logo

logo

logo

logo

logo

تنزانية

تنزانيه

Tanzania - Tanzanie

تنزانية

 

تنزانية Tanzania دولة في شرقي القارة الإفريقية المطلة على المحيط الهندي، اسمها الرسمي «جمهورية تنزانية المتحدة». تكونت من اتحاد تانغانيكة التي حصلت على استقلالها في 9 كانون أول 1961م مع زنجبار التي حصلت على استقلالها الكامل في 27 نيسان عام 1964، بزعامة يوليوس نيريري أول رئيس جمهورية اتحادي.

تقع تنزانية بين دائرتي عرض 1 درجة و42 دقيقة و 12 درجة و35 دقيقة جنوب خط الاستواء، وبين خطي طول 29 درجة و 40 درجة شرق خط غرينتش. تحدها كينية وأوغندة من الشمال، ورواندة وبوروندي والكونغو الديمقراطية (زائير سابقاً) من الغرب، وزامبية وملاوي وموزامبيق من الجنوب، والمحيط الهندي من الشرق. تبلغ مساحتها الإجمالية 945087كم2، وتتبعها عدة جزر أكبرها بمبا وزنجبار ومافية، عاصمتها دار السلام، ولكن هناك مشروعٌ لإعداد عاصمة جديدة باسم دودوما في وسط تنزانية.

 

 

الأوضاع الجغرافية الطبيعية

التضاريس: تتباين المظاهر التضريسية في تنزانية من مكان لآخر، ويمكن تمييز ثلاث مناطق تضريسية فيها وهي كالآتي:

 1ـ السهول الساحلية والجزر: وتمتد لمسافة 800كم، بمحاذاة المحيط الهندي، ويراوح عرضها بين 15 و75كم، ويبلغ أقصى عرض لها في المنطقة الوسطى، وترتفع تدريجياً باتجاه الغرب نحو الهضبة. ويتميز الساحل بكثرة مستنقعات المانغروف، وأشجار جوز الهند. وتكثر دالات الأنهار على السهل الساحلي. وهناك عدة جزر مقابلة للساحل أهمها:

آـ جزيرة بمبا: وهي إحدى جزيرتي مملكة زنجبار قديماً، تقع في الشمال قرب الحدود مع كينية، يبلغ طولها 87كم وعرضها 23كم، وتبلغ مساحتها 1564كم2.

ب ـ زنجبار: وهي مركز مملكة زنجبار قديماً، تقع جنوب جزيرة بمبا، داخل خليج يعرف باسمها، يبلغ طولها 85كم وعرضها 40كم ومساحتها 3400كم2، وعاصمتها مدينة زنجبار.

ج ـ جزيرة مافية: وتقع مقابل مصب نهر رواحه الكبير، بين مدينتي دار السلام وكلوة، وتجتازها دائرة العرض ثمان درجات جنوباً.

 2ـ الهضبة الوسطى: ويقدر متوسط ارتفاعها بنحو 1000م وعرضها 900كم، وترتفع الهضبة مباشرة بعد السهل الساحلي، وتمتد على هيئة قوس، وتعد قممها خط تقسيم المياه بين الأنهار المنحدرة نحو المحيط الهندي والأنهار المتجهة نحو الغرب، لتصب في بحيرات الأخدود الإفريقي، ويتخلل الهضبة جهات منخفضة، يحتل بعضها الأخدود الإفريقي الذي تنتشر فيه بعض البحيرات، كبحيرة أروشا، وبحيرة ياسي، وبحيرة ركوة، ومن أكبر هذه البحيرات التي يخترقها خط الحدود مع زائير وملاوي هي بحيرة تانغانيقة، التي تبلغ مساحتها 35 ألف كم2، وعمقها 1435م، وبحيرة ملاوي في الجنوب الغربي.

 3ـ المرتفعات: تنتشر على الهضبة الوسطى بعض الجبال البركانية أهمها: جبل كليمنجارو، ويقع شمال شرقي البلاد، وهو أعلى جبال القارة الإفريقية، إذ ترتفع قمته إلى 5895م، وتتألف ذروته من بركان خامد تعلوه الثلوج الدائمة، وتغطي سفوحه الغابات، وجبل هرو ويقع جنوب غرب جبل كليمنجارو، ويصل ارتفاعه إلى 4462م، ويشرف على مدينة أروشا، وفي شمال شرق بحيرة ملاوي يوجد جبل رونغولاي الذي يصل ارتفاعه إلى3000م.

