاعم والمقاصف والندوات الطلابية لتقديم الخدمات للطلبة بالصورة المثلى والأسعار المناسبة.

ويولي الاتحاد أهمية خاصة للطلبة العرب الدارسين في الجامعات والمعاهد ليكونوا أكثر قدرة على تلقي العلم والمعرفة من جهة، وعلى القيام بدورهم القومي من جهة أخرى.

 

حامد حسن
 

التصنيف : القانون
المجلد: المجلد الأول
رقم الصفحة ضمن المجلد : 229
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 533
الكل : 29595239
اليوم : 50155

التكيف النفسي

التكيف النفسي   التكيف ajustment adaptation عملية دينامية مستمرة، يهدف بها الفرد إلى أن يغير سلوكه، ليحدث علاقة أكثر توافقاً وتوازناً مع البيئة، كما تدل على مفهوم بيولوجي استخدم في نظرية التطور والبقاء، فالكائن الحي القادر على التكيف مع البيئة، ومفاجآتها يستطيع الاستمرار في البقاء، أما الذي يخفق في التكيف فمصيره إلى الزوال، وتشمل البيئة كل المؤثرات والإمكانات والقوى المحيطة بالإنسان التي يمكن أن تؤثر في جهوده للحصول على التوازن النفسي والبدني في معيشته. مجالات التكيف تتداخل مجالات التكيف، ويمكن تقسيمها إلى الفئات الآتية: ـ التكيف البيولوجي: ويقوم على تكامل الأعضاء الفيزيولوجية وأدائها الوظيفي لدى الكائن الحي، ضمن ما يطلق عليه عتبة التكيف الحسي. ـ التكيف الإيكولوجي: وهو تعايش الشخص مع شروط البيئة وتعامله معها بسلوك مناسب من المقاومة والتقبل. ـ التكيف الثقافي الاجتماعي: ويتعلق بطبيعة التنظيم الاجتماعي والثقافي وعلاقات أفراده وجماعاته. ـ التكيف النفسي المعرفي: ويتم عن طريق الإدراك والتفكير والقيام بعمل معرفي، ويؤدي إلى التكامل بين العمل البنيوي والوظيفي. ـ التكيف النفسي الانفعالي: ويشمل كل نشاط يتعلق بغدد الإنسان الداخلية وعواطفه وانفعالاته. ـ التكيف الفلسفي الأخلاقي ـ الروحي: ويعني تصرف الإنسان وفق فلسفات خاصة تعلمها في بيئته، وتجعله يفسر الظواهر والأشياء والمواقف وفق معتقداته الفلسفية والأخلاقية والروحية. هذا ويصعب الفصل بين هذه المجالات في الحياة الفعلية. مكونات التكيف اهتم بياجيه Piaget بالتكيف والتنظيم العقلي عند الأطفال، واستخدم منهجاً شبه عيادي في البحث، استقى فيه معلوماته من الملاحظات عن النمو العقلي لدى الأطفال من حيث المحتوى والبنية والوظيفة، وفسر النمو من خلال عمليتي التنظيم والتكيف، فالتنظيم له مستويان: بيولوجي وسيكولوجي، ويعبر المستوى البيولوجي للتنظيم عن الأفعال المنعكسة، في حين يعبر المستوى السيكولوجي عن تطوير البنية البيولوجية أو تعديلها نتيجة الاحتكاك والتفاعل مع البيئة. ويتحقق التكيف لديه من خلال عمليتي التمثل assimilation والمطابقـة accommodation، ويتم التمثل من الخارج إلى الداخل، ضمن سلسلة من الخطط مثلما يتمثل الطفل الطعام والخبرات الجديدة. وفي الطفولة المبكرة (2-5) سنوات يركز الطفل على نفسه، ولذلك يقوم بفاعلية التمثل أكثر من المطابقة مستخدماً الكلمات والرموز، ويبني الخطط التمثلية في ألعابه الإيهامية ويحورها حتى تصبح مقبولة لوجهة نظره، وتتزايد خطط المطابقة في الطفولة المتأخرة (6-12) سنة، إذ تختفي الألعاب الإيهامية التمثيلية وتظهر فيها أشكال المطابقة مع البيئة الاجتماعية وبعدها تعود فعالية التمثل إلى السيطرة، في المراهقة (13-18)، وفي آخرها يتوازن التكيف بالتمثل مع التكيف