المناخ: تقع معظم أراضي تنزانية ضمن المنطقة الاستوائية، ويخضع الجزء الجنوبي منها فقط للمناخ المداري، وعلى وقوع تنزانية ضمن المنطقة الاستوائية، فإن مناخها يختلف عن المناخ الاستوائي الحقيقي، بسبب وقوعها على المحيط الهندي وارتفاع أراضيها، فالحرارة ترتفع في المناطق الساحلية ومعدلها السنوي 26 درجة مئوية، وتنخفض في المناطق الداخلية كلما ارتفعنا نحو الهضبة ومعدلها السنوي 21 درجة مئوية. وتعد المناطق المرتفعة أفضل مناطق السكن للأوربيين، فإذا كان المتوسط السنوي للحرارة في مدينة دار السلام 26 درجة مئوية، فإنه يكون نحو 23 درجة مئوية في موسومة الواقعة على ارتفاع 1200م، وينخفض المتوسط السنوي في مباندا الواقعة على ارتفاع 1800م، إلى 17 درجة مئوية. ولا يقل متوسط الحرارة الشهري في دار السلام عن 23 درجة مئوية، في حين ينخفض إلى 21 درجة مئوية في شهر تموز في موسوما. وتتعرض البلاد للرياح التجارية الجنوبية صيفاً، وللرياح التجارية الشمالية الشرقية شتاءً، وهما لا يؤديان إلى هطول أمطار بكثرة في الجزء الشمالي من تنزانية، لذا فإن فصل الصيف والشتاء هما الأقل مطراً. وتهطل الأمطار في الربيع والخريف في المناطق الشمالية، أما في المناطق الوسطى والجنوبية فتهطل الأمطار صيفاً، بينما يكون الشتاء جافاً، وتزيد الأمطار في الداخل أكثر من الساحل وكلما ازداد الارتفاع، ويبلغ معدلها السنوي 500-1000مم.

أما الاعتدالان فهما فصلا الأمطار، حيث تهطل معظم الأمطار في الفترة الممتدة من آذار إلى أيار ومن أيلول إلى تشرين الثاني، أما الجزء الأوسط والجنوبي من تنزانية (جنوبي خط العرض 5 درجات)، فالمناخ يكون مدارياً ذا فصلٍ شتوي جاف، وفصل صيفي ماطر، وإذا كانت كمية الأمطار السنوية تزيد على 1000مم في الجزء الشمالي من الساحل (دار السلام 1050مم) فإنها تقل عن ذلك في الجزء الجنوبي (لِنْدي 900مم)، وتنخفض كمية الأمطار في الأجزاء المنخفضة من الهضبة إلى ما دون 900مم (موسوما750مم)، لكنها ترتفع إلى أكثر من ذلك في المناطق المعرضة للرياح الرطبة (بوكوبا 2000مم).

المياه: تحتوي تنزانية على مجموعة من الأنهار الصغيرة، فتصب مياه أنهار النصف الشرقي من تنزانية في المحيط الهندي، إذ تجري الأنهار في هذه المنطقة من النجود العليا إلى المحيط بشكلٍ متوازٍ، وهي غير صالحة للملاحة، أهمها نهر بانغاني ونهر وامي ونهر رواحه ونهر ماتَنْدو، وتنصرف بعض مياه القسم الغربي من البلاد إلى بحيرة تانغانيكة، وأهمها نهر مالجاراسي الذي يصب جنوب ميناء أوجيجي. أما القسم الشمالي الغربي من البلاد فتنصرف مياهه إلى البحر المتوسط، عن طريق بحيرة فكتورية وروافد نهر النيل، أهم أنهار هذا القسم نهر كاجيرا الذي يُعد أصل نهر النيل، وتأتيه مياه روانده وبوروندي ويكوِّن الحدود بينهما وبين تنزانية. أما البحيرات فأهمها بحيرة فكتورية وتبلغ مساحتها 83000كم2، وتشترك في سواحلها ومياهها كل من كينية وأوغندة وتنزانية، وبحيرة تانغانيكة التي تمتد بشكل متطاول، إذ يبلغ طولها 640كم، ومساحتها 35000كم2، وتشترك فيها كلٌ من بوروندي وزامبية وزائير، ضفاف هذه البحيرة مرتفعة، وتعيش فيها أسماك تشبه أسماك العصر الجوراسي من الحقب الجيولوجي الثاني. وبحيرة ملاوي (نياسا)، ويبلغ طولها 580كم، ومساحتها 30 ألف كم2، تحيط بها الجبال والتضاريس العالية، وتشترك فيها تنزانية مع ملاوي وموزمبيق، وهناك بحيرات داخلية، أهمها بحيرة ركوة بين بحيرتي ملاوي وتانغانيكة، وبحيرة ناترون في شمالي البلاد على الحدود مع كينية.

التربة: تعد تنزانية فقيرة بالأراضي الزراعية الغنية بالمواد الدبالية المخصبة، إلا الأراضي اللحقية والبركانية، فالحرارة المرتفعة تؤدي إلى زيادة نسبة التأكسد، كما تؤدي الأمطار الغزيرة إلى غسل التربة من المواد الفوسفاتية والآزوتية في الجزء الذي تأخذ منه جذور النبات غذاءها. إلا أن جذور الأشجار تحمي التربة من الانجراف، وتخفف أوراق الأشجار التي تغطي التربة من أثر الأمطار الغزيرة الهاطلة. وتزود الأوراق والأثمار من الأشجار التربة بطبقة من الدبال، فيخفف من فقرها ويعوض ما تفقده من موادها المغذية، ويمكن تمييز نماذج متعددة من التربة في تنزانية بسبب طبيعتها التضريسية، فهناك التربة الجبلية الحمراء، والتربة السوداء الناجمة عن تحلل المنتجات البركانية، والتربة الرمادية في المناطق الجافة.

النبات والحيوان: تنتشر الغابات والسافانا في معظم أجزاء تنزانية، بينما تختفي الغابات العذراء ولا تظهر الغابات الاستوائية إلا على مجاري الأنهار. وتنتشر الغابات المستنقعية (المانغروف) على طول الساحل، وتتخللها أشجار جوز الهند، وفي الداخل، وبموازاة الساحل، تنتشر أشجار الصندل والنخيل، أما على الجبال فتكثر غابات أشجار الكافور والأرز والأكاجو والخيزران، وتصل مساحة الغابات بمختلف أنواعها إلى 47.2% من مساحة البلاد، ويقدر إنتاجها من الخشب بنحو 45.54 مليون م3.

وتكثر في تنزانية المراعي، ومن ثمّ قطعان الماشية، كما تنتشر نباتات السافانا والأدغال على نطاق واسع في البلاد، لذا فهي تشتهر بغنى ثروتها البرية المتنوعة، إذ توجد ملايين الحيوانات العشبية، مثل الغزال وحمار الوحش والجاموس البري والفيل والزراف ووحيد القرن والوعل، كما تكثر الحيوانات آكلة اللحوم مثل الأسود والفهود والذئاب والضباع، التي تعيش على الحيوانات آكلة العشب في المحميات الواسعة المفتوحة. ففي شمالي البلاد تغطي حديقة سرنجيتي الوطنية مساحة تقدر بنحو 14500كم2، كما توجد محمية سيلوس للحيوانات في الجنوب، وهي أكبر محمية للحيوانات البرية في العالم، وتبلغ مساحتها 54000كم2، وبها نحو 50 ألف فيل، تمثل أكبر المجموعات الحيوانية الإفريقية. وهناك عدة متنزهات وطنية، مثل متنزه ديكومي ومتنزه ترانجير ومتنزه مانيارا ومتنزه رواها وغيرها، وقد عملت الدولة على تنظيم الصيد في مناطق محدودة.

السكان: أدى اعتدال المناخ الناشئ عن الارتفاع، ووجود ساحل بحري يحقق لها الاتصال بالحضارة الآسيوية إلى كثافة سكانية متزايدة في هذا الجزء من العروض المنخفضة. وتتعدد العروق في تنزانية، وتغلب عليهم الدماء الزنجية، ويوجد في بعض المناطق جماعات كبيرة حامية أو عربية ذات بشرة فاتحة، ولكن أغلب السكان ذوو بشرة سوداء وقامة متوسطة. وبجانب الزنوج الذين هم السكان الأوائل لهذه البلاد والمنتشرين في مناطق السافانا، نجد قبائل البانتو وقبائل الماساي Massai، والناندي، ويكوِّن هؤلاء القسم الأعظم من سكان البلاد 68٪، كما نجد مجموعة قليلة من قبائل الهوتانتو، يعيشون في المناطق المرتفعة، ويعملون في رعي الأبقار. ولا يوجد بين هؤلاء مجموعة كبيرة تستطيع السيطرة على الحكم في البلاد منفردة، لذلك لم تواجه تنزانية معضلات عرقية، كما هي الحال في أقطار إفريقية أخرى، ويعد التوازن العرقي في تنزانية من أهم العوامل التي ساعدت الحكومة على تنمية الشعور الوطني. أما البقية فينحدرون من أصول عربية، بنسبة 0.8٪، وأوربية 0.4٪، وآسيوية (هنود وباكستانيون) 1.2٪. وتعد المنطقة الشمالية الغربية والمنطقة الساحلية من أكثر مناطق تنزانية سكاناً.