بالمطابقة، إذ يعدل الخطط نتيجة تمثل الخبرات الجديدة داخل البنية. وتظهر فعالية المطابقة في الاستكشاف والاستطلاع والتعلم بالمحاولة والخطأ، إذ يقوم الإنسان بتوليفات للخطط، ويستمر بالتجارب والبحث عن معلومات إلى أن يصل إلى خطط جديدة ناجحة، ومن خلال تفاعل عمليتي التمثل والمطابقة، يتمثل الطفل خبرات جديدة أو يكيف خططه عن طريق توسيعها أو مزجها، حتى يتمكن من مواجهة المواقف الجديدة، وبذلك تكون خططه مرنة للغاية، لكنها تظل محتفظة بطابعها ككليات منظمة، يسميها بياجيه الخطط، وبها يواجه الأحداث، ومتغيرات البيئة، أو كلما وسع الإنسان من نطاق عمله وأدائه. التكيف الناجح والتكيف المخفق (التكيف الإيجابي والتكيف السلبي) ليست كل المحاولات التي يقوم بها الفرد في سبيل التكيف ناجحة دوماً، وتختلف درجة النجاح من موقف لآخر بحسب ظروف المواقف، وتوافر الوسائل الملائمة، فإن كانت الاستجابات التي يقوم بها الفرد موصلة للهدف من دون أن يترتب عليها خسارة له أو للمجتمع، يوصف التكيف بأنه ناجح. أما التكيف غير الناجح فهو التكيف الذي لا يوصل إلى الهدف، فالفرد الذي يعيش في بيئة باردة وينتقل إلى منطقة حارة يتخذ عدداً من التدابير لحماية عضويته من التغير في البيئة الطبيعية، فإذا نجحت تلك التدابير يوصف بأنه تكيف ناجح، وإن أخفقت يوصف بأن تكيفه غير ناجح أو مخفق. العوامل الأساسية في التكيف 1ـ العوامل الجسدية: قد يحدث سوء التكيف بسبب الشروط الفيزيولوجية في بناء الجسم، وإن عدم إشباع الحاجات العضوية الأساسية يجعل صاحبها عرضة للاضطراب والتوتر وعدم التوازن. 2ـ العوامل النفسية: يتأثر التكيف بخبرات الطفولة والحاجات الأساسية المشتقة والقدرات العقلية وموقف الإنسان من نفسه: آ ـ خبرات الطفولة: تتكون قدرات الفرد وخصائص شخصيته وأنماط سلوكه في مرحلة الطفولة المبكرة، أي في السنوات الخمس الأولى من العمر التي تنتقل آثارها إلى المراحل التالية من عمر الإنسان، وتكوّن الهيكل الأساسي لبنية شخصيته، وفيها تتكون العقد النفسية والعصابات والمخاوف المرضية وما يترتب عليها من جنوح الأحداث والتخلف المدرسي، في المراحل اللاحقة من العمر. ب ـ الحاجات المشتقة: ويُقصد بها الحاجات التي تنشأ بنتيجة التعلم، وتكون في خدمة الحاجات الأساسية. وقد رتب ماسلو Maslow  الحاجات بحسب أهميتها مبتدئاً بالحاجات الأساسية: كالحاجة إلى الطعام والشراب (الفيزيولوجية) الحاجة إلى الأمن والحاجة إلى الحب والانتماء والتفاعل والحاجة إلى المكانة والتقدير واحترام الذات والحاجة إلى تحقيق الذات والحاجات الجمالية. ج ـ القدرات العقلية الخاصة: قد يعاني الأفراد الذين تكون قدرتهم الذكائية منخفضة من سوء التكيف، فيصابون بالإحباط والخيبة، وقد يعاني المتفوقون من التلاميذ حالات الملل والضيق بسبب ارتفاع قدراتهم عن مستوى غالبية الزملاء، لذلك دعت التربية الحديثة إلى التعلم الفردي أو الذاتي داخل المدرسة وخارجها حتى يتعلم كل تلميذ وفق سرعته الذاتية في التعلم، ووفق حاجاته ونجاحه في التعلم. د ـ موقف الإنسان من نفسه: إن معرفة الإنسان لنفسه، وما يمتلك من إمكانات، ورضى الإنسان عن نفسه، يمكّنه من أن يرسم مستويات طموح واقعية خاصة به تتناسب وإمكاناته، إذ إن الكثير من متاعب الأفراد تنجم عن تطلعهم إلى أعمال تفوق إمكاناتهم، أي إن مستويات الطموح لديهم لا تمكنهم من الوصول إليها. لذلك يتغير مستوى طموح الفرد في حياته من خلال سلسلة النجاح والإخفاق التي يجدها في تعلمه وفي حياته اليومية. 