بلغ عدد سكان تنزانية 32128000 نسمة في عام 1998، وبذا تصل الكثافة العامة للسكان إلى 34 ن/كم2. أما معدل الولادات فقد بلغ في عقد الثمانينات حتى مطلع التسعينات 4.5٪ سنوياً، ومعدل الوفيات 1.4٪ للفترة نفسها، وبذلك يكون معدل الزيادة الطبيعية3.1٪، وقد كان المعدل في السبعينات 2.6٪، وترجع هذه الزيادة إلى تحسن الأوضاع المعيشية والصحية للسكان، علماً بأن معدل وفيات الأطفال دون السنة تبلغ 10.5٪، ولكنها في انخفاض مستمر. ولارتفاع معدلات الزيادة الطبيعية فإن المجتمع التنزاني فتي، حيث تبلغ نسبة الأطفال من 0-14 سنة 46.4٪، ونسبة اليافعين والكبار 53.6٪. وتتزايد نسبة سكان المدن، لاستمرار الهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة، حيث بلغت هذه النسبة 17.1٪ عام 1988، بينما وصلت إلى 24٪ عام 1993، وبذلك تكون نسبة سكان الريف 76٪.

الدين: يشكل المسلمون 50٪ من السكان في تانغانيكة، بينما يؤلف المسيحيون 27٪، أما الوثنيون فيكونون 23٪، أما في زنجبار فيشكل المسلمون 90٪ من السكان، بينما يؤلف المسيحيون 4٪ من السكان، معظمهم من الأوربيين والأفارقة، ويكوّن الوثنيون 4٪ وكلهم أفارقة، كما يشكل الهندوس 2٪ من السكان جميعهم من الهنود.

اللغة: السواحلية والإنكليزية هما اللغتان الرسميتان في البلاد، ولكن السواحلية هي اللغة الشائعة، التي يبلغ نحو ثلثي كلماتها من أصل عربي، ويتكلم بها أكثر من2.12 مليون نسمة، تليها العربية في المنطقة الساحلية، ثم هناك لغات محلية وبعضها خاصة بقبائل معينة. كانت العربية مصدراً للثقافة في شرقي إفريقية كلها، وكان مركزها زنجبار، ثم نافستها الإنكليزية ونجدها اليوم في المناطق التي يكثر فيها المسلمون، كجزيرتي زنجبار وبمبا وساحل تانغانيكة، كما أن معظم المدارس الإسلامية تعتمد العربية في التدريس.

التقسيمات الإدارية والمدن الرئيسية: تقسم تنزانية إدارياً إلى 25 إقليماً، وللحكومات المحلية مسؤوليات خاصة، في مجال الزراعة والتعليم والرعاية الصحية. وأهم المدن الرئيسية فيها:

دار السلام: وهي العاصمة، يقدر عدد سكانها بنحو 1430000 نسمة، 90٪ منهم مسلمون، وهي ميناء مهم على المحيط الهندي. أما مدينة زنجبار فهي عاصمة جزيرة زنجبار ويسكنها 156634 نسمة كلهم مسلمون، وتحمل طابعاً إسلامياً عربياً. وكلوة ميناء مشهور للتجارة، ومركز إسلامي تاريخي، كانت عاصمة مملكة الزنج الإسلامية. أما طابورة فهي مدينة إسلامية قديمة، اختط العرب فيها عدة طرق لتجارة الذهب والعاج. وتانغة هي أهم ميناء في الشمال، يقع في حماية بمبة، يعيش فيها نحو 186634 نسمة، وتتصل مع الداخل بخط حديدي. وهناك أيضاً مدينتا كيغومة وأوجيجي، بناهما العرب المسلمون على بحيرة تانغانيكة في أثناء توسعهم في الداخل وصارتا مركزين للدعوة الإسلامية. ومن المدن المهمة موزوما وعدد سكانها 220000 نسمة، وموانزا (233031 نسمة)، وآروشا (87000 نسمة).