3ـ العوامل الاجتماعية: إن انتماء الفرد إلى فئة اجتماعية أو جماعة يدفعه إلى الأخذ بالمظاهر السلوكية الغالبة في تلك الفئة أو الجماعة والتقيد بقيمها، وقد يكون ذلك عاملاً من عوامل سوء التكيف وتسهم الأوقات التاريخية العصيبة التي تمر بها الجماعة، والتي يرافقها اضطراب وفوضى وقلق وانعدام للأمن في شذوذ الأفراد والتعرض لحالات الجنوح والعدوان، وقد ارتفعت هذه الحالات في أعقاب الحروب العالمية والإقليمية والأهلية. آليات التكيف الشعوري واللاشعوري في التحليل النفسي وضعت مدرسة التحليل النفسي التي أسسها سيغموند فرويد Freud آليات نفسية للتكيف: آليات التكيف الشعورية: هي آليات يستخدمها الفرد في مواجهة مواقف الحياة على نحو واع وإرادي، بحيث يسمح له الموقف بالتفكير والمحاكمة والتخطيط والمواجهة واستخدام كفاياته العقلية والمعرفية والحركية في إيجاد الحلول التي تكفل له تحقيق أهدافه. آليات التكيف اللاشعورية (الحيل الدفاعية): حين يواجه الفرد مواقف تهدد ذاته أو تعرضه لتجارب مشبعة بالقلق ويخفق في تأمين سبل المواجهة العقلانية الناجحة، فإنه يلجأ لاستخدام الحيل الدفاعية، وهي محاولات لاشعورية يقوم بها الفرد لحماية نفسه وتأكيد تكامل ذاته. وتتصف هذه الحيل والآليات بأنها محاولات للهروب من المواقف المثيرة للقلق، وتنطوي على تشويه لعناصر المعلومات البيئية، وقد يقوم بها الأسوياء وغير الأسوياء بصورة لا شعورية، وصنفها فرويد على النحو الآتي: 1ـ الكبت: حيلة دفاعية، تمنع الأفكار المؤلمة والمهددة للذات من الدخول إلى الشعور، فترسل إلى ساحة اللاشعور لتستقر هناك مع بقية الرغبات والاندفاعات المكبوتة بسبب قوانين الضبط الاجتماعية التي تمنع تحقيقها لتعارضها مع قيم المجتمع المنظم وأعرافه. 2ـ النكوص: ويعني ارتداد الفرد وعودته إلى أساليب طفلية أو بدائية في السلوك والتفكير والانفعال حين تعترضه مشكلة أو يواجه موقفاً مؤلماً. 3ـ الإسقاط: حيلة دفاعية ينسب فيها الفرد عيوبه ونقائصه إلى الآخرين، بعد أن يبالغ في تقديرها، فالبخيل يصف غيره بالبخل. 4ـ التقمص: ينزع الشخص في هذه الحيلة الدفاعية إلى دعم قيمته الذاتية أو حمايتها، وذلك بتوحيدها مع سمات شخص آخر يملك هذه الخصائص والسمات، ولا يكون التقمص دائماً نحو السمات الموجبة، بل يتجه في الكثير من الحالات نحو السمات السالبة، ومثال التقمص: تقمص الطالب شخصية أبيه أو معلمه، وكتقمص الفتاة لأمها. والتمثيل هو أحد أشكال التقمص الاصطناعي. 5ـ التعويض: يهدف التعويض إلى تغطية الضعف أو إخفائه، بتأكيد بعض السمات المرغوبة فيها في مجال ما، بوساطة الأفراد في مجال آخر، ومثال ذلك الفتاة القصيرة التي تحاول ارتداء أحذية تزيد من طولها. 6ـ التبرير أو التسويغ: تشير هذه الحيلة الدفاعية إلى الحالات التي يهرب فيها الشخص من تحمل مسؤوليته عن عمل شائن، فهو لا يتنكر للعمل المشين بل يجد الأعذار والمسوغات لإخفاقه أو هروبه ليقنع ذاته والآخرين بأن أسباباً عقلانية كانت وراء الإخفاق. 