الأوضاع الجغرافية الاقتصادية

تنزانية بلد زراعي ـ رعوي بالدرجة الأولى، تقدر نسبة العاملين فيه بالزراعة 83٪ من مجموع القوة العاملة، في حين لا تزيد نسبة إسهام الناتج الزراعي في الناتج الإجمالي القومي على 58٪، مقابل 17٪ للناتج الصناعي، علماً أن قيمة الناتج الإجمالي القومي يراوح بين 3378- 4000 مليون دولار، والدخل السنوي للفرد لا يزيد على 90 دولار أمريكي، مما يعكس الوضع الاقتصادي المتدني والفقر المدقع للبلاد، ويجعلها واحدة من أفقر دول العالم الثالث.

الزراعة وتربية الحيوان: يسهم هذا القطاع بأكثر من 58٪ من إجمالي الدخل القومي، وبنحو أربعة أخماس صادرات البلاد، مما يبين أهمية الزراعة في الاقتصاد والمجتمع التنزانيين، رغم قلة الأراضي الصالحة للزراعة، البالغة مساحتها 6300000 هكتار، أي ما يعادل 7.1٪ من المساحة العامة للبلاد. وأهم المناطق الزراعية في تنزانية السهل الساحلي مع سفوح الهضبة الشرقية والمرتفعات والنجد الغربي وسواحل البحيرات، حيث تتوفر التربة البركانية الخصبة والمياه والحرارة اللازمة للزراعة.

ويزرع في تنزانية البطاطا الحلوة والأرز، وهما عماد غذاء السكان، ثم النخيل الزيتي والسيزال وجوز الهند والكاكاو وقصب السكر والقرنفل والموز، وكلها تجود في المنطقة الأولى ولاسيما السهل الساحلي. ويزرع على السفوح الشوفان والذرة والشعير والحمص، ويجود القطن حول مدينة طابورة وغرب مدينة دار السلام وبالقرب من كيغوما على بحيرة تانغانيكة، و يجود البن في المرتفعات، والشاي على سفوح الجبال. وتعد زنجبار أكبر منتج ومصدر للقرنفل في العالم، وقد أدخلت إليها مع الزراعة عام 1818م، وكان العرب يملكون معظم مزارع القرنفل، بينما كان يعمل الهنود في تجارتها، وقد بلغ إنتاجها 90٪ من الإنتاج العالمي، ويوجد فيها اليوم ما يقارب 4 ملايين شجرة قرنفل، وتنتج جزيرة بمبا ضعف ما تنتجه جزيرة زنجبار.

تشغل المراعي الطبيعية نحو نصف مساحة تنزانية، وتتركز في الهضبة الداخلية، بما فيها إستبس الماساي، ويسود فيها الرعي المتنقل لقطعان الماشية والأغنام والماعز، ويقدر ما لديها من الحيوانات الآهلة 14.3مليون رأس من الأبقار، و 6.5مليون رأس من الماعز، و4.3مليون رأس من الأغنام، إضافة إلى 28مليون رأس من الدجاج، أما الثروة السمكية فتبلغ309.5ألف طن.

الثروات المعدنية: أهم ثروات تنزانية المعدنية الفوسفات ويبلغ إنتاجه 23 ألف طن، والماس ويستخرج من جوار شنيانغا، ويقدر بنحو 190 ألف قيراط، وكذلك يوجد لديها الذهب، وأهم مناطق التعدين تقع شمال مدينة كيغوما في سفوح جبال رونغوي وفي جنوب شرقي بحيرة فكتورية، ويوجد في البلاد أيضاً القصدير والتنغستين والملح. وتعتمد البلاد على الكهرباء مصدراً أساسياً للطاقة، وتقدر قدرتها على إنتاج الكهرباء بنحو 3846 مليون كيلوواط ساعي، إلا أنها لا تنتج إلا ما يغطي الاستهلاك المحلي، أي ما يعادل 880 مليون كيلو واط ساعي. وتوجد في تنزانية كميات جيدة من الفحم الحجري، ويقدر مخزونها بنحو 200مليون طن، وتنتج منه 4ملايين طن سنوياً، كذلك يوجد لديها الغاز الطبيعي، ويصل الاحتياطي منه إلى ما يقرب من 116 مليار م3.

الصناعة: لا تزال الصناعة في تنزانية بسيطة، تعتمد على الثروة الزراعية كحلج القطن وعصر الزيت وطحن الحبوب وصناعة الدهانات والإسمنت والأسمدة وعلب القصدير والمبيدات الحشرية والنسيج اليدوي.

التجارة: وصلت قيمة الصادرات في عام 1994 إلى 490 مليون دولار أمريكي، وتشكل صادرات البن 22٪، والقطن 20٪، ومواد مصنعة 15٪، والشاي 10٪، والقرنفل 4٪، والتبغ 4٪، والماس 3.6٪. وتصدر منتجاتها إلى ألمانية، واليابان وبلجيكة، واللكسمبورغ، والهند، وبريطانية وهولندة والبرتغال، وتستورد دول السوق الأوربية المشتركة 35.6٪ من الصادرات. أما قيمة المواد المستوردة في العام نفسه فقد بلغت 1330 مليون دولار أمريكي، وهي تشمل آلات ووسائط نقل وبضائع استهلاكية، وتأتي وارداتها من بريطانية ومن المملكة العربية السعودية وكينية واليابان وألمانية والهند وجمهورية الصين الشعبية.

المواصلات: يبلغ طول الطرق البرية في تنزانية 81895 كم 4٪ منها فقط طرق معبدة. تمتد في البلاد شبكة خطوط حديدية بين الساحل وبين عدة مناطق داخلية، ويبلغ طول هذه الشبكة 2600كم، وتفيد الممرات المائية التي يصل طولها إلى 1168كم في النقل، وتوجد عدة موانىء تشرف على المحيط الهندي، وتملك تنزانية 39 سفينة تجارية.

لمحة تاريخية

عثر الباحثون على بقايا أقدم الهياكل الإنسانية في تنزانية، وقد اكتشف الباحث الأنتروبولوجي لويس ليكي عظاماً وأدوات تدل على وجود حياة بشرية في منطقة أولد فاي جورج في شمالي تنزانية، يعود عمرها لأكثر من مليون سنة. أما جماعات ما قبل التاريخ التي كانت تعيش في منطقة تنزانية اليوم، فقد كانوا بمنزلة جامعي طعام وصيادين، يعيشون في جماعات صغيرة، تصطاد الحيوانات وتجمع الثمار. وفي القرن السادس الميلادي هاجرت إلى الإقليم جماعات البانتو، من الشمال ومن أواسط إفريقية، واستقروا في شرقي إفريقية.

وصل العرب منذ القديم إلى سواحل إفريقية الشرقية تجاراً قادمين من جنوبي شبه الجزيرة العربية، فلما جاء الإسلام وانتشر في بلاد العرب انتقل منها إلى شرقي إفريقية مع أفراد وأسر قليلة، وتزايد انتشاره مع تزايد الهجرات العربية التي تمت نتيجة الأحداث والظروف السياسية، وهاجرت جماعات من شيراز من بلاد فارس إلى شرقي إفريقية، ونزل بعضهم في كلوة، واستطاعوا بعد مدة من الزمن أن يؤسّسوا دولة على المذهب الشيعي. واستقر هؤلاء المسلمون على طول الساحل الشرقي لإفريقية من القرن الإفريقي في بلاد الصومال حتى مدينة سفالة في موزامبيق على دائرة العرض 20 درجة جنوباً، إلا أنهم لم يتوغلوا إلى الداخل كثيراً، كما أنهم لم يذهبوا وراء مدينة سفالة، ولعل ذلك يعود إلى تغيير المناخ عما اعتاده المسلمون الذين قدم معظمهم من شبه الجزيرة العربية. استطاع هؤلاء المسلمون أن يؤسّسوا مراكز تجارية كبيرة من أشهرها كلوة ودار السلام  في تنزانية وسفالة في موزامبيق، إلا أنهم لم يؤسسوا دولة واحدة. وقد أسست كل جماعة دولة خاصة بها أو مدينة تحكمها، وكان بين هذه الدول والمدن نوع من التعاون، وزار الرحالة ابن بطوطة هذه المدن وأعجب بها ووصف أهلها فقال: «وهم شافعية المذهب، أهل دين وعفاف وصلاح، ومساجدهم من الخشب محكمة الإتقان».

كان من أهم الممالك هناك مملكة الزنج التي تأسست في القرن 4هـ/10 ميلادي وبقيت حتى القرن 10هـ/16م عاصمتها مدينة كلوة. قامت في جنوبي تنزانية، واستطاعت أن تنشر الإسلام في ما يسمى اليوم زامبية وموزامبيق وملاوي، بل بلغت جهودها حتى روديسية وجنوبي إفريقية. جاء البرتغاليون من الجنوب، بعد اكتشاف رأس الرجاء الصالح، واستولوا على زنجبار سنة 907هـ/1502م، واحتلوا مدينة كلوة سنة 909هـ/1504م، وكان فيها ثلاثمائة مسجد، دمّرالبرتغاليون معظمها، بمجرد دخولهم المدينة، انتقاماً من المسلمين الذين حكموا الأندلس ردحاً طويلاً من الزمن.