7ـ الأخيلة والأوهام: يستخدم الفرد أحياناً الأخيلة والأوهام وسيلة دفاعية، يتكيف بها مع الواقع وإشباع حاجاته. والأخيلة أشكال من التركيب تضم مجموعة من الصور ترتبط مع إشباع الحاجات، ويغلب فيها أن يكون المحرض والمثير أنواع الخيبة والإخفاق في الحياة الواقعية. وليست كثرة الأحلام، كأحلام اليقظة وأحلام النوم المنطوية على صور الطعام والأغذية إلا نوعاً من تحقيق ما خاب الجائع في تحقيقه في ساعات يقظته وسعيه وراء الرزق، وقد تكون الأخيلة بناءة ومنتجة. 8ـ التسامي: هو نوع من أنواع التحويل، وفيه يحول الإنسان طاقته من ميادين لا يرضى عنها المجتمع إلى غايات أو أغراض سامية، يوافق عليها وينظر إليها وإلى من يسعى وراءها نظرة احترام وتقدير، ويظهر التسامي أيام الطفولة حين يجد الطفل إجراء محموداً يقدره المجتمع فيوجه إليه الكثير من طاقته، ويجد فيه نوعاً من إشباع الحاجات والمتعة وقبول المجتمع ذلك النوع من السلوك وثناءه عليه،من ثم تعزيزه. وظيفة الحيل الدفاعية في التكيف النفسي اتضح أن الحيل الدفاعية وسائل لخفض القلق والتوترات المصاحبة للأزمات النفسية على اختلاف أنواعها ومصادرها، فهي تخفف من وطأة العقبات المادية والمعنوية التي تعترض الفرد، كما تقيه من معرفة عيوبه ونقائصه ونياته الدفينة الذميمة، فتقيه من مشاعر النقص والذنب، ومن استصغار نفسه واتهامها، فهي تعمل بطريقة آلية لاتسبقها رويّة أو تفكير، كما لايمكن ضبطها بالإرادة، وأغلبها فطري لايكتسبه الفرد عن طريق الخبرة والتعلم. التكيف النفسي والحضارة التكيف في أصله مستمد من علم الحياة، فعلماء البيولوجيا هم أول من استخدموا هذا المفهوم وعرفوه بأنه: (أي تغيير في الكائن الحي، سواء في الشكل أو الوظيفة يجعله أكثر قدرة على المحافظة على حياته أو بقاء جنسه) ثم انتقل هذا المفهوم إلى علم النفس واستخدمه علماء النفس للدلالة على مدى ملاءمة العضو لوظيفته. وعندما وصل التكيف إلى تفسير السلوك الاجتماعي، أصبح أكثر اتساعاً، فشمل كل مايقوم به الفرد من سلوك، ليوفق بين سلوكه ومطالب البيئة، ويمكن أن يوصف سلوك الإنسان التكيفي كردود أفعال لعديد من المطالب والضغوط البيئية التي يعيش فيها. ويعيش الإنسان في الحضارة الحديثة في بيئة يكثر فيها القلق والحيرة والارتياب والارتباك بين الناس بسبب التغير التقني والاجتماعي السريع، ولاسيما في أواخر القرن العشرين. وقد شجعت الأنظمة الرأسمالية السريعة التغير، التنافس المسعور بين الناس وأضعفت الصلة بين العامل وصاحب العمل، وأوهنت روابط الأسرة، وشجعت على السلوك لمصلحة الفرد، مما أشاع القلق واضطراب الصحة النفسية واختلال الصحة الخلقية. ولذلك لابد من تحصين الإنسان ووقايته من مساوىء الحضارة والاستفادة من فوائدها، لتحسين تكيف الإنسان المتوازن من خلال معرفته لنفسه وتعليمه حل المشكلات بالطرق الصحيحة وجعله صديقاً لنفسه، له هدف في الحياة، صريحاً في كل معاملاته، صبوراً متقناً لعمله. والتكيف الصحيح مع متطلبات الحياة سريعة التغير، يجعل المرء أكثر توازناً في علاقته مع نفسه وبيئته.   محمود ميلاد   الموضوعات ذات الصلة:   بياجيه ـ التحليل النفسي ـ التعلم ـ فرويد.   مراجع للاستزادة:   ـ نعيم الرفاعي، الصحة النفسية، دراسة في سيكولوجية التكيف (منشورات جامعة دمشق 1986). ـ يوسف ميخائيل أسعد، الشخصية الناجحة (نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة 1990). ـ د.م بيرد، جان بياجيه وسيكولوجية نمو الأطفال، ترجمة فيولا فارس الببلاوي (مكتبة الإنجلو المصرية، القاهرة 1977).
المزيد »