ضعف نفوذ البرتغاليين بعد وقوع بلادهم تحت الحكم الإسباني (988-1050هـ/1580-1640م)، وأخذت المدن الإفريقية في استعادة مجدها وقوتها واستقلالها. وفي عام 1062هـ/1652م قام إمام عُمان السلطان سيف بن سلطان بفتوحات كثيرة في شرقي إفريقية، وقضى على ما بقي للبرتغاليين من نفوذ في المنطقة، بين حدود موزمبيق جنوباً حتى ممباسة شمالاً، وصارت السلطة في شرقي إفريقية مرتبطة بالسلطة في عُمان، لكن هذا الارتباط أخذ يضعف تدريجياً حتى عام 1248هـ/1832م، عندما نقل السلطان سعيد بن سلطان، عاصمته من مسقط إلى زنجبار في شرقي إفريقية، واتسع نفوذه حتى بلغ الصومال شمالاً وجزءاً كبيراً من موزمبيق جنوباً، بل امتد شرقاً إلى جزيرة مدغشقر التي كان تجارها يطلبون حماية سلطان زنجبار لهم عند خروجهم للصيد.

وعندما توفي السلطان سعيد، نشبت خلافات بين ولديه تويني في مسقط وماجد في زنجبار، ولما كانت عُمان أقل ثراء، هدد تويني بمهاجمة ماجد مما دعا لتدخل البحرية البريطانية التي أجبرت الشقيقين على قبول تحكيم نائب الملك البريطاني في الهند، الذي حكم باستقلال زنجبار النهائي عن عُمان، ودخلت زنجبار في دائرة النفوذ البريطاني.

وتعرض الحكم الإسلامي في المنطقة للضعف إثر وفاة السلطان ماجد سنة 1287هـ/1870م، إذ خلفه أخوه برغش، وبدأت حركات المد الاستعماري تفد إلى هذه المنطقة متسترة بثلاثة ادعاءات: التبشير ومكافحة الرق والكشوف الجغرافية، واتفقت الدول الكبرى على تقسيم المنطقة سنة 1888م، فأخذت ألمانية تانغانيكة، بينما كان الإنكليز أصحاب النفوذ الأكبر في زنجبار وبمبا ومافيا وكينية، وأخذت فرنسة منطقة جيبوتي، وأخذت إيطالية الصومال الإيطالي، وأعطيت الحبشة القسم العربي من الصومال (الأوغادين). وفي العام نفسه توفي برغش سلطان زنجبار، بعد أن شهد تقسيم بلاده، وخلفه سيد خليفة، وعرفت المنطقة الوسطى آنذاك باسم إفريقية الألمانية الشرقية.

قام المسلمون في تانغانيكة بثورة ضد الألمان، يتزعمهم العرب بقيادة بشير بن سالم سنة 1889م، ولكنها أخمدت، قامت الحرب العالمية الأولى وكانت نتيجتها خسارة ألمانية، واستطاعت الجيوش البريطانية أن تنتزع تانغانيكة من الألمان، ووضعت تحت وصاية الأمم المتحدة، فانتدبت بريطانية لتكون هي الوصية عليها سنة 1918م، وبذلك تحققت رغبة إنكلترة في السيطرة على إفريقية، من الكاب في الجنوب حتى القاهرة في الشمال، ومنذ ذلك الوقت عرفت تلك المنطقة باسم تانغانيكة، وهو مشتق من تانغة وهي مدينة ساحلية، ونيقية وهو اسم يطلق على الهضبة الوسطى، وحملت البحيرة التي تقع في الغرب الاسم نفسه. بقيت تانغانيكة تحت الوصاية حتى عام 1381هـ/1961م، حيث استقلت وصارت دولة ضمن رابطة الشعوب البريطانية (الكومنولث)، وتسلم الحكم فيها يوليوس نيريري.

أمّا زنجبار فمع أنها خضعت للحماية البريطانية منذ سنة 1308هـ/1890م، فقد بقي سلطانها خليفة حاكماً عليها، وإلى جانبه مقيم بريطاني ليراقب أعماله، وقد نجحت بريطانية في زرع بذور الشقاق بين السكان، ثم أعلنت رغبتها بإجراء انتخابات سنة 1377هـ/1957م، تمهيداً للاستقلال فبلغ صراع الطوائف أشده، بينما زار نيريري زنجبار في الوقت نفسه، ونجح في ضم الإفريقيين والشيرازيين في الحزب الأفروشيرازي الذي يرأسه عبيد كرومي، وهو يهودي من الدونمة ويحمل اسماً إسلامياً. وقد أمدته الدول الأجنبية بالمال، فدبر مع نيريري عملية ذبح المسلمين في زنجبار، ولاسيما الذين هم من أصل عربي. تولى الحكم بعد خليفة ولده جلمشيد سنة 1380هـ/1960م، وفي عام 1383هـ/1963م أعلن استقلال البلاد، وبعد قرابة شهر قام الحزب الأفروشيرازي بثورة مسلحة استولت على السلطة، وخلعت السلطان، وسالت الدماء في أعنف صراع على العرب شهدته الجزيرة، إذ قتل أكثر من 16000 منهم ـ لأن الانقلابيين عدوا الأسرة الحاكمة دخيلة مستعمرة ـ وقتل مع العرب 54000 من المسلمين الآخرين، وانقلبت السلطنة العمانية هناك إلى جمهورية يرأسها عبيد كرومي، وانضمت في العام نفسه 1964م إلى تانغانيكة لتؤلف الاثنتان ما يعرف اليوم بدولة تنزانية، وصار نيريري رئيساً للجمهورية وكرومي نائباً عنه. وهدمت المساجد على نطاق واسع، وأرسلت حملات التبشير لتعمل بطلاقة في زنجبار، وأغلقت الجمعيات الإسلامية وزج الخطباء والوعاظ في السجون.

أعلنت الحكومة سنة 1391هـ/1971م، أنها كشفت محاولة لفصل زنجبار عن تانغانيكة، وادعت أن بعض المتآمرين كانوا من زنجبار وبعضهم الآخر من عرب من كينية، ونفذت حكم الإعدام فيمن أرادت التخلص منه ممن وقع في قبضتها، واغتيل عبيد كرومي في العام نفسه. والحزب الحاكم اليوم في تانغانيكة هو الاتحاد الوطني الإفريقي ويرأسه نيريري الذي يتبع سياسة التقرب مع الدول العربية، ويرفع شعار الصداقة الإسلامية ـ النصرانية على الرغم من المذبحة التي ارتكبها سنة 1964م، وإصداره قراراً بإلغاء اللغة العربية من المناهج الدراسية، وكان يخطط لاحتلال أوغنده وجزر القمر. أما الحزب الحاكم في زنجبار فهو الأفروشيرازي، الذي كان يرأسه كرومي، وفي عام 1405هـ/1985م تسلم الحكم علي حسان مويني، وشكل الحزبان حزباً جديداً سمي «حزب تنزانية الثوري»، ورئيسه بنجامين ويليم مكابا منذ عام 1995.

 

ناظم أنيس عيسى

 

الموضوعات ذات الصلة:

 

إفريقية ـ الكونغو الديمقراطية ـ كينية ـ الهندي (المحيط ـ).

 

مراجع للاستزادة:

 

ـ فتحي أبو عيانه، الجغرافية الإقليمية (دار النهضة، بيروت 1986).

- C.Kahama, George , etal, The Challenge for  Tanzania’s Economy (Heinemann,1986).


التصنيف : التاريخ و الجغرافية و الآثار
النوع : سياحة
المجلد: المجلد السادس
رقم الصفحة ضمن المجلد : 905
مشاركة :

اترك تعليقك



آخر أخبار الهيئة :

البحوث الأكثر قراءة

هل تعلم ؟؟

عدد الزوار حاليا : 1086
الكل : 40530661
اليوم : 60476

الاستشعار ب-الصدى

الاستشعار بالصدى   يمثل الاستشعار بالصدى echolocation وسيلة للتوجه، يعتمد مبدؤها على إدراك الحيوان صدى أصوات يصدرها لهذه الغاية، فيتمكن بفضله من إدراك العوائق واقتناص الفرائس والإلمام بالوسط، إذ تتمتع الحيوانات بمجموعة رائعة من آليات فذة التصميم تستخدمها في الاتصال الحيواني [ر] ويستفيد من معرفتها العقل البشري في إنجازاته العلمية الباهرة في ميادين الاتصالات المتقدِّمة. والمهم هنا من هذه الآليات ما يعتمد على الأمواج الصوتية، بوصفها إشارات يستطلع الحيوان منها جانباً مهماً من الوسط الذي يعيش فيه، كما يستخدمها لغة للاتصال بين أفراد النوع الواحد.
المزيد »